Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا هبط سعر الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى خلال عامين؟

مؤشر إلى اضطرابات الأسواق ونظرة اقتصادية مستقبلية قاتمة

فقد الاسترليني أكثر من أربعة في المئة من قيمته خلال أسبوع  (أ ف ب)

يواصل سعر صرف العملة البريطانية، الجنيه الاسترليني، الهبوط لليوم الخامس على التوالي ليصل في مقابل الدولار الأميركي إلى سعر 1.25 دولار، بعدما كان في مطلع الشهر فوق مستوى 1.31 دولار للجنيه.

وفقد الاسترليني أكثر من أربعة في المئة من قيمته هذا الأسبوع ليصل إلى أدنى مستوى في عامين، وتحديداً خلال 21 شهراً.

وعلى الرغم من أن سعر الدولار الأميركي ارتفع في الآونة الأخيرة وسط توقعات بأن يسرع الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي رفع سعر الفائدة بمعدلات أعلى لمواجهة استمرار ارتفاع معدلات التضخم، وأيضاً نتيجة انعكاس ذلك على سوق السندات المقيمة بالدولار، إلا أن الجنيه الاسترليني يعاني عوامل أخرى، فقد تراجع سعر صرفه على مدى الأيام الأخيرة أيضاً مقابل العملة الأوروبية الموحدة الـ "يورو"، حتى كاد الجنيه يساوي واحد يورو بعدما هبط عن مستوى 1.08 يورو للجنيه الاسترليني.

وتُعد العملة البريطانية في أسواق العملات "بعيدة من الأخطار"، بمعنى أنها تبدأ في فقد قيمتها وهبوط سعر صرفها مع هبوط مؤشرات أسواق الأسهم وتراجع ثقة المستثمرين.

وتشهد أسعار صرف العملات الرئيسة على العموم تدهوراً يوازيه هبوط في مؤشرات الأسهم الكبرى في العالم مع تجدد المخاوف من تباطؤ شديد في النمو الاقتصادي العالمي بسبب عودة الصين لفرض إغلاقات نتيجة تفشي وباء كورونا مجدداً، كما هو حاصل في شنغهاي، ولعل من أكثر العملات التي تشهد هبوطاً في قيمتها أيضاً الـ "ين" الياباني.

عوامل بريطانية

ومن أهم العوامل التي تسهم في استمرار هبوط سعر صرف الجنيه الاسترليني خفض السوق توقعاتها لتشديد السياسة النقدية من قبل بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، فبعدما كانت الأسواق تتوقع أن يرفع البنك سعر الفائدة أكثر من مرة حتى تصل نهاية هذا العام 2022 إلى أكثر من 1.5 في المئة، خفض المحللون والاقتصاديون توقعاتهم إلى أقل من ذلك.

وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا إلى نسبة 7.5 في المئة واحتمال أن تتجاوز 10 في المئة بنهاية العام، فإن البنك المركزي أصبح متردداً في رفع أسعار الفائدة بقوة، خشية أن يؤدي ذلك إلى دخول الاقتصاد البريطاني في ركود، إذ أظهرت أحدث أرقام النمو الرسمية أن الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا لم يحقق أي نمو خلال مارس (آذار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الواضح أن بنك إنجلترا يرى أن أسباب ارتفاع التضخم ليست نتيجة العرض والطلب في الاقتصاد البريطاني، وإنما نتيجة عوامل خارجية، وبالتالي فإن رفع نسبة الفائدة بقوة قد لا يؤثر كثيراً في اتجاه خفض الأسعار.

وفي مقابلة مع وكالة "رويترز" توقع المتخصص بالعملات في شركة "يونيكريدت" روبرتو مياليك "ألا يرفع بنك إنجلترا سعر الفائدة هذا العام إلى أكثر من 1.25 في المئة، وذلك يضغط نزولاً على سعر صرف الاسترليني". وأضاف، "بالطبع كل تلك الأخبار عن تباطؤ النمو وارتفاع مستوى الدين العام تؤدي إلى خفض السوق توقعاتها لتشديد السياسة النقدية، وهذا يضغط على سعر الجنيه".

وأشارت الأرقام الصادرة في بريطانيا هذا الأسبوع إلى زيادة الاقتراض الحكومي بنسبة 20 في المئة، يضاف ذلك أن ارتفاع معدلات التضخم يزيد في كلفة خدمة الدين العام على الخزانة البريطانية، كما أنه من المتوقع أن تخفض القيمة الحقيقية للأجور في بريطانيا بنسبة أربعة في المئة هذا العام، فيما سيصبح أكبر قيمة انخفاض للدخل منذ الحرب العالمية الثانية.

وحذر محللو "دويتشه بنك" في مذكرة أصدرها البنك أخيرا من أن علامات الركود في الاقتصاد البريطاني تبدو أكثر وضوحاً مع استمرار ارتفاع كلف المعيشة والضغط على دخول الأسر البريطانية، كما قال كبير الاقتصاديين في "دويتشه بنك" سانجي راجا.

ويتوقع "أن يصل معدل التضخم إلى تسعة في المئة خلال الشهر الحالي وفي أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام، مما يؤدي إلى تدهور قدرة الأسر البريطانية على الإنفاق بشكل أكبر".

ويضيف سانجي راجا "أن خطر ركود الأسر، أي انكماش الاستهلاك المنزلي، يبدو أكثر احتمالاً إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة العوامل التي تكاد تشل الإنفاق الاستهلاكي".

وعلى الرغم من أن الركود، بمعنى انكماش الاقتصاد (نمو بالسالب) قد لا يحدث هذا العام، إلا أن المناخ السائد يرسم صورة قاتمة للنمو الاقتصادي المستقبلي، وذلك ما يضيف عامل ضغط قوي على الجنيه الاسترليني نحو الانخفاض.

اقرأ المزيد