Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تأبى السياحة في الجزائر الخروج من غرفة الإنعاش؟

الريع البترولي أحد أسباب ضياع هذا القطاع والإرادة السياسية وحدها من يُعيد الاعتبار له

وزير السياحة والصناعة التقليدية الجزائري ياسين حمادي (التلفزيون الجزائري)

يتوقع أن يكون موسم الاصطياف لهذا الموسم بداية انتعاش السياحة في الجزائر، ولعل استمرار غلق الحدود البرية مع تونس، وارتفاع أسعار التذاكر نحو أوروبا وبعض الوجهات، وكذلك تدهور القدرة الشرائية، مقابل مشاريع ضخمة استفاد منها القطاع مع إجراءات تحفيزية وتسهيلات، كلها عوامل قد تخدم السياحة الجزائرية.

جهود حكومية

وقال وزير السياحة والصناعة التقليدية ياسين حمادي إن النهوض بقطاع السياحة يعد حتمية فرضت نفسها، بخاصة في ظل توافر إرادة قوية من قبل السلطات العليا للدولة. أضاف خلال لقاء مع المتعاملين الاقتصاديين أن موسم اصطياف لهذه السنة الذي يأتي عقب تجاوز الأزمة الصحية التي فرضتها جائحة كورونا، يشكل فرصة لإنعاش كل الأنشطة الاقتصادية بما فيها السياحية، داعياً المتعاملين والمهنيين في المجال السياحي إلى تكثيف التعاون وفتح أطر للنقاش من أجل تعزيز قنوات الحوار وتدارك النقائص للنهوض بهذا القطاع الحيوي الذي يعد من أبرز روافد الاقتصاد الوطني، وأعلن عن تنظيم ندوة وطنية، نهاية الشهر الحالي، لإعادة النهوض بقطاع السياحة بمشاركة جميع الفاعلين، وعن إعادة بعث المجلس الوطني للسياحة.

وفي سياق تحريك القطاع أيضاً، أوضح الوزير حمادي أن أسعار الفنادق ستكون في متناول الطبقة المتوسطة. وقال إن الوزارة أعدت مشروع مرسوم لتحديد وتسقيف أسعار الفنادق موسمياً، ستدرسه الحكومة في الأسابيع القليلة المقبلة، كما أن شراء الشقق في المناطق السياحية سيكون وفق تراخيص، وكشف عن أن الحظيرة الفندقية تتوفر على 1500 فندق، و36 فندقاً دخلت حيز الخدمة بعد رفع العراقيل عنها.

انتعاش

ولم تمر هذه الإجراءات التحفيزية والتسهيلات من دون أن يكون لها وقع إيجابي، وتبرز بوادر انتعاش بورصة تأجير الشقق والمنازل الصيفية بولايات ساحلية، على الرغم من الركود الذي تعرفه سوق شراء المساكن والبيوت في البلاد، بعد أن شرع كثير من العائلات، منذ نهاية شهر رمضان، في التحضير لعطلتها الصيفية، وفق ما جاءت به تقارير الوكالات العقارية التي أشارت إلى أن الحجز نحو دول عربية وأجنبية، يبدو أنه أصبح مستبعداً، بسبب انهيار القدرة الشرائية وغلاء أسعار التذاكر، وعليه فإن خيار السياحة المحلية يبقى البديل الأمثل.

الفرصة المناسبة

وفي السياق، رأى رئيس منظمة المؤسسات الاقتصادية الناشئة سابقاً عبد النور فلاح، أنها فرصة مناسبة أكثر من أي وقت مضى من أجل وضع أسس لإنعاش السياحة في الجزائر، على اعتبار أن البلاد تمتلك مؤهلات سياحية مهمة لا تختلف كثيراً عما تزخر به بعض الدول الشقيقة والصديقة، ما يجعلها في قلب اهتمامات شركات الاستثمار السياحي الدولية، وهو ما تفسره الطلبات الكثيرة الموضوعة لدى الهيئات المعنية، مضيفاً أن مساحات الاستغلال السياحي بتنوعها في الجزائر هي أضعاف مضاعفة من المساحة الكلية لكثير من الدول المصنفة في المراتب الأولى عالمياً، وهذا وحده مؤشر استراتيجي مهم على أن الجزائر ينقصها تنسيق الجهود الرامية إلى ترقية هذا القطاع الذي يصنف لدى بعض الدول كعمود فقري لاقتصادها، على غرار تونس وتركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف فلاح أنه وجب على السلطات العليا في البلاد اتخاذ قرارات مهمة تتجه صوب تحسين القوانين وتذليل العقبات التي من شأنها أن تعرقل أو تؤخر مشاريع ترقية السياحة في البلاد، كما يجب العمل، وبجدية، على تغيير الذهنيات بتعزيز وتثمين الموارد والوجهات السياحية، مشدداً على أن السياحة في الجزائر لا تقتصر على فصل واحد، وإنما هي امتداد على أربعة فصول، كما لا تهتم بنوع واحد، بل تشمل الشاطئية والحموية والصحراوية والغابية والجبلية والدينية وغيرها، وكل هذه الثروة تتطلب من فاعلين وسلطات ومسؤولين ومجتمع برمته، التوجه نحو هذا القطاع الحيوي بقوة.

كورونا خلق واقعاً مغايراً

من جانبه، اعتبر الباحث الاقتصادي في مجال إدارة الأعمال أنور سكيو أنه لطالما وصف كثيرون الحركة السياحية بالجزائر عموماً بالسلبية، أو ربما حتى المحتشمة، لكن فيروس كورونا خلق واقعاً مغايراً اليوم، بعد أن شهد، الصيف الماضي، اتفاقيات ثنائية كثيرة بين وكالات السياحة والأسفار والفنادق المحلية قبل الافتتاح الرسمي لموسم الاصطياف، مشيراً إلى أن الجزائر تحفة متكاملة المقاييس، وبلد يصنف بأنه أكبر بلد أفريقي بمؤهلات سياحية متنوعة بين الهضاب والصحراء والسواحل، وعليه، فإن التفاؤل بانتعاش متوقع لحركة السياحة الداخلية أمر معقول، ويمكن البناء عليه، بخاصة في ظل وضع الحدود البرية المغلقة نسبياً مع تونس، والارتفاع الملحوظ في تذاكر الطائرات نحو دول أوروبا وتركيا.

نظرة الخارج

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً عن السياحة الجزائرية يشير إلى أن الجزائر بلد ضخم، يحتل المرتبة العاشرة في العالم من حيث المساحة، لكنه أيضاً غامض ومختف وراء حواجز جغرافية ومصطنعة، وعرجت على "النكسة" التي شهدها قطاع السياحة في الجزائر الذي وصفته بالعملاق النائم، نتيجة تفشي جائحة كورونا، موضحة أن السمعة السياحية التي تحظى بها الجزائر في الخارج تبقى بعيدة عن ثراء ما تزخر به من معالم طبيعية وتاريخية، وأبرزت أن الجزائر يمكن القول إنها أحد الأماكن الأكثر تميزاً، والتي يمكن الوصول إليها من أوروبا، عبر رحلة قصيرة، غير أنها أبدت أسفها لغياب سوق لهذه الوجهة، وختمت أن صناعة السياحة، عليها أن تأخذ بالاعتبار، الثراء الذي تزخر به الجزائر في هذا المجال.

المزيد من منوعات