Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسيَّرات غزة... هل يتحول "السلاح الهادئ" إلى "استراتيجي"؟

دخل الخدمة عام 2014 و"حماس" تعمل على تطويره بينما تدرس إسرائيل سبل مواجهته

أدخلت الفصائل الفلسطينية الطائرات المسيرة في الخدمة العسكرية عام 2014 (مريم أبو دقة)

خلال أقل من شهر، أعلن الجيش الإسرائيلي إسقاط خمس طائرات مسيرة أطلقت من قطاع غزة باتجاه أراضيه، وكان آخر اعتراض أول من أمس، الخميس 19 مايو (أيار) الجاري، ولم تسبب هذه العمليات أي رد عسكري متبادل بين الفصائل الفلسطينية وتل أبيب، ليس في هذه المرات فحسب، بل منذ بدء استخدامها في عام 2014.

وفي تفاصيل حوادث الاعتراض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أمنون شيفلر، إن سلاح الجو خلال الشهر الجاري، رصد خمس قطع جوية مشبوهة فوق قطاع غزة تحاول اختراق الأجواء الإسرائيلية، وجميعها كانت قيد المتابعة من وحدة المراقبة الجوية.

المسيرة في نظر إسرائيل

وأضاف شيفلر، "القطع الجوية المشبوهة لم تتجاوز الحدود الفاصلة مع غزة، إذ جرى إسقاطها داخل القطاع، بواسطة صواريخ القبة الحديدية، ولم يسفر عن هذه الحوادث تشغيل صفارات الإنذار".

ولا يعترف جيش إسرائيل في الطائرات المسيرة، التي تنطلق من قطاع غزة، بأنها تحمل صفة طائرات، بينما يطلق عليها مصطلح "درون" صغيرة الحجم، أو قطع جوية أو حوامات، على الرغم من تأكيده أكثر من مرة أن هذه الوسيلة تمكنت من اجتياز الحدود، وربما تكون نفذت مهمة ما.

في العادة، لا تعلن الفصائل الفلسطينية في غزة، عن مسؤوليتها بشأن إطلاق طائرات مسيرة، خصوصاً إذا تمكنت إسرائيل من رصدها وإسقاطها، بينما تكشف عن القطع الجوية التي تتمكن من تجاوز الحدود وتصل إلى الأراضي الإسرائيلية وتستطيع تنفيذ مهمتها بعد فترة من الزمن وتعرض أشرطة مصورة للمهمات التي أدتها.

وكان آخر ما عرضته الفصائل الفلسطينية لمهمات نفذتها الطائرات المسيرة، شريط فيديو بثته حركة الجهاد الإسلامي في 19 مايو، لطائرة قالت إسرائيل إنها أسقطتها، لكن لم يكن ذلك صحيحاً، إذ تمكنت هذه القطعة الجوية ذات المهام الاستطلاعية من الوصول إلى البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وصورت مشاهد جوية تعرض للمرة الأولى لهذه المدن بواسطة مسيراتها، التي صنعت وانطلقت من داخل غزة.

2014 أول استخدام

في إطار البحث بشأن الفصائل، التي تمتلك طائرات مسيرة، تظهر النتائج أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تملكان هذا السلاح.

وبحسب حركة "حماس"، فإنها استخدمت الطائرات المسيرة للمرة الأولى في عام 2014، أثناء العملية العسكرية التي جرت آنذاك، ومنذ ذلك الوقت وهي تعمل على تطويرها بواسطة مهندسين متخصصين، إلى أن وصلت هذه الطائرات لمستويات لا تتوقعها إسرائيل.

أما حركة "الجهاد الإسلامي"، فأشارت إلى أنها استخدمت الطائرات أول مرة عام 2019، لكن أعلنت رسمياً عن امتلاك هذا السلاح في أبريل (نيسان) الماضي.

المتحدث باسم "حماس"، حماد الرقب، قال إن للفصائل الفلسطينية حق امتلاك ما تشاء من أنواع الأسلحة للدفاع عن الشعب الفلسطيني، في ظل استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة دولياً وانتهاكها لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. موضحاً أن تطوير الأسلحة مهم جداً من أجل الاستعداد لمعركة مقبلة، وهذا حق مكفول في القانون، لأن الفصائل تدافع عن نفسها وشعبها ووطنها.

لم تسبب توتراً حقيقياً

المراقبون العسكريون يصفون الطائرات المسيرة بأنها "السلاح الهادئ"، فعلى الرغم من خطورة إدخال قطع جوية في الصراع بين الفصائل وإسرائيل، إلا أنه لم يسبب توتراً حقيقياً، ولم يدخل الجانبان في مواجهة عسكرية بسبب هذا السلاح، سوى في عام 2019، بعدما ألقت طائرة مسيرة تتبع لحركة "الجهاد الإسلامي" عبوة ناسفة على آلية عسكرية إسرائيلية وألحقت بها أضراراً. حينها أغارت مقاتلات الجيش الإسرائيلي على عدد من الأهداف داخل غزة.

قال الباحث في الشؤون العسكرية، اللواء المتقاعد سعيد فنونة، إن الطائرات المسيرة تعد سلاحاً استراتيجياً لكنه هادئاً، وفي العلوم الحربية يطلق هذا المصطلح على الأسلحة الجديدة، التي ما زالت قيد التجريب ولم تدخل بشكل فعلي معركة عسكرية مفتوحة، وكذلك الأمر بالنسبة للقطع الجوية التي تصنعها الفصائل في غزة، فعلى الرغم من مشاركتها في أكثر من عملية عسكرية، إلا أنها لا تزال قيد التطوير، ولم تشارك في هجوم جوي واضح وتعترف به إسرائيل.

وأضاف فنونة، أن "هذه الطائرات تعد سلاحاً استراتيجياً للفصائل التي تطورها، خصوصاً بعد تشييد إسرائيل الجدار العازل على طول الحدود مع القطاع، الذي يعمل على حجب رؤية (حماس) لمجريات الجيش الإسرائيلي، وهدفه إفشال سلاح الأنفاق الهجومية، وهذا يعني أن فكرة السلاح الجوي باتت مهمة أكثر من الأنفاق في أي معركة مقبلة".

تطوير مستمر

تقر "حماس" بأنها تعمل على تطوير سلاحها الجوي، وبالتحديد في صناعة طائرات مسيرة، وبحسب ما أعلنت عنه، فإنها تملك ثلاثة أنواع منها، الهجومية والانتحارية والاستطلاع، وجميعها نفذت مهمات ناجحة داخل إسرائيل.

وأشار فنونة إلى أن هذه الطائرات تستخدم وفقاً لتحليلات للجيش الإسرائيلي لجمع المعلومات الأمنية، وبمعنى آخر فإن "حماس" تستخدم الطائرات في دور استطلاعي، وهذا يعني في العلوم العسكرية أنها سلاح صامت لا يسبب توتراً أمنياً يدفع لعملية عسكرية، طالما لا تحمل معدات قتالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي العسكرية، بحسب الباحث، توجد أسلحة هادئة، لكنها تثير القلق، مثل الطائرات المسيرة، التي تدرس إسرائيل سبل إيقاف خطرها، بينما تعمل الفصائل في غزة على تطويرها، و"بما أن هذا السلاح ما زال يوصف بالتجريبي، فإن النتائج لدى الحركات المسلحة ستحكم في الاعتماد عليه كسلاح استراتيجي من عدمه، فيما تأخذه تل أبيب على محمل الجد".

وبتقديرات إسرائيل، يشير المتحدث باسم جيشها أمنون شيفلر، إلى أن حركتي "حماس والجهاد الإسلامي تعطيان أولوية كبيرة لتطوير الحوامات، بدلاً من مشروع بناء الأنفاق، وتعتبرها سلاحاً استراتيجياً، الأمر الذي دفعنا إلى دراسة مشاريع مختلفة لتطوير سلاح مواجهة لها".

لكن فنونة أوضح أن هذه القطع الجوية المسيرة من دون طيار محلية الصنع، لا تحتوي على لوحات إلكترونية تمكن الجيش الإسرائيلي من اكتشافها أو ملاحقتها عند دخولها أجواءه، لذلك من الصعب اكتشاف سلاح خاص لمواجهتها، وكان ذلك واضحاً بأن هذا السلاح وصل مناطق مهمة في تل أبيب من دون أن يشعر الجيش بذلك.

ومن بين التخوفات، التي ظهرت في تل أبيب من سلاح المسيرات، حمل مرافقو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، أجهزة مضادة للطيران، أثناء زيارته الأخيرة لحدود غزة قبل مغادرته سدة الحكم، وذلك تخوفاً من حدوث أي طارئ، أو إطلاق "حماس" طائرات مسيرة في وقت الزيارة.

المزيد من الشرق الأوسط