Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يجعل الطفل أكثر عرضة للتنمر

الدواء علاج أساسي لا بديل له ومؤشرات عديدة يجب التنبه لها قبل فوات الأوان

لا يحل أي علاج محل الدواء للتعامل مع اضطراب نقص التركيز وفرط النشاط بحسب الدراسات (أ ب)

يُعد اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط "ADHD" أحد أكثر الاضطرابات النفسية والعصبية شيوعاً بين الأطفال وتطاول نسبة سبعة في المئة من الأطفال في العالم، بحسب ما تظهره الأرقام. أما في لبنان، فقد أظهرت أكبر دراسة حول هذا الموضوع، وقد أجراها قسم الطب النفسي في كلية الطب في جامعة "القديس يوسف" في بيروت عام 2012، أن نسبة ثلاثة إلى 3.5 في المئة من الأطفال في المدارس مصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، علماً بأن هذه الدراسة التي نشرت قد تناولت 1000 طفل في المدارس الخاصة والرسمية على مختلف الأراضي اللبنانية.

ومما لا شك فيه أن ثمة مفاهيم خاطئة عديدة تحيط بهذه الحالة كونها من الحالات المتشعبة، وقد لا يكون سهلاً على الأهل التعاطي معها دائماً بالشكل الصحيح، وفي مثل هذه الحالات، تبرز الحاجة أيضاً إلى الإحاطة الصحيحة للطفل من قبل المدرسة، وإن كانت المدرسة الخاصة بحالات الاضطرابات النفسية أو الـ"ADHD" تحديداً غير ضرورية، وفق ما يوضح رئيس قسم الأمراض النفسية في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" في بيروت سامي ريشا الذي يؤكد، في المقابل، على ضرورة أن تكون المدرسة على علم بحالة الطفل وعلى إلمام بكيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون مثل هذه الحالات للتعاون معها في تنظيم الأمور وطريقة التعامل مع الأطفال أثناء وجودهم في المدرسة من خلال نظام معين يعتمد مع الطفل ويرتكز على مبدأ المكافأة والقصاص بشكل مستمر حتى يمتنع عن القيام بالسلوكيات الخاطئة الناتجة عن حالته.

مرض أم حالة طبيعية؟

ويصف ريشا اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط بالحالة المرضية التي لا يمكن التعاطي معها كما لو كانت حالة طبيعية، هذا، مع ضرورة التمييز بينها وبين حالات الأطفال الذين يعانون النشاط المفرط أو الحركة الزائدة في مختلف الأوقات، فثمة فارق كبير بين الحالتين لاعتبار أن هذا الاضطراب يؤثر على حياة الطفل، سواء في حياته اليومية أو في نتائجه المدرسية لأنه لا يستطيع أن يهدأ، بالتالي، تتعدى الأمور هنا الحالة الطبيعية، وهي حُكماً مرضية، ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس. وهذا ما على الأهل أن يدركوه للتمييز بين الحالة الطبيعية من الحركة الزائدة والحالة المرضية التي تستدعي الإحاطة والمتابعة الطبية المتكاملة بين عدد من الاختصاصيين، أما الأعراض التي يمكن ملاحظتها على الطفل الذي يعاني نقص الانتباه وفرط النشاط وتؤكد حالته، فهي الحركة المفرطة والنشاط الزائد وقلة التركيز في المهام التي تتطلب تركيزاً، ولا يقصد بذلك التركيز أثناء مشاهدة التلفزيون أو اللعب على الأجهزة الإلكترونية وغيرها من الأنشطة المماثلة، بل تلك التي تتطلب التركيز بهدف التعلم كما في المدرسة مثلاً، ومن الأعراض التي يمكن ملاحظتها أيضاً لدى طفل يعاني هذه الحالة، الانفاعلية والاندفاع الزائد.

أكثر من حالة وأكثر من مرض

"تكمن المشكلة في هذه الحالة في أنها لا تقتصر على أنها مرض منفصل، بل في آثاره على التحصيل العلمي والنتائج المدرسية من جهة، وأيضاً في كونه يعرض الطفل للخطر بما أنه يعاني النشاط المفرط ما يجعله عرضة للإصابات الخطيرة والحوادث التي قد تسبب له الأذى كالسقوط أو التعرض لكسور، وصولاً إلى خطر التعرض لحادثة مميتة، هذا ما يؤكد ضرورة معالجة هذه الحالة وعدم التهاون فيها بأي شكل من الأشكال"، ونقص الانتباه وفرط النشاط من الاضطرابات التي لا يمكن اعتبارها حالة منفردة، فهي تترافق أحياناً مع اضطرابات سلوكية لا يمكن الاستهانة بها، ما يستدعي حُكماً التعاطي معها بمزيد من الجدية والإحاطة بالحالة من النواحي جميع لمعالجتها.

وقد تترافق معها مشكلات سلوكية، كميل الطفل إلى الكذب أو التفوه بكلمات بذيئة أو الميل إلى العناد أو الاستهتار أو التصرف بطريقة غير لائقة في المجتمع. ويشير ريشا إلى أن الأطفال الذين يعانون هذا النوع من الاضطرابات قد يتعرضون إلى التنمر والإهانات بمعدلات كبرى في المدرسة بسبب سلوكياتهم هذه الناتجة عن حالتهم، وفي الوقت نفسه، يكون الطفل في مثل هذه الحالة أكثر عرضة للقصاص في المدرسة بسبب سلوكياته ويجد نفسه غالباً في مواقف يبدو فيها وكأنه المذنب، وإن لم يكن كذلك أحياناً.

ومن التداعيات الصعبة والأساسية لهذه الحالة الصعوبات التعلمية التي تزداد سوءاً مع الوقت في حال عدم المعالجة، وأكثر بعد، يكون المراهق الذي يعاني هذا الاضطراب، في حال عدم المعالجة في الطفولة، أكثر عرضة للسلوكيات الخاطئة كالوقوع في الإدمان والكحول والمخدرات والتدخين، وكون الحالة ترتبط باضطرابات سلوكية وتعلمية أخرى، من الضروري الحرص على معالجتها في سن مبكرة.

علاج لا مفرّ منه

ما يبدو واضحاً أن معالجة الحالة ليست مسألة يمكن التهاون فيها أو التغاضي عنها في أية حالة من الحالات نظراً إلى تداعيات هذا المرض، وفق ما يوضحه الطبيب النفسي المتخصص للأطفال والمراهقين في مستشفى "الجامعة الأميركية في بيروت" وائل شمس الدين الذي يشير أيضاً إلى أن المرض يتفاوت في حدته بين طفل وآخر، ويعتبر العلاج ضرورياً دائماً ولا يمكن الاستغناء عنه، خصوصاً أن هذا المرض يمكن أن يؤثر على حياة الطفل من نواحٍ عديدة ويحدد اتجاهاته في الحياة ما لم تتم إحاطته ومعالجته بالطرق المناسبة وفق حدة الحالة وطبيعتها. ويشير إلى أنه في مراحل ما يمكن أن يتأقلم الطفل مع الحالة، خصوصاً إذا كان حاد الذكاء فيتغلب عندها على آثار حالة نقص الانتباه التي يعانيها في الصفوف الابتدائية، لكن في مرحلة لاحقة سرعان ما تؤثر على تحصيله العلمي وعلى نتائجه في المدرسة، ولو كان ذكياً بسبب قلة التركيز ونشاطه المفرط، فيجد صعوبة في متابعة دراسته ويعاني صعوبات تعلمية، ونشهد على تزايد في حالات التسرب المدرسي بين الأطفال المصابين بهذا النوع من الاضطرابات.

دور الدواء أساسي

ويكمن دور الدواء في العمل في مكان ما في الدماغ على القدرة على التركيز في مراحل عمرية مختلفة، كما يمكن أن يهدف الدواء إلى تهدئة الطفل بما أن النشاط المفرط لديه يجعله أكثر عرضة للأخطار على أنواعها وقد يهدد حياته أيضاً، ووفق ما يؤكده شمس الدين أن الدراسات كافة قد أكدت أن الدواء هو العلاج الأساسي لاضطراب نقص التركيز وفرط النشاط في ما تأتي باقي العلاجات لتكمله كالعلاج السلوكي والعلاج النفسي، بحسب كل حالة، عندما تكون هناك حاجة لذلك، وهي لا يمكن أن تحل محله، "لا يمكن أن نحدد مسبقاً المرحلة التي يمكن فيها وقف العلاج، لكن يمكن بلوغ هذه المرحلة لدى البعض. بشكل عام، ترتبط المسألة بعوامل عديدة منها مدى استجابة الطفل وحالته. كما أن المجال الذي يختاره لاحقاً في حياته له تأثير. في الوقت نفسه، من المؤكد أن عدم ضبط المرض ومعالجته يؤثر على اختيارات الحياة لأن المرض يمنع المريض من اختيار المجال الذي يريد إذا كان يطلب كثيراً من التركيز مثلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يجد الأهل صعوبة أحياناً في التمييز بين الحالة الطبيعية الذي يعاني فيها الطفل الحركة الزائدة وتلك المرضية، ما قد يؤدي إلى التأخير في التشخيص والعلاج. في الواقع، يمكن التمييز على أساس المقارنة مع أقرانه، إذ لا يبدو سلوكه طبيعياً إذا ما تمت مقارنته مع سلوكيات من هم في مثل سنه كأن يكون عاجزاً عن الجلوس في الصف أثناء الحصة مثلاً في وقت يجلس الكل بشكل طبيعي، كما يسهل ذلك على الأطباء لخبرتهم في هذا المجال، أما المعلمات، فيصادفن أعداداً كبيرة من الأطفال ولديهن خبرة كافية للتمييز بين الحالات الطبيعية وتلك المرضية التي تتخطى الإطار الطبيعي ما يستدعي استشارة متخصصة.

تداعيات الأزمة

أدوية الـ"ADHD" لم تنج من تداعيات الأزمة التي يمر بها لبنان، إذ ارتفعت أسعارها كما بالنسبة إلى غيرها من الأدوية، إنما تتوافر اختيارات منها، كما تتوافر المستوصفات لمثل هذه الحالات لاستقبال المرضى الذين يحتاجون إلى المتابعة ولا تسمح لهم قدراتهم المادية بذلك، حتى يتابعوا حياتهم بشكل طبيعي، بما أنه يستحيل أن يتابع المريض حياته من دون دواء أو علاج، مع الإشارة إلى أنه مهما كان العلاج مكلفاً، فما هو مكلف أكثر بعد هو تداعيات المرض وما قد يتعرض له الطفل في حال التخلف عن اتباع العلاج، أما انقطاع الدواء، فمشكلة أخرى لا بد من أن يحسب لها الأهل حساباً لأنها مسألة متوقعة في لبنان، مع ما قد ينتج عن ذلك من تداعيات على حياة الطفل ومن خطر عليها.

المزيد من صحة