Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الأهلية في ليبيا… آلاف اللاجئين عالقون في النزاع على طرابلس

آدو آدم وأطفاله وزوجته الحامل يخشون أن يصيب صاروخ طائش مأواهم

أسرة ليبية نزحت بسبب اندلاع المعارك في العاصمة طرابلس (رويترز)

بعد إهدار شبابهما في ظل الحروب الأهلية الوحشية في السودان، أخذ أدو آدم وزوجته إقبال طفليهما وقررا الهرب. جمعا حوائجهما وغادرا بلادهما منذ أكثر من عامين. وبينما كانا يجران طفليهما خلفهما، توجها عبر تشاد إلى ليبيا على أمل الاستقرار في أرض يعمّها السلام أكثر.

ولكن الأمور جرت على خلاف ما توقعوا. وبعد أن علقوا داخل طرابلس وسط نزاع دام شهرين بين الليبيين ضد بعضهم بعضاً، وجدوا أنفسهم محاصرين في حرب إفريقية أخرى.

يقول آدم العامل البالغ من العمر 25 سنة "غادرت السودان بهدف البقاء في ليبيا، على الأقل مدة قصيرة". ويتابع، وهو والد صبي في سنّ الخامسة وفتاة في الرابعة، قائلاً "لكنّ هدفي الآن هو الذهاب إلى أوروبا، حيث يوجد الأمن والأمان، وحيث أتمكّن ربّما من تأمين حياة أفضل لأطفالي".

آلاف المهاجرين الذين كانوا يسعون إلى المرور عبر ليبيا علقوا في المعركة المشتعلة على مشارف طرابلس بين قوات خليفة حفتر وبين الميليشيات والجماعات المسلحة الموالية للسلطة المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة.

وأدى النزاع إلى تهجير حوالى 75000 شخص، بمن فيهم مهاجرون تقطّعت فيهم السبل من دون دعم شبكات التضامن الأسري أو في غياب موارد أو في غياب احتمال الاستفادة من المساعدات الحكومية. وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء اللاجئين المحاصرين في مراكز الاحتجاز في منطقة الحرب أو في محيطها.

وكان غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، أبلغ مجلس الأمن في 21 مايو(أيار) أن "حوالى 3400 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز اعتقال في مهب القتال أو تقع على مقربة منه".

مضيفاً أن "الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تعمل على مدار الساعة لنقل الأشخاص الأضعف من المناطق المتأثرة بالصراع إلى مواقع أكثر أمناً".

يأتي المهاجرون من إفريقيا ودول أخرى بعيدة مثل العراق أو بنغلادش إلى ليبيا من طريق دفع أموال للمهرّبين العديمي الضمير الذين يضعونهم بعد ذلك على طوافات متهالكة تتوجه إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية على بعد حوالى 180 ميلاً. ويغرق كثيرون عندما تنقلب قواربهم، ويحمل الموج جثامينهم إلى طول ساحل ليبيا. ويأتي آخرون إلى ليبيا من مالي وتشاد والنيجر المجاورة للعمل وجمع بعض المال قبل العودة إلى ديارهم.

وأدّى الصراع الأخير في طرابلس إلى قلب حياتهم رأساً على عقب، ولكنه عزّز أيضاً تصميمهم على مغادرة ما يصفونه بالأحوال الجهنمية في إفريقيا من أجل حياة أفضل على الجانب الآخر من البحر.

شقّ السيد آدم وعائلته طريقهم من وطنهم في منطقة كردفان التي مزّقتها الحرب في السودان عبر تشاد وليبيا. ودفع للمهربين على طول الطريق لنقله وأسرته إلى ساحل البحر المتوسط.

كانت تلك هي المرة الأولى التي يرون فيها البحر، وكانوا مفعمين بالأمل. لكن خفر السواحل الليبي اعترض القارب الذي استقلّوه ليتوجّهوا إلى أوروبا، وتم سحبهم إلى طرابلس واعتقالهم في مركز احتجاز في منطقة وادي الربيع في العاصمة الليبية.

وكانت المعارك اندلعت في 4 أبريل(نيسان). فقبع آدم وأطفاله وزوجته الحبلى في الملجأ أياماً عدة، وشعروا بالذعر من احتمال أن يصيب صاروخ طائش المبنى. ويقول آدم" كانت هناك اشتباكات عنيفة، وكنت خائفاً".

بعد سبعة أيام جاء متطوّع من جمعية الهلال الأحمر لإرشادهم إلى برّ الأمان. غادروا الملجأ سيراً على الأقدام متجهين نحو شارع رئيس، حيث كانت هناك سيارة بانتظارهم لتأخذهم وعائلة أخرى بعيداً. وأُرسلوا الى مركز إيواء في مدرسة وسط طرابلس حيث يُحتجزون إلى اليوم.

 وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصريح العبارة أن "ليبيا ليست مكاناً آمناً" للمهاجرين واللاجئين، وحثّت السلطات على عدم احتجازهم داخل البلاد. ولكن خفر السواحل الليبي يواصل القبض على المسافرين في البحر وإعادتهم إلى الشاطئ على نحو ما تنصّ سلسلة صفقات مبرمة مع إيطاليا ودول أوروبية أخرى.

بعض المسافرين الذين شقّوا طريقهم إلى طرابلس عانوا كثيراً خلال رحلتهم أو في أوطانهم. وتصف إحدى النساء الصدمة الشديدة التي أصابت ابنها البالغ من العمر أربع سنوات بسبب تجربة السفر عبر الصحراء والمعارك الأخيرة، ما جعله يرفض اللعب مع أيّ طفل آخر. وهو يحتاج إلى عناية ما بعد الصدمات النفسية.

ويبدو أن طلب بعضهم اللجوء السياسي في محله. فعلى سبيل المثل، غادرت جيهان الأحمد، البالغة من العمر 27 سنة، السودان مع ابنتيها قبل ثمانية أشهر، هرباً من الحرب المستمرّة في منطقة دارفور. وقالت إن زوجها علوية درفالة البالغ من العمر 32 سنة فُقد خلال الرحلة التي استمرت أسابيع. وتلقّى عرضاً بالعمل كمياوم، ولم يعد من حينها. وقالت "ليس لديّ أي فكرة عن مكان وجوده... لقد اختطفته عصابة".

وتقول إنها تعرّضت لاعتداء جنسي ما إن وصلت إلى طرابلس، لكنها كانت متحفظة على التفاصيل. لقد تم إيواؤها طوال أشهر في مبنى متعدّد الطوابق في منطقة السواني في شرق طرابلس، حينما بدأ النزاع. وتضيف "لقد تقطّعت بنا السبل أياماً عدة... كان هناك قناصة على السطح يطلقون النار على الجانب الآخر، فشعرنا بالخوف وأن المبنى سيكون مستهدفاً".

برفقة ابنتيها، شقّت جيهان طريقها نحو وسط المدينة ومركز الإيواء في المدرسة، الذي تديره جمعية الهلال الأحمر الليبي، والأخيرة تعتمد على التبرّعات والمتطوعين ومساعدات الأمم المتحدة لإدارته.

المدرسة متواضعة ولكنها بحال جيدة، ويعمل المتطوعون مع السكان على تنظيف الأرضيات وإعداد وجبات الطعام. وعلى الرغم مما لقيته من كرم وحسن الضيافة، تفيد الأحمد بإنها لا تنوي البقاء في ليبيا.

وتضيف قائلة "أنا أستخدم ليبيا فقط منصّة للوصول إلى أوروبا... أوروبا مستقرة وآمنة، وهناك حقوق للإنسان. سأحصل على فرص تعليم أفضل لابنتَيّ".

وأدّى الصراع الحالي إلى جعل المهاجرين الذين يعملون في ليبيا ولم تكن لديهم خطط سابقة للتوجه إلى أوروبا يفكّرون في ذلك الخيار. فآمالهم تنهار مع انهيار ليبيا.

يقول دانييل أولوافيمي، وهو نيجيري يبلغ من العمر 35 سنةً، يعمل في مقهى في وسط طرابلس "بعض الأشخاص الذين أعرفهم يقولون إنهم يريدون المغادرة، بسبب سعر تصريف الدولار وانعدام الأمن هنا... نصيحتي لهم ألّا يخاطروا بحياتهم في البحر".

وقدّمت فرنسا دعماً ضمنياً للسيد حفتر على أمل أن يتمكن من استعادة الاستقرار في ليبيا التي ينعدم فيها القانون، ووضع حدٍ للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا. لكن أطرافاً أخرى تحذّر من أن فوز حفتر قد يفاقم الفوضى ويُضعف قبضة قوات الأمن في غرب ليبيا، وقد يؤدي إلى مزيد من الهجرة.

ويقول محمد عبد الرحمن، وهو مواطن ليبي بريطاني يعمل لصالح إحدى القوات المسلّحة التي تحارب حفتر "إذا سقطت ليبيا، فستكون كارثة بالنسبة إلى شمال إفريقيا برمته والدول الأوروبية أيضاً... لا تتعدّى المسافة بضع مئات الكيلومترات بين هذا البلد وإيطاليا".

© The Independent

المزيد من