Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق عراقي من مصير أسر "داعش" في مخيم الهول

دعوة المجتمع الدولي لغلق ملفه وتحذير من تحوله إلى بؤرة إرهابية

مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أكد أن مخيم الهول يمثل تهديداً حقيقياً للعراق (رويترز)

يشكل مخيم الهول، الواقع شرق سوريا، حيث يوجد آلاف من أسر وعناصر تنظيم "داعش"، قلقاً وهاجساً للسلطات العراقية التي تتخوف من حصول عملية هروب كبيرة من داخل المخيم قد تساعد في تعزيز إمكانات التنظيم في شنّ هجمات أوسع داخل الأراضي العراقية خلال الفترة المقبلة.

وعلى الرغم من الزيارات العديدة التي قامت بها وفود من دول الاتحاد الأوربي والمنظمات الدولية إلى العاصمة بغداد وإجرائها لقاءات مع المسؤولين العراقيين حول إيجاد حلول لملف مخيم الهول، فإنها لم تشهد تحقيق أي تقدم يذكر لرفض العراق استقبال ومحاكمة عناصر "داعش" الأجانب ومطالبته دولهم بنقلهم إلى أراضيها ومحاكمتهم.

تهديد حقيقي للعراق

وكان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أكد في مؤتمر صحافي، في أبريل (نيسان) الماضي، أن مخيم الهول يمثل تهديداً حقيقياً للعراق، وقال، "العراق يناقش ملفاً مهماً وحساساً مع الجهات الدولية يشكل أهمية كبيرة، ومخاطر وتحديات"، مبيناً أن رئيسة بعثة "يونامي" في العراق جينين بلاسخارت، كان لها دور في إقناع الحكومة العراقية للتعامل مع الرعايا العراقيين في مخيم الهول، فضلاً عن تحقيق نتائج مهمة من قبل اللجنة التي شكّلها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في شأن هذا الملف.

أضاف الأعرجي أن "هناك حاجة لوجود تعاون دولي في مواجهة تنظيم داعش وضمان تجفيف منابع الإرهاب، المالية والبشرية والإعلامية"، مشيراً الى أن بقاء هذا المخيم، الذي يسكنه نحو 70 ألف شخص، "كل يوم، يعني يوماً آخر من الكراهية والحقد، وتمويلاً للإرهاب، لذلك لا بد من توفير البيئة المناسبة لإنقاذ الأطفال والأسر". ودعا الأعرجي حلفاء العراق في مواجهة "داعش" إلى استمرار دعمهم من أجل تفكيك هذا المخيم والتأكيد على كل دولة بضرورة سحب رعاياها من عناصر "داعش" من شرق سوريا، وسجون "قسد"، ومحاسبتهم وفق قوانين بلادهم، مشدداً على ضرورة العمل معاً على خلاص الأطفال والعوائل الذين هم ضحايا لإعادة اندماجهم مع المجتمع.

30 ألف عراقي

وبحسب الأعرجي، يوجد في مخيم الهول 30 ألف عراقي، 20 ألفاً منهم دون سنّ الرشد، مبيناً أن هناك قراراً من الحكومة العراقية، في الأشهر المقبلة، لاستقبال أسر عراقية تقطن في المخيم.

500 عائلة

ولم تكن هذه المطالبة الأولى لمسؤول عراقي بتسلم دول العالم رعاياها من عوائل تنظيم "داعش" في مخيم الهول، فوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، دعا، في كلمة له بالاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم "داعش" في مدينة مراكش المغربية في 11 مايو (أيار) الحالي، إلى معالجة الوضع الإنساني للعائلات في مخيم الهول في سوريا، ومنع تنظيم "داعش" من اختراق مخيمات النازحين، ونشر فكره الإرهابي، وإعادة تنظيم صفوفه. وأكد الوزير العراقي "إعادة نحو 500 عائلة عراقية، إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى، غالبيتها من النساء والأطفال".

اتفاقات سارية

بدوره، قال مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز محيي عبد الحميد، إن الرفض العراقي لتسلّم عناصر "داعش" الأجانب لن يغيّر شيئاً، كون وجود اتفاقات بين الحكومات السابقة ودول الاتحاد الأوربي، مضيفاً، "دول الاتحاد الأوربي لا ترغب بعودة معتقلي الهول إلى بلدانهم، لكونهم سيتسببون بمشاكل كبيرة بسبب مخاوف تلك الدول من أن يتم إطلاق هؤلاء"، مبيناً أن هذه الدول ليس لديها قوانين لمحاكمة هؤلاء على أساسها لعدم وجود أوراق ثبوتية تبيّن أنهم خرجوا أو شاركوا بعمليات الإرهاب في العراق أو سوريا.

العراق سيستقبلهم

ولفت عبد الحميد إلى أن تلك الدول وجدت في العراق أرضية مناسبة لمحاكمة هؤلاء، وفق قانون مكافحة الإرهاب رقم "4"، مشيراً إلى تشكيل لجان، في زمن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ورئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، بمساعدة خبراء دوليين لنقلهم إلى سهل نينوى، مشيراً الى أن الدفعة الأولى وصلت، العام الماضي، وهناك ملايين الدولارات صرفت لهذا المشروع في سبيل تهيئة مستلزمات سكنهم ومستلزماتهم الأخرى، وشدد على ضرورة أن يخضع معتقلو "داعش" إلى برامج تأهيلية، لافتاً الى أن بعض الحكومات عالجت موضوع أطفال "داعش" بعد إجراء اختبارات الحمض النووي (DNA)، واستقدمتهم لبلدانهم كما فعلت أذربيجان من خلال ترحيل 260 طفلاً من العراق إلى هذا البلد.

العراق والاتحاد الأوربي

وأكد عبد الحميد أن عملية نقل السجناء تجرى وفق اتفاقات بين الحكومة العراقية ودول الاتحاد الأوربي، إلا أن مخاوف المسؤولين الأمنيين العراقيين مشروعة لكون المناطق التي سيرحّل إليها معتقلو مخيم الهول تضم تضاريس جبلية، حيث تتمركز قيادات مهمة لـ"داعش"، كما أنها تحوي أنفاقاً، وتجري فيها عمليات عسكرية، ولا تستطيع، بالتالي، أن تقوم بحماية العوائل.

ويواصل تنظيم "داعش" هجماته على مناطق تقع في أطراف محافظات ديالي وكركوك وصلاح الدين مستهدفاً القوات الأمنية العراقية والمتعاونين معها من سكان هذه المناطق عبر أكمنة بالعبوات الناسفة أو بهجمات خاطفة على القرى ليلاً، وتمثل سلسة جبال وتلال حمرين الممتدة بين ثلاث محافظات عراقية، شمال البلاد، وهي ديالي وصلاح الدين وكركوك، قاعدة أساسية ومهمة لانطلاق هجمات التنظيم الإرهابي على مناطق واسعة من هذه المحافظات، وصولاً الى أطراف العاصمة بغداد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأسفرت هذه الهجمات، خلال عام 2021، عن مقتل وإصابة المئات من عناصر الأجهزة الأمنية من الجيش، والشرطة، و"الحشد الشعبي"، والمدنيين أيضاً، لكنها بدت محدودة قياساً بما شهده مطلع 2020 ونهاية 2019 من ارتفاع كبير في معدل عمليات التنظيم الإرهابي.

ورجّح عبد الحميد أن يتم تطبيق الاتفاق السابق ونقل جميع سجناء مخيم الهول إلى العراق عبر دفعات ليكون مقراً لتلك الأسر، مؤكداً أن اعتراضات العراق لا تغيّر شيئاً، لا سيما أن الحكومات السابقة أجرت اتفاقيات مع دول الاتحاد الأوروبي، وعلى الحكومة الحالية تنفيذها.

الدول الأوروبية

من جانبه، دعا مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، الدول الأوروبية إلى تحمّل مسؤولية رعاياها. وقال إن "مخيم الهول إحدى البؤر الخطيرة للعوائل الإرهابية وأطفال هذه الأسر المتهمين بالإرهاب، وهو يضم 60 ألف أسير من جنسيات مختلفة، سواء من دول أوروبية، إضافة الى جنسيات عربية وعراقيين"، مؤكداً أن هناك مطالبات من المجتمع المدني وحقوق الإنسان، منذ فترة طويلة، لمواجهة المشكلة الخطيرة في هذا المخيم، حيث يتعرّض السجناء، لا سيما النساء اللاتي يُردن التحرر من "داعش" للقتل.

وحذّر فيصل من استمرار الأطفال بالعيش والنمو في هذا المخيم، كونهم سيتحولون إلى مشاريع إرهابية، ولهذا، على كل الدول أن تتحمل مسؤولية رعاياها، والعمل على إعادة تأهيلهم وإحالة من ارتكب جرائم موثقة إلى العدالة، محذراً من تحوّل هذا المخيم مستقبلاً إلى بؤرة للتنظيمات الخطيرة في العراق وسوريا وبلدان الشرق الأوسط وآسيا وشمال أفريقيا. وأشار إلى ضرورة تنظيم برامج تأهيلية للعراقيين العائدين من هذا المخيم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات