Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغربة "أهون" من الشماتة... مغاربة مشردون على أرصفة "الحلم الأوروبي"

أم فريد ماتت بحسرتها على ابنها "الضائع" وكريم أدمن الهيروين... وباحث اجتماعي: الشباب يهاجرون لـ"التباهي"

المغاربة المهاجرون في أوروبا يعانون أوضاعا معيشية صعبة (اندبندنت عربية)

أن يعيش مشرداً بلا مأوى وينام على أرصفة الشوارع في ألمانيا هو أفضل له من العودة إلى وطنه، ووصمه بالفشل، هكذا هي حال الكثيرين من أبناء المغرب الذين عجزوا عن تحقيق أحلامهم من وراء الهجرة، وأصبحوا يقيمون بشكل غير قانوني، ومنهم من أصبح يتعاطى المخدرات هروباً من واقعه البائس، فلا هو قادر على التأقلم في بلاد الغربة، ولا يستطيع العودة إلى أهله، ليظل يدور في حلقة مفرغة من الألم.

من بين هؤلاء الشاب كريم، وكان يعمل في التسويق والتجارة بالمغرب ويتقاضى ما يعادل 800 دولار، لكنه أعتقد أن الهجرة ستمنحه حياة أفضل، فهاجر قبل عشر سنوات إلى إسبانيا بطريقة غير قانونية، ثم ذهب لألمانيا. يقول، "كنت أحلم دائماً بالهجرة إلى أوروبا، كنت أعتبرها الجنة، لكني صدمت بالواقع".

لم يجد كريم من يساعده لتسوية أوضاعه، إذ إن "أغلب المغاربة الذين يعيشون هنا بمجرد أن يكتشفوا أنك بلا إقامة يتهربون منك، ينظرون إليك باحتقار، يخشون من أن تجلب لهم المشاكل"، وأصبح ينام في الشارع، ولمواجهة انخفاض درجة الحرارة، أدمن المخدرات. يقول: "أصبحت أتعاطى الهيروين لأهرب من هذا الواقع ومن صعوبة الحياة هنا".

أموت ولا أعود

الشاب البالغ من العمر 41 عاماً يمضي يومه متسكعاً في شوارع مدينة هامبورغ، يتسول من الناس المال، ليتمكن من شراء المخدرات، ولم يعد يفكر في الحلم الألماني، بل أصبح هدفه الوحيد إيجاد ما يفترش به الشارع لتمضية الليلة، وعلى الرغم من جميع التحديات فهو يرفض العودة إلى المغرب. يقول: "من المستحيل أن أعود، لن أتحمل شماتتهم بعد أن فشلت في تحقيق مستقبل لي بألمانيا، لهذا سأظل هنا إلى أن أموت".

أما فريد، صاحب الـ35 عاماً، فلم يهاجر بطريقة غير قانونية مثل كريم، بل قدم إلى ألمانيا بإقامة طالب، وهو في عمر الـ19 عاماً، وتزوج من إحدى قريباته التي طلبت منه التخلي عن الدراسة، كان يعتقد أن زواجه منها سيمنحه إقامة دائمة، لكن قبل مرور ثلاث سنوات، طردته من البيت.

وتعد السنوات الثلاث من الزواج الفترة المحددة لحصوله على الإقامة في ألمانيا، بحسب القانون هناك، وكان يجب حينها أن يرحل من البلد، لكنه فضل البقاء بصفة غير قانونية.

يتحدث فريد عن هذه الفترة من حياته قائلاً: "بعد أن كنت طالباً متفوقاً في المغرب وأحلم بمتابعة تعليمي هنا، تغير كل شيء، أصبحت مشرداً، ولا يمكنني العودة".

قبل ست سنوات توفيت والدة فريد، لكنه لم يستطع العودة إلى المغرب بسبب وضعيته غير القانونية. يقول: "أنا السبب في وفاة أمي، لم تستطع أن تتحمل كوني مشرداً ولم أنجح في حياتي، ولم تتحمل حديث الناس عني لأني لم أحقق شيئاً هنا".

وعن أسباب عدم عودته للمغرب والبداية هناك من جديد، يقول: "أصبحت أعاني مرضاً نفسياً مزمناً، وحالي لن تتحمل حديث الناس عني في المغرب".

الهجرة للتباهي

عالم الاجتماع المغربي عبد الرحيم عنبي، يرى أن "المغاربة أكسبوا ظاهرة الهجرة قيمة اجتماعية لأجل التمايز والتباهي، فكثير منهم ينتمون إلى أسر ميسورة، لا يهاجرون للبحث عن فرص أكثر، بل عن انتماء إلى عالم آخر، يعطيه إحساساً زائفاً بالتميز".

يقول عنبي: "عندما يدور الحديث عن الهجرة في المغرب يكون حول المهاجرين الذين يحولون الأموال لعائلاتهم ويعودون في فترة الصيف محملين بالهدايا والسيارات والفخمة، ويشترون الأرض ويستثمرون، لكن المغاربة لا يتحدثون عن الوجه الآخر للهجرة، عن الذين أصيبوا بصدمات نفسية نتيجة فشلهم في تحقيق أهدافهم، وتعاطوا المخدرات وتاجروا فيها، مما عرضهم للسجن أو فقدان قدراتهم العقلية والنفسية، هم لا يتحدثون عن هؤلاء الشباب الذين أضاعوا عمرهم وفقدوا كل شيء ولا يستطيعون العودة إلى أوطانهم".

أما لماذا لا يستطيعون العودة، فيجيب عالم الاجتماع المغربي: "المجتمع يعتبر الهجرة ربحاً اقتصادياً، فالمهاجر عليه أن يعود بالثروة، لأن ما وراء البحر هو المال فقط، وإذا  ما عاد من دونها، يعد فاشلاً، وستتخلى عنه الأسرة والأصدقاء وسيقللون من رجولته ومكانته في وسطه الاجتماعي".

ويضيف عنبي أن "الهجرة في المغرب ليست مشروعاً فردياً، بل مشروع أسري وقرار تتخذه الجماعة، ويحظى المهاجر بالدعم المالي والنفسي من أقاربه، والعودة من دون تحقيق هذا المشروع ستجعله غير مرحب به، فأغلب من عادوا عانوا الإقصاء، ومنهم من أصيب باضطرابات عقلية ونفسية، والبعض يعاني صراعات مريرة مع الأسرة". وتابع، "لذلك يفضلون البقاء في أوروبا على الرغم من الفشل، لأنهم لا يستطيعون مواجهة أسرهم بالحقيقة، بأن المهجر ليس جنة الفردوس الموعودة، بالتالي فالعودة تعني انهيار الحلم، وهم يحاولون إقناع نفسهم بالاستمرار في الحلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن عدد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في ألمانيا يبلغ نحو 10 آلاف، حسب إحصائيات عام 2017، وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد كشفت في تقرير في عام 2019، نقلاً عن وزارة الداخلية الألمانية، عن أن 665 مغربياً رحلوا من ألمانيا حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي