Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نجوم الحرب الأوكرانية بعيدا عن الجنرالات

أبرز النزاع الذي أشعلته روسيا شرق أوروبا وجوهاً بعيدة عن ساحة المعركة

امتلكت بعض الجهات والشخصيات حضوراً في الأزمة الأوكرانية (اندبندنت عربية)

تعد ميادين الحروب المكان المثالي لصناعة النجوم العسكريين، الجنرالات وقادة المعارك، رؤساء الأركان وحتى وزراء الدفاع وقادة الدول التي تتمتع بقوة عسكرية ساحقة، يمثل هؤلاء عادةً الجناح الذي يفضل الخيار العسكري في فض النزاعات بوصفه خياراً يتواءم مع مؤهلاتهم.

بالمقابل، لا يفضل من لم يختاروا أن يكونوا في ميادين الحروب هذه الوسيلة في البروز والنجومية، بخاصة أنهم أكثر الأطراف المرشحة للانضمام إلى قوائم الضحايا التي تسقط دون مقاومة تذكر، إلا أن الحرب لا تعطي ترف الاختيار، إذ يجد البعض أنفسهم في قلب المعركة حاملين مهمة فرص لتغيير مصير أمة، أو معركة عليهم خوضها مكرهين بعد أن صاروا جزءاً مما يمكن تسميته "تبعات الحرب".

خادم الشعب

لم يدر في خلد فولوديمير زيلينسكي الذي جرب مقعد الرئيس في مسلسله "خادم الشعب" أن الأمر في الواقع سيكون بهذه الصعوبة. فعلى الرغم من أنه قادم من خلفيات غير سياسة أو عسكرية، إلا أنه قرر ارتداء الزي العسكري الذي ظهر به في أول أيام الحرب.

حياة الرئيس الممتدة المولود في 25 يناير (كانون الثاني) 1978، لا يوجد بها ما يشي بأنه سيكون وجه حرب، على الرغم من نشأته جنوب البلاد في منطقة ناطقة بالروسية، إحدى المناطق غير المستقرة في الخلاف بين البلدين، وعلى الرغم من حصوله على شهادة في القانون من جامعة كييف الوطنية للاقتصاد، إلا أنه عمل في مجال التمثيل والكوميديا، وكان أشهر أعماله مسلسله التلفزيوني "خادم الشعب" ذي الثلاثة مواسم، الذي بدأ بثه في عام 2014.

لعب زيلينسكي فيه دور رئيس أوكرانيا، ليتبع التجربة التلفزيونية بتأسيس حزب سياسي ويرشح نفسه للانتخابات ويفوز بمقعد الرئاسة بواقع 73 في المئة، وعلى عكس أسلافه تجنب في حملته الانتخابية تقديم وعود سياسة أو مواقف محددة سواء مع الشرق أو الغرب، واختصر وعوده بأنه سيخدم لفترة واحدة فقط، وهو ما يبدو قابلاً للتحقيق، فالبلاد قد لا تستمر بوصفها أوكرانيا قبل نهاية فترته.

بوريس يأخذ إجازة من صخب الحفلات

قبل اندلاع الحرب بساعات، لم يكن هناك صوت في بريطانيا والعالم يعلو على العد التنازلي لسقوط بوريس جونسون على وقع فضيحة الحفلات أو "بارتي غيت". كان جونسون يترنح أمام المساءلات البرلمانية بسبب الحفلات التي أقامها فترة الإغلاق عام 2020، إلا أن الحرب حولت الأنظار إلى الشرق ليهرب من الأزمة ويطير إلى العاصمة كييف، ويعلن منها قيادته للجبهة، وأن لندن تحضر حزمة مساعدات مالية وعسكرية جديدة لأوكرانيا أثناء تجوله في شوارعها.

بات الرئيس الذي عُدّ بطة عرجاء في فترة قريبة، رأس حربة الغرب في أوكرانيا ضد روسيا، وتعد بريطانيا من أكثر الدول دعماً لأوكرانيا في حربها ضد الروس.

كتيبة آزوف

"كتيبة آزوف" ليست غريبة على المواجهات المسلحة، إلا أنها مكونة من مجموعة جنود لا يحصدون نياشين الحرب عادة، لذلك لم يكن مفهوماً حصدها كل هذه النجومية.

إذ برز دورها عندما اجتاحت روسيا الشهر الماضي منطقة ماريوبول لتتحصن الكتيبة في مصنع "آزوف ستال" للصلب، وتؤخر سقوط المدينة شهراً كاملاً على الرغم من وقوعهم تحت الحصار.

ولم تكن الكتيبة حديثة العهد في القتال ضد الروس، ففي شهر مايو (أيار) لعام 2014 تم تشكليها كميليشيا متطوعة للقتال ضد القوات الانفصالية خلال الحرب في دونباس، وهي وحدة يمينية متطرفة من الحرس الوطني الأوكراني، مقرها مدينة ماريوبول على ساحل بحر آزوف. وشهدت أول تجربة قتالية لها في استعادة ماريوبول من الانفصاليين الموالين لروسيا في يونيو (حزيران) 2014. في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، تم دمجها في الحرس الوطني الأوكراني، ومنذ ذلك الحين أصبح جميع الأعضاء جنوداً متعاقدين يخدمون في الحرس الوطني.

دوغين… عقل بوتين

في أوج احتدام الجدل حول المعركة مع أوكرانيا، تحدث المفكر والفيلسوف ألكسندر دوغين عن إشكالية الهوية الروسية، وعما جرى لها من تغيّرات جذرية وتبدلات جوهرية خلال المئة عام الماضية، بدءًا من كينونة روسيا الإمبراطورية بعقيدتها وتصورها، مروراً بالثورة البلشفية التي وصفها بأنها غيّرت من صورة الدولة تغييراً شديداً، وصولاً إلى عام 1991 الذي كان عاماً فاصلاً في مواجهة الروس لأنفسهم وهويتهم، بحيث مضت روسيا وراء الطروحات والشروحات الغربية، بعد التفكيك الذي أعقب تفخيخ الاتحاد السوفياتي السابق، وفي نهاية المطاف وصلت سفينة روسيا إلى بوتين، الذي اعتبره دوغين الحارس الأمين على الإرث الهوياتي الروسي، ولتعود معه الدولة إلى قوتها الخارجية، عبر قناعاتها الداخلية المرتكنة إلى قيمها المحافظة.

عارض دوغين من قبل ثلاث نظريات رئيسة ملأت الأجواء في القرن العشرين: النظرية الليبرالية، ثم النظرية الشيوعية، وصولاً إلى النظرية الفاشية، وإن لم يكتفِ بالمعارضة السلبية، إذ قدم رؤيته لما عُرف بـ"النظرية السياسية الرابعة"... هل كانت خطوطها دستور بوتين غير المعلن طوال العقدين المنصرمين؟

تبدو النظرية السياسية الرابعة واضحة تمام الوضوح في كلمة الرئيس بوتين، تلك التي ألقاها عام 2007 في مؤتمر ميونيخ، حيث طالب بعالم أكثر عدالة ومساواة، وفيه فرص متكافئة لجميع البشر، ومن غير زيف ما يمكن أن يطلق عليه "القطب الواحد المتشدق بالنظام العالمي الوهمي الجديد".

ويرى أنه في ما يخص الأزمة الأوكرانية، لا يوجد سوى حل واحد لهذا الوضع: تقسيم أوكرانيا إلى قسمين، مع الاعتراف بالسيادة لكل النصفين – الضفة اليمنى الغربية لأوكرانيا، ونوفوروسيا، مع وضع خاص لكييف.

غذى دوغين عقل الرئيس الروسي بنظراته وصولاً إلى دفعه للبحث عن هوية روسية مخالفة لما جرت به المقادير خلال المئة عام المنصرمة، وهو ما تطلب تغييراً عميقاً في أوكرانيا.

الكلب باترون

نال كلب أوكراني شهير يدعى "باترون" وساماً من الرئيس الأوكراني زيلينسكي تقديراً لخدماته المتفانية منذ الهجوم الروسي بعد أن استطاع الكلب الكشف عن متفجرات وألغام باستخدام حاسة الشم.

ويُنسب للكلب وهو من سلالة "جاك راسيل" صغيرة الحجم الفضل في اكتشاف أكثر من 200 عبوة ناسفة والحيلولة دون تفجيرها منذ بداية الحرب في 24 فبراير (شباط)، وسرعان ما أصبح رمزاً وطنياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال زيلينسكي "أود تكريم هؤلاء الأبطال الأوكرانيين الذين يقومون بالفعل بتطهير أرضنا من الألغام. ومع أبطالنا، خبير صغير رائع "باترون" الذي يساعد ليس فقط في إبطال مفعول المتفجرات، ولكن أيضاً لتعليم أطفالنا قواعد السلامة اللازمة في المناطق التي يحتمل وجود ألغام بها".

وذهبت الجائزة أيضاً إلى مالك "باترون"، وهو ضابط برتبة ميجر في خدمة الحماية المدنية.

الأوليغارشية

لم يكن مصطلح الـ"أوليغارشية" دارج الاستخدام قبل بدء حملة العقوبات الغربية على الأذرع الرسمية وغير الرسمية الروسية، وهو مصطلح انتشر بشدة في مرحلة انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك جمهورياته، التي أعقبتها خصخصة للقطاع العام الذي كانت تسيطر عليه الدولة، وتمت العملية عن طريق عقد صفقات غير رسمية مع مسؤولين سوفيات مما سمح بخلق نخبة ثرية مقربة من النظام.

اختفت الحالة مع انتهاء توزيع تركة الاتحاد من الشركات، إلا أنها عادت بعد صدام بوتين معهم في بداية صعوده (2000-2004)، التي انتهت بعد صفقة سمح لهم فيها بالحفاظ على امتيازاتهم الاقتصادية مقابل دعم سلطته، ليدفن المصطلح مع الصفقة.

لكن ومع بداية العقوبات على روسيا، قررت المجموعة الدولية الداعمة لكييف تجاوز العقوبات الرمزية التي تفرض على مسؤولي النظام وكياناته الاقتصادية، بأن تمتد لتطال أصحاب الثراء الفاحش في روسيا بوصفهم داعمين للنظام اقتصادياً.

وتشير هذه العقوبات إلى أن الحكومات تنظر إلى النخبة الثرية على أنها نقطة ضغط رئيسة أخرى، بينما يواصل اقتصاد روسيا البالغ حجمه نحو 1.5 تريليون دولار انهياره بفعل العقوبات التي استهدفت البنوك الرئيسة.

أشهر الأوليغارك الذين طالتهم العقوبات: ألكسندر أبراموف، وأوليغ ديريباسكا، وميخائيل بروخوروف، وعليشر عثمانوف، وجيرمان خان، وفيكتور فيكسيلبيرغ، وليونيد ميخيلسون، وفاجيت ألكبيروف، وميخائيل فريدمان، وفلاديمير بوتانين، وبيوتر أفين، وفيتالي أفينك، وبالطبع رومان أبراموفيتش.

حامي الأسوار 

عندما اشترى رومان أبراموفيتش نادي تشيلسي في عام 2005، أقدم على تغيير شعاره في ذكرى مئوية النادي اللندني ليتم استعادة الشعار القديم الذي تم استخدامه حتى الثمانينيات مع بعض التعديلات الطفيفة، تلك التعديلات حافظت على الأسد حامل الصولجان الذي يمثل النبلاء في منطقة تشيلسي أفراداً ومؤسسات.

عُرف هذا الأسد منذ اقتحم شعار النادي العاصمي بدلاً من المتقاعدين بـ"حامي الأسوار"، إلا أن أبراموفيتش كان حام آخر قاد النادي منذ 2005 إلى 21 لقباً كان يبرز كأحد أوجه الحرب الأوكرانية بصفته "أوليغارشياً" مقرباً من موسكو، في حين لا يعلم للثري الروسي أي دور سياسي بشكل مباشر أو غير مباشر.

كتب توم بيك، الصحافي المتخصص في الشؤون السياسية في "اندبندنت" حول جدوى تلك العقوبات التي منعته من بيع التذاكر والقمصان والتعاقد لصالح ناديه "يظل من المزعج إلى حد ما أن تستمر البلدان الأوروبية في إيداع ما يقرب من مليار يورو (مليار و91 مليون دولار تقريباً) يومياً في خزائن الكرملين، في مقابل النفط والغاز، وهو ما يساوي عدداً كبيراً من لاعبي كرة القدم من طراز روميلو لوكاكو [لاعب في تشيلسي]. ومن المؤكد أنه يكفي لمعالجة أي توتر قد يشعر به بوتين حول ما إذا كانت حربه ستتمكن من الاستمرار بعد التراجع المفاجئ في عوائد مبيعات التذاكر في ملعب تشيليب "ستامفورد بريدج" [لكرة القدم]، وهي عبارة عن أموال لم يكن بالتأكيد يتلقاها على أي حال".

سعى بعد خلعه إلى أن يلعب دور وسيط سلام بين موسكو وكييف، وزار أوكرانيا والتقى مسؤوليها، إلا أن مبادرته انتهت بعد أن تعرض وفريقه لأعراض تسمم أثناء الزيارة.

الفضائي

عندما قرر جيش بوتين عزل الأوكران عن العالم بقطع الإنترنت في فبراير (شباط) الماضي لإعلان بداية الحرب، وجه وزير التحول الرقمي نداءً لإيلون ماسك الذي كان منشغلاً بمحاولة استفزاز بوتين لتحديه في رياضة المصارعة، وعرض عليه ميدان آخر للتحدي.

طلب الوزير من المستثمر التقني الأميركي أن يسعى عبر شركته الخاص بالقضاء "سبيس إكس" لتوفير الإنترنت عبر خدمة "ستار لينك"، وهو ما استجاب له ماسك.

"ستار لينك" هي خدمة لبث الإنترنت الفضائي حول العالم من الفضاء، عكس الطريقة الحالية التي تعتمد على مجموعة من الكيابل المنتشرة حول العالم في البحار لربط الدول في بعضها بعضاً.

تكمن الميزة النوعية في مثل هذه التقنيات أن استهدافها صعب عكس الشبكة التقليدية، إذ ساهم تدخل ماسك بتوفير شبكة لا سلكية وغير أرضية، ولا تعتمد على كيابل المحيطات، بل على مجموعة من الأقمار الصناعية المنتشرة حول الأرض، لتسهل من عملية اتصال المستخدمين بالإنترنت من أي مكان.

يمكن ملاحظة نتائج تلك الخطوة بالنظر إلى مجازر الدبابات التي ارتكبتها المسيرات الأوكرانية، والمعلومات الاستخباراتية التي نجح جيش كييف المهلهل في جمعها واستخدامها في متابعة تحركات الروس.

هذا النوع من الحروب المعتمد على المسيرات هو الوسيلة الوحيدة التي نجح الأوكران بالمقاومة من خلالها، يمكن تخيل كيف كانت ستسير الأمور بدون إنترنت ماسك الفضائي.

صاحبة عملية الأسر الأنجح

خلال أشهر الحرب الماضية، حفلت الأخبار بعمليات أسر واختطاف بين الطرفين في الساحة الأوكرانية، إلا أن أشهر عملية اختطاف لم تقع في كييف أو خاركيف، ولا حتى ماريوبول ودونباس الملتهبتين، بل في مدينة برادفورد البريطانية.

إذ نشرت صحيفة "صن" البريطانية، شهر مايو الماضي، قصة عائلة بريطانية مكونة من زوج وزوجة وطفلين، قررت استقبال لاجئة أوكرانية في منزلها، بعدما تعاطفوا مع حالتها الإنسانية.

وذكرت الصحيفة أن العائلة التي كانت تعيش حياة سعيدة استضافت صوفيا كركديم (22 سنة) وهي هاربة من جحيم الحرب في مدينة لفيف الأوكرانية، لتنقلب حياتهم بعدها رأساً على عقب.

فبعد 10 أيام فقط من دخول اللاجئة البيت الجديد، نجحت الشقراء الأوكرانية في خطف قلب الزوج وهو الأمر الذي اكتشفته زوجته لتطلب منها المغادرة، لكن بعد فوات الأوان. فقد امتثلت اللاجئة لطلبها وغادرت إلا أن الزوج لحق بها وانتقلا للسكن في منزل عائلته.

من جهتها، صرحت كركديم تعليقاً على الحادثة قائلةً "قصة حبنا كانت سريعة للغاية، أعلم أن الناس سيقولون إنني سيئة، لكن هذا الأمر يحدث".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير