Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إدارة بايدن والنفط: حروب "دون كيشوتية"؟

"يريد الديمقراطيون فرض ضرئب استثنائية على شركات النفط لأنها حققت أرباحاً ضخمة بحسب قولهم"

وضع الديمقراطيون قوانين بيئية خلال العقود الثلاثة الماضية نتج منها انخفاض القدرة التكريرية للمصافي في الولايات المتحدة (أ ب)

"طواحين الهواء"... رواية ساخرة مشهورة عالمياً من القرن السابع عشر للروائي الإسباني ميغيل دي ثيربانتس. تُرجمت إلى عشرات اللغات، قيل فوق الخمسين لغة، وأصبحت تُستخدم مثلاً لمَن يغرق بالأحلام، وعندما ينتقل إلى أرض الواقع، يصطدم بالحقيقة، لكنه لا يعي ذلك على الرغم من الفشل الذريع، والمشكلات الكبيرة التي يسببها للناس، والخسائر الكبيرة التي تلحق به.

محور الرواية

بطل الرواية دون كيشوت، معزول عن الناس، ومهووس بقراءة حكايات الفرسان القدماء. قرر يوماً أن يصبح مثلهم، وهو الرجل الطويل الهزيل الضعيف، فامتطى حصانه الهزيل، واستخرج أسلحة أجداده القديمة التي عفا عليها الزمن، وقرر أن يصبح فارساً يردّ حقوق الضعفاء ويتحدى عتاة الفرسان.
وقرر، كعادة الفرسان القدماء، أن يكون له تابع يخدمه ويحمل أسلحته (ومحبوبة خيالية بصفات خيالية)، فاختار فلاحاً جاهلاً بسيطاً، حالماً، كسيده، اسمه سانشو بانزو. سانشو على عكس سيده شكلاً، فهو قصير بدين، وبدلاً من أن تكون لديه فرس، كان لديه حمار.

عند انتقالهما بين القرى، شاهد دون كيشوت طواحين الهواء المنتشرة على ضفتي النهر، فظنها أذرعة الشياطين كونه لم يرَها من قبل، فسحب سيفه واتجه نحوها لمحاربتها، فعلق في إحدى أذرع الطواحين، ورفعته في الهواء، ثم طرحته أرضاً، فوقع مكسراً مرضوضاً ظاناً أن ما حدث كان لأنه أبلى بلاءً حسناً في القتال.

وتنتقل بنا الرواية من مشهد ساخر لآخر... إلا أن ما يهمنا في مقال اليوم هو أنه شاهد غباراً في الأفق، فتخيل أنه جيش جرار، فاندفع نحوه ليقاتل الأشرار، لتنتهي المعركة بقتله لعدد من الأغنام، وضرب الرعاة له ورجمه بالحجارة.
في كل مرة، يفشل ويقع ويتكسر، ولكنه ما زال يعيش في عالمه الوهمي.

عودة إلى إدارة بايدن

الرواية لها انعكاسات متعددة على واقع سياسات التغيّر المناخي وسياسات الطاقة الحالية. فعندما قرر دون كيشوت أن يخرج من بيته ليحارب قوى الشر، اختار سانشو بانزو مرافقاً وخادماً وتابعاً. هذا يذكرنا باختيار بايدن لوزيرة الطاقة جينيفر غرانهولم، التي لعبت دور سانشو بامتياز: سُئلت عن إمكانية زيادة إنتاج النفط الأميركي، فضحكت ضحكة كبيرة كانت ربما الأطول في تاريخ البرامج الإخبارية. وعندما سئلت عن مقدار استهلاك الولايات المتحدة من النفط، قالت إنها لا تعرف وستسأل فريقها عن ذلك. وعندما سئلت في مجلس الشيوخ عن سعر البنزين، قالت إنها لا تعرف لأنها تقود سيارة كهربائية. وعندما سألوها في مجلس الشيوخ عن متوسط أسعار البنزين في واشنطن أجابتهم بمتوسط سعر البنزين في أميركا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عند حديثها عن أسعار البنزين الحالية، قالت إن لدى إدارة بايدن الحل وهو أن تكون الكهرباء من المصادر المتجددة بحلول عام 2035!  الناس تشتكي الآن من ارتفاع تاريخي في أسعار البنزين والديزل، وهي تتكلم عن الكهرباء عام 2035. وعندما أدركت الخطأ، قالت إنها "أستأجرت" سيارة شفروليه بولت الكهربائية، و"استأجرت" الألواح الشمسية على سطح منزلها، ومن ثم فهي تسوق بـ"أشعة الشمس"! التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي كانت كثيرة وساخرة، ولكن الأكثر إيلاماً هو تذكير بتحذير جهات حكومية أميركية من حصول عجز في إمدادات الكهرباء في فصل الصيف في مناطق أميركية عدة.
سياسات إدارة بايدن ونتائجها لا تختلف كثيراً عن مجريات الرواية، والوضع يزداد أسىً وسخرية يوماً بعد يوم. فقد قام الديمقراطيون بوضع قوانين بيئية خلال العقود الثلاثة الماضية نتج منها انخفاض القدرة التكريرية للمصافي في الولايات المتحدة، الأمر الذي نتج منه ارتفاع مخزون النفط الخام وانخفاض شديد في مخزونات البنزين والديزل. فبماذا تفكر إدارة بايدن الآن لحل أزمة البنزين والديزل؟ تعليق القوانين البيئية نفسها التي فرضوها على المصافي!
البعض في إدارة بايدن يفكر الآن في إصدار قرار يحظر تصدير النفط الأميركي كلياً أو جزئياً، وهم الذين سمحوا بالتصدير أصلاً في نهاية إدارة أوباما- بايدن عام 2015.  المضحك أن حظر صادرات النفط لن يحل مشكلة البنزين والديزل لأن المشكلة في قدرات المصافي وليس في إمدادات النفط الخام.
البعض في إدارة بايدن بدأ الحديث عن السماح بإكمال خط "كي ستون" الذي ينقل النفط من ألبرتا الكندية إلى الولايات المتحدة. الخط الذي أوقفه بايدن بقرار رئاسي تلبية لوعوده الانتخابية.

طالبت إدارة بايدن منتجي النفط الأميركيين بزيادة الإنتاج، وهي التي أصدرت أوامر بمنع التنقيب عن النفط في الأراضي والمياه الفيدرالية. المضحك أنها قالت لهم: إذا كان لديكم تصريح مسبق للحفر في الأراضي الفيدرالية، فعليكم الحفر وإلا سنسحب التصريح منكم!
تشتكي إدراة بايدن الآن من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير نتيجة انخفاض إمداداته، وتلوم شركات النفط والغاز، وهي التي شجعت أوروبا على التحول إلى الغاز الأميركي بدلاً من الروسي، فتم شحنه إلى أوروبا. وما زالت الإدارة تشجع هذه الدول على الوقف التام لواردات الغاز من روسيا!
الديمقراطيون يريدون فرض ضرائب استثنائية على شركات النفط لأنها حققت أرباحاً ضخمة بحسب قولهم. كيف ستقوم شركات النفط بالاستثمار في مزيد من الإنتاج والمصافي لتلبية الطلب على النفط إذا خسرت جزءاً كبيراً من أرباحها؟ يحتج الديمقراطيون بأن شركات النفط حققت أرباحاً استثنائية بسبب أزمة طارئة، وهي الهجوم الروسي على أوكرانيا. إذا كانت هذه الحجة صحيحة، لماذا لم يفرضوا الضرائب ذاتها على شركات الأدوية التي استفادت من حالة طارئة وهي انتشار فيروس كورونا؟ ماذا عن أرباح "فايزر" و"موديرنا" التاريخية؟ المضحك في الأمر أن نانسي بيلوسي، زعيمة الكونغرس، طالبت تاريخياً بالتخلص من النفط والغاز. وأيدت وقف التنقيب عنهما في الأراضي والمياه الفيدرالية، وهي التي تريد الآن فرض ضرائب على أرباح الشركات لأنهم "يعيدون الأرباح إلى المستثمرين بدلاً من أن يقوموا بالحفر وإنتاج النفط والغاز"! 

أخيراً، حاربت إدارة أوباما - بايدن الفحم، ومن بعدها إدارة بايدن - هاريس، والآن، هذه الإدارة وبعض حلفائها الأوروبيين، يعودون إليه! 

حروب دون كيشوتية!

المزيد من آراء