Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تتحدى الأردن: السيادة على "الأقصى" لنا

مراقبون يرون في تصريحات بينيت انقلاباً وإعلان حرب ضد عمّان

العاهل الأردني خلال لقائه رؤساء الكنائس وممثلي أوقاف في القدس (الديوان الملكي الأردني)

تبدي الدبلوماسية الأردنية حتى اللحظة صمتاً غير مفهوم حيال تصريحات مستفزة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أكد فيها أن كل القرارات المتعلقة بالمسجد الأقصى ومدينة القدس سيتم اتخاذها من قبل إسرائيل، التي اعتبرها "صاحبة السيادة" على القدس بغض النظر عن أي اعتبارات خارجية.

وجاءت تصريحات بينيت عقب تصريحات أدلى بها عضو الكنسيت ورئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس الذي قال إن مطالب حزبه بخصوص الإجراءات الإسرائيلية في الحرم القدسي، يحددها ويديرها الملك عبدالله الثاني، بموجب الوصاية الهاشمية.

وكانت عمّان شهدت حراكاً دبلوماسياً إسرائيلياً تمثل بزيارات عدة لمسؤولين إسرائيليين بهدف التهدئة في شهر رمضان، ولا سيما الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ الذي حظي باستقبال رسمي رفيع في المملكة، وأيضاً وزير الأمن الداخلي عومير بارليف، ووزير الخارجية يائير لبيد، ووزير الدفاع بيني غانتس.

انقلاب وإعلان حرب

وتمثل تصريحات بينيت، وفق مراقبين، انقلاباً صريحاً على التفاهمات التي أبرمها مع العاهل الأردني للتهدئة في الحرم القدسي، ومخالفة لبنود معاهدة "وادي عربة" التي تنص على أحقية الوصاية الهاشمية والإدارة الأردنية للأوقاف الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.

وفي وقت التزمت وزارة الخارجية الأردنية بالصمت، ورفضت التعليق على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، خرج موقف رسمي يتيم تمثل بتصريحات لجنة فلسطين النيابية في مجلس النواب الأردني، اعتبر تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن مدينة القدس والمسجد الأقصى، انقلاباً على الواقع التاريخي والديني القائم في المدينة، وقالت اللجنة النيابية إن تصريحات بينيت غير مسؤولة وتعمل على تأجيج المنطقة برمتها بحروب دينية.

ولاحقاً، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن على إسرائيل الحفاظ على الوضع القانوني للمقدسات في القدس، وإن أي إجراء يخالف الوضع التاريخي في القدس باطل قانونياً، مضيفاً أن الأردن يرفض العبث بالوضع التاريخي للمسجد الأقصى، وأضاف أن الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأي محاولة لتغيير ذلك هو لعب بالنار، وشدد على أن الأوقاف هي صاحبة الحق في إدارة الحرم القدسي الشريف من دون أن يتطرق بشكل مباشر لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويطالب أردنيون وناشطون سياسيون الحكومة الأردنية بعدم الاتكاء على المواجهة الدبلوماسية في العلاقة مع إسرائيل، واتخاذ خطوات أكثر جدية والتصعيد من خلال تجميد الاتفاقات التجارية واتفاقات الماء والكهرباء والغاز مع الجانب الإسرائيلي، واعتبر مراقبون أن تصريحات بينيت ليست عدائية وحسب، وإنما هي بمثابة إعلان حرب على الأردن، لأنها تعبث بشرعية الوصاية الهاشمية على المقدسات.

تغيير قواعد اللعبة

ويوضح الباحث وأستاذ العلاقات الدولية حسن براري، تعليقاً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن الأردن لم يطالب بالسيادة على القدس، ووفقاً لمعاهدة "وادي عربة"، فإن إسرائيل تحترم الدور الحالي القائم في القدس، لكنها لم تحترم ذلك طوال السنوات الماضية، وتحاول أن تغير قواعد اللعبة مع الأردن، عبر محاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني للأماكن المقدسة، والاقتحامات المتعددة، ويضيف براري، "في كل مرة تصبح فيها العلاقة بين إسرائيل والأردن على المحك، يصل الجانبان إلى تفاهم لا يحرج الأردن، لكن هذه المرة الأولى التي تقول فيها إسرائيل إنها لن تقبل بتدخل الأردن في الإشراف على الأقصى".

ويعتقد براري أن إسرائيل لم تعد تعلي من شأن العلاقة مع الأردن، إلا بما يضمن التبعية لها، لأنها تعتقد أن هناك تغيرات جيوسياسية في المنطقة لصالحها، لذلك، فإنها تحاول منذ سنوات القفز فوق الدور الأردني، بخاصة أن الأردن لم يعد يمارس ثقله في القضية الفلسطينية كما في السابق.

تصريحات معادية للأردن

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتسبب فيها تل أبيب بإحراج عمان، ففي أبريل (نيسان) الماضي، استغرب مراقبون وناشطون عدم رد الحكومة الأردنية على تصريحات مسؤولين إسرائيليين في صحيفة "والاه" تتهم فيها الحكومة الأردنية بالنفاق، وتقول إن المسؤولين الأردنيين يلعبون لعبة مزدوجة، يهاجموننا في العلن بشكل لا يمكن قبوله، ويبررون ذلك في الغرف المغلقة، ويبدو أن تصعيد لغة الخطاب الإسرائيلية ضد الأردن جاءت بعد تصعيد كلامي مشابه شنه رئيس الوزراء بشر الخصاونة، حينما وصف حكومة إسرائيل بـ "المتصهينين المدنسين"، مؤكداً أن إدارة الحرم القدسي حق حصري للأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، وأن حكومته لن تسمح بأي محاولة تقسيم مكاني وزماني للمسجد الأقصى.

الوصاية في خطر

وتتسلح عمّان بشرعية تاريخية للوصاية الهاشمية على القدس، ووفقاً للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وأبرزها القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وينطلق الموقف الأردني من أن القدس الشرقية أرض محتلة، السيادة فيها للفلسطينيين والوصاية على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية للعاهل الأردني، ومسؤولية حماية المدينة دولية.

وتعود حقبة الوصاية الهاشمية على القدس تاريخياً إلى الشريف الحسين بن علي، بعد مبايعته من أهل فلسطين عام 1924، وفي 31 مارس (آذار) 2013، وقع الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقاً تاريخياً في عمان، أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأن الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.

وحاول الأردن في الأسابيع الماضية حشد إجماع عربي لدعم "الوصاية الهاشمية" على الحرم القدسي، لخشيته العميقة من فقدان دوره الذي يمارسه في الأراضي الفلسطينية منذ أعوام طويلة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط