Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا نعرف عن مرض الالتهاب الكبدي للأطفال؟

فيروس غامض حيّر العالم و 9 وفيات عالمياً وتحقيقات لمعرفة مدى ارتباطه بكورونا

تسبب مرض الكبد الغامض في وفاة ثلاثة أطفال في إندونيسيا (رويترز)

يُحيِّر العالم مرض غامض يُصيب أكباد الأطفال أدى في الشهرين الأخيرين إلى وفاة 9 أطفال في الولايات المتحدة وبريطانيا وإندونيسيا، وإصابة أكثر من 300 طفل دخلوا المستشفى بأعراض مثيرة للقلق مثل القيء والإسهال، وتطورت بعض الحالات لفشل كبدي، ما تطلب إجراء عملية زراعة كبد.

الالتهاب الكبدي، غير معروف المصدر حتى الآن، جرى رصده في 20 دولة، بحسب منظمة الصحة العالمية، معظمها في القارة الأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وإندونيسيا.

بداية الاكتشاف كانت في المملكة المتحدة، حين رصدت السلطات الصحية في مطلع أبريل (نيسان) الماضي 10 حالات مصابة بالتهاب كبدي حاد غير معروف سببه، لأطفال تتراوح أعمارهم بين 11 شهراً و5 أعوام.

وبحسب المعلومات التي نشرتها السلطات البريطانية حينها، فإن أغلب هؤلاء الأطفال بدأت عندهم أعراض المرض في مارس (آذار)، وحالة واحدة بدأت عندها الأعراض قبل 4 أشهر، أي في يناير (كانون الثاني) الماضي.

أعراض الإصابة

أعراض الإصابة، التي كشفت عنها وكالة الخدمات الصحية البريطانية، تبدأ خفيفة، تشبه أعراض الإنفلونزا، وقد تؤدي أيضاً إلى مشكلات أكثر خطورة، مثل اليرقان وتورم الساقين والكاحلين والقدمين، ووجود دم في البراز والقيء.

كما أن المرض في أقصى حالاته قد يؤدي إلى توقف الكبد عن العمل تماماً، والحاجة لعملية جراحية لزراعة الكبد، لإبقاء المريض على قيد الحياة. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن 17 حالة من المصابين تدهورت أوضاعهم لفشل كبدي بالكامل، مما اضطر الأطباء لإخضاعهم لعمليات زراعة كبد.

ولم يعثر الأطباء البريطانيون في أجساد المرضى على الفيروسات المعتادة، التي تسبب التهاب الكبد المُعدي A وB وC وD وE، لكن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) أفادت بأن نتائج اختبارات الأطفال الذين ظهر لديهم الالتهاب الكبدي الغامض كانت إيجابية للفيروس الغدي، وهي عائلة مشتركة تضم ما لا يقل عن 50 نوعاً من الفيروسات المختلفة، التي تسبب عادةً أعراضاً تنفسية منها نزلات البرد، لكنها قد تسبب أيضاً مشكلات معوية.

بداية الاكتشاف

ووفق تقرير لمجلة "تايم" الأميركية، كان سبعة من تسعة مرضى أطفال يعانون القيء أو الإسهال قبل دخولهم المستشفى، وخمسة من التسعة ثبتت إصابتهم بالفيروس الغدي 41، أحد السلالات المعروفة بتأثيرها على الأمعاء. لم يكن أي من الأطفال مصاباً بنقص المناعة، ولم يُعانِ أي منهم أي أمراض أخرى معروفة، وجميعهم جاؤوا من أجزاء مختلفة من ولاية ألاباما، واستبعدوا فكرة وجود عدوى محلية من نوع ما.

وذكرت المجلة أنه بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وفبراير (شباط) الماضي، كان الأطباء في مستشفى للأطفال في ولاية ألاباما الأميركية يحاولون فك طلاسم أعراض مثيرة للقلق ظهرت على 9 أطفال نقلوا للمستشفى، أصغرهم عمره 20 شهراً، وأكبرهم 5 أعوام، و9 أشهر، إلى أن جرى تشخيصهم بالتهاب الكبد الحاد غير المبرر.

ومن بين تلك الحالات نما التهاب الكبد لدى 3 أطفال بشدة، لدرجة أنهم عانوا فشل الكبد، واحتاج طفلان إلى زراعة كبد. وتعافى الأطفال التسعة أو يتعافون، لكن سبب مرضهم لا يزال مجهولاً.

تحقيق أميركي

وفي آخر تعداد لها، أعلنت المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، السبت الماضي أنها تحقق في 109 إصابات غامضة بالتهاب الكبد لدى أطفال، جرى رصدها خلال الأشهر السبعة الماضية، وأسفرت عن خمس وفيات. وقال جاي باتلر، المدير المساعد المكلف شؤون الأمراض المعدية في الهيئة الأميركية خلال مؤتمر صحافي، إن "الحالات رصدت في 25 ولاية ومنطقة أميركية، ويبلغ معدل أعمار الأطفال المصابين سنتين فقط"، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

ورجح أن تكون الإصابات مرتبطة بنوع من الفيروسات الغدية، وهي فيروسات شائعة، لكن لم ينسب لها سابقاً التسبب بالتهاب الكبد لدى أطفال في صحة جيدة.

وقبل أسبوعين، وجهت مراكز "سي دي سي" تحذيراً صحياً إلى الأطباء، لحثهم على إعلام السلطات لدى تسجيل أي إصابة مشبوهة بالتهاب الكبد غير محدد المصدر. وبحسب المسؤول الصحي الأميركي فإن 14 في المئة من الأطفال المصابين خضعوا لعملية زرع للكبد، ودخل 90 في المئة من المصابين للمستشفى لتلقي العلاج وشفي أغلبهم، موضحاً أن نسبة إدخال المصابين لقسم الطوارئ ليس مرتفعاً في الولايات المتحدة خلافاً للوضع في بريطانيا.

وأوضح باتلر أنه جرى التأكد من إصابة أكثر من نصف الـ109 أطفال بفيروس غدي يسمى النوع 41، ويعرف بالتسبب في التهاب المعدة والأمعاء. ورصد هذا الفيروس أيضاً لدى أطفال كثيرين أصيبوا خارج الولايات المتحدة. ومن الفرضيات المطروحة، أن الرد المناعي على هذا الفيروس قد يتعطل جراء عوامل أخرى، مثل الإصابة بفيروس كورونا، أو عوامل بيئية مثل الاحتكاك مع حيوانات.

الصلة بكورونا

وقال باتلر إن الإصابة بكورونا "قد تكون سبباً محتملاً لهذه الحالات"، كما نقلت مجلة "تايم" عن باحثين أن العدوى النشطة بكورونا رابط غير محتمل للإصابة بالالتهاب الكبدي الغامض، لكنها تحتاج إلى مزيد من التحقيق.

وأضافت المجلة أنه من بين 169 طفلاً جرى تقييمهم من قبل منظمة الصحة العالمية اعتباراً من 21 أبريل (نيسان)، تبين أن 20 طفلاً فقط أثبتت إصابتهم بفيروس SARS-CoV-2 - وكان 19 منهم مصابين أيضاً بالفيروس الغدي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أحد الأسباب المحتملة لحالات التهاب الكبد قيد التحقيق حالياً، هو أن انخفاض مستويات الفيروس الغدي المنتشر أثناء عمليات الإغلاق بسبب جائحة كورونا قد يترك أجهزة المناعة لدى الأطفال غير مهيأة لكيفية الاستجابة للفيروس الغدي الشائع، وهذا بدوره قد يؤدي إلى تمكين عدوى الفيروسات الغدية من تجاوز أجهزة المناعة لدى الأطفال، على الرغم من أن السبب الدقيق وراء تسبب ذلك في الإصابة بأمراض الكبد لا يزال غير معروف. قال طبيب الأمراض المعدية للأطفال بجامعة ألاباما ماركوس بوخفيلنر إن حقيقة العثور على الفيروس الغدي في دم جميع أطفال ألاباما التسعة هو دليل قوي، لأنه ما لم تكن هناك عدوى حديثة جداً، فإن مجرى الدم عادةً ما يزيل الفيروس نفسه بسرعة نسبياً. وأوضح، "في حالة الطفل السليم، لا نتوقع رؤية الفيروس في الدم".

وبحسب "تايم" تتمثل إحدى مشكلات نظرية الفيروسات الغدية في أن فحوص الكبد أجريت على جميع أطفال ألاباما، ولم يتم العثور على الفيروس في أي من أنسجة الكبد، وهذا لا يعني أنه لم يكن موجوداً أبداً، من الممكن للكبد أن يخلص نفسه من الفيروس بعد انتشار التهاب الكبد. ومع ذلك، فإن غيابه في جميع الفحوص يطغى على القضية. قال بوخفيلنر الذي شارك في كتابة تقرير مركز السيطرة على الأمراض، "هذه هي القطعة المفقودة. في رأيي هذا يمنعنا من القول على وجه اليقين إن الفيروس الغدي هو الذي تسبب في المرض".

فيروس جديد

لم تستبعد منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض ظهور فيروس جديد غير معروف قد يكون سبباً لتفشي المرض. يوضح بوخفيلنر، "في جميع أنحاء العالم، يعمل الجميع على تسلسل الفيروسات الغدية. خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، سنتعلم الكثير عن ذلك".

وتبحث وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة في احتمال إصابة الأطفال المصابين بكورونا في الماضي، وأن ذلك أثر على جهاز المناعة لديهم بطريقة ما، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد.

وحذر خبراء الصحة في بريطانيا أخيراً من أن المعيشة مع "كلب أليف"، أو تناول عقار "الباراسيتامول"، قد يؤدي إلى حالات التهاب الكبد لدى الأطفال، فوفقاً لبيانات وكالة الأمن الصحي في بريطانيا، 70 في المئة من الأطفال المصابين كانت تمتلك عائلاتهم كلاباً، لكن مسؤولي الوكالة ألمحوا إلى أن النتيجة قد تكون صدفة، لأن ملكية الكلاب الأليفة "شائعة في المملكة المتحدة"، إذ تشير الأرقام إلى أن نحو نصف البالغين في المملكة المتحدة يمتلكون حيواناً أليفاً، لكنها تتحرى ما إذا كان ارتباط الكلب له أي أهمية.

إشاعات

ومنذ الكشف عن الإصابات تتزايد المخاوف من معلومات غير صحيحة تنتشر على الإنترنت، حيث ربطت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حالات الإصابة بلقاح فيروس كورونا، على الرغم من أن الإصابات سجلت، في أغلبها، بين أطفال دون الخامسة، ومن ثم فإنهم غير مؤهلين للحصول على اللقاح.

وأوضح المدير المساعد المكلف شؤون الأمراض المعدية في المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والسيطرة عليها أن التلقيح ضد كورونا "ليس السبب في هذه الإصابات"، مؤكداً أنه يسعى من خلال هذا التصريح إلى "قطع الطريق أمام إشاعات متداولة عبر الإنترنت"، وحثت هيئات في أوروبا صحية الآباء والأمهات على ألا يصدقوا المزاعم التي تتردد.

ويحاول الأطباء في العالم طمأنة الآباء والأمهات، بعد الأنباء المقلقة عن الالتهاب الكبدي الذي يُعد من الأمراض النادرة لدى الأطفال الأصحاء، واعترفت ميرا تشاند، المسؤولة في هيئة الأمن الصحي في بريطانيا، بأنه ربما لدى الآباء مبرر للقلق حيال هذه المشكلة في الوقت الحالي، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، لكنها رجحت أن احتمالات إصابة الأطفال بالتهابات الكبد ضعيفة للغاية.

تحذيرات للأهالي

وأشارت تشاند إلى أنه على الآباء والأمهات الانتباه إلى أية أعراض إصابة بالتهابات الكبد، وبخاصة اليرقان، الذي يمكن التعرف عليه من ظهور بقع صفراء في بياض العينين، مع الاتصال بالطبيب إذا ما كانت لديهم مخاوف حيال الإصابة بهذا المرض. وأضافت أن مراعاة قواعد النظافة، مثل غسل اليدين بانتظام، تساعد على الحد من انتشار الكثير من أنواع العدوى، مؤكدة ضرورة أن يبقى الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض الإسهال والقيء في المنازل، وألا يعودوا إلى المدارس أو رياض الأطفال إلا بعد مرور 48 ساعة من اختفاء الأعراض.

ويوصي الخبراء بالانتباه لعدد من الأعراض الأخرى، مثل البول داكن اللون، والبراز الرمادي الشاحب، وحكة في البشرة، وآلام في العضلات والمفاصل، وارتفاع درجة الحرارة، والشعور بالإعياء، والشعور بالإرهاق على غير العادة طوال الوقت، وفقدان الشهية، وآلام المعدة.

وفيات في إندونيسيا

وسجلت الإصابات حتى الآن في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وإسبانيا وإسرائيل والدنمارك وإيرلندا وهولندا وإيطاليا والنرويج وفرنسا ورومانيا وبلجيكا وإندونيسيا، وسجلت بريطانيا حالة وفاة، و5 حالات في الولايات المتحدة، كما أعلنت إندونيسيا عن وفاة 3 أطفال أعمارهم عامان و8 أعوام و11 عاماً جراء مضاعفات الالتهاب الكبدي الحاد مجهول السبب.

وأوضحت الناطقة باسم الوزارة ستي نادية ترميزي، أن الأطفال الإندونيسيين الثلاثة الذين تبلغ أعمارهم عامين و8 أعوام و11 عاماً، أصيبوا بالحمى واليرقان والتشنجات وفقدان الوعي. أضافت، "نعتقد أنها حالات التهاب كبدي حاد، لكننا نعمل على التأكد من أنها ليست ناجمة عن فيروسات التهاب الكبد  AوB و Cو Dو Rbوفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء الماضي، أنها تواصل تلقي عشرات البلاغات عن إصابات أطفال بالتهاب الكبد الحاد، حيث وصل عدد الحالات التي تبلغت بها المنظمة حتى الأول من مايو (أيار) الجاري 228 حالة على الأقل في 20 دولة، بحسب ما أوضح الناطق باسم المنظمة طارق ياساريفيتش، خلال مؤتمر صحافي، مشيراً إلى أن "أكثر من 50 حالة أخرى لا تزال قيد التحقيق"، وأعقب ذلك إعلان الولايات المتحدة عن 109 حالة إصابة.

لم يصل إلى مصر

ونفت وزارة الصحة المصرية تسجيل أي حالات في مصر مصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي مجهول المصدر، إلا أن حالة من الترقب تسيطر على السلطات الصحية تخوفاً من هذا المرض غير معروف السبب حتى الآن.

وأرسلت الوزارة كتاباً دورياً إلى مديريات الصحة في جميع أنحاء البلاد، لإبلاغها بوجود حالات إصابة بمرض "التهاب الكبدي الوبائي غير معروف السبب" في عدد من دول العالم أغلبها أوروبية، كما وجهت خطاباً إلى القطاعات الصحية في البلاد بضرورة إبلاغ قطاع الطب الوقائي عن أي حالات يتم رصدها مصابة بالمرض، مع اعتبار الأمر في غاية الأهمية.

وحدد خطاب لرئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة تعريف حالة الإصابة المؤكدة، بأنها لأي طفل في عمر 10 سنوات أو أقل يعاني التهاباً كبدياً حاداً دون تشخيص أي من فيروسات الكبد المحددة، مع ارتفاع في أنزيمات "ALT" أو"AST" لأعلى من 500 وحدة بداية من 1 يناير. وأوضحت الوزارة، في بيان لاحق، أن الإصابات تشمل المعاناة من ارتفاع في إنزيمات الكبد بشكل ملحوظ، مع ظهور أعراض مثل الصفراء والقيء والإسهال وآلام البطن.

وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة المصرية، حسام عبد الغفار، في تصريحات تلفزيونية، أنه لم يتم الإبلاغ عن حدوث أي وفيات بين الحالات المصابة عالمياً، كما أنه لم يثبت حتى الآن انتقال المرض من شخص لآخر.

كما نفت وزارة الصحة المغربية اكتشاف أي حالات إصابة لدى الأطفال بالالتهاب الكبدي غير معروف السبب، وذلك في بيان في نهاية أبريل (نيسان) الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة