Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا توقف روسيا حربها من أجل ملايين الجوعى في أفريقيا؟

الغرب وموسكو يتبادلان الاتهامات حول المتسبب في التداعيات الاقتصادية الخانقة بينما ربع الأفارقة يندفعون نحو هاوية المجاعة

حذرت تقارير أممية ودولية من تعرض أكثر من ربع سكان القارة الأفريقية إلى مخاطر الجوع نتيجة لتداعيات الحرب (أ ف ب)

وضعت الحرب الروسية ضد أوكرانيا مئات الملايين من الفقراء حول العالم في مرمى الجوع ونقص الغذاء وارتفاع أسعاره إلى معدلات غير مسبوقة، بعد أن أوقفت المعارك والعقوبات الغربية على موسكو سلاسل إمداد الحبوب والبذور الزيتية والأسمدة، ما فاقم خطر المجاعة في أفريقيا التي تتعرض لموجات جفاف وصراعات مسلحة، الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد الأفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال إلى زيارة روسيا للقاء نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومطالبته أن "يدرك" أن الدول الأفريقية "ضحية" للنزاع في أوكرانيا.

وبينما يتبادل الغرب وروسيا الاتهامات في شأن المتسبب في التداعيات الاقتصادية الخانقة التي يعيشها العالم على أثر الحرب التي يشنها الكرملين منذ فبراير (شباط) الماضي، يرى مراقبون أن "التطمينات" التي حصل عليها رئيس الاتحاد الأفريقي خلال لقاء بوتين ليست واقعية، حيث تتعرض دول القارة الـ54 واقتصاداتها الهشة إلى "ابتزاز" من طرفي الأزمة لا يستهدف فقط أمنها الغذائي، لكن بالأساس مواقفها من الحرب وتأييدها للطرف الذي سيتمكن من تلبية احتياجاتها الملحة من الغذاء، مما ينذر بتداعيات بعيدة المدى يتحول خلالها القمح والغذاء إلى "سلاح حرب"، وأداة رهيبة للضغوط الدبلوماسية التي لا تراعي حال ملايين الجوعى والأطفال المعرضين لسوء التغذية في أفريقيا، فضلاً عن استفادة عملاقي الزراعة روسيا وأوكرانيا من أزمة ارتفاع أسعار الحبوب التي تسببا فيها بطريقة أو بأخرى.

وحذرت تقارير أممية ودولية من تعرض أكثر من ربع سكان القارة الأفريقية إلى مخاطر الجوع نتيجة لتداعيات الحرب، كما أعلنت بعض الدول الأفريقية الأشد فقراً حالة الطوارئ الغذائية بالفعل، وناشدت المجتمع الدولي التدخل العاجل، فيما ألقى شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الضوء على خطورة استمرار أزمة شحنات القمح الأوكرانية العالقة، فضلاً عن الغموض الذي يكتنف قدرة المزارعين في أوكرانيا على حصاد محاصيل الحبوب الجاهزة للحصاد في شهر يونيو (حزيران) الجاري وتسليمها إلى الأسواق العالمية التي يتوقع خبراؤها أن يؤدي الصراع لانخفاض بنسبة أكثر من 50 في المئة في إنتاج الحبوب في أوكرانيا للموسم الحالي.

الاتحاد الأفريقي يخاطب بوتين

مع مرور أكثر من 100 يوم على الحرب، انتشرت صور الحقول الخضراء وصوامع الحبوب الأوكرانية المدمرة، بينما تقف سفن تحمل ملايين الأطنان من القمح في الموانئ المحاصرة على بعد أميال بحرية قليلة من أسواق شمال أفريقيا المتعطشة للغذاء، مثل السوق المصرية التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، لكن حتى الآن غير مسموح لتلك السفن بالمرور.

وطلب رئيس الاتحاد الأفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال، يوم الجمعة، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "يدرك" بأن الدول الأفريقية "ضحية" للنزاع في أوكرانيا على خلفية المخاوف من أزمة غذائية عالمية. وقال "سال" خلال اللقاء الذي جمعه ببوتين ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي في سوتشي في جنوب روسيا "لقد جئت للقائك لكي أطلب منك أن تدرك بأن بلداننا هي ضحية لهذه الأزمة على الصعيد الاقتصادي".

وأكد الرئيس السنغالي أن الدول الأفريقية تعاني تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا في حين أن "غالبية الدول الأفريقية تجنبت إدانة روسيا" خلال عمليتي التصويت في الأمم المتحدة، وأنه مع "آسيا والشرق الأوسط وكذلك أميركا اللاتينية، فضل قسم كبير من البشرية البقاء بمنأى عن النزاع"، لكنه أوضح أيضاً أن التوترات في القطاع الغذائي الناجمة عن النزاع تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي تؤثر على الشبكة اللوجيستية والتجارية والمالية لروسيا، داعياً إلى إبقاء القطاع الغذائي "خارج العقوبات" الغربية.

وقال الرئيس السنغالي، إن "العقوبات ضد روسيا تسببت بمزيد من المعاناة، لم يعد لدينا إمكانية الوصول إلى الحبوب التي تصدر من روسيا، كما تمثل أزمة الأسمدة تهديدات جدية للأمن الغذائي في القارة"، لكنه صرح لاحقاً بأنه خرج "مطمئناً" بعد مباحثاته مع "بوتين" الذي ألقى باللوم على الجانب الأوكراني لقيامه بتلغيم مداخل الموانئ وإغراق بعض السفن في البحر الأسود.

أزمات جوع مركبة

في غرب أفريقيا، حيث تعاني المنطقة من صراعات وانقلابات عسكرية وجماعات إرهابية وأخرى متمردة كما هي الحال في مالي وبوركينا فاسو وتشاد ونيجيريا، زادت المعاناة من أسوأ أزمة غذائية منذ عقد من الزمن، وبحسب إحصاءات منظمات إغاثية سيدفع ارتفاع الأسعار ونقص الغذاء 11 مليون شخص إضافي إلى الجوع خلال الشهرين المقبلين، وارتفع العدد من 27 مليون في أبريل (نيسان) الماضي إلى 38 مليون مع بداية شهر يونيو (حزيران) الجاري.

وتوضح شبكة "ريليف ويب" الإغاثية في تقرير حول أزمة الغذاء في غرب أفريقيا، أن إنتاج الحبوب انخفض في منطقة الساحل بنحو الثلث مقارنة مع العام الماضي، وأصبحت الإمدادات الغذائية آخذة في النفاد، حيث أجبر الجفاف والفيضانات والصراعات والآثار الاقتصادية لـ"كوفيد-19" ملايين الأشخاص على ترك أراضيهم، مما دفعهم إلى حافة الهاوية.

وتتفق جميع تقارير رصد النشاط الإرهابي الصادرة عن الأمم المتحدة ومراكز الأبحاث المستقلة، على أن تلك العوامل تمثل سبباً رئيساً في الصراعات اللانهائية في المنطقة، بما في ذلك أنماط الإرهاب المحلي والتمرد المسلح المنتشرة، وهو وضع سيتفاقم بالنظر إلى التداعيات بعيدة المدى للحرب الروسية والصراع الأوسع بين موسكو والغرب بشكل عام، مما يجعل السكان المحليين فريسة سهلة لأنشطة التجنيد والاستقطاب من جانب التنظيمات الإرهابية، ناهيك عن النزاعات الدموية بين المزارعين والرعاة.

وتحذر الأمم المتحدة من انتشار سوء التغذية باطراد في منطقة الساحل، حيث قدرت المنظمة أن 6.3 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6-59 شهراً سيعانون سوء التغذية الحاد هذا العام، بما في ذلك أكثر من 1.4 مليون طفل في مرحلة سوء التغذية "الحاد الوخيم"، مقارنة بـ4.9 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد في عام 2021.

ويقول المحلل السياسي الصومالي خالد أيجيح لـ"اندبندنت عربية" إن الاتحاد الأفريقي لم يعلن عن مساعدات مالية للدول الأفريقية التي تعاني نقص المواد الغذائية والتضخم، لكن هناك مشكلة أخرى في المنطقة، وهي موجة الجفاف التي تضرب شرق أفريقيا خلال آخر أربعة مواسم أمطار، حيث أعلنت منظمة الإيغاد والاتحاد الأفريقي والأوروبي عن حزمة مساعدات للدول التي تعاني هذه الظاهرة في الصومال وشرق أفريقيا.

وأضاف أن الاتحاد الأفريقي لا يملك موارد كبيرة للتعامل مع أزمة بهذا الحجم، ويجب عليه وضع خطط لمواجهة الأزمة المقبلة خلال النصف الأخير من هذا العام، حيث تواجه الصومال ومنطقة شرق أفريقيا عموماً أزمات اقتصادية ومناخية شديدة التعقيد، وذلك إضافة لمشكلاتها وأزماتها الأمنية التي تزيد الأمر سوءاً.

وأوضح المحلل السياسي الصومالي أن الأمن الغذائي في الصومال ومنطقة شرق أفريقيا عموماً مرتبط بالأمن الغذائي العربي، إذ تستورد معظم السلع والمواد الغذائية المصنعة من مصر، مثل الدقيق والزيت، ولأن مصر كانت تستورد الحبوب من أوكرانيا وروسيا، فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد في إنتاجها من هذه المواد، بالتالي التأثير في صادراتها من المواد الغذائية.

وتابع "موجة الجفاف أثرت في الرقعة الزراعية في الصومال ومنطقة شرق أفريقيا، ومع أزمة الغذاء العالمي أصبحت المنطقة تعيش تحت ظلال كارثة المجاعة الحتمية، حيث يشير الخبراء إلى قدومها قريباً لا محالة، وأن على المجتمع الدولي التحضير لإغاثة 30 مليون إنسان معرضين لهذه المجاعة على الأقل".

اتساع هوة الجوع والتوترات الأمنية

وهكذا، تتسع فجوة الجوع في أفريقيا بصورة مطردة، فمع بداية جائحة كورونا في فبراير (شباط) 2020، عانى أكثر من 100 مليون أفريقي من أزمات أو حالات طوارئ أو مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي بزيادة أكثر من 60 في المئة عن العام السابق، وزادت مستويات انعدام الأمن الغذائي سوءاً في عام 2021، بحسب تقرير لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن صدر العام الماضي، لكن نحو ربع الأفارقة دفعوا إلى هاوية الجوع خلال العام الحالي نتيجة للحرب في أوكرانيا والصراعات المتنامية في القارة، وما ترتب عليها ارتفاع من أسعار الوقود والغذاء، حيث حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أحدث تقاريرها من أن نحو 346 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي في القارة الأفريقية، أي ما يعادل ربع سكانها.

وبينما يحذر المراقبون من "انتفاضات الخبز" في الدول الأفريقية، تواجه بلدان شرق أفريقيا مثل الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا والسودان وجنوب السودان والصومال مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي نتيجة أزمات سياسية وأمنية واقتصادية ومناخية متعددة تشهدها تلك البلدان في وقت واحد، فالكونغو الديمقراطية، تضم أكبر عدد من النازحين قسراً في القارة، كما شهدت زيمبابوي والسودان وجنوب السودان ارتفاعات كبيرة في معدلات التضخم المفرط وانخفاض قيمة العملة التي أشعلتها سنوات من سوء الإدارة السياسية، ما أدى إلى تفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي. وكذلك أدت الفيضانات في السودان وجنوب السودان، والجفاف في الجنوب الأفريقي، وغزوات الجراد في شرق أفريقيا بمعدلات هي الأسوأ منذ عقود، إلى تفاقم الأوضاع في تلك البلدان، مما أثر أيضاً في كينيا والصومال وإريتريا وجيبوتي. وإجمالاً، تخسر أفريقيا نحو 17 مليار دولار سنوياً جراء تغير المناخ.

وقالت الباحثة في الشؤون الأفريقية، شيماء البكش، إنه من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء وعدم توافره إلى مزيد من التوترات في البؤر الساخنة بالفعل، سواء منطقة الساحل التي يرتفع بها عدد الأشخاص الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية إلى 35.7 مليون شخص، أو القرن الأفريقي الذي يشهد واحدة من أشد موجات الجفاف منذ 40 سنة، علاوة على الجنوب الأفريقي الذي تعاني فيه جنوب أفريقيا وزيمبابوي وليسوتو وملاوي وموزمبيق من التداعيات الكارثية للتغيرات المناخية.

وحذرت من أن هذا المشهد الكارثي سيسهم كذلك في عرقلة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، مثل برنامج الغذاء العالمي، الذي يفتقد إلى القدرة والموارد لاستمرار أداء عمله بما يلبي متطلبات الأزمة، وهو الأمر الذي تنتبه إليه المنظمات الدولية، وتناشد بضرورة الانتباه إلى احتواء الأزمة قبل تفاقمها، بما يحافظ على الالتزامات الإنسانية الدولية.

وأشارت الباحثة إلى أنه في السودان، على سبيل المثال، اندلعت الثورة بسبب الخبز والوقود، وفي إثيوبيا يعاني إقليم تيغراي من أزمة غذائية حادة نتيجة استخدام آبيي أحمد للتجويع كسلاح للحرب، كما تعاني الصومال من ثلاثة مواسم فاشلة للأمطار، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع في بلدان مثل كينيا وجنوب أفريقيا. وأضافت "القارة تعاني بالأساس حالة متدهورة من انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني واحد من كل خمسة أفراد من نقص التغذية، وهناك 93 مليوناً في 36 دولة أفريقية عند مستويات شديدة من الجوع، كما تقدر الأمم المتحدة أن أسعار المواد الغذائية في أفريقيا جنوب الصحراء هي الآن أعلى بنسبة 30-40 في المئة من بقية العالم".

حالة طوارئ غذائية في تشاد

وفي تشاد التي أصبحت تشهد بين الفينة والأخرى نزاعاً قبليا أو مناطقياً بين الرعاة والمزارعين، اضطرت البلاد، التي تصنفها الأمم المتحدة ثالث أقل دولة نمواً في العالم، إلى إعلان "حالة طوارئ غذائية" يوم الخميس الماضي بسبب "التدهور المستمر للوضع الغذائي" نتيجة الحرب في أوكرانيا، وقد عانى بالفعل أكثر من ثلث سكان تشاد بما يقدر بنحو 5.5 مليون تشادي من تداعيات الجائحة والأوضاع الانتقالية المتعثرة في البلاد خلال العام الماضي، ليتفاقم الوضع مع تعطيل تصدير الحبوب الأوكرانية. ويشير مرسوم حالة الطوارئ الغذائية الذي وقعه رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد إدريس ديبي إلى "الخطر المتزايد الذي يتعرض له السكان إذا لم يتم تقديم مساعدات إنسانية بما في ذلك المساعدات الغذائية"، مضيفاً أن "الحكومة تدعو كل الفاعلين الوطنيين والشركاء الدوليين لمساعدة السكان"، كما أرسل بعثة إلى جنيف وبروكسل وبرلين من أجل حشد مساعدات طارئة.

وقال وزير الاقتصاد والتعاون الدولي التشادي محمد كوا حامد، مناشداً الدول الأوروبية خلال الجولة التي اختتمها يوم السبت، إن الوضع الإنساني في تشاد يعاني انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وحالات الطوارئ الصحية والتهجير القسري للسكان وآثار تغير المناخ، موضحاً الوضع الحرج للأزمات الإنسانية في تشاد، التي تؤثر في أكثر من 6.1 مليون شخص من أصل 17.1 مليون نسمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدوره، أوضح الباحث التشادي إسماعيل طاهر لـ"اندبندنت عربية" أنه قبل الحرب في أوكرانيا كان عام 2021 عاماً سيئاً في ما يخص موسم الأمطار في معظم دول الساحل الأفريقي، وذلك بسبب حدة آثار التغير المناخي الذي أثر في كمية المياه المتساقطة كأمطار، وترتب على ذلك ضعف في الإنتاج الزراعي، بخاصة الحبوب التي تعتمد عليها شعوب المنطقة كغذاء أساسي، ونتيجة لذلك أعلنت دول مثل نيجيريا والكاميرون إجراءات تمنع تصدير المحاصيل إلى دول الجوار. وبعد الحرب الروسية- الأوكرانية دخلت القارة الأفريقية في مشكلة عدم توفر القمح في الأسواق، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع، وحدث ذلك في ظل عدم مقدرة السلطات في الدول الأفريقية على ضبط سلوك التجار، بالتالي ليس أمام القادة الأفارقة إلا الاستعانة بالمجتمع الدولي، مع أنه غير متجاوب بصورة كبيرة.

اتهامات متبادلة ومساومات سياسية

كان رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، أول من حذر من خسارة دعم الأفارقة إذا لم توفر القوى الغربية الدعم اللازم لبلدانهم من الغذاء. وقال الأسبوع الماضي، إنه "لا يمكن خسارة معركة الأمن الغذائي، وإلا فإن الدول التي تخاطر بالمجاعة، وليست بالفعل مع الغرب ستشعر بالخيانة ولن تنحاز أبداً إلى جانبنا".

ونوه دراغي، في مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي في أعقاب القمة الأوروبية، بأن "عديداً من الدول الأفريقية ليست في صفنا، كما رأينا في تصويت الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن الكرملين يقول إن أزمة الغذاء بسبب العقوبات، بينما هي "بسبب الحرب".

وبينما اتهمت واشنطن موسكو بأنها جعلت إمدادات الحبوب والأمن الغذائي العالمي رهينة في يد الجيش الروسي، قال بوتين، في تصريحات لوسائل الإعلام الروسية عقب لقاء الوفد الأفريقي إنه "لا توجد أية مشكلات في شحن الحبوب من أوكرانيا"، مضيفاً أنه يمكن "تصدير الحبوب من أوكرانيا عبر رومانيا وبولندا".

وأضاف بوتين، في تصريحاته، أن "روسيا مستعدة لضمان أمن صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا، وموانئ بحر آزوف"، لكنه اشترط تطهير أوكرانيا الموانئ من الألغام، كما ألقى باللوم على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وحملها مسؤولية التسبب في أزمة عالمية. وأشار الرئيس الروسي إلى أن "سفن نقل الحبوب تستطيع العبور من دون مشكلات إذا أزالت أوكرانيا الألغام من الموانئ، ولن تشن روسيا هجمات من البحر في أثناء ذلك".

في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الألمانية اتهامات بوتين. وقال متحدث باسمها، يوم الجمعة، إن بلاده تدين بشدة محاولة الرئيس الروسي ترديد تصريحات مفادها أن الغرب هو المسؤول عن التسبب في مجاعة أفريقيا. وأضاف "علينا التشديد على أن خطر حدوث مجاعة في أجزاء من العالم هو نتيجة لحرب روسيا العدوانية وليس العقوبات الغربية".

وبدورها، قالت ريم عبد المجيد الباحثة في شؤون الأمن الإنساني والسلام البيئي، إنه من المتوقع زيادة عدد الدول الأفريقية التي تعاني حالة انعدام الأمن الغذائي جراء الحرب، وستكون عرضة للضغوط والمساومات أكثر من أي وقت مضى، ما لم تتوقف أو يتخذ الاتحاد الأفريقي والحكومات والجهات المانحة إجراءات سريعة لضمان الحصول على الغذاء بأسعار معقولة، من خلال زيادة المساعدة الاقتصادية والغذائية الطارئة وجهود الحماية الاجتماعية، وخلاف ذلك، سيعاني ملايين الأشخاص في جميع أنحاء القارة الأفريقية من الجوع جراء الحرب.

وترى "عبد المجيد" أن تفاقم أزمة الغذاء في أفريقيا سيؤثر بشكل جوهري في العلاقات الروسية الأفريقية ومكانة روسيا في القارة، وبالتبعية في  استراتيجيتها التوسعية الهادفة إلى، ليس فقط خلق موطئ قدم لها، بل وتحقيق نفوذ كبير يختصم من نفوذ القوى الدولية والإقليمية كالولايات المتحدة. فإن لم يعط بوتين، الاتحاد الأفريقي، حلولاً جذرية لتلك الأزمة لتوفير الإمدادات من الحبوب والأسمدة، ستتأثر مكانة روسيا سلباً، وسينحصر قبول دورها ووجودها بشكل كبير في القارة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات