Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في قلب الرحلة الموسيقية لعرض "مولان روج" في لندن

فيلم باز لورمان الموسيقي في 2001 كان مذهلاً وصاخباً. لكن هل سيكون العرض المسرحي استثنائياً فعلاً كالفيلم؟ من خلف الكواليس إيزوبيل لويس تستقصي قصة هذا العرض الشهواني المذهل

الركلات الشهيرة من فريق "مولان روج! ذي ميوزيكال" (مات كروكيت)

عندما يدخل المرء القاعة الكبرى لمسرح البيكاديلي ويتجول فيها، لن يكون أمامه خشبة مسرح نمطية. بدل ذلك، هناك في صدارة المسرح قلوب من أضواء نيون، وأعمدة مخملية باذخة، وطاحونة هواء، وأحرف مضاءة متوهجة باسم "مولان روج" Moulin Rouge! فينقل الجمهور إلى أجواء الكباريهات الباريسية الشهيرة كي يشاهد حكاية عن الحب والجنس والاستهلاك، تدور أحداثها أمامه، بينما يفجر أداء أغنية "السيدة مارمالاد" المسرح. وليس ثمة حاجة هنا إلى نظّارات وردية العدسات - فكل شيء يطغى عليه اللون الأحمر سلفاً، ويبهر العيون. وذاك بغض النظر طبعاً عن الفيل الأزرق المبهرج، الملتف حول مقاعد الحجرة الملكية.

ومع استمرار صدور الأفلام، سيجهد المرء ليجد بينها أفضل من الفيلم الموسيقي الباهر للمخرج الأسترالي باز لورمان، إنتاج عام 2001 والتي أدت بطولته نيكول كيدمان بدور محظية رقيقة اسمها "ساتين"، تقع في غرام شاعر شاب معدم يدعى كريستيان (إيوان ماكغريغور).

أما الصدمة الحقيقية، فتتمثل في الوقت الطويل الذي تطلبه وصول العمل إلى خشبة العرض. ومع انطلاقه في برودواي سنة 2019 حاز "مولان روج! ذا ميوزيكال" Moulin Rouge! The Musical على عشر جوائز "توني" (من بينها واحدة بالتزكية من فئة أفضل ممثل أساسي لآرون تفيت، وذلك بفضل الجائحة)، وها هو ذا أخيراً يصل إلى مسرح "ويست إند" في لندن بطاقم جديد كامل، وإنتاج باهظ يفوق حتى إنتاج الفيلم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وربما يكون الأمر هو تقليد التمثيل الإيمائي في المملكة المتحدة، كما يخبرني الممثلون وطاقم العمل، لكن الجمهور البريطاني كان يرقص في مقاعده ويصيح خلال العروض المسبقة للافتتاح قبل أن يتم وقف العرض لمدة أسبوع خلال عيد الميلاد (بسبب تجدد الجائحة).

ومن المسرح إلى الأغاني، فإن التجربة الموسيقية مذهلة مذهلة- كما تدعى مسرحية كريستان في عرض مولان روج نفسه. "هذا ليس عرضاً يبدأ مع رفع الستائر- بل يستحوذ على المرء فور دخول الأخير إلى المسرح"، وفق كليف كارتر الذي يلعب في العرض دور الرجل القواد هارولد زيدلير، ولديه أكثر من ملمح يذكر بجيم برودبينت، بغض النظر حتى عن الشخصية. فالعرض "كأنما أرض مهرجان".

وكما المشهد الأخير في "ثلاثية الستارة الحمراء" Red Curtain Trilogy الباذخة التي صنعها لورمان، فإن الفيلم يستلهم سلفاً من عالم المسرح الغنائي (الموسيقي). والآن جاء دور السينما كي تلهم المسرح.

"رد فعلي تجاه الفيلم عندما شاهدته لأول مرة كان، يا للروعة!"، بحسب ما يقول جايسون بينيكوك الممثل - المرشح لجائزة "أوليفييه" [أرقى جائزة بريطانية في عالم المسرح] والذي يلعب دور تولوز. ويتابع، "شعرت بأنه باهر، وشاهدته مرة أخرى فوراً..." ويعتقد بينيكوك أنهم نجحوا في التقاط أصوات الأزيز والدوي المناسبة للمسرح. كما أن "الإضاءة تجعل الأجواء قريبة إلى السينما عندما يشاهد المرء العرض الواقعي. ويكاد الأمر يحاكي تجربة مشاهدة فيلم سينمائي".

لكن مقابل عشاق فيلم لورمان الكثر، ثمة كثيرون أيضاً يمقتون "مولان روج". إذ حين يقول أناس إنهم "ليسوا من معجبي الأفلام الموسيقية"، غالباً ما يجادل مرتادو المسرح أن هناك عروضاً عديدة أكثر دقة وتعقيداً- مثل "هاميلتونس" Hamiltons، و"كوم فروم آويز" Come From Aways. لكن ثمة لحظات قليلة من السكون في "مولان روج" (وهي نادرة في أفلام لورمان)– بل كلها مليئة بأثواب الكشكش ورقصات الكان-كان، ومن أغلفة أسطوانات ألتون جونز. وكما هو الأمر بالنسبة للأعمال السينمائية الموسيقية، فإن الأمر يرتبط في النهاية بالقدر الموسيقي للعمل.

والحقيقة، عندما ظهر الفيلم انقسمت حوله آراء النقاد على نحو متساو. وقد امتدحه بعض الكتاب، فاعتبروه عرضاً "جريئاً"، مثلما اعتبرته إحدى المقالات مصنوعاً إخراجياً بأسلوب "نوبة هلوسة هانتر ثومبسون" (إشارة إلى المهلوسات التي كثيراً ما تظهر في المقالات عن "مولان روج"). لكن بالنسبة إلى آخرين فإن الأمر بمجمله بدا غير مقنع على الإطلاق. إذ كتبت جين لويرسون في هذا السياق بـ"سان دييغو ميتروبوليتين" San Diego Metropolitan "مولان روج هو اعتداء على الأحاسيس. كل شيء فيه مبالغ للغاية. يمكن للمرء أن يجده ممتعاً، لكن من شبه المؤكد أنك ستجده مرهقاً". أما شون بيرنز فكتب في "فيلاديلفيا ويكلي" Philadelphia Weekly قائلاً، إن لورمان "يبتلع بسرعة قرابة قرن من مخلفات ثقافة البوب، ومن ثم يتقيأها على طول الشاشة وعرضها بدافع انتقامي". إنه لأمر مؤلم.

 

إذن كيف تتبنى [لعمل مسرحي] فيلماً موسيقياً يثير هذا المقدار من ردود الفعل الحادة، من الحب أو الكراهية؟ على المرء أن يضاعف جهوده لأقصى درجة. يبدأ عرض "مولان روج! ذا ميوزيكال" بأغنية "السيدة مارمالاد" الافتتاحية من تقديم كريستينا آغويليرا، وبينك، وميا، و"ليتل كيم"، يليها "سو فريش/سو كلين" So Fresh/So Clean، و"ريذيم أوف ذا نايت" Rhythm of the Night و"بيكوز وي كان" Because We Can لفات بوي سليم في سبع دقائق ناشطة ومنهكة. وهذا كاف كي يلحق بك صفعة موسيقية، بيد أن العرض يأتي فائضاً بتلك الأمواج من موسيقى البوب المستلهمة من "إليفينت لوف ميدلي" Elephant Love Medley التي أداها كل من كيدمان وماكغريغور في الفيلم، والتي هي إحدى أغنيات التي ضمها العمل معاً إلى جانب "هيروز" Heroes، و"يور سونغ" Your Song و"آي ويل ألوايز لوف يو" I Will Always Love You.

واستكمالاً في الإطار عينه، كان لورمان سنة 2001 قدم للعالم "كام وات ماي" Come What May (واحدة من الأغنيات القليلة المؤلفة خصيصاً للعمل نفسه) وقام بتحويل أغنية فرقة "ذا بوليس"، "روكسانا" Roxanne إلى أغنية تانغو أرجنتينية ترد باستمرار في "ستريكتلي كوم دانسينغ" Strictly Come Dancing. و"مولان روج" الذي تدور أحداثه في ختام القرن العشرين كان من بين الأفلام الأولى التي أعادت وضع موسيقى البوب في السياق العام ضمن عمل مرحلي. وبعد مرور عقود بات هناك المزيد مما يطلق عليه المشرف الموسيقي جاستن ليفين توصيف "الكلاسيكيات المعاصرة"، المستخلصة لصيغ عروض مسرحية- من أعمال كل من كاتي بيري، وبيونسيه، وآديل.

وتماماً مثلما قام الفيلم المنتج في 2001 بجمع رباعية نجمات البوب من كريستينا آغويليرا ورفيقاتها (من منا لم يتأثر تأثراً شديداً بذاك الأداء الحي في حفل توزيع "جوائز أفلام أم تي في"؟)، فإن العرض الحالي يقوم بتكريم نجوم العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في موسيقى البوب.

 

وعن هذا الموضوع، تقول ليزي لافونتين، التي تؤدي دور "ساتين" في مسرح "ويست إند"، إن طاقات هؤلاء [مغنو البوب] هي التي جرى استحضارها أيضاً. فتذكر "كلما كان علي إخبار الناس عن العمل، أقول لهم إن حضوره يماثل حضور حفلة لآريانا غراند - هناك فقط صرخات تصم الآذان في بعض اللحظات. ومن الواضح أن أكثر الناس يرتدون الكمامات خلال المشاهدة، لكن وجوههم تبدو هكذا..." (تؤدي نظرة اندهاش بعينين واسعتين).

ولافونتين وزميلها جايمي بويغو، الذي يظهر احترافياً لأول مرة في دور كريستيان، مقتنعان بأن "مولان روج! ذا ميوزيكال" سوف ينتصر حتى على أشرس المشككين والمنتقدين. في السياق يقول بويغو، "هناك بعض الأشياء في العرض تبدو جيدة من دون أي جدال. الفرقة والرقصات رائعة بلا أدنى شك. وفي الحقيقة ليس هناك أي مجال للمجادلة. ربما ترون أنني ممثل سيئ في العرض... إلا أنني لن أحبط بسبب ذلك. هناك ما يكفي [من جمال] في العرض. إنه في الحقيقة عرض بديع فعلاً".

ما يتطلبه الأمر، كما يقولون، لوقف التشكيك في المسرحيات الموسيقية، هو عدم تحميل الأعمال الموسيقية أموراً أكثر مما هي عليه في الواقع. وفي هذا الصدد تقول لافونتين، "إنه رحلة كاملة، لكننا نقول دائماً إنها مثل نزهة في سيارة. ما إن تركب، تصبح في قلب الرحلة، وإذا استسلمت أحاسيسك، فإن الأمر يصبح حقيقة. لكن إن قاومته، أو تمهلت لتقول (يا إلهي، ماذا يحصل؟) فإنه سيكون لا يطاق".

واليوم مع عودة الجماهير إلى المسارح بعد موسم عيد ميلاد شديد الوطأة، وبعد سنة أشد إيلاماً على قطاع الأفلام، فإن العرض يأتي بمثابة فسحة هروب عظيمة وضرورية. في هذا الإطار يقول بويغو وفي عينيه بريق لا يخفى "ما لم تكونوا بلا مشاعر، سوف تقضون وقتاً جميلاً على الأرجح".

"مولان روج! ذا ميوزيكال" يعرض على مسرح البيكاديلي اللندني

نشرت اندبندنت هذا المقال في  يناير (كانون الثاني) 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة