Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فصل الدين عن السياسة... إسلامي مغربي يتوعد المدافعين عن المطلب بالـ "القتال"

عضو حزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران يهدّد بمحاربة المطالبين بالعلمانية

رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بن كيران خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية (اندبندنت عربية)

أثارت تصريحات رئيس الحكومة المغربي السابق عبد الإله بن كيران، الرافضة مطلب فصل الدين عن السياسة، ردود أفعال كثيرة، بعدما قال أمام جمع من أعضاء حزبه "من يريد فصل الدين عن الدولة، عليه أن يقوم أولاً بثورة ويقلع الملكية، لأن الملكية لدينا مرتبطة بـ (إمارة المؤمنين)، إن الدستور المغربي ينصّ على أن الإسلام دين الدولة، سنحارب ونقاتل في سبيل هذا (أي ضدّ فصل الدين عن السياسة) بما استطعنا، لأن هذه البلاد قامت على الدين، وإذا حُذف الدين لن يظلّ لها وجود، بالنسبة إلينا الدين في السياسة ليس استعمالاً للدين من أجل استقطاب المؤيدين لحزبنا، ولسنا بصدد التنازع مع السلطة من أجل الحكم، إن المطالبين بالعلمانية يقولون ما لا يعلمون".

تهديد "ليس غريباً من حزب إرهابي"

تصريحات بن كيران تلك أثارت حفيظة بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، إذ اعتبر المحامي والناشط الحقوقي محمد الهيني أن "حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي يهدّد المغاربة بالقتل والقتال حتى آخر رمق إذا ما فكروا في إزاحة الدين عن السياسة، هذا الكلام ليس غريباً من جماعات الإسلام السياسي، فكلهم يؤمنون بالعنف والقتل كعقيدة ووسيلة للوصول إلى السلطة من أجل التحكم في رقاب الناس، إن الحزب الإسلامي الذي يكون إمامه ومرشده الأعلى ابن تيمية، اعلم أنه حزب إرهابي داعشي، سيكشّر عن أنيابه وسيظهر على حقيقته عندما تحين الفرصة".

كذلك اعتبر الناشط في المجتمع المدني محمد النوري أن "بن كيران يختبئ كعادته خلف الملكية، بادّعائه أن فصل الدين عن السياسة يعني إزالة الملكية، فأصبح بذلك وصياً على الدين والملكية، بل هدّد بقتل كل من ينادي بذلك... وغاب عنه أن الملك بذاته كرّر في خطاباته مطلب إبعاد الدين عن السياسة، ووقّع مرسوماً يمنع القيّمين الدينيين من الخوض في الشأن السياسي".

ورأى النوري أن بن كيران "يعتقد أن (مؤسسة إمارة المؤمنين) تتعارض مع الدولة المدنية العلمانية، وغاب عنه أن منظّري السياسة وضعوا الأمور الدينية في يد رئيس الدولة كي لا يستغلّ أحد الدين لقضاء أمور دنيوية". أضاف "يجهل بن كيران أن ملكة إنكلترا تترأس الكنيسة، على الرغم من أن الدولة ليست دينية... لو قرأ كتاب (الإسلام وأصول الحكم)، لعلي عبد الرازق، الذي يستشهد ببعض أقواله، لثبت له أن الإسلام دين روحي لا دخل له بالسياسة، ما دامت هذه الأخيرة أمراً دنيوياً يعود فيها اختيار الحكم المناسب للناس، فبالنسبة إلى عبد الرازق إن نظام الخلافة الذي نسب إلى الإسلام ليس من الإسلام في شيء".

انطلاق نقاش فصل الدين عن الدولة

جاءت تصريحات بن كيران في سياق نقاش يعرفه المغرب منذ سنوات بشأن فصل الدين عن السياسة واعتماد العلمانية، خصوصاً بعد صعود تيار الإسلام السياسي منذ عام 2011، عقب ثورات الربيع العربي، إذ يتزعّم حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحكومة منذ ذلك الحين.

الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، المناهض لتيار الإسلام السياسي، شدّد بدوره على ضرورة فصل الدين عن السياسة، لأن السياسة في نظره تُفسد الدين ويفسدها بدوره، ورأى أنه على السياسيين الابتعاد عن استخدام الدين لإنجاز مشاريعهم السياسية الدنيوية، لأن "الدين وكل الأديان هي لله وحده، وأثرها يجب أن يتجلى في الأخلاق والسلوك والمعاملات، لا في إيديولوجيات الهيمنة والسيطرة وقمع الحريات".

وأضاف عصيد أن "الدين، كما الشأن في الدين الإسلامي، لطالما كان موطن صراع من أجل لجم الأفواه وتجميد العقول، ويظهر بذلك أن صراعاً قوياً نشأ بين مغامرة العقل العلمي في الاكتشاف من جهة، والنظام الديني الذي كان نظاماً سلطوياً من جهة أخرى، أي أن الدين كان دولة، والحاكم كان في حاجة دائمة إلى مباركة رجال الدين حكمَه، إضافة إلى مباركة النبلاء سلطة الحاكم".

 

تداخل الدين والسياسة

يَخلص محمد ضريف، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية وتيار الإسلام السياسي، إلى وجود جدلية بشأن عدم تحديد العلاقة بين العمل الديني والسياسي بشكل دقيق، وهذا التداخل جعل وظيفة الدين تتعدّى مجاله الأساسيّ. وفي ظلّ هذا التداخل، اكتسب العمل الديني وظائف جديدة، من بينها جعل الدين وسيلة إلى إضفاء الشرعية على العمل السياسي، وتكريسه شكلاً معيناً من أشكال التديّن من دون غيره، ووضع الدين في خدمة الجهود الأمنية للدولة، خصوصاً بعد تدخّل السلطات الوصية على الشأن الديني في مسلسل مكافحة التطرّف.

تيار الإسلام السياسي

يُعرّف عبد الرزاق السعيدي، الباحث في التاريخ، حركة الإسلام السياسي، في كونها حركة اجتماعية سياسية تتوسّل جوانب معينة من الدين للوصول إلى تحقيق ذاتها أولاً، ولتحقيق أهداف سياسية وإيديولوجية تكون غالباً غير معلنة، وتتميّز بالاختلاف، بل بالتناقض والصراع في ما بينها، وعلى الرغم من علاقات التأثير والتأثر التي تجمع بين هذه الحركات على مستوى العالم الإسلامي، إلا أن ذلك لا يمنع استمداد كل حركة اجتماعية منطقها وأسباب نموها من تطوّر المجتمع الذي تنتمي إليه، ولهذا نجد تنوعاً في أشكال تنظيم هذه الحركات، وفي مواقفها السياسية الدينية، وفي القواعد الاجتماعية التي تعتمد عليها، وكذلك في أساليب العمل التي تعتمدها، والحكم ذاته ينطبق على كل قطر من الأقطار العربية وغيرها.

عوامل صعود داخلية وخارجية

ويُعيد السعيدي أسباب صعود حركات الإسلام السياسي في المغرب إلى جملة من العوامل التاريخية، يمكن تلخيصها في ما يلي: عوامل داخلية تتمثّل في فشل السياسات والمخططات "الوطنية"، التي اتسمت بالتسلّط السياسي (مثل صناعة النخب وإقصاء الصوت الآخر)، والتبعية الاقتصادية وكل مظاهر الإقصاء الاجتماعي والثقافي، وتخلّف السياسات التعليمية، إضافة إلى الاختيارات الاقتصادية التي أجهزت على أحلام الطبقات الوسطى والبورجوازية الصغرى في الحراك الاجتماعي، وإقصاء عامة الشعب من الفقراء من كل مجالات الحياة العامة.

أما العوامل الخارجية، فأهمها فشل الحركة الوطنية والقومية العربية، واندلاع الصراعات والحروب الداخلية، وتبنّي المشاريع الوطنية من طرف الجيش والعسكر، كما وقع في مصر وليبيا والجزائر، ومن طرف البورجوازيات التبعية والمصنوعة داخل أجهزة الدولة، كما هو الحال بالنسبة إلى تونس والمغرب، إضافة إلى كل مظاهر وانعكاسات العولمة على المنطقة العربية بشكل عام.

المزيد من العالم العربي