بدأ مد التضخم في إحداث مشقة حقيقية. لقد ارتفع متوسط فواتير الأغذية بواقع 271 جنيهاً استرلينياً سنوياً (341 دولاراً)، وفق أحدث مجموعة من الأرقام الاقتصادية المحبطة الصادرة عن مجموعة "كانتار" للتحليلات.
وتؤكد بيانات البيع بالتجزئة ما أفادت به بيانات أخرى: لا يوجد كثير مما يمكن للمتسوقين فعله لتجنب تأثرهم بارتفاع تكاليف البضائع الأساسية. فمتوسط الأسعار ارتفع بنسبة 5.9 في المئة في الأشهر الثلاثة حتى أبريل (نيسان) مقارنة بالفترة نفسها قبل سنة.
ويشد المتسوقون أحزمتهم حيث يمكنهم ذلك، وتتمتع "ألدي" و"ليدل" بتجارة مزدهرة إذ تدفق مليون عميل إضافي عبر أبوابهما على مدى الأشهر القليلة الماضية. وتشكل سلسلتا [محال السوبرماركت] الآن 15.4 في المئة من السوق – بزيادة على 5.5 في المئة فقط قبل عقد.
وبعيداً عن محلات السوبرماركت، حذرت "أسوشيتد بريتيش فودز"، مالكة "بريمارك"، من أنها ليست محصنة ضد ارتفاع التكاليف وستضطر إلى رفع الأسعار. وأفادت سلسلة الملابس الاقتصادية بأن تكاليف المواد الخام والطاقة والموظفين زادت كلها. وإذا لم يعد بإمكان "بريمارك" نفسها أن تجد سبلاً إلى تقليص التكاليف [النفقات]، من الواضح أننا بتنا في منطقة مجهولة.
وفي نهاية المطاف، بالنسبة إلى العديد من الأسر، ولا سيما تلك التي تعاني انخفاض المداخيل، لا يوجد خيار آخر غير خفض الاستهلاك.
وعلى صعيد العائلات التي تعاني بالفعل من أجل تلبية الاحتياجات [كفاف يومها] جراء ضعف إمكاناتها، يعني ذلك بعض الخيارات الرهيبة حقاً، مثل تجنب وجبات طعام حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام. ويسلم "صندوق تروسل" رقماً قياسياً من طرود الطعام إلى الناس الذين يواجهون مشقة مالية.
والأسوأ لم يحل بعد. فالطقس الأدفأ يعني أن الأثر الكامل للقفزة الضخمة في فواتير الطاقة لم يستشعر بعد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى ذروته في وقت متأخر من هذا العام، قبل أن يتراجع (كما يؤمل) مع استقرار أسعار الطاقة وتكيف الشركات. لكن خبراء الاقتصاد يتسمون بالتشاؤم على نحو متزايد، مع اعتقاد مجموعة منهم بأن ارتفاع الأسعار قد يصبح "مستمراً" مع دفع العاملين باتجاه أجور أعلى للتعويض عن ارتفاع تكاليفهم الأسرية.
ويظل هناك قدر كبير من المناقشة حول ما إذا كانت دوامة على صعيد الأجور والأسعار على غرار ما حصل في سبعينيات القرن العشرين تشكل احتمالاً واقعياً في عالم لا تضم فيه النقابات سوى نسبة ضئيلة من القوة العاملة.
لكن أرقام اليوم تشكل إشارة أخرى إلى أن دوامة أكثر خطورة قد تكون مستعدة للدخول على الخط.
ثمة خطر متزايد بأن يتعاظم قلق الناس إزاء ما ينتظرهم ويلجموا إنفاقهم أكثر، في حين ترتفع الأسعار وترفض الحكومة تقديم مزيد من المساعدة.
ستشهد الشركات مبيعاتها عرضة إلى ضربة، وستختار عدم الاستثمار. وبالتالي تتحول فترة تضخم مؤقتة إلى ركود مؤلم.
وهناك توافق متزايد في الآراء على الحاجة إلى مزيد من المساعدة المالية لتفادي كارثة عجز أعداد كبيرة من الناس عن تحمل تكاليف الاحتياجات الأساسية مثل التدفئة والملابس والمأوى والأغذية.
والأسبوع الماضي، ساند رؤساء شركات الطاقة نداءات أطلقتها مؤسسات خيرية ونواب ونشطاء للمطالبة بمزيد من الدعم. وتضيف أحدث البيانات مزيداً من الثقل إلى الحجة الاقتصادية لصالح التدخل.
© The Independent