Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تتجه لإعادة هيكلة الاقتصاد وتطرح أصولا أمام المستثمرين

قال باحثون إن حصيلة البيع تُستخدم لدعم احتياطي النقد الأجنبي وتشجيع التداول في البورصة

ستزيد الدولة المصرية وجودها في النشاطات المتعلقة بقناة السويس (رويترز)

أفادت مسودة وثيقة، تداولتها وسائل إعلام مصرية، بأن الحكومة حددت قطاعات تقول إن الدولة ستتخارج من أنشطة فيها على مدى السنوات الثلاث المقبلة في إطار تشجيع القطاع الخاص. وتحدد وثيقة سياسة ملكية الدولة أنشطة يستمر وجود الدولة فيها بالحجم نفسه أو أقل، وأخرى يستمر فيها وجودها بالحجم نفسه أو يزيد.

وتعرض الاقتصاد المصري لهزة جراء نزوح رؤوس أموال وارتفاع تكاليف الاستيراد وصدمة لقطاع السياحة ناتجة من الهجوم الروسي على أوكرانيا. وتجري الحكومة المصرية حالياً محادثات بشأن برنامج قرض جديد مع صندوق النقد الدولي، لم يعلن عن تفاصيله حتى الآن.

وتقول الحكومة إنها تستهدف إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي على مدى أربع سنوات، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات المنفذة من 30 في المئة حالياً إلى 65 في المئة خلال ثلاث سنوات. وتتحدث عن بيع مجموعة من الأصول الحكومية منذ سنوات، لكن الخطط تم تأجيلها في الغالب، وهو ما يرجع لأسباب منها اضطرابات في السوق وعقبات قانونية وبيروقراطية.

وبحسب الوثيقة، فإن الأنشطة التي تعتزم الحكومة التخارج منها خلال ثلاث سنوات تشمل الحبوب باستثناء القمح وإنشاء الموانئ ومحطات تحلية المياه وأنشطة البناء باستثناء بعض المشروعات العامة.

وتشمل المجالات التي تعتزم الحكومة الحفاظ على وجودها مع إمكانية تقليص محطات توليد الكهرباء والتعليم قبل الابتدائي وإدارة وتشغيل وصيانة مترو الأنفاق والملكية العقارية وإنتاج الألبان وأنشطة الوساطة المالية المساعدة. فيما تشمل المجالات التي قد تزيد فيها الدولة وجودها البنية التحتية للنقل والتعليم وإنتاج ورفع مياه الشرب وأنشطة متعلقة بقناة السويس وبعض أنشطة الوساطة المالية والتأمين.

تمويل الاحتياطي وتعزيز دور القطاع الخاص

يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي، عماد كمال، أن كل ما تعلنه الحكومة المصرية في إطار إعادة هيكلة الاقتصاد لا يستهدف تجميع حصيلة من العملات الصعبة فحسب، إنما الهدف الأساسي هو دعم الاقتصاد الكلي وزيادة إنتاجية وربحية الشركات.

ويلاحظ أن البورصة المصرية التي تعد من أكبر أسواق المال في المنطقة، تبحث عن محفزات قوية منذ أكثر من عامين، وحتى الآن نرى تداولات هزيلة، وهو ما يرجع إلى بحث السوق عن محفزات، وخصوصاً ما يتعلق ببرنامج الطروحات الحكومية الذي تعثر أكثر من مرة منذ الإعلان عنه قبل سنوات.

ويشير إلى أنه بخلاف دعم البورصة وتشجيع القطاع الخاص سواء المحلي أو الاستثمار الأجنبي، فإن حصيلة هذه الهيكلة ستسهم في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي شهد تراجعات كبيرة خلال الفترات الماضية بسبب خطط التحفيز التي أعلنتها الحكومة، إضافة إلى تخارج شريحة كبيرة من الأموال الساخنة من السوق المصرية خلال الفترة الماضية. لذلك، فإنه سيتم استخدام حصيلة بيع الحصص أو إعادة الهيكلة في تمويل الاحتياطي، وتخفيف حدة عجز الموازنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الحكومة المصرية قدرت كلفة الحرب الأوكرانية على موازنتها عند 130 مليار جنيه (7.13 مليار دولار). وقال رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، إنه من الواضح أن الأزمة الاقتصادية ستطول أكثر مما كان متوقعاً. ولفت إلى أن الحكومة ستعزز دور القطاع الخاص وخفض معدلات الدين وتعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية وتوطين الصناعة المصرية.

وتابع "الأزمة الحالية لم تحدث منذ أكثر من 80 عاماً والخسارة قدرت بـ12 تريليون دولار ما يمثل خمسة أمثال الناتج المحلي الإجمالي لقارة أفريقيا بالكامل وأربعة أمثال دول أوروبية، وقامت مؤسسات مالية عالمية بخفض توقعات معدلات النمو العالمية". ولفت إلى أن هذه الأوضاع أثرت في حركة الإنتاج والتجارة العالمية، وقد قدرت خسائر التجارة بنحو 300 مليار دولار. وفي ضوء هذه الأوضاع ارتفعت معدلات الدين العالمي و60 في المئة من الدول الأشد فقراً أصبحت في حالة حرجة.

وقال إن الحكومة المصرية تستهدف خفض المديونية إلى نحو 75 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية يونيو (حزيران) 2026، وخفض عجز الموازنة إلى نحو خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأربع المقبلة. وتستهدف الحكومة أيضاً تحقيق فائض أولي بنحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وخفض تكلفة الاقتراض وخدمة الدين الحكومي إلى ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في موازنة 2025-2026.

تعثر برنامج الطروحات الحكومية

وكانت الحكومة المصرية أعلنت في وقت سابق عزمها استئناف برنامج متعثر لإدراج أو بيع حصص إضافية في أكثر من 20 شركة حكومية. ووفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فقد تلقت الحكومة عروضاً من أربعة تكتلات دولية لإعادة تأهيل وتطوير مجمع التحرير في وسط القاهرة، لكنها رفضت تقديم تفاصيل إضافية بشأن العروض.

ويبدو أن خطوة إعادة تفعيل برنامج طرح الشركات الحكومية للاكتتاب العام تشير إلى أن السلطات المصرية واثقة من ظروف السوق التي توترت على مدى العامين الماضيين، بسبب تأثير جائحة فيروس كورونا فضلاً عن تحديات الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بشكل جزئي. ومن بين أكثر من 20 شركة تستهدف مصر إدراجها في البورصة أو بيع حصص منها لمستثمرين، من ضمنها "بنك القاهرة"، تمكنت الحكومة المصرية من بيع حصة إضافية في الشركة "الشرقية" التي تحتكر صناعة التبغ في البلاد.

وقبل أيام، أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن حزمة قرارات تتعلق بإعادة هيكلة الاقتصاد، من بينها تكليف الحكومة بعقد مؤتمر صحافي عالمي لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، مع توجيه الحكومة بتعزيز أوجه الدعم المقدم لمزارعي القمح في مصر، وذلك بزيادة المحفزات المقدمة لهم سواء كانت مادية أو خدمية، بما يحقق زيادة في الاكتفاء الذاتي من القمح.

ووجه السيسي بدعم مضاعف للقطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة للاضطلاع بدوره في تنمية الاقتصاد وتوفير البيئة اللازمة لتحقيق ذلك. وأطلق مبادرة لدعم الصناعات الوطنية وتوطينها للاعتماد على المنتج المحلي، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توسيع قاعدة الصناعات الكبرى والمتوسطة.

وأعلن الرئيس المصري عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المتخصصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، إضافة إلى تكليف الوزارات والمؤسسات والأجهزة المعنية باستمرار عمل المعارض التي أسهمت في توفير السلع الأساسية للمواطنين على مستوى محافظات الجمهورية، بالاستمرار في تقديم السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مدعمة حتى نهاية العام الحالي.

وكلف الحكومة بطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، مع الإعلان عن خطة واضحة يتم الالتزام بها لخفض الدين العام كنسبة من الدخل القومي. كذلك تكليف الحكومة بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف عشرة مليارات دولار سنوياً ولمدة أربع سنوات، مع تكليف الحكومة بالبدء في طرح حصص من شركات مملوكة للدولة وللقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الحالي.