Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ألهمت قضايا الاحتيال الشاشة العربية؟

يتوحد معها المشاهد ويستمتع مع المحتال الذكي لا الطماع الغبي

"البيضة والحجر" أحد الأفلام التي ناقشت قضية الاحتيال على الشاشة العربية  (التواصل الاجتماعي)

شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة حوادث احتيال متعددة تحت دعوى توظيف الأموال، وقد عالجت الدراما والسينما تلك الظاهرة، واستشرفت كثيراً من الأحداث والطرق الخاصة بالمحتالين على مدى سنوات طويلة، وعلى الرغم من أن الدراما وأفلاماً سينمائية مختلفة كشفت عن كواليس النصابين، وطرق عملهم وأساليبهم المختلفة، فإن الناس ما زالوا يسقطون ضحايا لهم.

وتناول الفن ظاهرة النصب بأشكال كوميدية أحياناً ودرامية وتراجيدية أحياناً أخرى، وغلب التشويق على معظم هذه الأعمال، فظاهرة الاحتيال تتطور وتتجدد، ما جعلها مصدر إلهام للمبدعين، وتزخر الشاشة العربية بأعمال بعضها سبق الواقع، منها فيلم "العتبة الخضراء"، الذي سجل حضوره القوي في تاريخ السينما المصرية، بطولة إسماعيل ياسين وصباح وأحمد مظهر، وفيه يوقع النصاب الأرستقراطي بضحيته القروي، الذي أوهمه ببيع العتبة الخضراء وميادين القاهرة له.

توظيف الأموال وأفلام الاحتيال

وفي عام 1985، أنتج فيلم "رمضان فوق البركان"، بطولة عادل إمام وإلهام شاهين، الذي يدور حول موظف فقير يريد الزواج من خطيبته، فيخطط لسرقة حقيبة رواتب الموظفين، لكن تسبقه عصابة إلى حقيبة الأموال، ويسرق هو أخرى فارغة من دون أن يعلم. كما تعرض فيلم "كراكون في الشارع" لقضية توظيف الأموال، حيث جرى النصب على عادل إمام ويسرا عن طريق ملتحٍ يملك شركة، ويتستر تحت عباءة الدين. كذلك تعرض فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" لأحمد زكي ويسرا وإخراج إيناس الدغيدي لقضايا النصب عن طريق المتأسلمين وجسد دور الشيخ النصاب حسن مصطفى.

ومن أشهر أفلام النصب فيلم "عصابة حمادة وتوتو" من بطولة عادل إمام، ولبلبة، وهو إنتاج عام 1982، وتدور القصة حول زوج وزوجة يحترفان النصب بعد أن يتعرض الزوج للطرد من عمله على يد المدير الذي يسرق مشروع الرجل ويطارده، وقدم محمد صبحي، ولبلبة فيلم "الشيطانة التي أحبتني" من إنتاج 1990 عن الاحتيال أيضاً، وتدور أحداثه حول ضابط يعجز عن الإيقاع بعصابة محترفة، فيلجأ إلى التقرب من ابنة زعيم العصابة للوصول لهم، ورغماً عنه يقع في حبها، ثم يعمل معها بالاحتيال وتدور الأحداث في إطار كوميدي.

وناقش فيلم "طأطأ وريكا وكاظم بيه" قضية الاحتيال بطريقة مبتكرة، وهو من بطولة كمال الشناوي، ونجاح الموجي، وجالا فهمي، وإنتاج عام 1995، وتدور أحداثه حول "كاظم بيه" الذي يحترف النصب على السيدات الأثرياء، ويتعرف على المحتال "طأطأ"، ويحاولان النصب على الفتاة الثرية ريكا، وفي نهاية الفيلم تنصب ريكا على طأطأ وكاظم، ويكتشفان أنها نصابة محترفة وليست مجرد امرأة عادية.

واتخذ الاحتيال طرقاً أخرى في فيلم "البيضة والحجر"، بطولة أحمد زكي، ومعالي زايد، وممدوح وافي، وعبد الله مشرف، وعبد الغني ناصر، وتأليف محمود أبو زيد وإخراج علي عبد الخالق، إذ دارت الأحداث حول مدرس فلسفة تدفعه الصدفة والظروف إلى النصب، ويعتقد الناس أنه على صلة بعالم الجن وتتسع شهرته ليصل لنخبة المجتمع، ويحتال عليهم ويحصل على أموال طائلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الأفلام الحديثة نسبياً، هناك فيلم "سنة أولى نصب" لأحمد عز وخالد سليم، اللذين قاما بدور محتالين يخططان للنيل من فتاتين والاستيلاء على أموالهما، بخاصة أن إحداهما ابنة ثري عربي. وفي فيلم "ابن القنصل" قدم خالد صالح وأحمد السقا وغادة عادل شخصيات لنصابين يقومون بأكثر من واقعة، وتستر أحمد السقا في ذقن ملتحٍ ومتدين ليكون أكثر إقناعاً لضحاياه.

أحمد حلمي أيضاً قدم فيلم "كده رضا"، مع منة شلبي ولطفي لبيب وخالد الصاوي، شخصية النصاب المحترف عن طريق ثلاثة توائم هم البرنس ورضا وسمسم، الذين احترفوا النصب منذ طفولتهم مستغلين التشابه الكبير بينهم في خداع الناس، حتى يقعوا في فخ نصاب أكبر وأكثر احترافية خدعهم بدور طبيب نفسي وتعاون مع شريكته التي نصبت عليهم وأوهمتهم بالحب. وفي فيلم "اوعى وشك"، بطولة أحمد رزق وأحمد عيد احترف الصديقان منذ الطفولة "حودة" و"جعفر" النصب على الناس، واستعان بهما رجل أعمال شهير لاستخدامهما في تسهيل وتخليص أعمال له.

احتيال ممزوج بالكوميديا

وفي الدراما يوجد مسلسل "عزمي وأشجان"، من بطولة إيمي سمير غانم، وحسن الرداد، ويدور عن زوجين يحترفان النصب بشكل كوميدي، وقدمت هيفاء وهبي في مسلسلها "لعنة كرما" شخصية نصابة دولية تكون عصابة تحتال على الأشخاص والشركات والمؤسسات. وفي مسلسل "خفة يد" قدم محمد سلام شخصية نصاب يقوم بسرقة الناس بطرق ذكية.

ومن أكثر الأعمال المصرية التي تناولت النصب وحققت نجاحاً مدوياً مسلسل "بـ100 وش"، من بطولة نيللي كريم وآسر ياسين وإخراج كاملة أبو ذكري، ودار العمل عن عصابة تتزعمها فتاة تدعى سكر، وشاب أرستقراطي يدعى عمر ويعاونهما مجموعة من الأشخاص حتى يحققوا أهدافهم في التنكر والاحتيال على أموال الناس بطرق مختلفة.

وعرض في رمضان الماضي مسلسلان تناولا النصب عن طريق السيدات وهما "رانيا وسكينة" لروبي ومي عمر، ويدور حول فتاة أرستقراطية تجبرها الظروف على التعرف على أخرى فقيرة وتكونان عصابة، ومسلسل "شغل عالي" لفيفي عبده وشيرين رضا وتناول أيضاً القضية ذاتها.

سر النجاح

وحول تلك الظاهرة ومعالجتها فنياً. تقول الناقدة مريم عاطف، "إن أفلام السرقة والنصب تلقى نجاحاً كبيراً، وتمتلك جاذبية غريبة قد لا تتناسب مع بشاعة الجريمة ووجود ضحايا وأبرياء، وهناك أسباب كثيرة لفكرة جاذبية ونجاح تلك الأعمال في معظمها، وهي أنها تجعل المشاهد شريكاً فيها، وفي التكنيك والذكاء والتنفيذ وهو في مقعده، وتجعل المتفرج واحداً من أفراد العصابة فهو يتابع بشغف العملية، ويتمنى لو ينجح المحتال في تنفيذ مخططه، وهذا الاندماج من المشاهد يكون في الغالب ناتجاً من ظرافة وذكاء شخصية بطل العمل، وتقديم الفن حبكة قوية توضح المبررات والأسباب".

وأضافت، "يتعاطف المشاهد مع تلك النماذج بغض النظر عن أفعالها، بل ينظر للضحايا على أنهم أغبياء، وربما طامعون في الثراء السريع والسهل، بالتالي فالتعاطف النفسي للمشاهد ينحاز للأذكى والأقوى بحكم نفسية المتفرج الذي يتوحد بشكل أكثر مع البطل الذكي وليس الطامع الغبي".

الفن يستلهم الواقع

تضيف مريم، "خلقت الدراما الخاصة بشخصيات المحتالين على الشاشة عالماً متكاملاً من التفاصيل جعل المشاهد يستوعب أسباب الجاني ويبرر له أحياناً كثيرة، وهذا هو سحر الفن الذي يشكل وجدان من أمامه ولا يحاكي الواقع، بل قد يغيره ويقلبه إذا استدعت الضرورة الدرامية والروح الإبداعية، والانتصار دائماً للخيال والحنكة في تقديم العالم الموازي الذي يسعد المتفرج سواء هذا العالم يضج بالمحتالين أو غيرهم".

وأشارت إلى أن الدراما "ما زالت تستلهم من أحداث حقيقية شخصيات نصابين محترفين يستخدمون أحدث الطرق، ومنها الدينية والعاطفية والنفسية، وكلها في النهاية تلعب على نقاط ضعف، أبرزها الطمع والرغبة في التمرد على الواقع، وفي السينما العالمية أيضاً الأمور تسير وفق هذا الإطار بشكل أكثر حرفية ومهارة بحكم تقدم التقنيات والتكنولوجيا واختلاف المكان والشخصيات وأطر التفكير والتنفيذ وطالما تتوافر عناصر الإتقان والمنطق في الفكرة والحبكة والتنفيذ ينجح العمل ويتوحد المشاهد مع النصاب".

واختتمت مريم أن أي محتال في حقيقته "هو ممثل بارع وشخص يخلق عالماً افتراضياً محكماً على الرغم من أنه مزيف، لكنه يصدقه ويقدم تفاصيل مقنعة، ولهذا ينجح في النصب والإيقاع بضحاياه، كما أنه يقدم عملاً يؤلفه ويصنعه من الخيال بشكل متقن ليجعل من أمامه في حالة تصديق لذلك العالم الوهمي. والغريب أن بعض المحتالين يشاهدون الأعمال الفنية وحيلهم عبر الشاشات ويستلهمون منها طرقاً جديدة للنصب".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة