Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تحول فضاء العراق إلى "حرب سيبرانية" ضد الخصوم

باحثون: الهجمات الإلكترونية قد تطرح نفسها بديلاً لاستراتيجية خلايا "الكاتيوشا" أو الطائرات المسيّرة

شهد العراق خلال فترات متقاربة هجمات إلكترونية من ميليشيات موالية لإيران على مواقع داخل البلاد وخارجها (أ ف ب)

حدّدت مستشارية الأمن الوطني في العراق، عبر دراسة لها، استراتيجية الأمن السيبراني في البلاد، وأوضحت أن العراق ليس بعيداً من التهديدات السيبرانية التي تتمثل في الجريمة الإلكترونية والتجسس السيبراني والإرهاب الإلكتروني وإساءة معاملة الأطفال واستغلالهم عبر الإنترنت.

ووضعت الدراسة عدة مراحل زمنية يتم من خلالها تحديد الضعف الهيكلي في نظم المعلومات العراقية، بالتالي تقديم آليات جديدة لمعالجة هشاشة الأمن السيبراني في البلاد، وخصصت الدراسة المرحلة الأولى لزيادة الوعي بالأمن السيبراني، وتمتد لمدة سنة واحدة يجري خلالها تقديم مسودات قوانين تخص هذا المجال.

أما المرحلة الثانية، ومدتها ثلاث سنوات، فتتضمن بناء البنية التحتية والقدرات بين باحثي أمن المعلومات، كما تتضمن المرحلة الثالثة والأخيرة، ومدتها خمس سنوات، تطوير الاعتماد على الذات من حيث التكنولوجيا ومراقبة آليات الامتثال للخطط والمعايير القياسية الموضوعة للأمن السيبراني العراقي.

وترى مستشارية الأمن الوطني أن هذه الدراسة تمثل محاولات لا غنى عنها لبناء أسس لا يشوبها الخلل للأمن السيبراني في العراق، ويرتبط التصنيف العالمي للدول في مجال الأمن السيبراني بقدرة الدولة على صد الهجمات الإلكترونية عندما تكون أنظمتها عالية الحماية، وألا تكون الدولة مصدراً لهجمات من هذا النوع على باقي الدول.

وفي آخر تصنيف للأمن السيبراني العالمي في 2020، حصل العراق على المركز 129 عالمياً من أصل 184، الأمر الذي يعود إلى غياب التشريعات القانونية، كما لا تزال الأموال المخصصة للأمن السيبراني قليلة مقارنة بدول الجوار، مع غياب البنية المادية والبشرية والإدارية المتكاملة في هذا المجال.

هجمات سيبرانية متكررة

"الهاكرز" والجماعات المسلحة أبرز مصادر التهديد في الحروب السيبرانية، إذ شهد العراق خلال فترات متقاربة هجمات إلكترونية من ميليشيات موالية إيران على مواقع داخل العراق وخارجه. واستهدفت الهجمات منشآت ومؤسسات حكومية في إسرائيل وتركيا والسعودية، فضلاً عن مؤسسات إعلامية داخل العراق، أبرزها المواقع الإلكترونية التابعة لقنوات "UTV" وقناة "الفلوجة" العراقية.

وبمجرد تصفح موقع "صابرين نيوز"، وهي قناة دعائية على وسائل التواصل الاجتماعي تابعة للميليشيات الموالية إيران، على "تليغرام"، سنجد عدداً كبيراً من الإعلانات الخاصة بالهجمات السيبرانية، التي يتبناها "صابرين نيوز" على مواقع مختلفة داخل العراق وخارجه، إذ تبنى الموقع الهجوم السيبراني على موقع مطار بغداد، وكذلك موقع قناة "كان 11" العبرية.

كما أعلنت مجموعة إلكترونية عراقية تطلق على نفسها اسم "الطاهرة تيم" عبر قناة "تليغرام" أنشئت حديثاً أنها هاجمت موقع هيئة المطارات الإسرائيلية، وموقع بنك "إسرائيل"، متوعدة بمزيد من الهجمات السيبرانية ضد "إسرائيل".

تغيير في طبيعة المواجهة

يوضح فراس إلياس، الباحث المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، أن هناك عديداً من علامات الاستفهام تدور حول طبيعة القدرات السيبرانية التي تمتلكها الفصائل المسلحة الموالية إيران، إذ إن الهجمات التي حصلت، وبخاصة تلك التي طالت مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، والموقع الإلكتروني لقناة "أخبار كان" و"القناة 9" وهيئة الطيران الإسرائيلية، إلى جانب أهداف أخرى، "تحتاج إلى جهد دولة، وليس مجرد جماعات إلكترونية".

إلياس يقول إن "إيران نجحت خلال الفترة الماضية في إرسال خبراء إيرانيين ولبنانيين، أو حتى معدات تقنية إلى العراق، فيما ينفذ هذه الهجمات تقنيون عراقيون". ويرى أن الهجمات السيبرانية التي تنفذها جماعات إلكترونية عراقية موالية إيران، قد تطرح نفسها بديلاً فعالاً لاستراتيجية خلايا "الكاتيوشا" أو الطائرات المسيّرة، لما لهذه الاستراتيجية من فائدة تحققها إيران في العراق والدول الأخرى، بعيداً من التداعيات السلبية التي تفرزها الهجمات الميدانية.

الهجمات لا تعني الاختراق

يرى مركز الإعلام الرقمي، وهو مركز مستقل متخصص برصد وتحليل أخبار "السوشيال ميديا"، أن الهجمات السيبرانية التي انطلقت من العراق كانت من نوع "DDos"، أي هجمات حجب الخدمة الموزعة، وتستهدف البنى التحتية للشبكات، وتجعلها فاقدة القدرة على الاستجابة للطلبات المتعددة، فهي لا تتضمن غالباً اختراق كلمات السر الخاصة بالشبكات المستهدفة أو استغلال ثغرات برمجية فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح المركز أن ربط الهجمات بالعراق كان مبنياً على "ادعاء فريد" لبعض المجموعات، التي قد تكون غير عراقية أصلاً، ولم يتم الإعلان عن أي تحقيق مستقل بهذا الخصوص وربطه بالعراق أو بدولة أخرى.

ويختم المركز بأن حدوث عمليات هجوم "لا يعني أن الأمن السيبراني مخترق في العراق، فلا علاقة بين الأمرين"، خصوصاً أن دولاً كبرى لها باع طويل في الأمن السيبراني ومراكز متخصصة في هذا المجال، ومع ذلك تتعرض مواقعها الإلكترونية للهجمات أو القرصنة، أو قد تكون مركزاً لهجمات تستهدف دولاً أخرى متقدمة أيضاً.

يشير غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن إيران "تسعى لتحويل العراق إلى مسرح للعمليات العسكرية لمواجهة خصومها في المنطقة"، وعليه "ستكون الحروب السيبرانية واحدة من الأدوات الخطيرة التي يجري استخدامها بواسطة التنظيمات الولائية التابعة لها في العراق، بهدف تخريب عمل المؤسسات محور الهجوم، أو تعطيل عملها، أو الحصول على المعلومات السرية التي تخدم الأجهزة الاستخباراتية في إيران".

وتابع فيصل، أن التنظيمات الولائية هي أداة بيد إيران، ومن الممكن أن تشن هجمات على سفارات أجنبية أو أية دولة عضو في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، فهذه الجماعات الموالية "تعتقد أنها تشن حروباً ضد القواعد الأجنبية بالمنطقة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير