Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نازحو أفريقيا يشكون ضعف الاهتمام الدولي بهم بعد اندلاع حرب أوكرانيا

هل ما زالت قضايا القارة السمراء ضمن هموم المجتمع العالمي المتفاقمة في الآونة الأخيرة؟

ظلت قضايا القارة الأفريقية ضمن حيثيات عدم الاستقرار (أ ف ب)

أضافت الحرب الروسية- الأوكرانية واقعاً جديداً إلى قضية النازحين لتشكل قضية يتسع نطاقها الإنساني ضمن هموم المجتمع الدولي، فهل ينشغل العالم بآثار الحرب الأوكرانية عن الالتفات إلى الواقع الأفريقي الذي تتضاعف فيه تبعات النزوح في إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي، أم تعمل الجهات الدولية على إيجاد حلول مشتركة لتبعات الأزمات الإنسانية؟
ظلت قضايا القارة الأفريقية ضمن حيثيات عدم الاستقرار وظروفها الحياتية ضمن هموم المجتمع الدولي، يوليها حرصاً وبحثاً عن حلول. وتحل مشكلات القرن الأفريقي في مقدمة الصراعات الإنسانية سواء في الحروب والنزاعات، أو الجوانب الاقتصادية المتردية جراء نكبات كورونا وتغير المناخ. وشكلت الحرب الأهلية الإثيوبية إلى جانب بؤر إنسانية أخرى في جنوب السودان، وبوركينا فاسو، وليبيا مصدر قلق للعالم في الآونة الأخيرة.

في مقدمة الهموم
وتفجرت حرب تيغراي بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بعد إعلان الحكومة تنفيذ "عملية إنفاذ القانون" عقب اعتداء جبهة التيغراي على القاعدة الشمالية للجيش الإثيوبي.
وتطورت الأزمة بعد نجاح قوات أديس أبابا في السيطرة على مقلي، عاصمة إقليم تيغراي، وتسببت في أزمات إنسانية، لتشهد تلك الفترة نزوح نحو مليون شخص إلى السودان ودول أخرى.

وبعد إعلان الحكومة وقف القتال من طرف واحد في 28 يونيو (حزيران) 2021 بدأت "جبهة تحرير تيغراي" بتنفيذ اعتداءات انتقامية على إقليمي أمهرة وعفار، ودخلت إلى مناطق ومدن عدة، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين ونزوح أكثر من مليوني شخص في الإقليمين، ليضافوا إلى آلاف اللاجئين والنازحين من الإقليم منذ بدء الصراع.
وتصاعدت حدة المواجهات وبدأ الجيش الإثيوبي والقوات الخاصة لإقليمي أمهرة وعفار، عمليات عسكرية مشتركة ضد جبهة تحرير تيغراي، لإجبارها على الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها بالإقليمين. كما أعلنت الحكومة في تطور جديد مطلع نوفمبر فرض حالة الطوارئ لـ6 أشهر.
وحملت نتائج تحقيق أممي- إثيوبي نشر في نوفمبر 2021، جميع أطراف الصراع مسؤولية جرائم الحرب. وتطرق التقرير الذي صدر عن هيئة التحقيق المشتركة (إثيوبية- أممية) إلى الوضع الإنساني في إقليم تيغراي، فقال إن جميع أطراف الصراع في الإقليم الإثيوبي ارتكبوا جرائم حرب، من بينها جرائم ضد الإنسانية. ورجحت مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن جرائم حرب قد تكون ارتكبت أثناء الصراع.

التداخل الأوكراني 

ونجحت الحكومة الإثيوبية في كسب الرأي العام العالمي بعد إعلانها مصالحة وطنية لا تزال تلقى تأييداً دولياً، فإنه وعلى الرغم من المتابعة الحثيثة التي أبداها العالم تجاه المصالحة الإثيوبية، غطت الحرب الروسية– الأوكرانية على أحداث القرن الأفريقي وما تواجهه أديس أبابا من تحديات في قضية "المصالحة الوطنية" التي تشكل طموحاً إثيوبياً ينتظر تشجيعاً دولياً.
وأعلنت الأمم المتحدة في مايو (أيار) الحالي، زيادة مطردة في أعداد النازحين قسراً التي تجاوزت للمرة الأولى، 100 مليون شخص، جراء شن روسيا الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022. ومنذ ذلك الحين، نزح أكثر من 8 ملايين شخص داخل البلاد، بينما فر أكثر من ستة ملايين لاجئ عبر الحدود، بحسب التقارير الأممية.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "إن الحرب في أوكرانيا دفعت ملايين الأشخاص إلى الفرار، واعتبرت المفوضية في بيانها الصادر في 23 مايو الحالي، أن هذا الرقم مثير للقلق، ويجب للعمل على إنهاء الصراعات التي تجبر أعداداً قياسية من الناس على الفرار من ديارهم". وأضاف البيان أن "أعداد النازحين قسراً في العالم ارتفعت إلى 90 مليوناً بحلول نهاية عام 2021، مدفوعة بالعنف في إثيوبيا، وبوركينا فاسو، وميانمار، ونيجيريا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية".
وأفاد تقرير صدر عن مركز مراقبة النزوح الداخلي (IDMC) والمجلس النرويجي لشؤون اللاجئين (NRC) في مايو الحالي، أنه "تم الإبلاغ عن نحو 38 مليون حالة نزوح داخلي جديدة في عام 2021. ومن بين هؤلاء كان هناك أشخاص أجبروا على الفرار مرات عدة خلال العام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المشهد الأفريقي– الإثيوبي
أما على المستوى الأفريقي– الإثيوبي، فنشر برنامج الأغذية العالمي تقييماً للأمن الغذائي في 28 يناير (كانون الثاني) 2022، أظهر أن "حوالى 40 في المئة من سكان تيغراي، شمال إثيوبيا يعانون نقصاً حاداً في الغذاء".
وقدر البرنامج "أن أكثر من 9 ملايين شخص في تيغراي وأمهرة وعفار يحتاجون إلى مساعدات غذائية إنسانية، وهو أعلى رقم تشهده الأشهر الأخيرة". وأفادت المنظمة الدولية للهجرة في بيان بأن "أكثر من مليون شخص نزحوا عبر 178 موقعاً في منطقة تيغراي الإثيوبية وعفار وأمهرة، وفقاً لبيانات مصفوفة تتبع النزوح، التابعة للمنظمة. وكشف التقييم الذي أجري في الفترة بين 2 و23 مارس (آذار) الماضي، أن هناك نحو 52 ألف نازح داخلي في منطقة تيغراي، و45343 آخرين في منطقة عفار، و18781 في منطقة أمهرة. ويعتبر هذا التقييم هو الرابع الذي تجريه المنظمة الدولية للهجرة في المنطقة".
وفي يناير الماضي، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) حاجة 6.4 مليون شخص في شرق وجنوب إثيوبيا من المتضررين من الجفاف إلى المساعدات المنقذة للحياة، بمن فيهم 3 ملايين شخص في المنطقة الصومالية و2.4 مليون شخص في شرقي أوروميا ومليون شخص في جنوب أوروميا".
وكانت إثيوبيا أعلنت في مارس الماضي، هدنة إنسانية أحادية الجانب في إقليم تيغراي تبعتها نشاطات إغاثية عدة للإقليم تجاوزت مئات الشاحنات المحملة بالأغذية والمواد الطبية والإنسانية.

وبدأت الحملة الإغاثية في 2 أبريل (نيسان) الماضي، بوصول أول قافلة مساعدات دولية (منذ ثلاثة أشهر) إلى منطقة تيغراي بعد إعلان الهدنة، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة. وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن "13 شاحنة وصلت بسلام" إلى مقلي عاصمة تيغراي. لتتبع هذه الشحنات، إغاثات إنسانية لا تزال تصل تباعاً إلى الإقليم.
وقال عاملون في المجال الإنساني في شمال إثيوبيا، "إن 319 شاحنة محملة بمواد إنسانية، إضافة إلى ناقلة وقود واحدة، دخلت تيغراي خلال الأسبوع الماضي. وهو أكبر عدد من الشاحنات تدخل المنطقة في أسبوع واحد منذ عام 2021".
وكان برنامج الغذاء العالمي أشاد بإعلان الحكومة الإثيوبية عن الهدنة الإنسانية التي أحدثت تغييراً عملياً في التدفق السلس لإمدادات الإغاثة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، "إن الوكالات الإنسانية لا تزال تواجه نقصاً في السيولة والوقود والإمدادات".
من جانبه، قال ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير الإقليمي لإثيوبيا، كلود جيبيدار في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية في مايو الحالي، "إن برنامج الأغذية العالمي يبذل قصارى جهده لتوفير المساعدات الإنسانية في كل من مناطق الجفاف والصراع، بالاشتراك مع الحكومة الإثيوبية وشركاء آخرين". وأضاف، "قمنا بتسليم 130 شاحنة، نحن في طور تحضير قوافل تصل إلى 200 شاحنة. ولذلك، الأمور تتحسن".
الحديث عن آثار الحرب الروسية- الأوكرانية وأبعادها السلبية على الواقع الأفريقي يضاف إليه بعد عالمي آخر في قضية تفاقم أزمة الغذاء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فبعد بلوغ أسعار المواد الغذائية أعلى مستوياتها العالمية على الإطلاق بدءاً من مارس الماضي، يتوقع مراقبون باستمرار الارتفاع عالمياً، لتصبح مسألة الغذاء أزمة مستجدة أخرى تشغل العالم، بهموم إضافية، عن الواقع الأفريقي.

المزيد من تقارير