Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"هل سيأتون ويقتلونني؟" أطفال بريطانيا يخشون حرب بوتين القاتلة

أم بريطانية - أوكرانية تتحدث عن بكاء بناتها بسبب قيام زملائهما في الصف بالضحك من سقوط القذائف على أوكرانيا

الآباء والمعلمون في المملكة المتحدة يتكيفون مع مخاوف الأطفال بشأن الحرب المستمرة (رويترز)

"هل تظن أنهم سيأتون ويقتلونني؟"، سأل الصبي البالغ من العمر 7 أعوام والده البريطاني - الأوكراني بُعيد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.

مضى ما يناهز الشهرين على بدء الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين الذين أصبحوا لاجئين.

وتم تناقل صور مقززة لجرائم حرب محتملة حول العالم، ولا شك أن هذا النزاع ترك أثراً كبيراً لدى الأطفال الذين يكبرون في عصر يكتنفه الخوف المتجدد من الأسلحة النووية.

كان فولوديمير موزيتشكا، وهو عضو مجلس الإدارة في جمعية الأوكرانيين التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، يتوق إلى زيارة أوكرانيا في عطلة عيد الفصح هذه السنة برفقة عائلته بعد أن فاتته رؤية الأقرباء في الديار لثلاثة أعوام بسبب تفشي جائحة كورونا.

ولكن عوضاً عن قيام ابنه البالغ من العمر 7 أعوام باللعب مع أقربائه في موطن والده، ها هو اليوم يشعر "بقلق مستمر" بشأن الحرب.

وقال الوالد، "عندما اندلعت الحرب، حاولنا إخفاء المعلومات عنه قدر الإمكان"، مضيفاً، "لم نكن نشاهد النشرات الأخبارية، وكنا نطفئ الراديو".

 

ولكن، عندما سمع ابن السيد موزيتشكا أحاديث عن الحرب في المدرسة، عاد إلى المنزل مضطرباً للغاية، وقلقاً من احتمال مجيء الجيش الروسي ليقتله "لأنني أوكراني وسبق لي أن ذهبت إلى أوكرانيا"، كما قال.

"هذا الكلام يصل بك لطريق مسدود"، يقول الوالد البالغ 60 عاماً من العمر في إشارة لمدى صعوبة إجراء هذا النوع من الأحاديث مع طفل.

ويشرح الوالد أيضاً كيف سأله ابنه عما هي القنبلة النووية في إحدى الأمسيات قبل خلوده للنوم بعد أن سمع رفاقه في المدرسة يتحدثون عن الأمر.

وأثيرت مخاوف حول اندلاع حرب نووية بالكامل بعد أن وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته النووية الرادعة في حالة تأهب قصوى خلال الأسابيع الأولى من الحرب.

وتابع الوالد قائلاً: "هنالك بعض الأولاد الذين تكون أجهزة التلفاز في منازلهم مشغلة دائماً وقد علموا بشأن الحرب من الأخبار المرددة على الشاشات، وبعض هؤلاء الأولاد ذوو طابع شرير ويتطرقون إلى المسألة بشكل مؤذ. تعرض ابني لبضع حوادث من هذا القبيل".

من جهتها، روت أولينا دايفي، 44 عاماً، وهي أم بريطانية - أوكرانية لفتاتين مراهقتين كيف أن ابنتيها تعرضتا لأحاديث مزعجة مع زملائهما في الصف بشأن النزاع في أوكرانيا.

وقالت دايفي إن ابنتيها "كانتا محطمتي الفؤاد بالطبع"، عندما اندلعت الحرب في فبراير (شباط) الماضي.

"كانتا تبكيان بشدة وتخففان عني"، أضافت الوالدة. "تحتم على قريبتهما اجتياز الحدود بمفردها مع كلبها وحقيبة سفر صغيرة وحسب وهي في الخامسة عشر من العمر فقط".

ولكن، نظراً إلى الأخبار القاسية التي كانت تصل إليهما، شعرتا بالحزن جراء افتقار الأولاد المحليين للتوعية.

وشرحت السيدة دايفي بأن ابنتيها "عادتا من المدرسة إلى المنزل وكانتا تشعران بغضب عارم لقيام الأولاد الآخرين بالضحك على الموضوع والسخرية منه وإطلاق النكات عليه"، وكشفت عن أن ابنتها الصغرى (13 عاماً)، شعرت بالحاجة إلى الدفاع عن أوكرانيا أمام صفها. وتابعت بالقول: "كان بعض زملائها في الصف يضحكون على القنابل التي تسقط على أوكرانيا، وهذا ما أثر بها كثيراً. فوقفت في الصف وقالت، "كيف تجرؤون؟ لا تعلمون ما الذي يحصل هناك ولا تدركون مدى الخوف".

وأضافت الوالدة: "شعرت بالفخر الشديد لأن ابنتي دافعت عما تؤمن به. إنها في العادة من الأولاد الذين لا يرفعون الصوت، فهي هادئة جداً".

وهدأت الوالدة من روع ابنتيها شارحةً لهما بأن زملائهما في الصف ليسوا ناضجين بما يكفي ليفهموا ماهية الوضع.

 

الأساتذة يناورون في تفسير الصراع

يقول آدم جيل، مساعد مدير مدرسة "بينيستون غرامار" Penistone Grammar في بارنسلي بأن تلاميذه كانوا مهيئين أكثر لفهم الحرب الأوكرانية لأنهم "اعتادوا على مدى عامين أو ثلاثة من الأخبار القاتمة والتغيرات الاجتماعية الكبرى".

بيد أنه ما زال يواجه العديد من الأسئلة من طلابه على غرار "هل ستستمر الحرب أو هل يتوقع منا أن نقاتل؟ هل سيفرض التجنيد الإجباري مجدداً؟".

وبصفته أستاذاً لمادة التاريخ، رأى تلامذته يقومون برسم صلات بين بروز هيتلر وغزو بوتين. وقال: "قام الطلاب بإرساء الرابط بين كيف بدأ الأمر في منطقة واحدة وكيف تمدد ذلك من دون أن نحتاج الإشارة إلى المسألة".

ووصف شون كونولي، وهو أستاذ المرحلة الابتدائية في مدرسة "إيستبوري كوميونيتي سكول" Eastbury Community School في شرق لندن كيف قام بتهدئة فتاة في السادسة من العمر في الصف الثاني بعد أن أخبرتها والدتها بأنها شعرت باضطراب كبير إثر مشاهدتها الأخبار.

وقال الأستاذ البالغ 32 عاماً "كان خوفها الأساسي نابعاً من فكرة "هل سيحصل الأمر عينه لنا؟ لماذا يحصل هذا؟ لماذا لا نقاتل نحن أيضاً إلى جانبهم؟". وأضاف قائلاً: "تقبلت فكرة أن الحرب لن تصل إلى هنا، وبأنها لن تؤثر على حياتها اليومية، ولكنها لم تفهم الأسباب الأعمق لحدوثها".

وتابع كونولي بالقول: "عندما كنا أصغر سناً، وعندما كنا نحن [البريطانيين] منخرطين في الجيش بشكل نشيط، كانت الأخبار التي تردنا من الحرب تدفعنا إلى القيام بذلك من أجل سلامتنا، بيد أن القصة مختلفة للغاية الآن، إذ ينظر إلى الأشخاص الذين يتعرضون اليوم للغزو على أنهم ضحايا، ولكننا لسنا منخرطين في الجيش. من الصعب بالنسبة لهم [الطلاب] فهم الأمر".

وتقول غوربريت جيل وهي رئيسة قسم الجغرافيا في المدرسة نفسها بأن إحدى تلامذتها من أصل بولندي في صف شهادة الثانوية العامة عبرت عن قلقها عما يمكن أن يحصل في حال تم جرّ بلدها إلى الانخراط في النزاع وتخوفت من أن يتحتم على عائلتها العودة إلى هناك.

 

وإضافة إلى قيام المدرسة البالغة 34 عاماً من العمر بطمأنة تلاميذها، أشارت إلى أنه من المهم "التركيز على رفع مستوى التوعية والإصغاء إلى الوقائع الأساسية عوضاً عن الأخبار المضللة والزائفة". أضافت أنها ذكرت طلابها بأن يكونوا متيقظين من الكلام الاستقطابي والمشحون المتوارد من الحرب. وقالت لطلابها: "لا تندفعوا وتقولوا للطلاب الروس إن الأمر خطؤهم، فحياتهم أيضاً تعرضت للاختلال".

كما أشارت إلى أن طلابها الأكبر سناً سلطوا الضوء على الاختلاف في المعاملة بين اللاجئين الأوكرانيين وبين أولئك القادمين من البلدان الأخرى التي مزقتها الحرب.

وقالت جيل: "تطرقوا فوراً إلى أن أوروبا أظهرت تعاطفاً أكبر وترحيباً حاراً باللاجئين الأوكرانيين مقارنةً بالقادمين من سوريا"، مع الإشارة إلى أن أحد الطلاب وصف الاختلاف في الاستجابة بأنه يعود إلى "رهاب الإسلام" (Islamophobic).

وتساءل طلاب آخرون، سواء أكان الأمر سينتهي باللاجئين الأوكرانيين الهاربين من الحرب بالغرق في القنال الإنجليزي على غرار الصور التي سبق أن رأوها والتي تظهر أطفالاً سوريين قذفتهم المياه إلى الشاطئ.

وأوضحت جيل أن المدرسة "لا تخجل من التطرق إلى هذه المواضيع"، وقد حاولت في إجراء "أحاديث مفتوحة وصريحة" مع الطلاب مع الحرص على "أن تكون تلك الأحاديث غير متحيزة قدر الإمكان". وأضافت قائلةً: "يرى الطلاب الكثير من هذه الأمور، وهم على الأغلب لا يفقهون معناها، ولهذا يتوجب علينا نحن أن نشرح ذلك لهم".

يعمل آدم جيل من مدرسة "بينيستون غرامار" لصالح جمعية "مايندز أهيد" Minds Ahead، وهي مؤسسة اجتماعية تدعم حاجات الصحة العقلية للمدراس. وهو يقدم النصيحة التالية للأساتذة وأولياء الطلاب عندما يتطرقون إلى مسألة النزاع مع الأولاد: "من الهم أن نثقف أنفسنا لكي نحصل على الأجوبة لأسئلتهم ونخفف من قلقهم. قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة مكان يعكس آراءً شخصية وحسب، لذلك احرصوا على الحصول على الأخبار الشاملة. أعيدوا الطلاب إلى المكان والزمان الحاليين، وفي حال أصيبوا بنوبة هلع، ساعدوهم من خلال تنظيم تنفسهم، وركزوا على ما يمكنهم رؤيته وسماعه ولمسه".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير