Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس "المأزومة" تسعى لاحتواء أطفال أفريقيا المهاجرين

حوالى ألفي طفل يواجهون صعوبات في الاندماج بسبب اللغة والثقافة وغياب التنسيق بين الأجهزة المعنية

أطفال أفريقيا المهاجرون إلى تونس يواجهون صعوبات في الاندماج بسبب اختلاف اللغة والبيئة (أ ف ب)

يواجه حوالى ألفي طفل مهاجر ينحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء صعوبات كبرى في الاندماج بالمجتمع التونسي، بسبب اختلافات في اللغة والثقافة، بينما تعجز الدولة والمجتمع المدني والهياكل الأممية المختصة، عن إيجاد حلول ناجعة لهذه الفئة.

تختلف ظروف وصول هؤلاء الأطفال المهاجرين إلى تونس، فمنهم من شقّ مسافات طويلة برّاً، عبر الحدود الغربية التونسية الجزائرية، ومنهم من تجشّم مصاعب الصحراء، لأيام طويلة، ومنهم من نجا بأعجوبة من رحلة بحرية محفوفة بكل المخاطر، وهم أطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين وثمانية عشر سنة، ينحدرون أساساً من الكوت ديفوار (ساحل العاج) والكاميرون، والكونغو، وإريتريا، وتشاد، والنيجر.

ويمثل هؤلاء الأطفال 22 في المئة من مجموع المهاجرين الذين وفدوا على الأراضي التونسية، والمقدّر عددهم بأكثر من 8 آلاف شخص، معظمهم مسجلون في المؤسسات الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والهياكل الأممية التي تُعنى بالمهاجرين وطالبي اللجوء، كالمنظمة الدولية للهجرة.

ويواجه هؤلاء الأطفال صعوبات كبيرة، في الاندماج في مجتمع مختلف عن ثقافتهم وبيئتهم، فما الذي يدفع هؤلاء الأطفال للهجرة إلى تونس التي تتخبّط في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية؟ وهل تتوافر لهؤلاء الأطفال الظروف الملائمة للاندماج الاجتماعي والثقافي؟

صعوبة الاندماج الاجتماعي

يقول معز الشريف، رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، لـ"اندبندنت عربية"، إن "الظروف غير ملائمة في مراكز الإيواء التي تعدّها وزارة الشؤون الاجتماعية، لاحتضان هؤلاء الأطفال، لذلك يغادرها عدد منهم"، مشدّداً على أن "اللغة تشكل عائقاً يحول دون الاندماج في المجتمع التونسي، بخاصة أن العديد منهم لا يتكلمون إلا اللغة الإنجليزية بينما يتكلم عدد آخر لهجات محلية غير مفهومة".

ويلفت الشريف إلى "غياب التنسيق بين المتدخلين من مؤسّسات حكومية وأممية ومجتمع مدني"، داعياً الدولة إلى "تحمّل مسؤولياتها في تعهد ورعاية هؤلاء الأطفال".

ويضيف رئيس جمعية حقوق الطفل، أن "تونس تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية، غير مسبوقة، بخاصة بعد جائحة كورونا، حيث أنّ طفلاً تونسياً واحداً على أربعة تحت خط الفقر".

تحسين ظروف الإيواء

ويقول الشريف إن "هؤلاء الأطفال المهاجرين عانوا صعوبات كبيرة في مسار الهجرة، وهو ما يتطلب رعاية نفسية واجتماعية خاصة"، داعياً الدولة إلى "التخلي عن المقاربة الأمنية في معالجة هذا الملف الحساس".

كما دعا معز الشريف إلى "تحسين ظروف الإيواء، ودعم التكوين والإحاطة والرعاية، وتوفير الحقوق الدنيا، وهي الصّحة والتكوين المهني أو الدراسة، والعمل على ربط الصلة مع عائلاتهم، أو تسهيل توطينهم في تونس، أو البحث عن عائلات حاضنة من الجالية المنحدرة من بلد منشأ الطفل المهاجر، مع ضرورة متابعة وضعياتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، أوضحت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، آمال موسى، في افتتاح ورشة عمل انتظمت بالعاصمة حول "التعهد المشترك بالأطفال المهاجرين" أن الوزارة "تعمل على تعزيز الشراكة مع المنظمة الدوليّة للهجرة، لإعداد دليل إجرائي للتعهد المشترك بالأطفال المهاجرين".

وأضافت أن "الوزارة بادرت بإدراج نافذة خاصّة بفئة الأطفال المهاجرين، ضمن المنصة الإلكترونية المحدَثة من قِبل مكتب المندوب العام لحماية الطفولة"، مشيرة إلى أن "الإشكالية التي تعترض تدخلات جميع الأطراف المعنية بالإحاطة بالأطفال المهاجرين تتمثل في تحديد هوياتهم".

من جهته، أكد المندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمادي، أن "أغلب الخدمات المسداة للأطفال المهاجرين فور وصولهم إلى تونس تتمثل في الإيواء والمساعدة على توفير متطلبات العيش".

وذكر أن جملة الإجراءات للتكفل بالأطفال المهاجرين تشمل "التأهيل المهني، حيث تُمكّن وزارة الشؤون الاجتماعية، هؤلاء الأطفال من الالتحاق بمراكز الدفاع والتوجيه الاجتماعي لتؤهلهم، حتى يقع إدماجهم لاحقاً بمراكز التكوين المهني".

وأشار إلى أن "بقية الفئات من الأطفال المهاجرين دون سن السادسة ينتفعون ببرنامج الطفولة المبكرة، من خلال الإلحاق برياض الأطفال، كما يسجل عدد منهم بالمؤسسات التربوية".

التكفل بحوالى 400 طفل

تتطلب الإحاطة بالأطفال المهاجرين إحكام التنسيق بين كل الوزارات والهياكل المتدخلة والمنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني، من أجل تحديد هوياتهم وتيسير إدماجهم في المجتمع، على الرغم من وجود صعوبات كبيرة في الاندماج الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.

ويتعرّض بعض هؤلاء الأطفال إلى شتى أنواع الاستغلال، بسبب وضعهم الهش، وعدم قدرتهم على التظلم لدى الجهات المختصة لافتقادهم بطاقات إثبات هوية.

وتمكنت السلطات التونسية والمنظمة الدولية للهجرة، ومكونات المجتمع المدني، من التكفل بنحو 400 طفل من بين هؤلاء الأطفال المهاجرين، من خلال تقديم المساعدة والإحاطة الاجتماعية، إضافة إلى الإحاطة القانونية والنفسية.

واتخذت إجراءات استعجالية لحماية 39 طفلاً مهاجراً، وإدراج 30 آخرين في برنامج "الطفولة المبكرة" الذي يوفّر معاليم ارتياد الطفل المهاجر لرياض الأطفال.

ويشار إلى أن هؤلاء الأطفال (أو عائلاتهم) يختارون الوجهة التونسية لعلمهم أن تونس موقّعة على عدد من الاتفاقيات الأممية لحماية حقوق المهاجرين وحقوق الطفل، بما يحول دون ترحيلهم إلى بلدانهم التي تعاني من الصراعات والحروب والفقر.

بينما تقف تونس شبه عاجزة عن توفير كل متطلبات هذه الفئة من المهاجرين، وهي التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، ما يدعو المجموعة الدولية إلى مزيد من الاهتمام باللاجئين المقيمين في بلدان تعاني بدورها أزمات عدة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي