Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزيرة خارجية بريطانيا تحول المساعدات أداة لتعزيز قوة بلادها دوليا

ليز تراس تريدنا أن نصدق إمكانية الاحتذاء على المقاربة الصينية الباطشة ولكن على نحو إيجابي ولطيف

مثلما قالت تراس نفسها بجرأة بالغة، "في عالم جيوسياسي بشكل متزايد، ينبغي أن نستعمل التنمية كجزء أساس من سياستنا الخارجية" (رويترز)

قال عنها ديفيد كاميرون إنها [المساعدات] من أجل "الناس الذين في أمس الحاجة"، فيما وصفتها تيريزا ماي بأنها "وعد للأكثر فقراً في العالم"، غير أن أياً من هاتين الفكرتين لم تعد حجر الأساس لتخصيص المساعدات الخارجية.

ففي ثورة لم تحظ بكثير من الانتباه، تمضي ليز تراس في قلب عقود من سياسة المملكة المتحدة رأساً على عقب، لتجعل الدوافع القاسية لدى شي جينبينغ النموذج الذي تهتدي به في وضع ميزانية المساعدات، بدلاً من [أن تعتمد في ذلك على] مثالية بوب غيلدوف [مغني وكاتب أغاني إيرلندي معروف كناشط إنساني، بخاصة في جهود مكافحة الفقر في أفريقيا].

وبطبيعة الحال فإن وزيرة الخارجية لم تصف الأمر بهذه الطريقة تماماً، عندما كشفت عن استراتيجية التنمية الدولية التي ستطبقها، غير أنه من الواضح تماماً أن هذا هو الأسلوب الجديد للتفكير في الأمر.

كانت المساعدات أداة لمكافحة الفقر، وإعادة بناء الحياة التي حطمتها الكوارث وتطوير الاقتصادات الهشة للدول الفقيرة، غير أنها ستكون الآن وسيلة أخرى تُستعمل من أجل ممارسة قوة المملكة المتحدة في الخارج.

ومثلما قالت تراس نفسها بجرأة بالغة، "في عالم جيو سياسي بشكل متزايد، ينبغي أن نستعمل التنمية كجزء أساس من سياستنا الخارجية".

كانت تلك إشارة صريحة إلى برنامج "الحزام والطريق" الصيني الواسع، الذي يقوم بتوفير بنى تحتية أفضل لأكثر من 100 دولة، في مقابل السيطرة التي تدعو إلى القلق من جانب سادة الدمى في بكين [الذين يتحكمون بسلوك تلك الدول].

وبالطبع فإن تراس قد وعدت بأن المملكة المتحدة لن تتبنى على الإطلاق، لا سمح الله، [أسلوب] "الإكراه الاقتصادي" [الذي تستعمله] الصين، ذاك "اللاعب الخبيث"، ولن تكون هناك "مساعدات مقيدة" [المساعدات المشروطة].

أو كما وصفها الجنرال ميلاشيت في "بلاكآدار يمضي إلى الأمام" [مسلسل تلفزيوني كوميدي عن ضباط بريطانيين في الحرب العالمية الأولى]، أن هناك جواسيس ألمان ("ماكرون حقراء قذرون يخوضون حربهم الخفية الوسخة")، ومن ثم هناك جواسيس بريطانيون ("أبطال شجعان يقومون بأعمال بالغة الخطورة من أجل بريطانيا العظمى!")

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والآن، ليس هناك من يود الإيحاء بأن بريطانيا في ظل إدارة المحافظين هي على قدم مساواة بالصين الشيوعية، لكن دعونا ألا نكون ساذجين إلى درجة تحملنا على الاقتناع بأننا سوف نكون "الأشخاص الصالحين" في هذا كله.

حددت سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية التابعة لمجلس العموم [من حزب العمال]، الأمر بدقة حين احتجت قائلة إن "دعم الأكثر فقراً في العالم يجب ألا يكون مشروطاً بصفقة تجارية أو الموافقة على شراكات استثمارية".

وفي تغيير جذري، فإن الاستراتيجية ستؤدي إلى تخصيص كثير من المساعدات بشكل مباشر من قبل المملكة المتحدة بدلاً من أن يتم ذلك عبر الهيئات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة بما يتعلق بالإغاثة في حالات الطوارئ.

ويأتي هذا، بطبيعة الحال، بعد الخفض المخالف لما جاء في البيان الانتخابي للإنفاق على المساعدات وتحديدها بـ0.5 في المئة من الدخل القومي، من دون تحديد الموعد الذي ستعود فيه المساعدات إلى مستوى 0.7 في المئة [من الدخل القومي كما نص البيان]، على الرغم من أن عودتها هذه تمثل التزاماً قانونياً.

وكانت وزارة التنمية الدولية قد ألغيت، الأمر الذي أدى بنا إلى هذا الوضع السخيف المتمثل في كون تراس مسؤولة عن استراتيجية المساعدات في الوقت الذي ترزح فيه تحت أعباء حرب مزدوجة في أوكرانيا [من جهة]، ومع الاتحاد الأوروبي حول بروتوكول إيرلندا الشمالية [من جهة ثانية].

إن تقليص  المساعدات [اقتطاع موازنتها] إضافة إلى طي صفحة وزارة التنمية الدولية قد تمخضا عن سيل كبير من العناوين الرئيسة [تصدرا العناوين]، غير أن الانعطاف إلى التركيز [إيلاء الأولوية] على "القوة [النفوذ] وليس الفقر" يمكن أن يكون أكثر أهمية من كل منهما.

نشرت اندبندنت هذا المقال في 22 مايو 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل