Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإجهاض في المجتمعات العربية... "الأم" آخر من يقرر

يلقي تقرير "حالة السكان 2022" الضوء مجدداً على الظاهرة ويطالب بالتحرك لمواجهة أزمة الحمل غير المقصود

الإحصاءات تشير إلى أن الإجهاض يُنهي ست حالات بين كل عشر حالات حمل غير مقصود (رويترز)

كون العيادة لا ترفع لافتة إجرائه، والنساء لا يتحدثن عن خضوعهن له أو تمني الخضوع له، ورجال الدين يتأرجحون بين حرمانيته القاطعة أو السماح المشروط به، والمجتمع ينظر إليه متوجساً متهيباً، وأغلب الصغار المودعين في دور الرعاية هم أبناء وبنات أمهات تعذر خضوعهن، لكن يطلق عليهم "أيتام" حفاظاً على مشاعر المجتمع، كل ذلك لا يعني أن الإجهاض ليس موجوداً في مجتمعات تخشى التطرق إليه، فما بالك مناقشة قواعده وقبول الرأي والرأي غير المتطابق؟

التطابق في التوجهات الخاصة بالإجهاض في أغلب الدول العربية يصبّ في خانة المنع بدرجاته. فبين منع تام في المطلق، وتحريم كامل بعد نفخ الروح، أي بعد مرور 120 يوماً على تكوّن الجنين، وربطه بخطر مميت تتعرض له الأم، تتأرجح المواقف الخاصة بالإجهاض. لكن تبقى الأرضية الثابتة الواحدة هي المنع والكراهة.

المنع والسماح

وبعيداً من المنع والكراهة، أو السماح والقبول، فإن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الإجهاض هو "تدخّل صحّي شائع ومأمون عند إجرائه بأحد الأساليب الموصى بها طبياً"، وتتناسب ومدة الحمل وعلى يد شخص يمتلك المهارات اللازمة.

الإحصاءات تشير إلى أن الإجهاض يُنهي ست حالات بين كل عشر حالات حمل غير مقصود، ونحو 45 في المئة من هذه الإنهاءات تحدث بعمليات غير مأمونة، والغالبية المطلقة منها في الدول النامية.

وفي الدول غير النامية، تشير الأخبار الواردة من هناك على مدار الأسبوعين الماضيين إلى اشتعال الأروقة الأميركية بقضية الإجهاض التي ظن البعض أنها باتت حقاً غير قابل للنقاش أو الجدال.

ففي 22 يناير (كانون الثاني) عام 1973، أصدرت المحكمة العليا الأميركية قراراً بإلغاء قوانين الإجهاض الجنائية في ما عرف بقضية "رو ضد وايد". وقالت المحكمة إن قرار الإجهاض يكون للمرأة الحامل بالتشاور مع الطبيب خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.

لكن للدولة أن تنظم الإجهاض في الفصل الثاني من الحمل (بين الشهرين الرابع والسادس). وقد تنظمه الدولة أو تحظره في الفصل الثالث أي بين الشهرين السادس والتاسع، إلا للضرورة واستناداً إلى الحكم الطبي حيث الأولوية لصحة الأم والجنين.

الأزمة ما زالت مشتعلة

وعلى الرغم من أن الإجهاض ما زال من أبرز القضايا التي تثير الانقسامات بين الأميركيين من منطلق التوجهات العقائدية والثقافية وكذلك الحزبية، إذ الجمهوريون أكثر ميلاً لرفضه، فإن الوثيقة المسربة أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد. وحتى خروج الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام ليؤكد أن حق المرأة في الإجهاض أساسي، إلا أن القيود التي تفرضها ولايات كثيرة على الإجهاض مستمرة، والأزمة في مجملها ما زالت مشتعلة.

جانب من الاشتعال فعليّ وليس على سبيل التشبيه، إذ تعرض مقر تابع لجماعة محافظة مناهضة للإجهاض في ولاية ويسكونسن اسمها "ويسكونسن فاميلي أكشن"، التي اتهمت بدورها "جماعة فوضوية يسارية" بالهجوم.

يشار إلى أن الجماعة تعرف نفسها بأنها تعمل على "تعزيز المبادئ اليهودية والمسيحية" و"تؤيد منظومة الزواج بين رجل وامرأة" و"تعارض ممارسة الجنس بين طلاب المرحلة الثانوية" و"تعارض القوانين الداعمة للإجهاض".

جماعة ويسكونسن وأهدافها قد تبدو "متزمتة"، أو تصنّف باعتبارها منتهكة الحق في الخصوصية وحق المرأة في جسدها وتقرير مصيره واختيارها في أن لا تكون مسؤولة عن روح أخرى، ربما لا تكون أهلاً لها، لأسباب تتعلق بالتوقيت أو الظروف أو حتى الرغبة.

لكنها في الوقت نفسه تبدو "محافظة" ومحترمة لحق الروح التي خلقها الله وحامية للأخلاق والفضيلة وداعمة للعلاقات الجنسية في إطار المسؤولية عما ينجم عن هذه العلاقة من أرواح لا ينبغي أن تزهق.

الإجهاض بين الحق والعقوق

الإجهاض، سواء كان حقاً من الحقوق أو نوعاً من العقوق، أمر يتعلق بحياة مليارات البشر في هذا الكوكب. وعدم الاعتراف به، أو اعتباره وصمة أو سبة أو تهمة لا يعني أنه والعدم سواء. وهناك من يرى أنه آن أوان "إماطة اللثام" عن ملف الإجهاض و"التحرك لمواجهة أزمة الحمل غير المقصود المهملة". وهذا ما فعله "تقرير حالة السكان 2022" الصادر عن "صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يجري إطلاقه عربياً يوم 17 الجاري.

التقرير الذي يتوقع أن يتسبب في موجات رفض واعتراض عديدة، لا سيما من الجماعات الرافضة الإجهاض في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى الدول ذات الغالبية الرافضة ثقافياً للإجهاض. فالتقرير ينطلق من إيمان بأن كل حمل يجب أن يكون مرغوباً، وأن لكل إنسان الحق في الاستقلالية الجسدية، وأن القدرة على اختيار الإنجاب من عدمه وموعد الحمل والشريك هي الأساس في ممارسة هذا الحق.

هذه الحقوق في مجملها ينظر إليها العديد من الدول والثقافات، ومن ضمنها الدول العربية، باعتبارها انتهاكاً للأعراف، وخرقاً للأديان، وانفلاتاً للأخلاق، واندثاراً للقيم، وانتحاراً للهوية، وانكساراً للأمم.

تنظيم الأسرة حلال

فبين الأمم من لا زال يصول ويجول في دوائر "هل تنظيم الأسرة حلال أم حرام؟"، و"هل وضع سن أدنى للزواج بغرض منع زواج الأطفال حلال أم حرام؟"، و"هل تدريس التربية الجنسية للمراهقين حلال أم حرام؟".

تحريم الإجهاض أو تجريمه أو اعتباره سبة أو وصمة أو تهمة أو رفض الطرح بغرض النقاش تقف على طرف النقيض من تقرير "حالة سكان العالم 2022". وتجاهل خضوع 73 مليون امرأة سنوياً لعمليات إجهاض في العالم يقف على طرف النقيض من المنطق.

منطق التقرير يرتكز على التوسع في إتاحة المعلومات والخدمات التي تحتاج إليها النساء والفتيات لضمان حقوقهن واختياراتهن الإنجابية، باعتبارها عنصراً من عناصر توطيد المساواة بين الجنسين، وتمكينهن من ممارسة قدر أكبر من التحكم في حياتهن وتحقيق كامل إمكاناتهن.

الحمل غير المقصود

نصف حالات الحمل في العالم مقصودة، ما يعني أن النصف الآخر لم يكن مقصوداً. نحو 121 مليون حالة حمل غير مقصود تحدث سنوياً، بمعدل 331 ألف حالة يومياً. ويعتبر التقرير ذلك إخفاقاً كبيراً في تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية التي يحتاج إليها الأفراد والمجتمعات، التي تكون أكثر صعوبة في مواجهة التحولات العاتية الناجمة عن تغير المناخ والنزاعات والطوارئ الصحية العامة والهجرة الجماعية. وهذه التحديات تؤثر بشكل أكبر في البلدان الأقل نمواً، حيث نقص الخدمات والموارد.

والحمل غير المقصود هو الذي يحدث حين لا تخطط له المرأة أو يحدث في توقيت غير مناسب. وينبه صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن الحمل غير المرغوب فيه يختلف عن غير المقصود.

المشكلة أن مثل هذه المصطلحات مثل "الحمل غير المقصود" تستدعي أحياناً في أذهان البعض صورة نمطية لفتاة مراهقة حملت خارج إطار الزواج، وهي الصورة المسيطرة على الكثيرين لأسباب دينية وثقافية، ما يدفعهم لبناء السياج الممانعة للحديث عن الإجهاض.

الشفقة والعقاب

وينفي التقرير أن يكون "الحمل غير المقصود" لصيقاً بالمراهقة التي حملت من دون زواج، وهو ما يستدعي إما الشفقة أو السخرية أو العقاب. لكن واقع الحال يشير إلى عدم وجود وسيلة منع حمل مضمونة بنسبة مئة في المئة. وهذا يعني أن أي أنثى في سن الخصوبة قد تحمل حملاً غير مقصود بغض النظر عن ملابسات الحمل وظروفه، وهو ما يستدعي تغييراً في الأعراف الاجتماعية التمييزية والتصدي للقوانين التي ترسخ لها، بحسب ما ورد في التقرير.

حساسية المسألة لا تمحو واقعاً يفيد بأن القرارات السياسية والدينية الكبرى كثيراً ما تتدخل في أدق تفاصيل خصوصيات الأفراد، ما يحول دون تحقق فكرة الاستقلالية الجسدية، والتمتع بالحقوق الإنجابية، بما في ذلك التربية الجنسية، وأكثر المتضررين بالطبع هم الإناث.

ويشير التقرير إلى أنه أحياناً يتعذر على المرأة التفاوض مع شريكها على استخدام الواقي الذكري، أو لا يسمح لها بقبول أو رفض ممارسة العلاقة الحميمية (نحو 23 في المئة من نساء الأرض لا يسمح لهن بالاختيار في ذلك الشأن). كما أنها قد تتعرض للاغتصاب سواء في البيت أو خارجه، في ظروف السلم أو الحرب.

ويطرح التقرير مجموعة من الأسئلة الكفيلة بإضرام النيران في عديد من المجتمعات الرافضة حلحلة حقوق الإناث، أو إعادة النظر فيها، أو إخضاعها للمراجعة، أو المناقشة.

هل بوسع أي مجتمع، مهما كانت نواياه المعلنة، أن يدعي تقديره للنساء والفتيات في حين أن طموحاتهن وإمكاناتهن مقيدة؟ أو حين يكن عاجزات عن ممارسة حقهن في اتخاذ قرار باجتناب الحمل غير المقصود؟ هل بوسع المجتمع أن يدعي ادعاءً صادقاً بتقدير الأمومة إذا كانت الأمومة فيه تتحقق أحياناً نتيجة سلب القدرة على اتخاذ قرار أو وصم أو عنف؟

اختيارات المرأة انفلات

يشار إلى أن مجتمعات عدة تعتبر حق المرأة في تقرير مصير جسدها أو الاختيار في علاقاتها الحميمية بما في ذلك في إطار الزواج نوعاً من الانفلات الأخلاقي ودعوة للعلاقات المحرمة والحريات الجنسية الممنوعة، وأن الإجهاض ييسر كل ما سبق.

وغالباً تغفل المجتمعات والجماعات "المحافظة جداً" عوامل مثل الفقر والعوز والتعرض للاغتصاب والصراعات والحروب وصحة المرأة النفسية والعقلية، وبالطبع رغبتها في مسألة حدوث الحمل غير المقصود ونافذة الإجهاض التي تغلق أو تفتح أو تفتح بحدود وقيود.

ويشير التقرير إلى أن غالبية دول العالم تسمح قانوناً بالإجهاض، لكن تضع له قيوداً وبنوداً تتراوح في مرونتها أو درجة تقييدها لدرجة تعجيزية أحياناً. فبين الـ 147 دولة مجموع أعضاء الأمم المتحدة تحوي قوانين 96 دولة بنوداً تسم بالإجهاض بدرجات متفاوتة. وينظر بعض هذه القوانين في الاعتبار للإجهاض باعتباره وسيلة لإنقاذ حياة المرأة، أو الحفاظ على صحتها، أو في حالات الاغتصاب، أو تشوه الجنين وغيرها.

 

الإجهاض حق للمغتصبة

يشار إلى أن شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي كان قد أفتى إبان حرب البوسنة والهرسك (1992-1995) بأنه يحق للأنثى المسلمة التي تعرضت للاغتصاب، وأدى ذلك إلى حدوث حمل بأن تخضع لعملية إجهاض.

وفي عام 2007، تعرض طنطاوي لهجوم ضار من قبل مجمع البحوث الإسلامية، وذلك لأنه تمسّك بفتواه التي توسعت لتشمل كل من تعرضت للاغتصاب. وحاول الإمام الأكبر الراحل مراراً وتكراراً إقناع المجمع، لكن من دون جدوى، وظلوا على موقفهم الرافض.

رفض الإجهاض لا يعني عدم حدوثه. بل تحريمه وتجريمه لا يؤديان إلى منعه. ويشير التقرير إلى أن معدلات الحمل غير المقصود في الدول التي توجد فيها قوانين أكثر صرامة لمنع الإجهاض أعلى بكثير من معدلاته في الدول ذات القوانين المرنة سواء التي تسمح به عموماً أو مشروطاً بالحفاظ على صحة المرأة الجسدية أو العقلية أو كليهما.

تبقى صحة المرأة العقلية مسألة هامشية في عديد من الدول. فطالما إنها تسير على قدمين وتتكلم وتنجز ما عليها إنجازه من مهام، فهي بخير. لكن واقع الحال يشير إلى أن الحمل والحمل غير المقصود وغير المرغوب وأحياناً اكتئاب ما بعد الولادة وغيرها كثير أمور يمكنها أن تلحق أضراراً جسيمة بصحة المرأة العقلية، ومنها ما يحتاج إلى علاجات طبية ونفسية.

مشاعر ملتبسة

ويشير التقرير إلى أن كثيرات من النساء تنتابهن مشاعر ملتبسة، بعضها ينجم عن ضيق هامش الاختيار أو العادات والتقاليد أو الأعراف الدينية، وذلك تجاه تكوين أسرة أو زيادة عدد الأطفال. بل هناك من النساء من لا يملكن حق تقرير المصير في ما يتعلق بالزواج من الأصل.

يقول التقرير إنها أحياناً تكون إرادة ملتبسة لا تخلو من عدم اليقين في شأن ظروف الحياة، وتجاوب الشريك والمستقبل. ففكرة "القصد" من عدمه في الحمل نفسها تكون غير واردة، أو محفوفة بالمخاطر. ومن النساء من يعتبرن الحمل والإنجاب مسألة قدرية لا دخل لهن فيها، وأن وجود رغبة لديهن أو عدم وجودها مسألة غير واردة لأنها غير ممكنة، "وهن للأسف على حق في ذلك" بحسب ما تمليه عليهن أسرهن ومجتمعاتهن والقوانين المعمول بها في دولهن.

عناوين مثل "مصر أول دولة عربية تتصدى لجريمة الإجهاض"، "وعمان واجهت جريمة الإجهاض بعقوبات تصل إلى حبس الأم ثلاث سنوات"، و"جريمة الإجهاض برضا الحامل تستوجب عقوبة مضاعفة"، و"ضرورة سد ثغرات القوانين التي تسمح بالإجهاض"، و"المرأة التي تجهض نفسها تستحق العقوبة القانونية والمجتمعية" وغيرها هي الشائعة عربياً، وذلك على الرغم من إباحة الإجهاض في أحوال بعينها لا يتضمن أغلبها عدم رغبة المرأة في الاحتفاظ بالحمل لأسباب لا تتعلق بتعرضها للاغتصاب أو لأسباب صحية.

القانون المصري

وبحسب القانون المصري، تنص المادة 261 على أن الإجهاض هو كل من أسقط عمداً امرأة حُبلى بإعطائها أدوية أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك، أو بدلالتها عليها، سواء كان برضاها أو لا، يعاقب بالحبس.

وتنص المادة 262 على أن المرأة التي رضيت بتعاطي الأدوية مع علمها بها، أو رضيت باستعمال الوسائل السالف ذكرها، أو مكّنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها، ونتج من ذلك إسقاط الحمل، تعاقب بالعقوبة السابق ذكرها.

لكن القانون المصري يسمح بإجهاض المرأة إنقاذاً لها من خطر جسيم يهددها، مثل الموت، وفي حال كان الإجهاض الوسيلة الوحيدة لدرء هذا الخطر، "إذ إنه من الأصلح للمجتمع أن يُبقي على امرأة نافعة للأسرة من أن يقضي عليها في سبيل حمل لم يولد". بمعنى آخر، فإنه بحسابات المكسب والخسارة يكون الإبقاء عليها على قيد الحياة أفضل للمجتمع.

المراهقة الحامل

وإذا كانت هذه هي حال المرأة البالغة الناضجة في شأن الحمل والإجهاض، فإن المراهقة الحامل يكون شأنها أصعب كثيراً. يشير التقرير إلى أن واحدة بين كل ثلاث شابات بين سن 20 و24 سنة في العالم (باستثناء العالم النامي والصين) أنجبت طفلاً واحداً على الأقل، وهي في مرحلة المراهقة المحددة بين عشر و19 سنة. وعادة ينتظر من العروس المراهقة في مجتمعها أن تثبت خصوبتها بسرعة فتبدأ الإنجاب عقب الزواج. وعادة تكون المتزوجة والمطلوب والمتوقع منها الإنجاب الفوري على درجة متواضعة من التعليم أو من دونه، يعشن بمعزل عن المعلومات وكل ما يتعلق بالصحة الإنجابية التي تعتبر خرقاً للعادات وانتهاكاً للتقاليد. والنتيجة هي أن تآكل القدرة على الاختيار تؤدي إلى الحمل غير المقصود في كل الثقافات والمجتمعات والأديان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التحكم الإنجابي

ويلفت التقرير إلى ما يعرف بـ "التحكم الإنجابي"، الذي يختلف تماماً عن تنظيم الإنجاب. ويعني مجموعة من السلوكيات مثل الابتزاز العاطفي والإساءة اللفظية والتهديد بالعنف وممارسته بشكل يحول دون سيطرة المرأة على جسدها وخصوبتها.

وبالطبع، تعتبر بعض الثقافات مثل هذه السلوكيات بين الزوج والزوجة أمراً مقبولاً، ولا يجوز لأحد، بمن في ذلك الزوجة نفسها، الاعتراض عليه.

اعتراض كبير آخر يؤدي إلى عديد من حالات الحمل غير المقصود موجه للتربية الجنسية، وهي التربية التي تقابل بموجات رفض ومقاومة ومعارضة عتيدة في البلدان العربية. والتربية الجنسية بحسب منظمة الصحة العالمية هي "التعرف إلى الجوانب المعرفية، والعاطفية، والاجتماعية، والتفاعلية، والجسدية، للنشاط الجنسي. وتبدأ التربية الجنسية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتستمر في مراحل البلوغ والنضج والشباب. وهي تهدف إلى دعم وحماية التطور الجنسي للصغار والشباب.

والتربية الجنسية تزود الصغار والشباب تدريجياً بالمعلومات والمهارات والقيم الإيجابية التي تساعدهم على فهم حياتهم الجنسية والاستمتاع بها، والحفاظ على علاقات آمنة وفعالة مع تحمل المسؤولية عن صحتهم ورفاههم الجنسي وصحة الآخرين ورفاهم الجنسي أيضاً.

التربية الجنسية

وينبه تقرير حالة سكان العالم إلى أن غياب المعلومات الدقيقة عن الصحة الجنسية والإنجابية يؤدي إلى تبعات خطرة، إضافة إلى كونه انتهاكاً لحق من حقوق الإنسان. كما أن انعدام سبل الوصول إلى وسائل فعالة لتنظيم الأسرة هو كذلك انتهاك لحق من حقوق الإنسان.

غاية القول في تقرير حالة السكان 2022 هو أن "التبعات السلبية للحمل غير المقصود ما كانت لتحدث لو كانت الحوامل متمكنات من اتخاذ خيارات واعية ومتأنية في شأن خصوبتهن ومستقبلهن الإنجابي".

وتبقى الخصوصيات الثقافية والتفسيرات الدينية والعوائق الاجتماعية ومفهوم المجتمعات عن المرأة ومفهوم المرأة عن نفسها عوامل مؤثرة في تقبل أو رفض مناقشة الإجهاض كحق أو وسيلة أو بقائه من المحرمات غير القابلة للنقاش.

وقبل أيام، سألت سيدة على موقع "فيسبوك" أصدقاءها عن دار رعاية في القاهرة تقبل رضيعاً عمره شهر واحد، أنجبته ابنة خفير في الـ 15 من عمرها. وشرحت السيدة أن الابنة حملت نتيجة علاقة مع صديق لها خارج إطار الزواج، وإن الأب كان متسامحاً معها لأقصى الحدود فلم يقتلها حين عرف بحملها.

وحين سأل شيخ الجامع القريب أفتاه بتحريم الإجهاض، فتركها حتى أنجبت الصغير على أن يجري إيداعه دار رعاية، وتخضع الطفلة لعملية ترقيع غشاء البكارة، لتتمكّن من الزواج سريعاً، وكأنها "بكر" من دون شرط أن تكون "رشيداً".

المزيد من تحقيقات ومطولات