Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تنظر إيران إلى فوضى الهجمات الطائفية بأفغانستان؟

تخشى طهران من صدى تلك الحوادث باشتعال الأوضاع داخلياً لديها والتعاون مع كابول أمنياً وارد

تهدد الهجمات ضد الشيعة في أفغانستان بإشعال التوترات في إيران (أ ف ب)

دفع هجوم طعن وقع أخيراً في شرق إيران الحكومة الإيرانية إلى الإعراب عن قلقها، فقد حدث هجوم منذ أسبوعين استهدف رجال دين في مرقد الإمام الرضا في مشهد. كما أسفر هجوم نفذته جماعة خراسان (داعش - خراسان) التابعة لتنظيم "داعش"، عن مقتل عشرات الأشخاص في مسجد سه دوكان في مزار الشريف.

كانت هذه أحدث هجمات في سلسلة من الأعمال التي استهدفت الشيعة في أفغانستان، التي تتألف من عرقية الهزارة، كما هز انفجار آخر مدرسة عبد الرحيم شهيد الثانوية الواقعة في حي الهزارة الشيعي في كابول.

الهجمات الطائفية دفعت إيران إلى التركيز على التداعيات السياسية والاجتماعية والأمنية للحوادث على أمنها القومي، وهو ما سيشهد تحركات إيرانية مع جيرانها في آسيا، لمتابعة الأوضاع الأمنية في أفغانستان.

دقت هذه العمليات الأخيرة ناقوس الخطر أمام إيران، مما جعلها تلقي باللوم على المتطرفين، وزعمت في ما بعد أن أحد أفراد أقلية عرقية أوزبكية وراء الهجوم، قالت وسائل الإعلام الإيرانية إنه رجل فر من أفغانستان، واعتقل آخرون في أعقاب الهجوم، ونشر الإعلام أن الحادثة مرتبطة بمؤامرات حول متشددين "تكفيريين" مرتبطين بالدور الأميركي السابق في أفغانستان.

تعود أفغانستان وما بها من اضطرابات لتشكل مصدر قلق رئيساً لإيران، حيث تهدد الهجمات ضد الشيعة في أفغانستان بإشعال التوترات الطائفية في جميع أنحاء المنطقة. وقد أصبحت علاقة إيران بجيرانها الشرقيين، أفغانستان وباكستان، ذات أهمية خاصة منذ استيلاء "طالبان" على أفغانستان ومع الانسحاب الأميركي منها، مما أدى إلى تغيير كبير في المشهد الجغرافي السياسي الإقليمي.

لذا مع الحوادث الطائفية الأخيرة تلاشت نشوة الاحتفاء الإيراني بشأن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان المنكوبة بالصراع. وتتعدد العوامل التي تجعل أفغانستان محورية في سياسة إيران الإقليمية، إذ تشترك البلدان في حدود يبلغ طولها نحو 1000 كيلومتر (621 ميلاً)، ولدى طهران مصالح أمنية رئيسة بأفغانستان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم تدخر إيران جهداً لاستضافة اجتماعات لجيران أفغانستان، إضافة إلى روسيا، لمناقشة الوضع الأمني في الجارة أفغانستان، ومما يزيد من التحديات أمام الأمن القومي الإيراني، كون غالبية سكان إيران من الشيعة، لكن الأقليات السنية تعيش في الغالب في المناطق القريبة من الحدود مع أفغانستان، ولطالما اشتكى السنة من التمييز الذي تمارسه السلطات الإيرانية، سواء بسبب البنية التحتية المتداعية ونقص المرافق الصحية والتعليمية، لذا فإن المناطق القريبة من الحدود الأفغانية هي الأكثر فقراً والأقل تطوراً في إيران.

وقد دعت طهران جارتها الشرقية المنكوبة بالصراع إلى تشكيل حكومة شاملة ومستقرة، وهو أمر تعتبره إيران حيوياً لأمنها القومي، فعلى الرغم من كون التغيرات السياسية في أفغانستان تصب منها في صالح إيران، فإن إيران تعتبر أفغانستان جزءاً من صراع أوسع في آسيا الوسطى قد يشمل هذا الصراع الصين وروسيا وتركيا ودولاً أخرى.

وحددت إيران عدة أهداف تسعى للحفاظ عليها في أفغانستان، أولاً، الحفاظ على الروابط التجارية وتنمية نفوذها، ثانياً ألا يكتسب المتطرفون والجماعات الإرهابية موطئ قدم لهم داخلها، بخاصة الجماعات المرتبطة بـ"داعش"، ثالثاً عدم عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة، وأخيراً لا تريد أن تهاجم الأقليات الشيعية.

ولطالما استغلت الجماعات التي تحمل أيديولوجيات جهادية وانفصالية عدم الاستقرار في أفغانستان للقيام بأنشطة عبر الحدود، وقد مثلت القضية مشكلة مشتركة لأفغانستان وجيرانها من الصين وإيران وباكستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وهو ما يفسر استمرار اجتماع هذه الدول، إلى جانب روسيا لمناقشة الأوضاع الأمنية في أفغانستان، كان آخرها في مدينة تونشي الصينية.

أما بالنسبة إلى إيران فتحمل الأحداث الطائفية في أفغانستان خطر حدوث ارتدادات داخلية في طهران أيضاً، والعكس صحيح. فبينما تستضيف إيران ما يصل إلى مليون لاجئ أفغاني، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد باكستان، تستمر الانتقادات لها لسوء المعاملة.

إن حادثة الطعن الأخيرة في ضريح الإمام الرضا المقدس في مشهد الإيرانية دفعت وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي لانتهاز الفرصة بعد الهجوم لتهدئة الانقسامات المتصاعدة، قائلاً "العدو يحاول استغلال الخلافات العرقية والدينية بين الدول الصديقة، لكنه سيفشل في تحقيق هدفه". فقد وقعت الحادثة وسط موجة من مقاطع الفيديو التي ظهرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر سوء المعاملة للاجئين الأفغان من قبل الإيرانيين، وقوبلت هذه اللقطات برد فعل في أفغانستان، حيث أجبرت "طالبان" على توفير الأمن للاحتجاجات الغاضبة أمام المؤسسات الدبلوماسية الإيرانية في أفغانستان.

تفسر إيران الموجة الأخيرة من الهجمات بأن ثمة تدخلاً خارجياً يغذيها، وسمت الجماعات العسكرية الخاصة المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة التي زعمت أنها تقدم مساعدة مالية واستخباراتية لجماعات متمردة في أفغانستان، في محاولة لدعم هذه الجماعات ودفع البلاد إلى حرب طائفية - دينية. كما تخشى طهران من أن الهجرة غير المنضبطة للأفغان إلى إيران قد تؤدي إلى تسلل مقاتلي "طالبان" و"داعش"، الأمر الذي سيهدد أمنها نتيجة ما قد يطرأ من خلافات وصراعات بين الشيعة الإيرانيين والسنة الأفغان.

إذن، إيران تنظر في مختلف الأبعاد والتداعيات الاجتماعية والسياسية والثنائية والإقليمية والدولية للهجمات الإرهابية في أفغانستان. ومع ذلك وانطلاقاً من سياسة طهران البراغماتية تجاه "طالبان"، فقد تحاول توظيف هذه الحوادث لزيادة التعاون الرسمي بين طهران وكابول، ومن ثم اتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة، وتطوير العلاقات الاجتماعية والسياسية والأمنية مع "طالبان" لضمان أمن أفغانستان.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل