Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أصبح المغرب رائدا لصناعة السيارات في أفريقيا؟

ركز على ثلاثة محاور ومتخصصون يضعون حلولاً لمشكلة التبعية لفرنسا

المغرب أصبح بذلك ينافس أكبر المصنعين الآسيويين في مجال السيارات (أ ف ب)

أضحى المغرب رائداً في مجال صناعة السيارات على المستوى القاري، بفضل توالي البرامج الصناعية منذ أعوام، التي أسهمت في وضع قواعد أدت إلى خلق مجال متكامل لتلك الصناعة.

المغرب أصبح بذلك ينافس أكبر المصنعين الآسيويين، وتمكن من الوصول إلى المرتبة الخامسة في لائحة أهم موردي السيارات إلى أوروبا على المستوى العالمي، وذلك بفضل وجود 250 مصنعاً توظف ما يفوق 160 ألف عامل.

وضع أسس الصناعة

شرع المغرب في بداية الأمر بإطلاق مخطط الإقلاع الصناعي عام 2005، وكان أساس التوجه نحو بناء قواعد جديدة للقطاع الصناعي، لكنه لم يتم اعتماده بشكل كبير، وسرعان ما تم تدعيمه عام 2009 بالميثاق الوطني للإقلاع الاقتصادي، الذي حدد "المهن العالمية الست للمغرب"، وجاء على رأسها قطاع صناعات السيارات والطائرات، إضافة إلى ترحيل الخدمات والصناعة الإلكترونية والنسيج والجلد والصناعات الغذائية.

وكان من نتائج ذلك الميثاق تحقيق تلك الصناعات انتعاشاً إلى حدود عام 2012 فقط بما يناهز 16 مليار درهم (ما يفوق المليار و600 مليون دولار) في القيمة المضافة و36 في المئة من الصادرات، إلى أن تم اعتماد مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020، وهو امتداد للبرنامجين السابقين.

مخطط تسريع التنمية الصناعية اعتمد على إحداث نصف مليون منصب شغل، نصفها من الاستثمارات المباشرة الخارجية، ونصفها من تجديد النسيج الصناعي الوطني، إضافة إلى رفع حصة الصناعة في الناتج الداخلي الخام بتسع نقاط، من 14 في المئة إلى 23 في المئة في أفق عام 2020.

من أجل تحقيق الهدف المنشود، تم اعتماد ثلاثة محاور عمل، ركز الأول على إنشاء منظومات صناعية من شأنها خلق علاقة جديدة بين كبرى الشركات والمقاولات الصغرى والمتوسطة، لجعل القطاع الصناعي مصدراً مهماً لخلق مناصب الشغل، بخاصة للشباب، وذلك في سبيل تحسين الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للطلبيات العمومية من خلال الموازنة الصناعية.

وركز المحور الثاني على تطوير تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، عبر اعتماد "سلسلة من الإجراءات المندمجة لضمان دعم ملائم لحاجات المقاولات ولتزويدها بإطار مناسب لتطوير أنشطتها"، ويهدف المحور الثالث إلى "تحسين موقع المغرب على المستوى الدولي، وفي ما يخص وضعه في الأسواق الخارجية، سيتم تركيز جهود الدعم على القطاعات ذات إمكانات التصدير العالية من أجل تحسين تنافسية عروض المملكة من الصادرات، كما سيتم تتبع اتفاقيات التبادل الحر المزمع توقيعها عن كثب، إضافة إلى التأكد من احترام بنود اتفاقيات التبادل الحر المبرمة من قبل، إلى جانب تشجيع الاستثمارات الخارجية".

الريادة على المستوى القاري

بفضل تركيزه على القطاع الصناعي، خصوصاً على مجال صناعة السيارات، تمكّن المغرب، بحسب خبراء، من إحراز تقدم مهم في ذلك المجال، إلى أن أصبح رائداً على المستوى الأفريقي.

عضو منتدى الباحثين في وزارة الاقتصاد والمالية المغربية ياسين النيصر قال إن المملكة تمكنت خلال العقدين الماضيين من تحقيق إنجازات مهمة ومشرفة في قطاع صناعة السيارات، إذ أضحى القطاع الأول من حيث نسبته من الناتج الداخلي الخام، والثالث من حيث خلق فرص الشغل، بما يقارب 160 ألف عامل، وذلك عبر وضع استراتيجيات صناعية وقطاعية هادفة، تعززت بداية بمخطط الإقلاع الصناعي، مروراً بالميثاق الوطني للانبثاق الصناعي، وأخيراً المخطط الوطني للتسريع الصناعي 2014-2020.

وأضاف النيصر أن كل هذه الجهود جعلت المغرب يحتل صدارة صناعة السيارات على المستوى الأفريقي، متجاوزاً بذلك منافسه الأول جنوب أفريقيا. وأشار إلى أن المملكة حسنت بشكل كبير من قدرتها التنافسية للصادرات الصناعية لقطاع السيارات، وراء كل من الهند والصين، إضافة إلى توافرها على 11 منظومة صناعية قادرة على صناعة سيارات وطنية 100 في المئة.

وأكد الباحث الاقتصادي أن "هذه النتائج المميزة هي ثمرة الجهود الجبارة المبذولة أساساً في ما يخص المقومات اللوجستية، عبر تطوير البنى التحتية والموانئ والملاحة البحرية وقطاع المواصلات، وكذلك تجهيز وتطوير مناطق صناعية مؤهلة، تستجيب للمعايير الدولية قادرة على جذب شركات عالمية، وأخيراً عنصر الموارد البشرية من خلال يد عاملة منخفضة التكلفة تسيل لعاب المستثمرين الأجانب، كلها عوامل ساعدت على جذب كبريات الشركات الأجنبية العالمية، على رأسها مجموعة رونو، وبوجو، وBYD".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هاجس التبعية

ويشكو المغرب لعقود من التبعية لفرنسا في كثير من المجالات، بما فيها صناعات السيارات، باعتبار أن السيارات المنتجة محلياً تابعة لشركات فرنسية، وذلك في ظل وجود مطالب بضرورة قطع تلك التبعية وتنويع الشراكات الخارجية، بعيداً من باريس.

ورأى ياسين النيصر أن "التبعية لفرنسا في هذا الجانب، كما هي الحال في قطاعات عدة، هي تبعية ثقافية محضة، ومنطقية كون فرنسا ومنذ الاستقلال كانت الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، كما تُعدّ المستثمر الأجنبي الأول والمباشر، في معظم القطاعات الحساسة والاستراتيجية، كصناعة السيارات، من خلال الشركتين العالميتين بوجو ورونو، وهذه الأخيرة تتوافر على قدرة إنتاجية تصل إلى 500 ألف سيارة في السنة، وهو رقم كبير بالمقارنة مع القدرة الإنتاجية للقطاع بأكمله، ما يشكل ورقة ضغط على المغرب".

وأوضح أن المطلوب حالياً هو العمل بشكل مكثف من أجل تنويع الشركاء والبحث عن شركاء جدد في مختلف القارات، من أجل خلق تنافس هدفه الارتقاء بقطاع صناعة السيارات إلى مصافي الدول المصنِعة، وخلق منظومات صناعية وطنية كفيلة بصناعة سيارات 100 في المئة محلية الصنع.

أضاف النيصر أن "المغرب اليوم راكم تجربة مهمة في القطاع من خلال الاستفادة من الخبرات الأجنبية، وتأهيل موارده البشرية، ما يمنحه القدرة على خلق ماركات وطنية قادرة على التنافس، شرط تعزيز البحث العلمي عن طريق التطوير والابتكار في مجالات الصناعات التكنولوجية الحديثة وتطوير القدرات الذاتية على الإبداع والابتكار، فلا يمكن اليوم ضمان إقلاع اقتصادي من دون موارد بشرية مؤهلة".

اقرأ المزيد