Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موكب 3 يونيو يختبر صدقية رفع طوارئ السودان

الخرطوم تحيي اليوم الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة وسط تخوف من أعمال العنف

تظاهرات وتتريس للشوارع بالأحجار في عدد من أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري (اندبندنت عربية – حسن حامد)

يحتشد آلاف السودانيين، اليوم الجمعة الثالث من يونيو (حزيران)، في شوارع العاصمة الخرطوم للمطالبة بالقصاص لقتلى مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في ذكراها الثالثة، التي نفذها أشخاص بلباس عسكري يحملون سلاحاً في حملة استمرت أياماً عدة وأوقعت 128 قتيلاً على الأقل، وفق لجنة أطباء السودان المركزية التي شاركت في الحركة الاحتجاجية، فضلاً عن عشرات الجرحى والمفقودين.

لكن المجلس العسكري الذي كان يحكم البلاد في تلك الفترة عقب إطاحة نظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، نفى إصداره أوامر بالفض العنيف للاعتصام، في حين شكل رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، فور تسلم مهامه، لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات هذه الحادثة، لكنها لم تعلن النتائج بعد.

إغلاق الجسور

وأغلقت السلطات المتخصصة في ولاية الخرطوم الجسور المؤدية إلى وسط العاصمة أمام حركة المرور ما عدا جسري الحلفاية وسوبا، في إطار التدابير المتبعة للحفاظ على أمن وسلامة مواطني الولاية وحفاظاً على ممتلكاتهم، وتترقب قطاعات الشعب السوداني والمجتمع الدولي مصداقية السلطات السودانية باختبار طريقة تعاملها مع موكب اليوم، على ضوء إعلانها في 29 مايو (أيار) رفع حالة الطوارئ في أنحاء البلاد كافة، والتي أصدرها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على أثر انقلابه على الحكم المدني الانتقالي في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بحجة عدم التوافق السياسي بين المكونات السياسية، وهو ما يعني وقف العنف الذي مارسته الأجهزة الأمنية بموجب قانون الطوارئ وأدى إلى سقوط قرابة 200 متظاهر خلال الأشهر السبعة الماضية.

رصد الانتهاكات

وحضت الآلية الثلاثية ممثلة في بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيقاد"، السلطات السودانية على احترام وحماية حق التجمع السلمي، وعدم الاستخدام غير المبرر للعنف ضد المتظاهرين السلميين خلال الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة. وأكدت في بيان التزام الأطراف جميعاً بالحفاظ على الطابع السلمي لإحياء هذه الذكرى، فضلاً عن تعزيز البيئة المواتية للعملية السياسية في البلاد.

وشهد، يوما الأربعاء والخميس، تظاهرات وتتريس (إغلاق) للشوارع بالأحجار في عدد من أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري استعداداً وتجهيزاً لهذا اليوم الذي يبدأ بحرق الإطارات صباحاً ومواكب للمدن ما بعد صلاة الجمعة والانتهاء باعتصام اليوم الواحد، ووفقاً لتنسيقيات لجان المقاومة، فإنها ستعمل على رصد وتوثيق أي انتهاكات أو عنف أو جرائم تقترفها قوات السلطة الانقلابية، إذ إن "قطار الثورة ماض حتى يتحقق النصر لا محالة، بيد أن الانقلاب ساقط بقرار شعبنا الآمر الناهي".

رسالة محورية

وأشار القيادي في لجان مقاومة الخرطوم محمد همشري إلى أن "الرسالة المحورية والأساسية هي أن جذوة الثورة مستمرة حتى تبلغ هدفها بإقامة حكم مدني كامل في البلاد، وهو الحلم الذي من أجله خرج الشباب من الجنسين إلى الشوارع ضد الحكم الديكتاتوري في ديسمبر (كانون الأول) 2018، ومن ثم محاكمة كل من مارس القتل، ولن يكون هناك تعاطف غير تنفيذ حكم القصاص". ونوه همشري إلى أنه على الرغم من طول أمد الثورة، لكن من الإيجابيات أنه تمت غربلة وفرز الأشخاص، وعرف من الذي كان يؤمن بالتحول الديمقراطي، ومن الذي كان مسانداً للانقلابيين، وألقى باللوم على المجتمع الدولي، وتحديداً واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول الجوار الأفريقي والعربي، لأنها لم تستوعب أجندة وأهداف الثورة ووضوح وصدق من يقف وراءها من الفئة الشبابية، لجهة أنهم يحملون رؤية وبرنامجاً متكامل الأركان لمستقبل السودان، فكان يجب على هذا المجتمع الدولي أن تكون لديه نظره استراتيجية تجاه الشعب السوداني والوقوف بجانبه، وليس بجانب السلطة العسكرية التي تسعى إلى التشبث بالسلطة وتقسيم المغانم.

وبين القيادي في لجان المقاومة أن "الوقت ليس وقت حوار كما تسعى الآلية الثلاثية، بل المطلوب من السلطة الانقلابية التنحي والمحاسبة، إذ إن الشعب السوداني قادر على الوصول لهدفه من خلال ثورته السلمية مهما قوبل بعنف وبطش".

استجواب 3 آلاف شاهد

وسبق أن أكد رئيس لجنة التحقيق في حادثة فض اعتصام القيادة العامة في السودان نبيل أديب أنه تم استجواب أكثر من ثلاثة آلاف شاهد غالبيتهم جاءوا طوعاً، وأن نتيجة التقرير النهائي ستظهر الحقيقة كاملة، لكنه لم يؤكد أن ما جرى أثناء فض اعتصام القيادة مطابق لوصف "جريمة ضد الإنسانية" أم غير مطابق. وأشار إلى أن القانون الجنائي السوداني يتضمن هذا النوع من الجرائم على الرغم من أنه لم يسبق أن حكم على أي شخص بهذه التهمة، مصنفاً ما حدث أثناء فض الاعتصام على أنه "جرائم عنف مثل القتل والجرح، وجرائم جنسية كالاغتصاب والعنف الجنسي"، معترفاً بأن اللجنة تضرر عملها من غياب مجلس الوزراء الذي كانت تمده بتقارير دورية ويمدها بمتطلباتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشكلت هذه اللجنة في سبتمبر (أيلول) 2019 بموجب نصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية، ومنحت صلاحيات التحقيق بغرض تحديد الأشخاص المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض أو المشاركة أو الاتفاق الجنائي أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى، وتختص اللجنة بتحديد وحصر عدد الضحايا من القتلى والمصابين والجرحى والمفقودين، وقيمة الخسائر المالية والجهات والأشخاص المتضررين من ذلك، ويحق لها استدعاء أي شخص أو مسؤول حكومي أو نظامي أو موظف عام بغرض الإدلاء بشهادته أو التحقيق، فضلاً عن طلب العون الفني من الاتحاد الأفريقي عبر وزارة الخارجية، وكذلك منحها حق تجميد الحصانات القانونية للقيام بعملها.

التوجه للمحكمة الجنائية

وكان رئيس منظمة أسر شهداء فض اعتصام القيادة فرح عثمان فرح قد قال، "سير العمل في قضية فض الاعتصام غير مبشر بتاتاً، من ناحية أن تغيير وتعيين وكلاء نيابة من وقت لآخر أدى إلى العبث بملفات هذه القضية، فضلاً عن غياب الشهود، بالتالي، لا أمل في الأجهزة القضائية والعدلية لتقوم بدورها الكامل، إذ تنعدم الإرادة القوية، وما يحدث الآن هو كسب مزيد من الوقت، لكن يجب أن يعرف كل من يريد تعطيل هذه القضية أن مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم". وتابع عثمان، "ما يحدث من بطء وتواطؤ جعلنا نبحث عن العدالة في الخارج، وإن كنا نتمنى أن نشهد عدالة في الداخل، للأسف لم يحصل، وبقدر ما قدمنا من تنازلات، وتأكيدنا المستمر عن ثقتنا في العدالة، لكن للأسف لم نجد، كأسر للضحايا، أذناً صاغية، بل اعتبروا ذلك ضعفاً من جانبنا، ونلاحظ أنه حتى القضايا التي تم الفصل فيها من قبل المحاكم السودانية لم يتم إنجاز الحكم حولها، لذلك لا يوجد بصيص أمل في عدالة داخلية، لأننا أمام حكومة تعمل منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) على إعادة نسخ النظام السابق، وهو ما يعني ضرب الثورة في مقتل على الرغم مما قدمه أبناء هذا الوطن من تضحيات لتغيير ذلك النظام".

ولفت إلى أنهم اتجهوا بهذه القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية بواسطة محامين سودانيين وهولنديين، بعد أن توصلوا إلى عدم وجود الرغبة والإرادة من القضاء السوداني لتحقيق العدالة، كما جرى مخاطبة ممثل حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أداما ديانغ خلال زيارته الأخيرة إلى الخرطوم، مشدداً على أنه لن يهدأ لهم بال حتى يتوصلوا إلى الجناة الحقيقيين وتنفيذ القصاص بحق كل من قام بقتل المعتصمين في ساحة الاعتصام. ونوه رئيس منظمة أسر شهداء فض الاعتصام إلى أن هناك جهات عليا متورطة في هذه القضية تقف سداً منيعاً للحيلولة دون سير الإجراءات القانونية وعمل لجنة التحقيق بالصورة الطبيعية والشكل المطلوب.

ثورة غير مسبوقة

وتظل ثورة ديسمبر عالقة في أذهان كثيرين من السودانيين بخاصة من شارك في المواكب والتظاهرات الاحتجاجية لما صاحبها من عنف مفرط من قبل أجهزة الأمن أدى إلى مقتل المئات وآلاف الجرحى، فضلاً عن عشرات المفقودين، وهو ما خلف حزناً وجروحاً لن تندمل وسط المجتمع السوداني بخاصة أمهات الشهداء.

وشهد السودان قبل هذه الثورة، ثورتين شعبيتين عامي 1964 و1985 ضد نظامين عسكريين (إبراهيم عبود وجعفر النميري)، لكن ما حدث في ثورة ديسمبر التي بدأت باحتجاجات محدودة تطالب بتوفير الخبز، ثم توسعت لتعم أنحاء السودان، وتطالب برحيل النظام، كان عملاً غير مسبوق في تاريخ البلاد، لأسباب عدة أبرزها التزامها بالسلمية، والمشاركة الواسعة واللافتة للشباب والنساء، وشموليتها مدن ومناطق السودان كافة، وميز تلك الثورة، أيضاً، أنها أطلقت حراكاً سياسياً واسعاً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مع ارتفاع مطالب المحتجين بإسقاط نظام البشير.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات