Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحراك الجزائري يفتح ملفات "سرية" أغلقت سنوات طويلة

 مقتل بوضياف وقصة "تيقنتورين" وضحايا غرداية و"الربيع الأسود"

 

تظاهرة مناهضة للحكومة في وسط العاصمة الجزائر في 14 يونيو 2019 (أ.ب)

أتاحت عمليات اعتقال كبار مسؤولين في نظام الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، مدنيين وعسكريين، عودة الملفات المغلقة إلى واجهة الأحداث. وتبنت فئات شعبية في المسيرات، أربعة مطالب على الأقل، تتصل باغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف، وهي: قتلى "الربيع الأسود" وملف غرداية والهجوم الإرهابي الشهير على منشأة "تيقنتورين" للغاز مطلع العام 2013.

يعتقد كثير من المتظاهرين، من بعد بلوغ الحراك مسافة ما في تحقيق المطالب سياسياً وقضائياً، أن الوقت حان لإثارة ملفات أغلقت بداعي "السرية" سنوات طويلة. في مسيرة الجمعة الأخيرة، ظلت إحدى المجموعات تردد شعارات تطالب بفتح ملف اغتيال الرئيس الجزائري السابق محمد بوضياف، في الوقت الذي تكررت شعارات تشدد على "معرفة الحقيقة" في ما جرى في محافظة غرداية ما بين أعوام 2008 (في منطقة بريان) و2015، مع وجود تصريحات سابقة تتهم كبار المسؤولين بإثارة "فتنة طائفية بين العرب المالكيين والأمازيغ الإباضيين".

وتدفع خصومات سابقة، بأطراف عدة، إلى استغلال "نوايا القضاء" للتحرر من الضغوط كافة، على الأقل وفق ما أعلنه مسؤولو هذا القطاع، بدءاً من وزير العدل ووصولاً إلى نقيب القضاة الجزائريين.

"الربيع الأسود"

ليس ملف بوضياف وحده من طرح للواجهة، أو قضية غرداية، فجهات سياسية أمازيغية، رفعت الكثير من الشعارات الجمعة الماضية، في الذكرى الـ 18 للـ "الربيع الأسود"، الذي شهد مقتل مئات المحتجين.

ففي يوم 14 يونيو (حزيران) 2001، توجه أكثر من مليوني شخص من منطقة القبائل إلى العاصمة، في مسيرة "حركة العروش"، بهدف المطالبة بحقوق اجتماعية واقتصادية بعد احتقان دام سنوات طويلة، لكن المسيرة تحولت إلى مأساة تعرف اليوم بـ "الربيع الأسود".

وخلّفت تلك الأحداث مقتل حوالى 126 شخصاً ومئات الجرحى. وتتضارب المعطيات حول مسببيها، وما إذا كان تصرفاً فردياً عفوياً أم بدفع من جهات ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يحكم البلاد للعام الثالث على التوالي. فيما تطرح أسئلة أخرى، عن الجهات التي أمرت بفتح النار على متظاهرين، ومصير التحقيق في تفاصيل تلك الأحداث، والذي انتهى من دون تحديد نتائج "جنائية" ضد المسؤولين.

مقتل بوضياف... لغز يعيش منذ 27 سنة

في 29 يونيو من العام 2001، شاهد الجزائريون اغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف، مباشرة على شاشات التلفزيون الرسمي، وحمّلت الرواية الرسمية المسؤولية للضابط العسكري، لمبارك بومعرافي، الذي يقضي عقوبة المؤبد. الأخير ظل ينفي أي دوافع أخرى، غير "الشخصية"، في استهداف بوضياف لما كان يخاطب الجزائريين في قاعة المسرح الجهوي بعنابة (600 كلم شرق العاصمة).

لكن تصريحات سابقة لمسؤول سياسي كبير، طرحت فرضيات أخرى، تعطي صدقية لآراء في الشارع، تقول بوجود "تدبير في مقتل بوضياف". وهذا السياسي السابق، هو عمار سعداني، الذي قاد جبهة التحرير الوطني بين أعوام 2013 و2017، حين كانت له تصريحات تتهم الجنرال المتقاعد محمد مدين (توفيق) مباشرة، في ملف اغتيال الرئيس الجزائري السابق.

ويعتقد كثير من المراقبين، أن كلام سعداني، هو ترجمة لملفات تلوّح بها جهة تخاصم توفيق في المؤسسة العسكرية، وبالتالي فهي على الأرجح، تملك رواية مغايرة للرواية الرسمية.

ويقول سعداني إن "مخابرات توفيق" لم تتمكن من حماية محمد بوضياف في يونيو 1992، ولا الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين عبد الحق بن حمودة، الذي اغتيل في يناير (كانون الثاني) 1997. وقبلها بسنة خطف وقتل سبعة رهبان من دير "تيبحيرين" في المدية جنوب غربي الجزائر بين مارس (آذار) ومايو (أيار) 1996.

وخلال كل هذه الفترة كان الفريق محمد مدين، ولا يزال منذ 1990، رئيساً لدائرة الاستعلام والأمن، وهي التسمية الرسمية لجهاز الاستخبارات الجزائرية. وكانت تلك المرة الأولى التي يُتهم الجنرال توفيق بالاسم من طرف عمار سعداني، بعد تصريحات عدة دعا فيها إلى إبعاد الجيش عن السياسة في إطار "مدنية الدولة".                            

"طائفية في غرداية" ظهرت واختفت فجأة

في محافظة غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، أجّج خبر وفاة الناشط كمال فخار الدين في السجن قبل أيام، غضب ناشطين في المحافظة يرفعون شعارات تردّد "الحقيقة في أزمة غرداية".

ومنذ العام 2008 اندلعت مشادات طائفية عنيفة، تكرّرت على فترات متقطعة حتى عام 2015، ووقع عدد كبير من القتلى والجرحى وجرى اعتقال المئات ممن وصفتهم مصالح الأمن سابقاَ، بالمحرّضين على العنف ومشاعر الكراهية بين سكان المحافظة على أساس عرقي.

وتخاصم في تلك الفترة، محتجّون من الأمازيغ الإباضيين (ميزابيون) وعرب مالكيون، وتحوّلت الخصومات إلى مشادات واستهداف مباشر على أساس العرق. واللافت أن الشخص نفسه الذي لمّح إلى دور الاستخبارات السابقة، بقيادة توفيق، هو نفسه من تحدث عن "عمل مدبّر" في غرداية، أي عمار سعداني.

وفي وقت لاحق أقرّت السلطات الرسمية، عفواً عن عدد كبير من المعتقلين بفعل تلك الأزمة الطائفية، وأقرّت المصالحة بين كبار الأعيان، وللمرة الأولى منذ العام 2008، ولا يزال الوضع هادئاً إثر تفكيك لغز أسرار تتصل به.

حادثة "تيقنتورين" التي أخافت أوروبا

في الملفات التي تثيرها دوائر محسوبة في السابق على المؤسسة العسكرية، قضية "تيقنتورين" الشهيرة، والتي تكشف معطيات حصلت عليها "اندبندنت عربية" عن تحقيق عسكري أدان الجنرال السابق (حسان) الذي يقضي عقوبة سجن خمس سنوات.

وهاجم إرهابيون بلغ عددهم 32، منشأة "تيقنتورين" في يناير 2013، وحاولوا الفرار برهائن غربيين من بينهم بريطانيون ويابانيون وفرنسيون ومن جنسيات أخرى متعددة. ونُفذ الهجوم بتدبير من مختار بلمختار، قائد كتيبة "المرابطون" والقيادي السابق في المنطقة الصحراوية لـ "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

وتروي مصادر عن خلاف حادّذ وقع يومها بين قيادة الأركان وجهاز الاستخبارات حول هوية الجهة التي تتدخل للتعاطي مع الهجوم الإرهابي، قبل أن يأمر رئيس الأركان قيادة الناحية بتولي المهمة، ما أدى إلى مقتل الإرهابيين كافة وعدد من الرهائن، ليكشف التحقيق معطيات "غريبة" بعد الاطلاع على شرائح وضعت في أسلحة بعض المنفذين، من قبل جهة عسكرية في سنوات ماضية.

المزيد من العالم العربي