Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تكساس الأميركية تصدر قانونا لتنظيم التواصل الاجتماعي قد يطلق يد المتطرفين

يُخشى من أن ينشئ ملاذاً للمتشددين من مختلف أنحاء العالم

متظاهرون أمام الكابيتول الأميركي يتنكرون في هيئة مارك زوكربيرغ لتقييد صلاحيات منصات وسائل التواصل الاجتماعي (غيتي)

أفادت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية بأن قانوناً صدر حديثاً في ولاية تكساس سيفرض قيوداً كبيرة على المساعي الأخيرة لشركات وسائل التواصل الاجتماعي الهادفة إلى كبح المحتوى المتطرف والصور العنيفة والتضليل المنهجي. ولفتت إلى أن هذه المساعي تكثفت بعدما بث مسلح أميركي مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي عمليته التي قتل بها 10 من السود في نيويورك منتصف مايو (أيار) بهدف نشر أفكاره حول تفوق العرق الأبيض. لكن القانون الجديد الصادر في تكساس سيحمي في الولاية وخارجها خطاب الكراهية والتضليل والمحتوى المؤيد للإرهاب على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووفق "فورين بوليسي"، يتضمن القانون، الذي ينص على مكافحة ومواجهة "الرقابة الخاطئة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي"، نصاً بعنوان "حظر الرقابة"، ويفيد بأن أي شركة من الشركات المشغلة لهذه المنصات لا تستطيع "فرض رقابة على مستخدم أو تعبير من قبل مستخدم أو قدرة مستخدم على تلقي تعبير من شخص آخر استناداً إلى رأي المستخدم أو شخص آخر". وينص القانون أيضاً على أن تنشر المنصات التي يفوق عدد مستخدميها النشطين 50 مليوناً سياساتها المتعلقة بضبط المحتوى ويسمح للمستخدمين بمقاضاتها على سياسات يرونها مجحفة.

ولفتت المجلة إلى "أن الأثر المباشر للقانون يتسم بالغموض بسبب تعقيدات تحيط بتقاطعاته مع القانون الفيدرالي الأميركي، لكن المشرعين في تكساس غيروا به مشهد ضبط المحتوى، وعند تطبيق القانون في شكل كامل، قد يمثل هدية لأطراف  الشريرة، بما في ذلك المجموعات المؤمنة بقوة البيض، والمقاتلين الإسلاميين، والحكومات الأجنبية التي تنشر تضليلاً". وأضافت: "بل إن مشرعين في أكثر من 12 ولاية أميركية أخرى تقدموا بمشاريع قوانين لمكافحة ما يعتبرونه رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعل تكساس بمثابة نذير يؤذن بموجة أوسع في هذا الصدد".

ولم تنفِ المجلة وجود مخاوف مشروعة من الرقابة. فالمحافظون يعتقدون أن شركات التكنولوجيا معادية لنظرتهم إلى العالم وتفرض رقابة جائرة على آرائهم، ويقدمون أمثلة على قمع الشركات في وقت مبكر النظرية التي تنص على أن "كوفيد-19" نشأ من تسرب مخبري في مدينة ووهان الصينية، وهو أمر ما لبث أن ثبتت صحته، وفي قمع الأخبار حول نسبة كمبيوتر محمول يحمل معلومات حساسة إلى هانتر، ابن الرئيس جو بايدن، ومنع الرئيس السابق دونالد ترمب من النشر على "تويتر" و"فيسبوك" في وقت يواصل قادة عالميون مثيرون للجدل نشر ما يريدون على المنصتين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكّرت المجلة بنشاط تنظيم "داعش" على "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" عام 2014، مقدرة عدد الحسابات العائدة إلى التنظيم ومؤيديه على "تويتر" بحوالى 46 ألفاً وقتذاك، ما أسهم هو وحسابات أخرى، لا سيما على "يوتيوب" في تجنيد 42 ألف متطرف من 120 بلداً في صفوف التنظيم. لكن على الرغم من الاستجابة البطيئة لوسائل التواصل الاجتماعي، ما لبث "تويتر" أن علق 1.2 مليون حساب يشغلها متطرفون لنشرهم محتويات تحرض على الإرهاب، وذلك بين عامي 2015 و2017. وتلاه "فيسبوك" الذي حذف 14.3 مليون محتوى في الفصول الثلاثة الأولى من عام 2018 فقط.

وأسهم تقييد المحتوى هذا وضبطه في تقليص كبير لعدد المتابعين والمحتويات في ما يخص "داعش" وحده، وحتى مع عودة بعض المستخدمين بالأسماء نفسها، لم يحظوا بالعدد نفسه من المتابعين، وفق المجلة. وشكل الضبط ضربة كبرى للتنظيم الإرهابي نظراً إلى اتكاله على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر دعايته ولتجنيد أعضاء. وطبقت شركات التكنولوجيا هذه السياسات على مشاكل أخرى مثل زيادة إرهاب المؤمنين بالتفوق الأبيض، لا سيما بعد مجزرة المسجدين في نيوزيلندا عام 2019 التي بثها مرتكبها مباشرة عبر "فيسبوك". وخلال 24 ساعة أزالت المنصة 1.5 مليون فيديو عن الجريمة.

ومن طريق وإرساء قيود صارمة على مرونة المنصات في الإشراف على المحتوى وتقييد قدرتها على مثل هذا الإشراف، أضافت "فورين بوليسي"، "ستقيد تكساس استجابات شركات وسائل التواصل أنواع التحديات كلها– القديمة والجديدة– خارج حدود الولاية، وسيكون للتهديد الذي يلوح في الأفق بالتقاضي أثر مخيف في جهود الإشراف على المحتوى في الشركات ويعيق مزيداً من الابتكار". ومن خلال مطالبة الشركات بفتح قواعد تشغيل الإشراف على المحتوى الخاصة بها للجميع، "سيمنح القانون في الواقع الأطراف الفاعلة الشريرة في الداخل والخارج سبلاً إلى التحايل على دفاعات المنصات من خلال دعايتها وغيرها من المخططات".

وعلى الرغم من أن قانون تكساس يركز ظاهرياً على وجهات النظر السياسية، قد يقيد بشدة قدرة أي منصة على مراقبة المحتوى السام، وفق المجلة. "والسبب هو أن أشكال التطرف والكراهية والتضليل كلها تقريباً يمكن القول إنها تشكل وجهة نظر. فهل يشكل حذف المحتوى الموالي لـ’داعش’ رقابة على أساس وجهة نظر؟ هو تنظيم إرهابي محظور، وبالتالي، سيسمح القانون الجديد بإزالة منشورات التنظيم. لكن المنشورات التي تعبر فقط عن دعمها للتنظيم أو أفكاره هي في معظم الحالات، قانونية ومشروعة. وقد يكون التجنيد أو جمع التبرعات للجماعة غير قانوني، لكن إعلان التأييد للتنظيم في تغريدة ليس كذلك".

وفي نهاية المطاف، أضافت "فورين بوليسي"، "سيعيق قانون تكساس شركات وسائل التواصل الاجتماعي من الاستجابة ببراعة للتكتيكات المتطورة للجهات الفاعلة الخبيثة. فالثغرات واسعة جداً ويمكن استغلالها بسهولة. وتوجيهات الإشراف على المحتوى بعيدة كل البعد عن الكمال، ولكنها تخضع إلى تحسين مستمر. وتميل القيود السابقة على الحد من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي". ولفتت إلى "أن الإحباط من سياسات الضبط غير المتسقة التي تنتهجها الشركات أمر مفهوم. وهو يستحق كثيراً من النقاش. لكن تكساس تبذل محاولة متهورة لمعالجة القضية بعواقب بعيدة وواسعة. وستكون النتيجة نعمة لمختلف المتطرفين، ما يسمح للأطراف الفاعلة الخبيثة باختراق الضوابط التي بالكاد ضبطتهم".

المزيد من دوليات