Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهاجس الأوكراني يخيم على مهرجان كان الـ75

الهند ضيف شرف وفيلم الإفتتاح الروسي يبدل عنوانه

مَن يصل إلى مدينة كان الساحلية مبكراً استعداداً لحضور مهرجان الفيلم الشهير (من 17 إلى 28  مايو- أيار)، يتابع كل التفاصيل بدقة. يراقب كل التحولات التي تنقل مدينة مملة على ضفاف المتوسط إلى قرية كونية. المهرجان يوفر 12 يوماً من ماراثون مشاهدات ولقاءات واكتشافات، فلهاث خلف كل مستجد ومثير في عالم الفن السابع، وصولاً إلى التموضع في قلب الحدث الذي يتابعه الملايين في مختلف وسائل الاعلام والتواصل. انه الموعد الذي لا مفر منه لمحبي الشاشة. والمهرجان يجري هذا العام في توقيته الربيعي المعتاد: شهر مايو.

بعد دورة العام الماضي التي عُقدت في الصيف نتيجة ارجائها بسبب تفشي الوباء، يعود مهرجان "كان" إلى وضعه الطبيعي السابق، لدرجة يبدو معه الكورونا هاجساً من الماضي. والجائحة التي خربت المهرجانات وألحقت الضرر بالصناعة السينمائية باتت لفظاً غير مرغوب فيه، مذ قررت ادارة كان هذا العام تقديم أول تظاهرة سينمائية ما بعد كوفيد، خالية مئة في المئة من أي اجراءات احترازية. فهذا عملياً أول مهرجان سينمائي يُقام بعد الوباء بصورة طبيعية. وداعاً للكمامات التي كانت تحبس أنفاس المشاهدين في الصالات، وكذلك الفحوصات اليومية التي كانت من شروط الدخول إلى دور العرض. حتى شهادة التلقيح لا أحد يسأل عنها. هذا كله بات ذكرى سيئة من الماضي القريب، والمهرجان الذي يلتزم بالقرارات التي تصدر عن وزارة الصحة، اكتفى بنصح الرواد بارتداء الكمامات ولكن لا أحد مجبراً على ذلك؛ فالأمور عادت إلى سابق عهدها وأخذت الأشياء تستعيد إيقاعها الطبيعي، وكأننا في العام 2019. "الكمامة ليست الزامية ولكنها ليست ممنوعة". هذا هو شعار المهرجان الصحي، وهو ترك لكلّ شخص حرية التصرف لحماية نفسه من أي اصابة. 

أجواء طبيعية

في المقابل، الأعطال التقنية طوال اليوم الذي سبق الافتتاح أفسدت الأجواء اللطيفة بالعودة إلى الحياة الطبيعية. هذه الأعطال كانت محل تململ خصوصاً من أهل الصحافة والاعلام المتواجدين هنا لتغطية الحدث. فما جرى هو أن عطلاً في الانترنت منع المشاركين في المهرجان من استلام بادجاتهم والانصراف إلى أعمالهم. طوابير طويلة تكدست أمام مدخل المقر الذي يوزع الاعتمادات الضرورية لمشاهدة الأفلام والدخول إلى حصن "كان". أما المشكلة الثانية فتجسدت في صعوبة الحصول على التذاكر في ظل الأعطال التقنية المتكررة التي يعاني منها الموقع الذي وُضع في تصرف المشاركين في المهرجان لحجز تذاكرهم، نتيجة الضعط الذي شهده هذا الموقع فور انطلاقه. فنظام الحجز يُفتتح كل يوم صباحاً في تمام الساعة السابعة، ويسارع بضعة آلاف من الناس إلى الكبس على أزرار هواتفهم النقالة للحصول على تذاكر الأفلام التي يرغبون في مشاهدتها في اليوم نفسه أو في الأيام الأربعة المقبلة. وهذا ما جعل الوصول إلى المعلومات بطيئة ومتعثرة نتيجة الضغط الهائل من المستخدمين. لكن المهرجان أرسل بياناً يقول فيه ان الموقع يتعرض لاستهداف غايته منع المشاركين من الحصول على تذاكر، وقرر بالتالي إنشاء موقع حجز خاص بالصحافيين. لكن، هل نظام الحجز المسبق الذي كان وضعه المهرجان لتفادي الزحمة على أبواب الصالات في زمن كورونا، سيبقى قائماً إلى الأبد؟ ولماذا لا يعود المهرجان إلى الطوابير بعد انتهاء الأزمة الصحية، فأحياناً أفضل الحلول هي الحلول التقليدية، خصوصاً أن الطوابير صنعت جزءاً من مجد "كان".

منع الروس الرسميين

سؤالان لم يُطرحا على المفوض العام للمهرجان تييري فريمو خلال مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر أمس. كما كان متوقعاً، تصدرت الحرب الروسية على أوكرانيا أسئلة الاعلام ونالت الحصة الأكبر من الاهتمام. فالمهرجان كان قد أعلن قبل فترة أنه لن يستقبل الوفود الرسمية الروسية المرتبطة بالكرملين، ولن يكون منبراً لخطابها السياسي سواء كان ضمنياً أو مباشراً. ثم قبل أيام انتشرت معلومات تفيد أن الصحافيين الروس الذين يغطون الحدث منذ سنوات، لم ينالوا بدورهم اعتمادات من مكتب الصحافة تخولهم المشاركة في كان. رد فريمو على هذه المسائل موضّحاً: "نحن أصدرنا بياناً صحافياً في بداية الحرب لنتخد موقفاً واضحاً وهو عدم قبول أي تمثيل رسمي روسي في المهرجان، واقصاء كل ما هو مرتبط بالجهات الحكومية التي تشن حرباً على أوكرانيا، بالاضافة إلى الصحافيين الذين يمثّلون صحف الخط الرسمي. هذا لا يعني منعاً لصحافيين روس بقدر ما هو منع لصحافيين يعملون في صحف تدافع عن السلطة. في المقابل، هناك فنانون وصحافيون روس متواجدون في المهرجان، وهم من الذين غادروا روسيا. المخرج كيريل سيريبرينيكوف أدرك أنه إذا لم يغادر روسيا فسيكون شريكاً في هذه الحرب، فغادرها. واعتبر أن هذا التصرف هو من مسؤولياته. سينمائيون آخرون لا أتجرأ حتى على ذكر أسمائهم اتخذوا أيضاً خيار المغادرة. وهناك كذلك صحافيون جازفوا بحياتهم، وهم الآن يواصلون عملهم من خارج روسيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 في المقابل، أثار بعض الصحافيين قضية فيلم "زوجة تشايكوفسكي" لسيريبرينكوف الذي يفتتح مسابقة الدورة الحالية. الفيلم نال بعض التمويل من بعض الأوليغارشيين الروس الذين فرضت عليهم عقوبات اقتصادية. لكن فريمو قال إن الفيلم أُنجز قبل الرابع والعشرين من فيراير(شباط) الماضي، تاريخ اندلاع الحرب، ولم يخفِ أنه يتلقى خمس رسائل الكترونية يومياً من ناس يلفتون نظره إلى وجود مصادر تمويل روسية في بعض الأفلام. هذا مع العلم ان المعهد الأوكراني كان قد وجّه رسالة إلى مخرج فيلم الافتتاح ميشال أزانافيسيوس كي يغيّر عنوان فيلمه Z، باعتبار أن هذا الحرف هو رمز ينتصر للغزو الروسي لأوكرانيا. بعد هذه الرسالة، تم تعديل عنوان الفيلم الذي سيدشن الدورة الـ75 هذا المساء ليصبح "اقطعوا!".   

موضوع الصراع الروسي الأوكراني أخذ بُعداً سوريالياً عندما سألت صحافية هندية لماذا الهند هي ضيفة شرف سوق الفيلم في "كان" وهي الدولة التي تنحاز إلى روسيا، وهل حصل ذلك لأن فرنسا تبيع الأسلحة إلى الهند؟ ضحك فريمو وقال إنه لم ينظر إلى لائحة البلدان التي امتعنت عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعليق عضوية روسيا وإن المهرجان لا يذهب بعيداً إلى هذا الحد في أخذ الاجراءات.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما