Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عمليات سرقة واحتيال متنوعة في المغرب... "سماوي" ومساجد وبنوك

لم تسلم منها أي فئة من الناس بدءاً بالسيدات ووصولاً إلى الشبان والكهول

تطورت أنواع السرقات في المغرب بشكل يصعب حصره وعده (وكالة الأنباء المغربية)

لا تزال السيدة زكية، 55 سنة، تتذكر بكثير من الدهشة والاستغراب ما حدث معها قبل بضعة أسابيع في أحد الأحياء الشعبية بضواحي العاصمة المغربية الرباط، عندما استوقفها شخص وبدأ يسرد لها أحداثاً حقيقية من حياتها، قبل أن يبسط يده، ويطلب منها إحضار بعض الحلي من بيتها، فذهبت طواعيةً وعادت لتمنحه المطلوب، ثم يغادر "السارق المحتال" المكان قبل أن تعود زكية إلى "الوعي" وتعلم أن ما حصل لها، سرقة ماكرة من نوع "السماوي".

و"السماوي" مصطلح يعرّف به المغاربة السرقات التي تتم عبر نوع من "التنويم المغناطيسي" وفق البعض، أو عبر "الحسر والشعوذة"، وفق آخرين، لكن النتيجة واحدة، وهي سرقة الضحية دون أن تقاوم بأي شكل من الأشكال. وهو نوع من السرقة عرف انتشاراً واسعاً في المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة.
وإلى جانب "السماوي"، تطورت أنواع السرقات في المغرب بشكل يصعب حصره وعده، فهناك سرقات السيارات بطرق "بارعة"، وسرقة المساجد بطرق ملتوية، ثم ظاهرة سرقة المصارف وشركات تحويل الأموال، وهو نوع من السرقة انتشر بشكل غير مسبوق في المغرب خلال الأشهر الأخيرة.

"طلاسم السماوي"

وتكمل زكية قصتها المثيرة مع "السماوي"، بالقول إن الرجل الذي كان يرتدي جلباباً وعمامة تميل إلى الصفرة، استوقفها فجأة في حي "المعاضيد" بضواحي الرباط، ليقول لها إن لديه قدرة على أن يحكي لها أموراً خاصة من حياتها. ووفق السيدة ذاتها، كان الرجل صادقاً وصائباً في أغلب ما قاله عن حياتها ومعاناتها الأسرية مع زوجها، قبل أن يدس يده في يدها لتمسك شيئاً لم تعرف ما هو لحظتها، بدعوى أنها ستجد الراحة والحلول لكل مشكلاتها، قبل أن يطلب منها أن تأتي له بسلسلة ذهبية ليقرأ عليها ما يملكه من "بركة" حتى تذهب عنها "العين" والسحر.
وتزيد السيدة، وهي أم لأربعة أطفال، بأنها علمت بعد ذلك أنها ذهبت مهرولة لتحضر سلسلتها الذهبية التي لا تملك غيرها، وتمنحها له طواعيةً، فبدأ الرجل يتلو أشياء غير مفهومة، ثم اختفى من المكان، وظلت زكية واقفة دون حراك، إلى أن نبهها أحد أبنائها بعد أن وجدها في طريقه إلى البيت شاردةً تائهة، ولم تستفق من "غيبوبتها" إلا بعد دقائق، لتعرف أن ما تعرضت له هو "السماوي" بعينه.

سرقة عن طيب خاطر

بنفس الأسلوب تقريباً مع اختلاف السياق والزمان والمكان، تعرضت سيدة أخرى تدعى عائشة، في الأربعين من عمرها ولديها ابنان، لسرقة "السماوي" في مدينة سلا المجاورة للعاصمة المغربية، عندما استوقفها رجل، قبل أشهر خلت، بدت عليه علامات الوقار، بحسبها، قبل أن يحكي لها أن جارتها الفلانية هي مَن تقف وراء مصائبها المتوالية، مضيفاً أشياء ملموسة وقعت بالفعل. و روت عائشة، "صدمتُ صراحة من دقة كلام هذا الرجل الخمسيني، ومن معرفته باسم جارتي، ولون باب دارها، واسمي ولدي، وبعض المشكلات التي وقعت لي في حياتي، وقال لي جازماً إنني مسحورة والسحر موجود في بعض الحلي الموضوعة في الدولاب". وأضافت "ظننت أنه رجل مبارك، ثم طلب مني إحضار قنينة ماء ليقرأ عليها آيات من القرآن، كما طلب مني إحضار بعض الحلي ليطهره من السحر الذي وضعته الجارة، فأسرعت لا ألوي على شيء لأحضر له الحلي من الدولاب، ولم أستفق من نومي إلا بعد ربع ساعة كانت كافية للرجل أن يختفي عن الأنظار كأن الأرض انشقت وابتلعته".

تنويم مغناطيسي؟

ولتفسير كيف تتم عملية السرقة بـ"السماوي" وهل لها علاقة كما يروَّج بالتنويم المغناطيسي، أوضح الطبيب النفسي سعد الشامي، أن "الأمر هو سرقة واحتيال يجمع بين الذكاء والخبث، ولكن لا علاقة له بالتنويم المغناطيسي، الذي يُعد تخصصاً علمياً نفسياً، ولا يمكن أن يتقنه سوى المتخصصين".
وأردف الشامي أن "التنويم المغناطيسي له ضوابطه التي تستوجب إخضاع الشخص المطلوب لإيحاءات نفسية بإيراد صور ذهنية وعبارات مكررة، تجعل المعالِج بالتنويم المغناطيسي يتحكم في ما بعد في سلوكيات المريض"، مضيفاً أن ما يُصطلح على تسميته بـ"السماوي" لا يعدو أن يكون "سرقة عبر الشعوذة والدجل".
واستطرد الشامي فقال إن "السماوي يعتمد أيضاً على الذكاء الذي من خلاله يجمع ممارس هذا النوع من اللصوصية والنصب معلومات معينة عن ضحيته أياماً طويلة قبل الفتك بها. ويسرد السارق المحتال لضحيته هذه الوقائع، مدعياً أنه يعلم الغيب ويريد تخليصها من الشرور والسحر، فتقع الضحية فريسة اعتقاداتها المسبقة بكونها مصابة بالسحر أو العين، أو لتجاوز فشل أسري أو إحباط نفسي أو اجتماعي".

العقوبة

ولا يفلت ممارسو السرقات بـ"السماوي" دائماً من العقاب، فهناك وقائع عدة سقط فيها هؤلاء "اللصوص النفسيون" في يد العدالة. ومن تلك الأحداث، ما جرى في أبريل (نيسان) الماضي في مدينة الرباط، ونشرته صحف مغربية، بخصوص موظفة في مؤسسة مصرفية زعمت أن شخصاً كان يرتدي كمامة طبية قام باستدراجها خارج مقر عملها، وناولها فاكهة، قبل أن يقوم بسلبها مبلغ 20 ألف درهم أمام المصرف.
وفي الشهر ذاته، أوقفت الشرطة بمدينة سطات المغربية 4 أشخاص بتهمة ممارسة "السماوي" لسلب أموال سيدتين، بينما في مارس (آذار) الفائت، سقطت عصابة السرقة بـ"السماوي" في مدينة الراشيدية (جنوب)، إذ كان أفرادها يطرقون أبواب المنازل بعد معرفتهم بتواجد النساء فقط، حيث نصبوا على عدد من ربات البيوت.
وأفرد القانون المغربي لجرائم السرقة فصولاً تمتد من الفصل 505 إلى الفصل 510، حيث ورد مثلاً في الفصل 505، "مَن اختلس عمداً مالاً مملوكاً للغير يعد سارقاً، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات".
وجاء في الفصل 506، أن "سرقة الأشياء زهيدة القيمة يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة مالية"، وفي الفصل 507، "يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملاً لسلاح، سواء كان ظاهراً أو خفياً، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد".

سرقات هوليودية للبنوك

ومن السرقات المثيرة التي باتت تعرف انتشاراً داخل المجتمع المغربي خلال الأشهر القليلة الأخيرة سرقة البنوك ومؤسسات تحويل الأموال أو عربات نقل الأموال.
ولعل أشهر تلك السرقات ما حصل قبل أشهر عندما شهدت مدينة طنجة "سرقة هوليودية"، حين اقتحم شاب مسلح بسيف مصرفاً، وطالب الموظفين بتسليمه الأموال، قبل أن يتدخل رجال الأمن ويعتقلوه بعد محاصرته داخل البنك.

وشهدت طنجة أيضاً حادثة سرقة ناقلة أموال بطريقة مثيرة، واستطاع السارق بالفعل أن يسطو على آلاف الدراهم، بينما في مدينة السراغنة استهدف سارق وكالة لتحويل الأموال، وتمكن من الاستيلاء على مبلغ مالي مهم بعد أن هدد الموظفة، ثم لاذ بالفرار.
وتحدث مسؤول أمني لـ"اندبندنت عربية" عن ظاهرة سرقة المصارف في المغرب، فقال، إن "الأمر لا يصل إلى ظاهرة مقلقة، لأنها تظل حوادث متفرقة، وإن كان هذا النوع من السرقات يشهد ارتفاعاً مقارنةً مع سنوات مضت لم نكن نشهد فيها هذه اللصوصية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع المتحدث أن "الأمر لا يتعلق بمحترفين لسرقة البنوك، أو عصابات منظمة، حيث إن معظم مقترفي هذه الجرائم لصوص هواة، بدليل أنهم سرعان ما يقعون في قبضة مصالح الأمن المتيقظة".

لصوص في بيوت الله

ويبدو أن المساجد لم تسلم بدورها من السرقات في المغرب، وأشهرها سرقة أحذية المصلين عندما يكونون منهمكين في أداء صلواتهم داخل بيوت الله.
ويروي مختار ديب، وهو شاب أربعيني، ما حصل له في أحد مساجد مدينة سلا، فقال، إنه لن ينسى يوم اقتنى حذاءً جديداً غالي الثمن، فأدركته الصلاة وتردد في ولوج مسجد بجوار مكان عمله، لكن أصدقاءه أصروا على أن يرافقهم لأداء صلاة العصر. ووافق على دخول المسجد، وحرص على أن يضع الحذاء في المكان المخصص للأحذية أمامه خشية أن تتم سرقته، لما سمعه من حالات سرقة أحذية المصلين، غير أنه وقع في الذي كان يخشاه.
وقال مختار ديب إنه إلى حدود اليوم لا يعرف كيف سرق اللص حذاءه الجديد، مرجحاً أن يكون السارق تتبع خطواته حين دخل المسجد، وربما يكون قد صلى بجواره، وعندما سجد، خطف اللص الحذاء في رمشة عين، قبل أن يترك له نعلاً قديماً لعله ينتعله بدل الحذاء المسروق.
كذلك سرد حسن (49 سنة) كيف تعرض لسرقة "حذائه الطبي" من داخل مسجد خلال شهر رمضان الفائت أثناء صلاة التراويح، مضيفاً أنه لم يشعر بفقد حذائه إلا بعد أن هم بالمغادرة، ليكتشف أنه لم يعد له حذاء، فقرر ألا يعود إلى ذلك المسجد تحديداً.
وفي رمضان الماضي أيضاً، انتشر مقطع فيديو لشخص عمد إلى سرقة دراجة هوائية من داخل المسجد خلال أداء صلاة الفجر في أحد مساجد مدينة بني ملال.
والمثير في شريط الفيديو هو أن السارق حرص على أداء ركعتين داخل المسجد، قبل أن يغادر مسرعاً لأخذ الدراجة التي تعود ملكيتها لمؤذن المسجد، غير أن الحظ العاثر أوقع السارق في يد الأمن، لأنه لم ينتبه إلى أن كاميرا المسجد وثقت فعلته داخل "بيت الله".
في السياق، روت صحف مغربية في شهر أبريل الماضي، سرقةً مثيرة من داخل ضريح مولاي إدريس بمدينة فاس (وسط)، حيث اختفت منقولات ومحتويات ذات قيمة تاريخية، منها تحفة تركية، وساعة خشبية أثرية وكسوة للضريح، وكؤوس زجاجية تعود إلى عهد السلطان مولاي إسماعيل، وستائر تقليدية نفيسة.

سرقة السيارات بالبيض

وتتنوع السرقات بطرق مختلفة وأشكال غير مسبوقة، منها سرقة السيارات بطرق عجيبة وغريبة، منها ما يحكيه سائقون مغاربة، وما وثقته شكاياتهم وعدسات كاميراتهم، بخصوص تعرض السائق حين يكون في الطريق السيار السريع، فيتفاجأ بانهمار البيض على الزجاج الأمامي لسيارته.
هذه الواقعة حدثت بالفعل قبل بضعة أسابيع، للسائق مصطفى أوراف، فأخبر أنه كان يقود سيارته في اتجاه مدينة الدار البيضاء، لكن مباشرة بعد حلول الظلام، تفاجأ بسقوط البيض على زجاج سيارته، فلم يكن منه إلا أن توقف إلى جانب الطريق، لعدم قدرته على الاستمرار في القيادة في ذلك الوضع.
وأدرك مصطفى متأخراً بأن الأمر مخطط له من طرف لصوص مراهقين تعمدوا ضرب الزجاج الأمامي للسيارة بالبيض، فإذا استخدم السائق الماسح تطلخ أكثر، فتعذر عليه النظر، ويضطر للتوقف، وهنا يستوقفه اللصوص لأخذ ما معه من مال أو هاتف نقال.
ومن حيل سرقات السيارات أيضاً أن يعمد اللص أو اللصوص إلى إخبار سائق السيارة بأن البنزين يسيل خلف سيارته، حتى يضطر للتوقف والخروج من مركبته، فيتحين اللص دخول السيارة برمشة عين إذا ترك السائق المفتاح وينطلق بها سريعاً.
وهناك سرقات أخرى يستخدم فيها السارق زلاجته في الطريق، حيث يقود آلته السريعة وسط الطرقات والأحياء، فيتربص بكل راجل يحمل هاتفاً نقالاً، ليخطفه بكل سهولة ويفر لا يلوي على شيء، معتمداً على سرعة الزلاجة.

المزيد من تقارير