"ميليشيات بينيت"، "وهم خادع"، "سلاح الحرب الأهلية"، تسميات عدة أطلقت على خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت الجديدة بإقامة وحدة "حرس وطني - مدني"، لضمان أمن السكان، وفي مضمونها تسليح مدنيين ومتطوعين من مختلف الشرائح الإسرائيلية، وذلك رداً على عملية "إلعاد"، ليرتفع عدد طالبي السلاح بين المتشددين دينياً بشكل ملحوظ بعد أقل من شهرين على ارتفاع نسبة طالبي السلاح بين الإسرائيليين إلى حوالى 700 في المئة، منذ تنفيذ عمليتي بئر السبع والخضيرة، وهو ارتفاع لم يسبق وأن شهدته إسرائيل منذ إقامتها، لكنه يشعل الضوء الأحمر بخطر حرب أهلية، إذا ما استخدم حاملو السلاح ما في حوزتهم كلما ادعوا وجود خطر عليهم.
وبعد أربعة أيام على تنفيذ عملية "إلعاد"، المدينة التي يسكنها يهود متشددون دينياً "حريديم"، كشفت معطيات لوزارتي الداخلية والأمن الداخلي عن ارتفاع عدد الاتصالات لطلب الحصول على رخصة سلاح في قسم ترخيص الأسلحة النارية ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل تنفيذ العملية، واتصل خلال ثلاثة أيام 5190 إسرائيلياً يطلبون الحصول على رخصة لحمل السلاح.
السلاح لليهود الأرثوذكس
الخطة الإسرائيلية التي تحدث عنها بينيت بتسليح مدنيين ومتطوعين لتشكيل حرس وطني - مدني، أعادت من جديد النقاش الإسرائيلي حول هذه الدعوة، بعد أن حذرت جهات أمنية وسياسية، ومن بين فلسطينيي 48، من دعوة بينيت السابقة، بعد تنفيذ عمليتي بئر السبع والخضيرة، أواخر مارس (آذار) الماضي، للمواطنين بالتجول وهم يحملون السلاح، وهي دعوة أسهمت في ارتفاع عدد طالبي الحصول على رخصة سلاح بشكل كبير، وجاء هذا النقاش لاعتبار حديث بينيت دعماً وتشجيعاً لدعوة أكثر خطورة وجهها كبير حاخامات "السفارديم" في إسرائيل، إسحق يوسف، لليهود الأرثوذكس، بعد تنفيذ عملية "إلعاد" إلى تسليح أنفسهم عند حضور الكنيس في نهاية الأسبوع.
فدعوة الحاخام يوسف خارجة عن القانون الديني، لكنها جاءت لتعكس النسبة العالية بين طلب المتشددين دينياً بحمل السلاح، إذ استهدفت عمليتا "بني براك" و"إلعاد" بلدتين يسكنهما متشددون دينياً.
"حامي الأسوار"
ويكمن الخطر في ارتفاع عدد حاملي السلاح لوجود النسبة العالية بين اليمين الإسرائيلي أو المتشددين دينياً، وهما شريحتان لطالما دعا قياديون فيهما إلى قتل العرب وطردهم، وهناك خشية من أن يصبح الضغط على الزناد في وجه أي فلسطيني من الضفة أو من فلسطينيي 48 أمراً روتينياً وسهلاً بذريعة تشكيل خطر على اليهودي حامل السلاح، ليكون الفلسطيني ضحية أولى لسياسة متخذي القرار في الحكومة وانفلات اليمين والمتشددين دينياً.
ولا شك أن أحداث مايو (أيار) في المدينة المختلطة، اللد، دليل لم يتردد الإسرائيليون في الحديث عن الرعب عند التفكير باحتمال تكرارها في حال وصل كل يهودي يحمل السلاح إلى مدينة مختلطة أو لمجرد أنه التقى بفلسطيني أثار شكوكه، وفي تلك الأحداث، وصلت قوافل من المستوطنين حملة السلاح، بدعوة من النواة التوراتية المحلية وبمساعدة البلدية بذريعة "الدفاع عن السكان"، ووفق خطة بينيت، فإن تكرار هذه الأحداث سيؤدي إلى دخول ما سموه "الحرس الوطني - المدني"، أو المتشددين دينياً والمستوطنين، وعندها، ووفق تقديرات الجهات التي حذرت من كل دعوة إلى حمل السلاح، ستشهد إسرائيل حرباً أهلية خطيرة من الصعب معرفة نهايتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الجانب، وصفت الجهات الرافضة فكرة التسلح تشكيل "الحرس الوطني - المدني" ليقوم بأعمال دورية في المدن ويوفر الأمن لسكانها، وفق ما طرحه بينيت بـ"الوهم الخادع للدولة ولممثليها المخولين فقط بالاحتكار لاستخدام القوة المنظمة والمسلحة". وأضاف مسؤول أمني سابق أن خصخصة الأمن وتسليمه لقوات تتشكل على ما يبدو من اليهود فقط، خطيرة وتبث رسالة تهديد للجمهور العربي، وقال، "هذا عود ثقاب خطير وبالتأكيد لمن يعيشون في المدن المختلطة. هذه المبادرة يجب دفنها فوراً".
97 ألف نموذج لطلبات الحصول على رخصة سلاح
وارتفاع الأصوات المحذرة من دعوة حمل السلاح وكذلك خطة الحرس المدني تأتي في أعقاب الكشف عن معطيات تشير إلى توجيه 33429 طلب حمل سلاح منذ مارس الأخير وحتى الخميس الماضي، ما قبل تنفيذ عملية "إلعاد"، ومنذ وقوع العملية هناك، الطلب على التسلح يرتفع، ففي يوم الأحد، تم تقديم 636 طلباً مقابل 247 طلباً فقط يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، واعتبر مسؤولون أمنيون هذه المعطيات مذهلة وغير مسبوقة، وبحسب معطيات وزارة الداخلية، فقد تصفح 69627 إسرائيلياً قسم طلبات الحصول على رخص لحمل السلاح في موقعها الإلكتروني، خلال الشهرين الأخيرين.
ويستدل من المتابعة للمتصفحين لموقع الوزارة، بأن قسم ترخيص حمل السلاح حصل على 250 ألف مشاهدة، منها 165 ألف مشاهدة لفحص مدى إمكانية الحصول على رخصة لحمل السلاح، بينما تم إنزال وفتح 97 ألف نموذج لتقديم طلبات الحصول على رخصة حمل السلاح، وفي ظل ارتفاع طلبات الحصول على تراخيص لحمل السلاح، توظف وزارة الأمن الداخلي العشرات من مسؤولي ترخيص الأسلحة النارية، ووفق المعطيات، تمت الموافقة على حوالى 65 في المئة من الطلبات، بينما تم رفض 35 في المئة منها أو لم يتم القدوم للوزارة للحصول على الرخص من قبل المتقدمين.