Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا اخترق العميل الروسي وكالة "سي آي أي" الأميركية

كتاب جديد يكشف عن شخصية "الجاسوس الرابع" في أكبر عملية استخباراتية حدثت بين البلدين

تبدأ قصة التجسس في نهاية الثمانينيات بعميل مزدوج بالاسم الحركي ماكس (أ.ب)

يصدر قريباً كتاب جديد لضابط استخبارات أميركي سابق بعنوان "الرجل الرابع: البحث عن جاسوس لكي جي بي في قمة هرم سي آي أي وصعود روسيا بوتين" يكشف عن اختراق الاستخبارات الروسية أكبر جهاز استخبارات غربي، وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أي" وتجنيد أحد كبار مسؤوليها للعمل لصالحهم. ويركز الكتاب، لمؤلفه روبرت باير وهو ضابط استخبارات أميركي سابق له مؤلفات عدة عن الجاسوسية، على عملية البحث داخل الوكالة عن ذلك الجاسوس منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.

ومنذ منتصف التسعينيات دارت الشكوك حول ذلك الجاسوس، وهو شخصية بارزة في الوكالة الأميركية، لكن من دون إثبات أي شيء فعلي عليه. وهو الآن متقاعد من الوكالة لكنه ما زال حياً. أما لماذا يسميه مؤلف الكتاب "الرجل الرابع" فلأنه يحدد الثلاثة الذين اكتشفوا كجواسيس للكرملين في المؤسسة الأمنية الأميركية قبله. وهم: إدوارد لي هوارد وأولدريتش آميس من وكالة الاستخبارات المركزية وروبرت هانسن من مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي آي".

وتشبه العملية ما حدث في مؤسسات الاستخبارات البريطانية في خمسينيات القرن الماضي، حين هرب دبلوماسيان بريطانيان إلى موسكو هما غاي بريغيس ودونالد ماكلين. وبدا واضحاً أنهما كانا يتجسسان لصالح السوفيات من قلب المؤسسة الأمنية البريطانية. لكن الاستخبارات البريطانية ظلت تشك بأنه كان هناك "رجل ثالث". وتركزت الشكوك حول الجاسوس الثالث على أنه كيم فيلبي ضابط الاستخبارات الخارجية البريطانية (أم آي 6) الكبير والمسؤول الأول عن التنسيق مع "سي آي أي" الأميركية والمقرب جداً من المسؤول الأول عن اكتشاف الجواسيس من الداخل في الوكالة الأميركية جيمس إيغلتون. وعلى الرغم من محاولات جهاز الاستخبارات البريطانية لتحديد الجاسوس الثالث لم تستطع إثبات شيء على فيلبي.

شهادات من أحياء

سبق وأصدر مؤلف الكتاب روبرت باير عدة كتب عن الجاسوسية من واقع تجربته في وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن يتقاعد، منها كتاب أقرب إلى السيرة الذاتية. وخلال عمله في الوكالة حين كان مسؤولاً عن قسم "يوراسيا" في إدارة العمليات الذي يدير عمليات الوكالة في القوقاز وآسيا الوسطى، عملت معه لاين بانرمان. وهي متخصصة في مكافحة التجسس وكانت ضمن فريق البحث عن "الجاسوس الرابع".

وحين نقلت إلى إدارة باير كانت أبعدت عن ذلك البحث ولم يحدث أن تفوهت بكلمة عن العملية. لكن بعد تقاعد باير ومعرفته بموضوع "الجاسوس الرابع" تحدثت هي وعدد آخر من ضباط الوكالة للمؤلف عما يعرفونه بشأن موضوع الرجل الرابع. واستناداً إلى ما جمعه من تلك الحوارات، وما ورد في كتابين سابقين أعد باير كتابه عن الرجل الرابع. ومن المهم الإشارة إلى أن مثل تلك الكتب لضباط الوكالة السابقين لا تصدر إلا بعد مراجعتها من قبل الوكالة والتصريح بها.

يستغرب بعض من اطلعوا على الكتاب قبل صدوره، وكتبوا عنه، من كم المعلومات التي صرحت بها الوكالة. وبعض هؤلاء الذين كتبوا عن الكتاب هم من ضباط الاستخبارات السابقين الذين يعرفون أن الوكالة غالباً ما تشطب كثيراً من مؤلفات العاملين فيها سابقاً قبل نشرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قصة الجاسوس الرابع

تبدأ القصة في نهاية الثمانينيات بعميل مزدوج بالاسم الحركي ماكس. كان ذلك ضابط الاستخبارات الروسية ألكسندر زابوروجسكي الذي جندته "سي آي أي" في دولة في شرق أفريقيا. وأبلغ ماكس ضابط الوكالة المسؤول عنه أن الروس اخترقوا الوكالة و"أف بي آي". وقدم معلومات ثبت قطعيتها أشارت إلى الجواسيس الثلاثة السابق ذكرهم.

وحين أبلغ ماكس في منتصف التسعينيات عن اختراق روسي آخر لـ"سي آي أي"، أخذت معلوماته على محمل الجد. بخاصة أن بعض إخفاقات عمليات الوكالة في روسيا، وحتى في بريطانيا وفرنسا ضد الروس، لم يكن ممكناً إلقاء التبعية في فشلها على تخابر الجواسيس الثلاثة السابقين فقط. وكان واضحاً من معلومات الجاسوس الروسي المزدوج أن الشخص الذي جنده الروس أعلى رتبة ولا شك أنه مطلع تماماً على تفاصيل إدارة العمليات وغيرها من المعلومات التي لا يصل إليها إلا كبار مسؤولي الوكالة.

وفي عام 1994، شكل رئيس إدارة العمليات تيد برايس فريقاً صغيراً للبحث عن عميل الروس بين مسؤولي الوكالة، وكان من ضمن الفريق بانرمان. وبالبحث والتحليل ومراجعة العمليات وبيانات تحرك مسؤولي الوكالة ومقارنتها بالإخفاقات أبلغ الفريق رئيس إدارة العمليات بأن الشكوك كلها تتركز حول بول ريدموند. كان بول ريدموند نائب رئيس إدارة العمليات في الوكالة، وهي قلب الـ"سي آي أي" الاستخباراتي تقريباً.

انتقم بول ريدموند من فريق البحث وتم نقلهم جميعاً إلى أماكن أخرى في الوكالة والتزموا الصمت. بعد ذلك ظهر مشتبه فيهم آخرون على أنهم "الجاسوس الرابع"، وكانت أغلب تلك المعلومات تأتي من مصادر أدارها ريدموند في السابق. وكان يتم تبرئة هؤلاء بسرعة.

في النهاية تقاعد ريدموند وكل فريق البحث الذي كشف عن الشكوك حوله، ولم يثبت شيء على الرجل الرابع. لكن في عام 2006 بدأ "أف بي آي" تحقيقاً بشأن ريدموند وبدأوا يسألون ضباطاً سابقين في الوكالة عن حادثة محددة وهي رحلة منفردة غير اعتيادية قام بها ريدموند إلى موسكو منتصف الثمانينيات.

وفي الكتاب، تحدث باير إلى ريدموند بعد ذلك التحقيق، ونفى ريدموند تماماً القيام بتلك الرحلة. إلا أن أحد أعضاء فريق البحث السابق أكد أنه قام بها وأن "أف بي آي" لديه من المعلومات الموثقة ما يدحض أي شك.

وعلى الرغم من أن الكتاب لا يحسم الأمر تماماً فإن الاختراقات موجودة وتجنيد العملاء لاختراق الأجهزة الأخرى أمر ثابت تاريخياً. ففي النهاية على الرغم من عدم إثبات شيء على كيم فيلبي فإنه انشق وهرب إلى موسكو عام 1963. وساعتها فقط تأكد أنه كان "الجاسوس الثالث" للروس في بريطانيا. ولا شك أنه منذ ذلك الحين كان هناك رابع وخامس وسادس... وبالتالي ربما كان ريدموند الجاسوس الرابع، وربما لا، وربما هناك غيره وغيره في ربع القرن الأخير أيضاً.

المزيد من تقارير