Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستثمارات الأجنبية العالمية تتراجع... ما هي الدول الأكثر تضررا؟

اتّجاه ملحوظ على خلفية الحروب التجارية والإصلاح الضريبي الأميركي والتوترات الجيوسياسية

شاشة إلكترونية تظهر انخفاض مؤشر داو جونز للصناعات في بورصة نيويورك للأوراق المالية بشكل حاد (أ.ب.)

تتوالى الأخبار والتقارير السلبية التي تشير إلى أن دول العالم تقترب من أزمات اقتصادية عدّة خلال العام الحالي، والتي بالفعل بدأت ملامحها في الظهور، سواء كان ذلك في شكل حركة التجارة العالمية التي تواصل التراجع، أو الحروب التجارية التي تتسع رقعتها يوماً بعد يوم، وربما بسبب التوترات الجيوسياسية التي تضرب أسواق النفط وتفاقم خسائر البورصات وأسواق المال العالمية.

لكن الصدمة هذه المرة تتعلق بالاستثمارات الأجنبية العالمية التي تتراجع بشكل كبير، حيث يشير تقرير حديث إلى انخفاض تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية في عام 2008.

التقرير الحديث الذي أعدته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" أشار إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالعالم بنحو 13% على أساس سنوي في 2018 لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، في ثالث تراجع سنوي على التوالي.

وألقى التقرير باللوم في ذلك على الإصلاحات الضريبية التي أدخلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 2017، والتي قدّمت حوافز ضريبية للشركات الأميركية العالمية بهدف إعادة رؤوس أموالها للاستثمار في الاقتصاد الأميركي.

ما هي الاقتصادات الأكثر تضرراً؟

يرى تقرير  الـ"أونكتاد" أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول المتقدمة انخفضت إلى أدنى مستوياتها في نحو 14 عاما بتراجع نسبته 27% إلى 559 مليار دولار على الرغم من زيادة قدرها 21% في صفقات الدمج والاستحواذ العابرة للحدود.

وجاء التراجع بنسبة كبيرة في الدول الأوروبية، إلا أن الولايات المتحدة أيضا شهدت تراجعا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 9%. وعلى الجانب الآخر، حققت أستراليا رقما قياسيا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إليها، والتي بلغت 60 مليار دولار، من خلال استثمار الشركات الأجنبية لأرباحها مرة أخرى في الاقتصاد الأسترالي.

ومع أن الأمر يبدو سيئاً، لكن التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أبريل (نيسان) الماضي، توقع هبوطا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم بنحو 27%، وهو ما يجعل الأرقام الأخيرة الصادرة عن الـ"أونكتاد" بالمقارنة أفضل كثيراً.

كيف تتأثر بقية دول العالم؟

يشير التقرير إلى أن بقية دول العالم كانت أقل تأثرا بإصلاح ترمب الضريبي، وذكر أنه نظرا لانخفاض الاستثمارات الأميركية خارج الدول المتقدمة، لم تتأثر الدول النامية كثيرا بعودة رؤوس الأموال الأميركية إلى الولايات المتحدة، وشهدت تلك البلدان في المجمل تراجعا بنسبة 2% في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتبلغ 706 مليارات دولار.

وتركزت أغلب تلك الاستثمارات في آسيا، التي استحوذت على 512 مليار دولار من إجمالي التدفقات الآتية للدول النامية. وفي حين حازت أفريقيا نصيبا قليلا من إجمالي الاستثمارات العالمية، إلا أنها خالفت الاتجاه العالمي إذ ارتفعت التدفقات الداخلة إليها بنسبة 11% لتبلغ 46 مليار دولار.

تحسن طفيف متوقع في 2019

وتوقع تقرير الـ"أونكتاد" أن يشهد العام الحالي تحسنا طفيفا فيما يتعلق بتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم مع خفوت آثار إصلاحات الضرائب الأميركية.

وقد يأتي هذا التحسن في الاستثمار في المشروعات الجديدة التي نمت بنسبة 41% خلال العام الماضي.

ووفقاً للتقرير، يرى الأمين العام لــ"أونكتاد"، موكشيا كيتويا، أن "من غير المتوقع أن تشهد الاستثمارات العالمية نموا كبيرا، بخاصة في ظل تدهور الأوضاع التجارية عالميا". وحذر من أن "الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستظل محاصرة، ومقيدة عند المستويات التي تلت الأزمة المالية العالمية".

وأوضح أن "المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية ستظل تلقي بظلالها السلبية على الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019 وما يليه".

كيف علّق معهد التمويل الدولي؟

في بداية مايو (أيار) الماضي، أكد معهد التمويل الدولي، أن "تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأسواق الناشئة هبطت إلى أدنى مستوى في 20 عاما، ولا تلوح في الأفق فرصة تذكر للتحسن بينما تستمر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسببت التوترات المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم في خروج رؤوس أموال من دول الأسواق الناشئة في الأسابيع القليلة الماضية، بينما قلّصت بضعة بنوك كبيرة انكشافها على أصول شتى.

وقال روبن بروكس، كبير الخبراء الاقتصاديين بالمعهد، إنه "من الطبيعي أن ينتقل تأثير التوترات التجارية ليشمل الاستثمار الأجنبي المباشر"، وأضاف "الانخفاض في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تظهر اتجاها نحو تقليص للعولمة".

وقال المعهد في تقرير إن مقياسه للاستثمار الأجنبي المباشر "الحقيقي"، الذي يستثني الأرباح المعاد استثمارها، هبط إلى أدنى مستوى في 20 عاما بما في ذلك الأسواق الناشئة والمبتدئة.

وأضاف أنه "بالقياس إلى حجم اقتصاداتها، فإن دولا غنية بالموارد مثل البرازيل وتشيلي وكولومبيا، هي أكبر مستقبل لمثل هذا الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين تحصل الصين على القليل جداً".

الاستثمارات الأجنبية تتراجع في مصر

في مصر، والتي تعد إحدى أهم الأسواق الناشئة بعد الإجراءات التي نفذّتها الحكومة المصرية في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن تقرير الـ"أونكتاد" أشار إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بنسبة 8.2% مع انخفاضها عالمياً.

وذكر التقرير أن مصر حافظت على مكانها كأكبر متلقٍ للاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا العام الماضي، على الرغم من تراجع التدفقات الأجنبية إليها بنسبة 8.2% لتبلغ 6.8 مليار دولار.

وأظهر التقرير أن أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر وُجّهت لقطاع الغاز والبترول، إلا أن هناك استثمارات ضخمة وجهت لمشروعات كبرى في قطاعات أخرى أسهمت في تنويع وجهة الاستثمارات الأجنبية، مثل استثمارات شركة "نيبولون" الأوكرانية البالغة نحو ملياري دولار لتحديث القدرات التخزينية للحبوب في مصر، واستثمارات شركة "أترابا" السعودية بنحو مليار دولار لإنشاء مدينة طبية في مصر.

وبذلك تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر للعام الثاني على التوالي، بعد أن ارتفعت إلى 8.1 مليار دولار في 2016، قبل أن تنخفض إلى 7.4 مليار دولار في عام 2017. وكانت التدفقات للخارج منخفضة نسبيا في عام 2016 عندما بلغت 207 ملايين دولار، ثم تراجعت إلى 199 مليون دولار في 2017، قبل أن تتصاعد لتصل إلى 324 مليون دولار العام الماضي.

متى تعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة للنمو مجددا؟

التوقعات تتباين بين المحللين، إذ توقع محمد أبو باشا، كبير محللي الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية "هيرميس"، وفقاً لنشرة "إنتربرايز"، أن يبدأ تعافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2020، مع عودة الأسواق إلى طبيعتها وانخفاض معدلات الفائدة والتضخم.

في حين كان ألان سانديب، رئيس قسم البحوث بشركة النعيم للوساطة، أقل تفاؤلا، ورأى أن مصر تحتاج بين 5 و10 سنوات من تاريخ انطلاق الإصلاح الاقتصادي، حتى تشهد تعافيا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إليها.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد