Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفشي جدري القرود في أوروبا وأميركا الشمالية يصدم العلماء

يتخوف أحد الخبراء من أن الغرب ربما يواجه شكلاً مختلفاً من الانتشار عما شهدناه في غرب أفريقيا

في الأيام الأخيرة رصدت سلطات صحية في أوروبا والولايات المتحدة إصابات من جدري القرود الذي قلما يظهر خارج أفريقيا (أ ب)

أعرب خبراء كانوا يتابعون حالات التفشي السابقة لجدري القرود عن "صدمتهم" من الانتشار الأخير للفيروس في أوروبا وأميركا الشمالية.

سابقاً، رصدت إصابات جدري القرود في صفوف أشخاص لديهم أقارب في وسط وغرب أفريقيا، ولكن في الأسابيع القليلة الماضية، سجلت دول عدة من بينها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا والسويد وكندا حالات إصابة معظمها لشباب لم يسبق لهم أن سافروا إلى أفريقيا.

على مستوى العالم، سجلت حتى الآن نحو 92 حالة مؤكدة و28 حالة أخرى مشتبه فيها، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن "منظمة الصحة العالمية" (WHO).

"أنا مصدوم. كل يوم أستيقظ لأجد بلاداً إضافية تسجل إصابات" بجدري القرود، قال عالم الفيروسات أويويل توموري، الذي كان يرأس سابقاً "الأكاديمية النيجيرية للعلوم"، في تصريح إلى وكالة "أسوشيتد برس".

"ليس هذا نوع الانتشار الذي لاحظناه في غرب أفريقيا، لذا ربما يشهد الغرب شيئاً جديداً"، أضاف توموري، علماً بأنه عضو في عدد من المجالس الاستشارية لـ"منظمة الصحة العالمية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشمل الأعراض المألوفة لجدري القرود ارتفاع حرارة الجسم، والصداع، وآلام العضلات، وأوجاع الظهر، فضلاً عن تضخم الغدد الليمفاوية والقشعريرة والإرهاق.

حتى الآن، لم يسجل المرض أي حالة وفاة، ولكن تشير تقديرات "منظمة الصحة العالمية" إلى أن جدري القرود يقتل ما يصل إلى شخص واحد من كل عشرة أشخاص.

أما "المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها" فأوصى بعزل جميع الحالات المشتبه فيها، وتقديم لقاح الجدري لمخالطي المصابين الذين يتهددهم بشدة احتمال الإصابة بالمرض.

وفق "منظمة الصحة العالمية"، تسجل نيجيريا سنوياً نحو ثلاثة آلاف إصابة بجدري القرود.

وأوضح توموري أن حالات تفشي جدري القرود تحدث عادة في المناطق الريفية، من طريق ملامسة الناس جرذاناً وسناجب مصابة، ولكنه أضاف أن حالات كثيرة تبقى من دون التبليغ عنها على الأرجح.

يوم الجمعة في 20 مايو (أيار) 2022، أبلغت "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" (UKHSA) عن 11 إصابة جديدة بجدري القرود في إنجلترا، ليرتفع إجمالي الحالات المؤكدة فيها إلى 20 إصابة منذ 6 مايو الحالي.

وقالت الدكتورة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين في "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" إنها وزملاءها توقعوا "رصد حالات أخرى عبر العمليات الجارية للكشف عن الإصابات بالتعاون مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية ("أن أتش أس" NHS) ونتيجة اليقظة الشديدة بين المتخصصين في الرعاية الصحية".

"نتوقع أن تواصل أعداد الحالات ارتفاعها في الأيام المقبلة، ورصد مزيد منها في النطاق المجتمعي الأوسع. كذلك، تردنا تقارير بشأن إصابات إضافية تشهدها بلاد أخرى في أنحاء العالم"، أضافت الدكتورة هوبكنز.

"نتوخى السرعة في التحقق من مصدر هذه العدوى ونعمل على رفع مستوى الوعي بين المتخصصين في الرعاية الصحية"، ذكرت الدكتورة هوبكنز مضيفة أنهم يتواصلون "مع أي مخالطين كان لهم احتكاك قريب بمصابين لتقديم المعلومات والمشورة الصحية لهم".

كذلك كشفت الدكتورة هوبكنز أن نسبة مهمة من حالات جدري القرود الأخيرة المسجلة في المملكة المتحدة وأوروبا رصدت في صفوف مثليين ورجال مزدوجي الميول الجنسية، وشجعتهم على أن يكونوا "متيقظين للأعراض وأن يطلبوا المساعدة إذا شعروا بالقلق". وليس بعيداً من ذلك، قال مسؤولو الصحة في إسبانيا والبرتغال إن الحالات التي رصدوها كانت لشباب مارسوا الجنس مع رجال آخرين على الأغلب.

تجيء تعليقات الدكتورة هوبكنز في وقت يعكف مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة على استكشاف ما إذا كان الفيروس ينتقل بالاتصال الجنسي، لكن خبراء أكدوا أنهم لا يعرفون ما إذا كان المرض ينتشر من طريق الجنس، أو أي اتصال وثيق آخر يتعلق بالجنس.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن توموري قوله إنه بغض النظر عن أن نيجيريا لم تشهد حالات عدوى عبر الاتصال الجنسي، ولكن معلوم أن فيروسات عدة كان يعتقد في بداية ظهورها أنها لا تنتقل من طريق الجنس، من قبيل "إيبولا"، لتتبين لاحقاً قدرتها على ذلك، بعد أن كشفت أوبئة كبيرة أنماطاً مختلفة من التفشي.

والأمر عينه قد ينطبق على جدري القرود، وفق توموري.

في غضون ذلك، أعلن وزير الصحة الألماني كارل لوترباخ أن لدى برلين ثقة في المقدرة على احتواء تفشي المرض.

وقال لوترباخ إن تسلسل الجينوم في فيروس جدري القرود قيد الدراسة بحثاً عن وجود أي تغيرات جينية ربما تجعله أكثر عدوى.

في مكان آخر، أخبر رولف غوستافسون، خبير في الأمراض المعدية، الإذاعة السويدية "أس في تي" أنه يبدو من "غير المرجح" احتمال أن يتفشى [الفيروس] في البلاد.

وقال غوستافسون إننا "سنجد قطعاً بعض الإصابات الأخرى في السويد، لكنني لا أعتقد بأي شكل من الأشكال أن وباء ينتظرنا"، مضيفاً أنه "لا تتوفر أي إشارة إلى ذلك حالياً".

أما كريستيان هابي، مدير "المركز الأفريقي للتميز في علم جينوم الأمراض المعدية"، فقال إننا "لم نشهد قط أمراً مثيلاً لما يحدث في أوروبا".

"لم نلحظ ما يسمح لنا بالقول إن أنماط انتقال عدوى جدري القرود في أفريقيا تشهد تغيرات، لذا إذا كانت أوروبا تواجه شيئاً مختلفاً، عليها أن تحقق في ذلك [البحث في أصول المشكلة وأشكالها]"، قال هابي.

في رأي هابي، "تعليق حملات التطعيم ضد الجدري، الذي يحمي أيضاً من جدري القرود، بعد القضاء على المرض في 1980 ربما يساعد عن غير قصد في انتشار جدري القرود".

وقال هابي إنه "بصرف النظر عن الأشخاص في غرب ووسط أفريقيا الذين ربما يحملون بعض المناعة ضد جدري القرود نتيجة إصابة سابقة تعرضوا لها، فإن عدم تلقي أي لقاح ضد الجدري يعني انعدام أي نوع من المناعة ضده".

وتأتي تصريحات هابي في وقت دعا مسؤولو الصحة في جنوب أفريقيا إلى إجراء تحقيق في تفشي المرض في أوروبا لتحديد أوائل المصابين بجدري القرود.

من بين هؤلاء شبير مهدي، بروفيسور في التطعيم في "جامعة ويتواترسراند" في جوهانسبورغ"، إذ قال إن "علينا حقاً أن نعرف كيف بدأ هذا (جدري القرود)، ولماذا يزداد الفيروس باطراد الآن".

"شهدت أفريقيا حالات تفشٍّ منضبطة [قليلة] جداً وغير متكررة من جدري القرود. إذا كانت هذه الحال تتغير الآن، الأجدر بنا حقاً أن نفهم السبب"، في رأي مهدي.

© The Independent

المزيد من صحة