Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالات وخلافات... تزايد الإحباط في أوساط الدبلوماسيين الأميركيين

في وقت نجحت واشنطن في قيادة جبهة غربية موحدة لصدّ الهجوم الروسي على أوكرانيا، لم تظهر أي فعالية في سياساتها المتعلقة بإيران والصين والقرن الأفريقي

غادر ثلاثة أعضاء على الأقل فريق المفاوضات الإيرانية الذي يقوده روبرت مالي خلال الأشهر القليلة الماضية (أ.ب)

قبل فترة وجيزة من تعيينه وزيراً للخارجية الأميركية، العام الماضي، أعلن أنتوني بلينكن أمام المشرّعين بأنّه يعمل على إحياء ما اعتبر أنه أضرّ بالدبلوماسية الأميركية من خلال تشكيل جبهة موحدة لمواجهة إيران والصين وروسيا.

بيد أنّ الدبلوماسيين الأميركيين والمصادر المقرّبة من العديد من المسؤولين السابقين والحاليين أشاروا إلى الإحباط المتزايد في أوساط وزارة الخارجية بسبب وجود مركزية صنع القرار في أيدي عدد قليل من المسؤولين، في وقتٍ نجحت الولايات المتحدة في قيادة جبهة غربية موحدة، مع بعض الدعم الآسيوي، لصدّ الهجوم الروسي على أوكرانيا، لم تظهر وزارة الخارجية أي فعالية في توحيد العالم ضدّ إيران أو الصين.

توقف المحادثات

وفي هذا السياق، استقال اثنان من الدبلوماسيين المخضرمين من منصبيهما كمبعوثين خاصين للقرن الأفريقي بعد مضي أقلّ من عام على تسلّمهما مهامهما، وفي ما يخصّ الصين، تتطلع دول الخليج إلى بكين لإبرام اتفاقياتٍ اقتصادية وأمنية بسبب الافتقار الملحوظ لاهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

وفي الجانب الإيراني، يبدو أن المحادثات لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 توقفت، أقلّه الآن، في ما يتعلّق بطلبات طهران لإزالة تصنيف "إرهابي" عن الحرس الثوري الإيراني.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، غادر ثلاثة أعضاء على الأقل فريق المفاوضات الإيرانية الذي يقوده روبرت مالي.

وفي يناير (كانون الثاني)، عندما تمّ الإعلان عن قرار ريتشارد نيفيو بالانسحاب من دوره كنائب لمالي، سعت وزارة الخارجية إلى التقليل من شأن وقوع أي خلافات واعتبرت أن انتقال طاقم العمل بين قسمٍ وآخر هو أمر "شائع للغاية"، بيد أنّ نيفيو غرّد على "تويتر" قائلاً إنه ترك الفريق في 6 ديسمبر (كانون الأول) "بسبب اختلافٍ حاد في الرأي حول الأمور السياسية".

ومن جانبٍ آخر، استقالت كبيرة المستشارين في وزارة الخارجية أريان تاباتاباي من منصبها في فريق المفاوضات الإيرانية. وبحسب صفحتها على موقع "لينكد إن" "LinkedIn"، بدأت العمل ككبيرة المستشارين السياسيين في البنتاغون هذا الشهر. واعتبرت مصادر مطّلعة على قرار تاباتاباي بأنّها قررت الانسحاب من فريق المفاوضين لأن مالي سمح للسفير الروسي في فيينا بتولّي قيادة المحادثات، وقالت إنها "لا تدلي بأي تصاريح صحافية في الوقت الحالي" أثناء اتصال موقع "العربية" بها، كما انسحب دان شابيرو السفير الأميركي السابق إلى اسرائيل من دوره ككبير مستشاري مالي بعد 7 أشهر على توليه هذا المنصب.

مالي ونيفيو

وأعلن نيفيو أنه استقال لأنه لم يوافق على سياسة فريق التفاوض، واعتبر شابيرو أنه انضم أصلاً للفريق لفترة ستة أشهر وهو أمر تم الاتفاق عليه مسبقاً على ما يبدو. بيد أنّ مصادر مطلعة على المفاوضات صرّحت لموقع "العربية الإنجليزي" عن وجود عدم رضا يسود في أوساط فريق التفاوض على خلفية عدم استعداد مالي للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة.

وانتشرت تقارير عن قيام نيفيو بإبلاغ رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والمنتقد الفذّ لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) التي تم التوصل إليها عام 2015 السيناتور بوب مينديز وتقديمه معلومات أكثر مما وافق عليه مالي. ونقل هذا الأخير احباطه إلى بلينكن بحسب مصدر مطّلع على المحادثات.

وبعد أيامٍ من انتشار الأخبار عن قرار نيفيو، ذهب مينديز إلى مجلس الشيوخ ونسف الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 في خطابٍ مطوّل استغرق 58 دقيقة مرفقاً بلوحات إعلانية ضخمة ظهرت خلفه توثّق أسباب رداءة الصفقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مينديز، "بصفتي شخصاً تابع طموح إيران النووي على مدى ثلاثة عقود، أقف هنا اليوم لإثارة مخاوف بشأن الجولة الحالية من المفاوضات حول خطة العمل الشاملة المشتركة وبرنامج إيران النووي المتصاعد بشكل خطير وسريع، مما جعلها على وشك امتلاك ما يكفي من المواد لتصنيع السلاح النووي". وأضاف، "لا يمكننا السماح لإيران بتهديدنا باتفاقٍ سيء أو معاهدة مؤقتة تتيح لها الاستمرار في بناء قدرتها النووية"، ونفى نيفيو "قطعياً" قيامه بنقل معلومات لأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من دون معرفة مالي المسبقة. وقال لموقع "العربية الإنجليزي"، "كان روب على دراية تامة بأي إحاطات تقدّمت بها للقسم التشريعي، وفي الواقع، كان هو من دفعني للقيام بها في إطار جهد متين لإطلاع زملائنا في الكونغرس على المعلومات خلال الفترة التي أمضيتها في فريقه".

وأشار نيفيو إلى أنه لم يكن يقوم بأي تصاريح علنية بشأن المحادثات حول الاتفاق الإيراني "انطلاقاً من احترام سير المفاوضات وإيماناً مني بأن أي تصريحات أقوم بها قد تؤدي إلى تحيز غير عادل لهذه المحادثات أو تضرّ بالموقف الأميركي".

الاختلاف في الرأي

وأعلنت وزارة الخارجية من جهتها أن الاختلاف في الرأي هو أمر طبيعي. وتواصلت "العربية" مع مينديز للحصول على تعليق ولكنها لم تحصل على أي جواب، بيد أنّه في إشارة أخرى إلى أن المزيد من المشرعين والمسؤولين الأميركيين من كلا الحزبين السياسيين يعارضون الموقف الحالي للإدارة تجاه المحادثات غير المباشرة مع إيران، والتي توقفت منذ ما يقارب سبعة أسابيع حتى الآن، وتم تمرير اقتراحين في مجلس الشيوخ، أحد هذين الاقتراحين تقدّم به السيناتور تيد كروز ودعا فيه إلى إبقاء العقوبات المتعلقة بالإرهاب على إيران بهدف الحدّ من التعاون الصيني مع طهران. وكان دعم المنتمين إلى كلي الحزبين واضحاً بعد أن تم إقرار الاقتراح بـ82 صوتاً مقابل 12.

وتقدّم السيناتور جيمس لانكفورد باقتراحٍ قائلاً إن أي اتفاق مستقبلي مع إيران يجب أن يتطرق إلى برنامجها النووي ودعم طهران للإرهاب، فضلاً عن عدم شطب تصنيف "إرهابي" عن الحرس الثوري الإيراني.

ودعم عدد من الديمقراطيين البارزين هذين الاقتراحين غير الملزمين بمن فيهم مساعد الرئيس جو بايدن المقرّب السيناتور كريس كونز وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.

خلافات واضحة

استحدثت إدارة بايدن دور المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي في سعيها إلى إعادة إحياء سطوة واشنطن في المنطقة، وتم التركيز بشكلٍ أساسي على العنف وعدم الاستقرار في إثيوبيا والسودان مع خطواتٍ دبلوماسية مكوكية أجريت بين واشنطن والخرطوم وأديس أبابا وعواصم أفريقية أخرى، وتم اختيار الدبلوماسي المخضرم جيفري فيلتمان لقيادة الجهود الدبلوماسية، بيد أنه استقال من هذا المنصب في يناير (كانون الثاني)، أي بعد أقل من عامٍ على توليه هذا الدور، وبعدها، اختير دبلوماسيّ فذّ آخر هو ديفيد ساترفيلد لخلافة فيلتمان. وعلى غرار هذا الأخير، لم يمضِ عام على عمله في هذا المنصب، إذ أعلن أنه سيستقيل قبل بدء الصيف المقبل.

وفي هذا السياق، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن الدبلوماسيين الأميركيين كانوا قلقين بشأن التركيز المفرط على إثيوبيا في وقتٍ حظي السودان على اهتمامٍ ضئيل. وأشارت المصادر إلى أنّ خطوات مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية مولي فيي في تولي صنع القرار وقيادة السياسة الأميركية في القرن الأفريقي شكّلت عائقاً لكل من فيلتمان وساترفيلد.

كما أوردت المجلّة في أواخر العام الماضي خبراً عن وقوع "صدامٍ" بين فيلتمان وفيي على خلفية فرض عقوبات على مسؤولين وممثلين سودانيين ضالعين في محاولة الانقلاب التي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة برئيس الحكومة عبدالله حمدوك.

أخيراً، كتب كاميرون هادسون وهو أحد كبار الباحثين في "مركز أفريقيا" في المجلس الأطلسي أن قرار ساترفيلد بالاستقالة من منصبه "جاء متّسقاً مع فكرة أنّه تمت إعاقة عمل المبعوثين إلى القرن الأفريقي من خلال مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الذي يحظى بمرتبةٍ أدنى منهم". وفي هذا الإطار أيضاً، قللت وزارة الخارجية من أهمية هذه الهوّة القائمة بين الدبلوماسيين الأميركيين وفيي، وأشار مصدر مقرّه في واشنطن، وهو مقرّب من المسؤولين والدبلوماسيين الأميركيين فضّل عدم الكشف عن اسمه إلى أنّه "بالنسبة إلى إدارة تعلن جهاراً سماحها للدبلوماسيين بأخذ زمام المبادرة، لا ينعكس هذا الأمر على أرض الواقع بشكلٍ ملموس".

المزيد من تقارير