Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نشطاء البيئة يحرقون أنفسهم من أجل أزمة المناخ والعالم يتجاهلهم

لم يحظ الناشط المناخي وين آلان بروس باهتمام يذكر على الصعيد العالمي ولكنه فارق الحياة في "يوم الأرض" 2022 بعدما أضرم النار في نفسه

كان وين آلان بروس يخطط لحرق نفسه منذ سنة على أقل تقدير (فيسبوك)

أن تكون مدافعاً عن خير المناخ والبيئة يعني أن يتعاظم لديك جانب متمثل في مواجهة الشعور بالحزن والغضب واليأس تجاه الدمار الذي يقاسيه جزء هائل من العالم الطبيعي المتبقي من كوكب الأرض.

تبعث على الحزن والأسى رؤية زملاء، بعضهم نشطاء في الحركتين المدافعتين عن البيئة والمناخ "تمرد ضد الانقراض" Extinction Rebellion و"أوقفوا النفط"Just Stop Oil ، يزجون في السجون بأعداد أكبر وأكبر، في المملكة المتحدة وحول العالم على حد سواء.

حكمت أميركا على مدافع سلمي عن المناخ بالسجن لثماني سنوات بسبب احتجاجه على إنشاء خط أنابيب لنقل النفط، وفرضت المملكة المتحدة للتو أحكاماً مماثلة تطول عشر سنوات، فيما تهدد أستراليا بعقوبة مدتها 25 سنة!

وفوق ذلك كله، يعترينا حزن على أشخاص يغمرهم يأس عميق لعدم اتخاذ إجراءات مناسبة، إلى حد أنهم يحرقون أنفسهم بطريقة مروعة حتى الموت، علهم يحثون العالم على فعل شيء ما [إنقاذ المعمورة].

حظي الناشط المناخي وين آلان بروس باهتمام قليل على الصعيد العالمي ولكنه فارق الحياة في "يوم الأرض" 2022 بعدما أضرم النار في نفسه خارج المحكمة العليا للولايات المتحدة. وقالت صديقته، الدكتورة كي. كريتي، وهي أيضاً قسيسة بوذية من كولورادو، إن الناشط الراحل كان يعتزم القيام بهذه الخطوة منذ سنة على أقل تقدير.

"ليس هذا انتحاراً. إنه عمل ينم عن شجاعة كبيرة الغرض منه توجيه الاهتمام إلى أزمة المناخ [تسليط الضوء عليها]. نحاول أن نتبين السبب وراء قراره ولكنه كان يخطط لهذا الأمر لمدة سنة على أقل تقدير. كتبت في تغريدة على تويتر: #wynnbruce [وين بروس] أنا متأثرة جداً".

في 2018، توفي ديفيد باكل، محامٍ بارز في مجال حقوق "المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية" LGBT+، بعد أن أضرم النار في نفسه أيضاً، احتجاجاً على أزمة المناخ. "إن موتي المبكر بالوقود الأحفوري يعكس [الجرائم] التي نرتكبها بحق أنفسنا".

طوال عقود من انخراطي في الجهود المبذولة في سبيل حماية البيئة، جربنا السياسات، والمسيرات، والعرائض، وحشد التأييد، والاعتصامات، وما إلى ذلك. ولما أخفقت تلك المحاولات كافة في حمل العالم على اتخاذ إجراءات لازمة، لجأنا إلى العصيان المدني من طريق إغلاق الطرق المؤدية إلى مقرات الشركات أو مداخلها بطريقة سلمية. ونظراً إلى أن هذه المحاولات لم تجدِ نفعاً أيضاً، يلجأ الشباب الآن إلى المقاومة المدنية عبر تعطيل قطاع الوقود الأحفوري نفسه، بما في ذلك مناجم الفحم، ومحطات النفط، ومضخات الغاز.

غير أن انبعاثات غازات الدفيئة لا تنفك تسجل ارتفاعات متزايدة، وأشجار الغابات تقطع، والحياة البرية تباد. وإذ تفاخر المؤسسات المالية بـ"خطط الوصول إلى الصفر الصافي" من انبعاثات الكربون، تراها مع ذلك لا تتوقف عن ضخ المليارات في بناء مرافق جديدة للوقود الأحفوري، في اتجاه وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"جنون أخلاقي واقتصادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لديهم الجرأة على تسمية حماة البيئة السلميين "إرهابيين إيكولوجيين"، لأنهم يخاطرون بحريتهم من أجل وقف الإرهاب البيئي الحقيقي الذي ترتكبه شركات الوقود الأحفوري التي تدمر الحضارة الإنسانية، وما تبقى من العالم الطبيعي.

بدورها، تجاهلت وسائلنا الإعلامية تضحيات وين بشكل تام تقريباً. كانت وفاته المروعة مجرد حادثة عابرة لا أكثر، هذا إن وجدت، في معظم وسائل الإعلام. عوض ذلك، يبدو أن الصفحات الأولى في المملكة المتحدة مهووسة بخبر مشاهدة نائب بريطاني [نيل باريش] محتوى إباحياً خلال جلسة للبرلمان.

تضحية ديفيد باكل بنفسها وصرخة وين بروس هما كناقوس خطر مفاده أننا الآن نواجه معضلة رهيبة. أظهر قادتنا عجزاً تاماً عن إنقاذ البشرية. إذا أطحناهم، تكون المحصلة شللاً لسنوات يصيب المؤسسات التي يتعين عليها خفض انبعاثات الكربون.

لذا، إذا كانت المسيرات والاحتجاجات والعرائض والسياسات والاعتصامات والاعتقالات الجماعية والاضطرابات المدنية، والآن حالات التضحية بالنفس المروعة فعلاً، قد عجزت عن حمل وسائلنا الإعلامية على التحرك لإنقاذنا، فما الذي سيدفعها إلى ذلك؟

أظهر الأوكرانيون أهمية الشجاعة المقدامة في مواجهة التهديد بالإبادة، على الرغم من كل الصعاب المتوقعة، تماماً شأن الشباب الشجعان، إنما اليائسون في حركة "أوقفوا النفط"، الذين يتعرضون للاعتقال على متن ناقلات نفط في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.

هل في وسعنا إبداء القدر نفسه من الشجاعة والتصميم على تولي زمام القيادة السلمية لمؤسساتنا الإعلامية العالمية التي تشن علينا جميعاً حرباً أكثر تدميراً يغذيها الوقود الأحفوري، وإذا كان ذلك ممكناً، ما السبيل إليه؟

© The Independent

المزيد من بيئة