Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين وبايدن وحرب أوكرانيا من التصغير إلى التكبير

المعارك التي كانت موسكو تتصور أنها تنتهي خلال أسابيع دخلت شهرها الثالث ومرشحة لأن تدوم سنوات

دمار في مدينة ماريوبول نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا (أ ف ب)

كان من الوهم في الغرب تصور الرئيس فلاديمير بوتين يقوم بنوع من المراجعة لغزو أوكرانيا المتعثر في خطاب النصر على النازية بعد 77 عاماً، وما قيل عن أنه توهم في روسيا حيال مؤامرة أميركية لإضعافها واحتوائها وتطويقها، بدا سياسة معلنة عبر الخطوات الواسعة التي قام بها الرئيس جو بايدن لتسليح أوكرانيا، فلا مجال لأن يعترف قيصر روسي بأنه أخطأ التقدير والتقرير، ولا فرصة أمام رئيس ديمقراطي يتهمه الجمهوريون بالضعف وينتقده أعضاء كونغرس من حزبه الديمقراطي لإثبات العكس عشية الانتخابات النصفية، وفي اللعبة الجيو-سياسية والاستراتيجية أكثر من الميدان في أوكرانيا.

بوتين ردد في خطاب النصر الأسباب نفسها التي مهددت للحرب، "دفاع عن الوطن الأم، حرب وقائية لنزع النازية وإجهاض هجوم أوكراني على القرم والدونباس ودعم أطلسي لتفكيك روسيا، وخيار لا بد منه وقرار صائب"، وبايدن طلب من الكونغرس الموافقة على 33 مليار دولار لدعم أوكرانيا، وأعاد إلى الحياة برنامج "الإعارة والتأجير" الذي اعتمده الرئيس روزفلت في الحرب العالمية الثانية لدعم بريطانيا وحلفائها بالسلاح الأميركي، فصار قانوناً تحت عنوان "الإعارة للدفاع عن الديمقراطية الأوكرانية".

"النازية"

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فإنه رد على حديث بوتين عن "محاربة النازية" في أوكرانيا بأن "ملايين الأوكرانيين طردوا النازية من المدن التي تقصفها روسيا اليوم، فالشر عاد، واجتياح روسيا لأوكرانيا مثل عدوان ألمانيا النازية على أوروبا".

ولا مجال للخطأ في قراءة رسالة بايدن، في حين ترك بوتين مكاناً واسعاً للغموض في أهدافه وخطواته المقبلة، وكل ما قاله هو أن "الأهداف التي وضعناها للعملية العسكرية سوف يتم تحقيقها"، فهو عندما تراجع عن معركة كييف أوحى بأنه اختصر أهدافه بالتركيز على الدونباس وخيرسون وماريوبول. لكن تصغير الأهداف لم يحل المشكلة، فمدير الاستخبارات الدفاعية في الـ "بنتاغون" الجنرال سكوت بيرير يصف الوضع بأنه "جمود، فلا الروس ينتصرون ولا الأوكران ينتصرون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبايدن يقول إنه "ليس لدى بوتين استراتيجية خروج"، والانطباع السائد حالياً هو أن الرئيس الروسي أخذ صفحة من كتاب الدكتور كسينجر وصفحة من كتاب الرئيس أيزنهاور. كسينجر يقول "أفضل استراتيجية خروج هي النصر"، وأيزنهاور يقول، "لكي تحل مشكلة اجعلها أكبر"، وما دام بوتين "لا يسمح لنفسه بأن يخسر"، كما قال سفير سابق في موسكو ومدير الاستخبارات المركزية حالياً وليم بيرنز، فإنه سيحاول الحصول على نصر، والطريق الوحيد المفتوح أمامه هو تكبير الأهداف وتوسيع الحرب بالعودة لاحتلال الغرب الأوكراني بعد احتلال الشرق والجنوب، ثم اجتياح مولدوفا وجورجيا. وبعض هذا سمعه الأعضاء في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ التابع للكونغرس من مسؤولين أمنيين، وهو ما ظهر ولا يزال في عدد من الدراسات الأكاديمية الصادرة عن مراكز دراسات مشهورة، كما في مقالات في "الواشنطن بوست" و"نيويورك تايمز".

دخول الحرب شهرها الثالث

لكن حرب أوكرانيا وحدها والتي كانت موسكو تتصور أنها تنتهي خلال أسابيع دخلت شهرها الثالث ومرشحة لأن تدوم سنوات، وفي هذه الحال فإن من الصعب ألا يدخل لاعبون آخرون مباشرة في اللعبة الجيو-سياسية والاستراتيجية بعدما كانوا لاعبين بالواسطة، والأصعب هو أن يبقى معنى للنصر في حرب طويلة تجعل من أوكرانيا مقبرة وتمد المذبحة والخراب إلى بلدان أوروبية أخرى، وتدفع الوضع الاقتصادي والاجتماعي في روسيا إلى هاوية عميقة بتأثير العقوبات الشاملة، فكيف إذا كانت التجارب في الميدان العسكري قد أكدت أن من يدير الحرب ويرسم الخطط لها يفقد السيطرة عليها بعد إطلاق الرصاصة الأولى وتصبح هي التي تديره؟ وكيف إذا كانت المعادلة المتحكمة بالحرب هي "أن الحرب ليست عن إلغاء الأخطار بل عن إدارة الأخطار"، بحسب الخبير الاستراتيجي الأميركي المخضرم أنطوني كوردسمان.

المزيد من تحلیل