Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيتعامل حزب العمال البريطاني مع استيلاء المحافظين على أهم مشاريعه السياسية؟

لقد حقق حزب العمال انتصاراً كبيراً حين فرض سياساته على الحكومة الحالية لكن ما هي الخطوة التالية؟

كير ستارمر لا يشبه بوريس جونسون في تصرفاته ومواقفه هو أمر يحقق له عوائد سياسية مفيدة حتى الآن (غيتي)

قد يبدو الأمر غريباً اعتبار انتصار حزب العمال مشكلة بالنسبة إلى زعيم الحزب السير كير ستارمر ووزيرة المالية في حكومة الظل المعارضة رايتشل ريفز. إنه ذلك النوع من المشكلات الذي كان حزب العمال متشوقاً لوقوعه منذ خسارته السلطة قبل اثني عشر عاماً، لكن وعلى الرغم من من ذلك فإن الأمر يبقى مشكلة بالنسبة إلى الحزب.

لقد سرق حزب المحافظين سياساتهم [مقترح حزب العمال]. وتأكيداً على ذلك، فإن أبرز ما انتقده [وزير المالية البريطاني] ريشي سوناك في خطة العمال هو أنها ليست طموحة كفاية [في معالجة أزمة غلاء المعيشة]. وأعلن سوناك عن خطة أكثر سخاءً لمساعدة البريطانيين على دفع فواتير الغاز والكهرباء مقارنة بخطة حزب العمال المقترحة، وهي مساعدات سيتم تمويلها من فرض ضريبة "أرباح غير متوقعة" أكبر windfall tax [ضريبة لمرة واحدة على أرباح مرتفعة بشكل غير معقول لشركات حصدتها بسبب توافر عوامل حظ] على أرباح شركات النفط والغاز.

لا يبدو واضحاً أن أرقام وزير الخزانة محسوبة بشكل دقيق [وبشكل يؤمن الميزانية اللازمة للوفاء بما التزم به مادياً]. وكلما ذكر بأهمية الالتزام بالمسؤولية النقدية، بدا جلياً أكثر أنه يقوم في الإعلان عن دفع مبالغ ضخمة من دون فكرة واضحة عن كيفية توفيرها. فهو ورئيس الحكومة بوريس جونسون كانا مستعجلين كثيراً للإعلان عن ما يرقى إلى ميزانية كاملة مما يعني أن تفاصيلها متروكة لوقت آخر لتحديدها.

أغلب التدابير سيتم تمويلها من عائدات ضريبة "الأرباح غير المتوقعة" - أصبح اسمها اليوم ضريبة أرباح الطاقة – مع عائدات أكبر من متوقعة للضرائب العامة، ولكن إذا كانت هناك ثغرة في التمويل فسيتم العمل على تغطيتها من خلال قروض إضافية، على أن يهتم كل من جونسون وسوناك بترتيب التفاصيل في الخريف المقبل أي موعد إعداد الميزانية الرسمية السنوية.

ما حاول سوناك القيام به أخيراً هو إلغاء دور حزب العمال كحكومة ظل عبر اعتماده واحدة من أهم خططه السياسية، ثم مضاعفتها. وهذا أمر يعتبر مشكلة للمعارضة لأنه ليست لديها الكثير ومزيد لتقديمه. وعليه ماذا لدى حزب العمال غير ضريبة "الأرباح غير المتوقعة" windfall tax لمساعدة الناس على دفع فواتير الكهرباء والغاز، ما السياسات التي يطرحها العمال؟

إن الفراغ المفاجئ في برنامج حزب العمال للانتخابات العامة المقبلة كان واضحاً من خلال رد ستارمر على ما جاء في خطاب الملكة [الذي يحدد الإطار العام لعمل الحكومة الحالية] في هذا الشهر. فستارمر خصص جزءاً كبيراً من خطابه لشرح خطط العمال لزيادة الدعم لبرنامج "مساعدة البيوت الدافئة" [مساعدة مالية لمرة واحدة تأتي عبر تخفيض في فاتورة التدفئة الشتوية للبيوت]، والتي ستوفرها ضريبة "الأرباح غير المتوقعة"، ولكنه عندما تطرق لبقية برنامج حزب العمال لحكومة الظل كانت خزانته شبه خاوية من الأفكار.

وقال ستارمر في ذلك السياق، "إن حزب العمال سيعمل على تحسين مستوى القيادة والتعليم في المدارس الحكومية"، وإن الحزب سيعمل على "تمويل ذلك من خلال إزالة الإعفاءات الضريبية المتوفرة حالياً للمدارس الخاصة، وذلك سيعني حكومة تراعي الزمن، وستتمكن في النهاية من توفير خدمة للعناية بالصحة النفسية تنهي سنوات الوعود الفارغة بتحقيق عناية بالطب النفسي [للمحتاجين] تساوي العناية بالصحة الجسدية. وحزب العمال سيعمل على توظيف أخصائيين طبيين بشكل يسمح لنا بتأمين علاج نفسي خلال أربعة أسابيع لمن يحتاج إليه، تدفع تكاليفه عبر سد فجوات [تهرب ضريبية] من شركات المضاربة بالأسهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدا ذلك وكأنه مسودة لائحة مبكرة للوعود الانتخابية لحزب العمال، تكشف عن عدد من الوعود التي يمكن تصديقها ويمكن دفع تكلفتها من مجموعة محددة من مصادر التمويل، ولكن من دون عائدات ضريبة "الأرباح غير المتوقعة"، فإن الناخبين البريطانيين قد يميلون للقول، "هل هذا كل ما في الأمر؟".

حتى الآن، ركز حزب العمال على تعظيم مسألة تراجع حكومة جونسون. وكانت ريفز قد بدأت خطاب النصر الخاص بها بالادعاء أن حزب العمال "يحقق انتصارات في معركة الأفكار الجديدة"، وأنهت خطابها بالتذكير بالعبارة التهكمية التي وجهه توني بلير إلى [رئيس الوزراء المحافظ السابق] جون ميجور قبل 27 عاماً بقوله، "عندما يتعلق الأمر بالقضايا الكبيرة والمصيرية التي تواجه البلاد، الأمر واضح: نحن نقود، وهم يتبعون".

ولكن ينتظرنا مشكلة لاحقاً تتمثل في الاعتراض على حكومة المحافظين المرنة أيديولوجياً لدرجة تتطلب معها مشورة جون ماك تيرنان المستشار السياسي السابق لرئيس الحكومة توني بلير. خلال تحدثه أمام طلاب جامعة "كينغز كوليدج" في لندن أخيراً، أشار تيرنان إلى أنه لو كان بصدد تقديم المشورة لحزب المحافظين لقال لهم، "لقد نجحتم باستمالة ناخبي حزب العمال، فقدموا لهم الآن سياسات عمالية".

هذه الليونة تخلق كثيراً من المشكلات على جانبي مجلس العموم البريطاني [أي للحكومة وأحزاب المعارضة]، ولكنه كان صادماً ملاحظة مدى الهدوء الذي استقبل به مؤيدو خفض الضرائب من عتاة التاتشريين على مقاعد نواب حزب المحافظين الخلفية إعلان [وزير المالية ريتشي] سوناك. النائب ريتشارد دراكس سجل اعتراضه على منح الحكومة "لحماً أحمر للاشتراكيين"، أما جون ريدوود، وجون بارون وديفيد ديفيس فأبدوا تذمرهم بعض الشيء فقط.

لكنني أعتقد أن الانتصار الذي سجله حزب العمال ربما يطرح إشكالية أكبر للمنتصر بدلاً من المهزوم في هذه الحالة، فقد نشر حزب العمال بعض الإعلانات الصارخة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تقول، "حزب العمال يجبر حزب المحافظين على القيام بانعطافة سياسية والموافقة على فرض ضريبة "الأرباح غير المتوقعة". وقام وزراء حكومة الظل المعارضة بترديد الموقف التالي: إذا كان هذا ما يستطيع حزب العمال تحقيقه من على مقاعد المعارضة، فتخيلوا ماذا سيكون بإمكانهم تحقيقه وهم في الحكم.

لربما يمكننا أن نتخيل ماذا سيمكنهم [العمال] تحقيقه إذا نجحوا في تشكيل حكومة، ولكنه عليهم أن يعطونا بعض المؤشرات [عما سيفعلونه] أولاً، فقد حقق ستارمر كثيراً لمجرد أنه ليس جيريمي كوربين على رأس حزب العمال. ومسألة أن ستارمر لا يشبه [في تصرفاته ومواقفه] بوريس جونسون هو أمر يحقق له عوائد سياسية مفيدة حتى الآن - لكن ذلك قد يضع حزب المحافظين في موقف ضعيف أيضاً، فهم عليهم أن يقرروا إذا ما كانوا يريدون رئيساً للحكومة غير بوريس جونسون، ولكن ماذا كانت حكومة عمالية لتفعل؟ فرض ضريبة "الأرباح غير المتوقعة" لطالما كان المطلب الأساسي. واليوم مع انتفائه، حان الوقت للحصول على بعض الإجابات [بخصوص ما سيقدمه حزب العمال للناخب البريطاني].

*نشر المقال في اندبندنت بتاريخ 27 مايو 2022

© The Independent

المزيد من آراء