Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تقدير الحسابات المزيفة ممكن مع تعليق صفقة شراء "تويتر"؟

اكتشاف الروبوتات أشبه بلعبة القط والفأر وقد يصبح أكثر صعوبة في المستقبل

لا يعد "تويتر" الشبكة الاجتماعية الوحيدة التي تعاني الحسابات المزيفة (رويترز)

بعد تشكيك الملياردير إيلون ماسك في نسبة الحسابات المزيفة والعشوائية وما يسمى حسابات الروبوتات على "تويتر"، والتي قالت الشركة، إنها لا تتجاوز خمسة في المئة، ومع تعليق صفقة الاستحواذ، يشير خبراء إلى أن تقدير نسبة هذه الحسابات يعد مسألة صعبة جداً ويفتقر إلى الهدف، كما أن حظر الروبوتات ليس بالضرورة جيداً لوسائل التواصل الاجتماعي، فلماذا يدور هذا الجدل، وما تعريف الحسابات المزيفة، ولماذا يصعب تقديرها؟

جدل حسابات "تويتر"

منذ قبول عرضه لشراء شركة "تويتر"، شكك الملياردير إيلون ماسك مراراً في ادعاء الشركة بأن نسبة الحسابات المزيفة وحسابات من يقومون بإرسال رسائل غير مرغوب فيها "سبام"، وحسابات الروبوتات، لا تتجاوز جميعها خمسة في المئة، بل إنه رفض الرد الذي قدمه على موقع "تويتر" الرئيس التنفيذي للشركة باراغ أغاروال، والذي أكد من خلاله التزام الشركة بتعليق أكثر من نصف مليون حساب بريد عشوائي كل يوم، فضلاً عن إغلاق ملايين الحسابات كل أسبوع التي تحوم حولها شكوك في أنها رسائل غير مرغوب فيها إذا لم تتمكن من اجتياز اختبارات التحقق البشري، بينما أقر أغاروال في الوقت نفسه بالتحدي الصعب بأن عديداً من الحسابات التي تبدو زائفة ظاهرياً، تنتمي في الواقع لأشخاص حقيقيين، وأن حسابات البريد العشوائي التي تعتبر في الواقع الأكثر خطورة، يمكن أن تبدو شرعية تماماً.

غير أن مطالبة ماسك بمزيد من الأدلة، وقراره تعليق صفقة الشراء في محاولة للاستحواذ عليها بقيمة أقل، أثارت مزيداً من الجدل بين الناس حول النسبة الحقيقية لهذه الحسابات وعلى رأسها حسابات الروبوتات على "تويتر"، المعروفة أيضاً باسم "بوت"، غير أن عديداً من الخبراء، ومنهم مبتكرو "بوتومتر"، وهو أداة اكتشاف الروبوتات المستخدمة على نطاق واسع، يعتقدون أن تقدير النسبة المئوية للروبوتات على "تويتر" أصبح مهمة صعبة للغاية، وقد لا تكون مناقشة دقة هذه التقديرات هي النقطة الأهم.

ما الروبوت بالضبط؟

لقياس مدى انتشار الحسابات التي تثير إشكاليات على "تويتر"، يجب أولاً تعريفها بشكل واضح حيث تستخدم المصطلحات الشائعة مثل "الحسابات المزيفة" و"حسابات البريد العشوائي" والروبوتات بشكل تبادلي ومتداخل، لكنها في الحقيقة تحمل معاني مختلفة، فالحسابات المزيفة أو الكاذبة هي تلك التي تنتحل شخصية الناس، أما الحسابات التي تنتج محتوى ترويجياً غير مرغوب فيه بكميات كبيرة، فتعرف بأنها حسابات مرسلي البريد العشوائي، في حين أن الروبوتات هي عبارة عن حسابات يتم التحكم فيها بواسطة برمجيات يمكنها نشر محتوى أو إجراء تفاعلات بسيطة، مثل إعادة التغريد بشكل تلقائي.

وبحسب فيليبو مينتسر، أستاذ المعلوماتية وعلوم الكمبيوتر في جامعة "إنديانا"، وكاي تشنغ يانغ، خبير المعلوماتية في الجامعة نفسها، فإن هذه الأنواع من الحسابات غالباً ما تتداخل في ما بينها، على سبيل المثال، يمكنك إنشاء روبوت ينتحل شخصية شخص ما لنشر بريد عشوائي بشكل تلقائي، وفي هذه الحالة يكون مثل هذا الحساب هو روبوت ومرسل رسائل غير مرغوب فيها، ومزيف في الوقت نفسه، ولكن ينبغي التوضيح أنه ليس كل حساب مزيف عبارة عن روبوت أو مرسل بريد عشوائي، لذا، فإن التوصل إلى تقدير حول أعداد أو نسبة هذه الحسابات من دون تعريف واضح لا يؤدي إلا إلى نتائج مضللة.

مضرة ونافعة

ووفقاً لخبراء مرصد جامعة "إنديانا" لوسائل التواصل الاجتماعي المتخصص في دراسة الحسابات غير الأصلية وعمليات التلاعب على وسائل التواصل الاجتماعي على مدى أكثر من عقد، فإن تحديد وتمييز أنواع الحسابات، يمكن أن يساعد في توجيه التدخلات المناسبة من قبل الشركات والمؤسسات المختلفة، حيث لا يخفى أن الحسابات المزيفة والبريد العشوائي، يؤديان إلى تدهور بيئة الإنترنت وانتهاك سياسة النظام الأساسي، كما تستخدم الروبوتات الخبيثة في نشر معلومات مضللة، وتضخيم الشعبية لأشخاص ولقضايا معينة، وتؤدي إلى تفاقم الصراع من خلال المحتوى السلبي والمثير للفتن، والتلاعب بالآراء، والتأثير على الانتخابات، كما جرى في أكثر من بلد، وإجراء الاحتيال المالي وتعطيل الاتصالات.

ومع ذلك، فإن بعض الروبوتات تعد غير ضارة وأحياناً ما تكون مفيدة ونافعة، إذ إنها تقدم المساعدة في نشر الأخبار وتقديم تنبيهات الكوارث وإجراء البحوث، ولهذا يحذر الخبراء من أن حظر برامج الروبوتات ليس في مصلحة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ونظراً لأن الباحثين يستخدمون مصطلح "الحسابات غير الأصلية" عند الإشارة إلى مجموعة الحسابات المزيفة ومرسلي البريد العشوائي والروبوتات الضارة، كما تستخدمه "تويتر" أيضاً، فقد تكون إزالة هذه الحسابات مضرة أيضاً بقطاعات حيوية عديدة.

صعوبة التقدير

وحتى عندما تتوافق الآراء بشأن التعريف، تظل هناك تحديات فنية لتقدير مدى انتشار هذه الحسابات المختلفة، إذ لا يستطيع المستخدمون العاديون أو الباحثون الوصول إلى البيانات نفسها التي يصل إليها "تويتر"، مثل عناوين الاتصال عبر الإنترنت "آي بي"، وأرقام الهواتف، الأمر الذي يعوق قدرة الجمهور العادي على تحديد الحسابات غير الأصلية، بل إن "تويتر" نفسه يقر بأن العدد الفعلي للحسابات غير الموثوقة، يمكن أن يكون أعلى مما هو مقدر، لأن الاكتشاف في حد ذاته يمثل تحدياً.

وينبع هذا التحدي من سرعة تطور الحسابات غير الأصلية ومن قدرتها على ابتكار أساليب جديدة لتجنب اكتشافها، وعلى سبيل المثال، تستخدم بعض الحسابات المزيفة الوجوه التي يجري إنشاؤها من خلال الذكاء الاصطناعي، لتكون ملفات شخصية لها، إذ لا يمكن تمييز هذه الوجوه عن الوجوه الحقيقية، حتى للبشر، ومن ثم يصبح تحديد مثل هذه الحسابات صعباً ويتطلب تقنيات جديدة على الدوام.

ولا يعد "تويتر" الشبكة الاجتماعية الوحيدة التي تعاني الحسابات المزيفة، ويزيل "فيسبوك" مليارات الحسابات المزيفة كل عام، لكن من الصعب معرفة ما إذا كان الحساب على "تويتر" عبارة عن روبوت، نظراً لأن المستخدمين الشرعيين (الحقيقيين من البشر) قد يكون لديهم عدد قليل من المتابعين، ونادراً ما يغردون، أو يختارون أسماء غريبة كمستخدمين.

إبر في كومة قش

وهناك صعوبة أخرى تتمثل في الحسابات المنسقة التي يبدو كل منها بشكل طبيعي، ولكنها تتصرف بشكل مشابه لبعضها البعض، لدرجة أنه يكاد يكون من المؤكد أنها تخضع لسيطرة من كيان واحد، ومع ذلك فهي مثل الإبر في كومة قش هائلة تشمل مئات الملايين من التغريدات اليومية على "تويتر"، وعلاوة على ذلك، يمكن للحسابات غير الأصلية أن تتجنب الكشف عنها عبر استخدام تقنيات مثل النشر التلقائي أو حذف كميات كبيرة من المحتوى، ويصبح التمييز بين الحسابات غير الأصلية والحقيقية ضبابياً أكثر، حينما يمكن اختراق الحسابات أو شراؤها أو استئجارها، وكذلك عندما يتبرع بعض المستخدمين ببيانات اعتمادهم إلى منظمات تقوم بالنشر لمصلحتها نيابة عنهم، ونتيجة لذلك، فإن ما يسمى حسابات "سايبورغ" التي يكون فيها المستخدم إنساناً يوظف الأتمتة لتضخيم رسائله، يتحكم فيها كل من الخوارزميات والبشر، وتستخدم حيلاً مصممة للتهرب من اكتشاف البشر والخوارزميات، مثل الإعجاب السريع بالتغريدات وإلغاء الإعجاب بها، أو نشر التغريدات وحذفها، وبالطبع هناك كثير من الحسابات الآلية أو شبه الآلية، التي يديرها عديد من الشركات، ولا تعتبر ضارة في الواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالطريقة نفسها، ينشر مرسلو البريد العشوائي أحياناً محتوى شرعياً لإخفاء نشاطهم، ضمن مجموعة واسعة من السلوكيات التي تمزج بين خصائص الروبوتات والأشخاص، ولهذا، فإن تقدير مدى انتشار الحسابات غير الأصلية يحمل أخطاء لا مفر منها.

منهجية ماسك

وإذا كان إيلون ماسك حدد خطة تضمنت أخذ عينات من 100 متابع على "تويتر" لمعرفة عدد الروبوتات المزيفة، وأن ذلك كشف عن أن أكثر من 20 في المئة من الحسابات المزيفة، فقد اختبرت شركة "آي في"، وهي شركة تعمل بالذكاء الاصطناعي من خلال فحص 100 حساب لشركة "تيسلا" لتصنيع السيارات الكهربية التابعة لماسك على "تويتر"، ووجدت أن أكثر من 20 حساباً من أصل 100 لديها احتمالية عالية لكونها روبوتات، بينما خلص الفحص اليدوي للعدد نفسه إلى أن أكثر من نصفها قد يكون روبوتات، ولم يكشف تحليل الموضوعات التي ناقشتها تلك الحسابات، عن أدلة على أن أياً من الحسابات المشبوهة كانت ترويجية.

ومع ذلك، اختفى عديد من هذه الحسابات بعد فترة وجيزة، ما يشير إلى أن "تويتر" يلتقط الروبوتات بسرعة إلى حد ما، لذا، فإن تحديد الحسابات المشكوك فيها ينطوي على درجة من عدم اليقين.

الصورة المفقودة

وبحسب الخبراء، فإن تركيز الجدل الأخير حول تقدير عدد روبوتات "تويتر"، يبالغ في تبسيط المشكلة، ويفتقد نقطة القياس الكمي لضرر إساءة الاستخدام عبر الإنترنت، وعمليات التلاعب التي تقوم بها الحسابات غير الموثوقة، وعلى سبيل المثال، وجد تحليل أجرته جامعة "إنديانا" أن نشاط الروبوتات لا يكون في الغالب متساوياً في كل المواضيع على "تويتر"، إذ تميل المناقشة حول العملات المشفرة مثلاً إلى إظهار نشاط روبوت أكثر من المناقشة حول الحيوانات الأليفة، لذلك، فإن القول إن معدل انتشار الروبوتات الإجمالي يصل إلى خمسة في المئة أو إلى 20 في المئة لا يحدث فرقاً كبيراً بالنسبة للمستخدمين الفرديين، لأن خبراتهم مع هذه الحسابات تعتمد على من يتابعون، وما الموضوعات التي يهتمون بها.

وتشير الأدلة الحديثة إلى أن الحسابات الزائفة والروبوتات والبريد العشوائي، قد لا تكون السبب الوحيد المسؤول عن انتشار المعلومات المضللة، وخطاب الكراهية، والاستقطاب، والتطرف، إذ تتضمن هذه المشكلات عادة عديداً من المستخدمين البشريين، فقد كشفت دراسات تحليلية أن المعلومات الخطأ حول "كوفيد-19" تم نشرها علناً على "فيسبوك" من خلال حسابات لشخصيات رفيعة المستوى تم التحقق منها.

وحتى لو كان من الممكن تقدير مدى انتشار الحسابات الزائفة بدقة، فإن هذا لن يفعل كثيراً لحل هذه المشكلات الحالية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتمثل الخطوة الأولى الهادفة في الاعتراف بالطبيعة المعقدة لهذه القضايا.

القط والفأر

وكما يصف بعض الخبراء، فإن اكتشاف الروبوتات هي أشبه بلعبة القط والفأر، وقد يصبح الأمر أكثر صعوبة في المستقبل حيث يستخدم مرسلو الرسائل غير المرغوب فيها خوارزميات قادرة بشكل أفضل على إنشاء نص مقنع وإجراء محادثات متماسكة.

وإذا كان "تويتر" غير قادر أو غير راغب في الكشف عن منهجيته التي يعتمدها للكشف عن هذه الحسابات بينما يقول ماسك، إنه لن يمضي قدماً في الصفقة من دون الحصول على تفاصيل، فقد تظل الصفقة معلقة، ومن الممكن أن يستخدم ماسك القضية كذريعة للتفاوض على سعر أدنى لـ"تويتر" عن المتفق عليه في السابق وهو 44 مليار دولار.

المزيد من تحلیل