Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط مجددا… في أتون الصراع الليبي

تصريحات رئيس المؤسسة الوطنية في طرابلس تحمل تحذيرات من استخدام منشآته لأغراض عسكرية

صراع للسيطرة على مصافي النفط في ليبيا (رويترز)

عاد النفط ورقة جديدة للضغط في أتون الحرب الليبية جنوب طرابلس، بين قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، في استمرار لحضوره في غالبية محطات الأزمة. وعلى الرغم من بعد منابعه ومنشآته عن ميدان القتال جنوب العاصمة، إلا أن تصريحات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس مصطفى صنع الله المتوالية والتي تحمل تحذيرات من "استخدام منشآت النفط لأغراض عسكرية"، متهماً الجيش الوطني بذلك، حملت مجلس النواب للرد وأدخلت مسؤولين على رأسهم صنع الله نفسه في دائرة الاتهامات المتصلة بالتصعيد العسكري الحالي. يبلغ إنتاج ليبيا حالياً نحو 1.1 مليون برميل يومياً، وباعتباره عماد الاقتصاد الليبي، كانت السيطرة على قطاع النفط ضمن بؤرة الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، فالصراع على القطاع من وقتها يدور بإيقاع بطيء يتخلله اندلاع قتال مستعر من حين إلى آخر.

المنشآت النفطية كأوراق مساومة

واستغلت غالبية الفصائل المتصارعة في البلاد المنشآت النفطية كأوراق للمساومة على مطالبها المالية والسياسية، وأغلقت في الفترة ما بين 2013 و2016 من قبل رئيس حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم الجضران المدرج على قوائم العقوبات الأممية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل أن يطلق الجيش حملة عسكرية في عام 2016 للسيطرة على معظم المرافق النفطية في شرق ليبيا ووسطها، وتوغلت قواته الأشهر الماضية إلى الجنوب لتبسط سيطرتها على حقلي الشرارة والفيل النفطيين الرئيسيين. وبعد عملية الجيش الأخيرة لـ "تحرير العاصمة طرابلس من سطوة الميليشيات" تحاول حكومة الوفاق استثمار ملف النفط ضمن الأوراق التي يمكن أن تؤثر في الموقف الدولي الذي تميل كفته لصالح الجيش، وإطلاق تهم تحمّل الجيش مسؤولية انهيار القطاع النفطي واستغلال منشآته "لأغراض عسكرية" على الرغم من اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال اتصال هاتفي أجراه مع المشير حفتر في العشرين من أبريل (نيسان) الماضي، بقدرة الجيش على "تأمين المنشآت النفطية" والإشادة بدوره في تأمين استمرار عملية التصدير.

تحذيرات

وأطلق صنع الله آخر التحذيرات حول إمكان "سحب العاملين بميناء رأس الانوف"، بمنطقة الهلال النفطي، على خلفية "استخدام المرافق والمنشآت النفطية في أي أعمال عسكرية" معتبراً أن العاملين بالمنطقة مهددون، متهماً الجيش بإدخال "80 عسكرياً لميناء راس الانوف" والاستيلاء على 13 مقراً سكنياً خاصاً بالموظفين. هي ليست الاتهامات الأولى، فقد سبق أن اتهم الجيش بــ"إدخال سفينة حربية إلى الميناء للتزود بالوقود"، ما جعل رد الفعل يتصاعد أكثر من المتوقع، وعلى الرغم من نفي إدارة الميناء "صحة تصريحات صنع الله" وأن "الأشغال تجري بالميناء بشكل طبيعي"، إلا أن لجنة الطاقة بمجلس النواب وغرفة العمليات الغربية التابعة للجيش، اتهمتا صنع الله بالانتماء إلى "جماعة الإخوان المسلمين" والعمل لصالحهم، وحملت غرفة العمليات الغربية "حكومة الوفاق مسؤولية أي تصعيد يطال موانئ وحقول النفط".

اسعار النفط

في سياق متصل، فإن استمرار الحرب جنوب طرابلس، سيؤثر على المدى الطويل في أسعار النفط الخام وقد ينتج منه من تراجع الإنتاج. ويرى المحلل السياسي عبد الصمد هريمة، أن "مواقف الحكومة التي أدخلت ملف النفط في أتون الصراع كورقة للضغط سيسرع من تلك الآثار"، مضيفاً أنه "كان على الحكومة التي تمتلك شرعية تصدير النفط دولياً أن تنأى بمصدر الثروة الوحيد في البلاد". ويوضح هريمة في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن موقف الجيش "يحظى باحترام كبير فلم يلجأ طيلة السنوات الماضية لاستخدام النفط في حملاته العسكرية على الرغم من أن منابعه تحت سيطرته"، متسائلاً "ما الذي يمنع أن يضع الجيش المجتمع الدولي في الأمر الواقع، فموانئ النفط تحت سيطرته ويمكنه أن يتحكم فيها ويمتلك قرار تصدير النفط من الحكومة". واعتبر هريمة أن تصريحات صنع الله ستزيد من آثار الأزمة وتعقدها بشكل أكبر، موضحاً أنه "من الممكن جداً أن يقع النفط في دائرة الصراع ويتم تقسيم موارده وصادراته والمسؤول وقتها هو الحكومة التي فقدت كل أوراقها وتحاول تسييس النفط"، لافتاً إلى أن "دخول صنع الله في دائرة الاتهامات السياسية أمر مقلق".

اتهامات صنع الله

وتعليقاً على اتهامات صنع الله باستخدام موانئ النفط لأغراض عسكرية، ينفي نصر الفاخري، مهندس بشركة رأس الانوف النفطية، ما اعتبرها "مزاعم صنع الله". وقال لـ "اندبندنت عربية" إنها "تهم قد تنطلي على غير المتخصص"، متسائلاً "لماذا منظمة كالأوبك والأمم المتحدة لم تتفاعل مع اتهامات صنع الله؟". يشرح الفاخري الأوضاع في موانئ النفط قائلاً "هي مصممة لأغراض التصدير بحسب مواصفات فنية تأخذ في الاعتبار منذ البداية خطر الوجود العسكري فيها، بالتالي فعمقها لا يسمح بدخول أي قطعة عسكرية عبر البحر، ما ينسف تحذيرات صنع الله من أصلها"، لافتاً إلى أن الاعتداءات التي تعرضت لها موانئ الهلال النفطي سابقاً أتت من جانب البر وليس البحر. وتتوزع خريطة مواقع النفط بين أقاليم ليبيا الثلاثة، حيث تتركز منابعه في الجنوب الشرقي ووسط الجنوب وراء منطقة الهلال النفطي، بينما توجد أهم موانئ التصدير في منطقة الهلال النفطي شمال وسط البلاد، أما في الغرب الليبي فتتركز مناجم ومواقع الغاز.

مخاوف متضاربة

ويرى هريمة في تصريحات صنع الله تذبذباً، "منذ أبريل الماضي وحتى الآن أبرز مخاوف متضاربة في عشرات التصريحات لا تخدم سوى استثمار ورقة النفط، ولا تؤكد سوى عدم حياده وانحيازه لصالح الحكومة في طرابلس"، مشيراً إلى أن "بعضها يحذر من تأثير الحرب على انخفاض مستويات الإنتاج وأحياناً يتهم الجيش باستغلال الموانئ لأغراض عسكرية، وحيناً يحذر من أن النفط سيتسبب في تقسيم البلاد". لكن هريمة في الوقت ذاته، لا يخفي مخاوفه من "تحول موارد النفط أداة لتمويل الصراع، خصوصاً إذا استمرت الحكومة في تمويل قواتها من موارد حقول النفط التي يحميها الجيش، ما سيدفعه بكل تأكيد إلى إصراره على حسم الأمر عسكرياً، خصوصاً مع وضوح شكل المجموعات المسلحة التي تدعهما الحكومة وإمكان أن يكون تسلل متطرفين في صفوفها أمراً أكيداً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي