Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتعمد الأعمال الفنية الإساءة إلى مهنة التمريض؟

فتح مسلسل "الكبير قوي" ملف الأزمات مع المهن مجدداً ونقاد يرون الأمر "حرية تعبير"

تسبب دور مربوحة زوجة أحمد مكي في مسلسل الكبير بأزمة مع نقابة التمريض المصرية (الصفحة الرسمية لرحمة أحمد على فيسبوك)

يبدو أن أزمات نقابة الممرضين المصريين والأعمال الفنية لا تنتهي، فلا يمر وقت إلا وتعلن النقابة غضبها من أحد الأعمال الفنية، بسبب استيائها من صورة الممرضة أو اتهامها العمل بتشويه المهنة، وكان آخر مشكلات النقابة مع الأعمال الفنية اعتراضها على أحد الإعلانات الذي ظهر في رمضان، وكان إحدى شركات الملابس الداخلية القطنية، وظهرت فيها ممرضة وطبيب يسخران من شاب فقير يرتدي ملابس داخلية ممزقة، ويرفضان الكشف عليه.

وثارت نقابة الأطباء والتمريض، واعتبرا الإعلان غير إنساني، وقررت هيئة المكتب بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف الإعلان، وأكدت في قرارها أن الإعلان خالف عدداً من المعايير التي حددها المجلس الأعلى للإعلانات والبرامج، لما تتضمنه من محتوى يتعارض مع آداب وأخلاقيات المجتمع المصري، كما أنه يتعارض مع الآداب العامة والذوق العام.

الكبير يفجر الأزمة

أما رحمة أحمد، التي أدت دور مربوحة زوجة أحمد مكي في الجزء السادس من مسلسل "الكبير"، فقد تسببت في أزمة أخرى مع نقابة التمريض، إذ ارتدت ملابس ممرضة في إحدى الحلقات، وكانت ليلة زفافها، ما اعتبرته نقابة التمريض سخرية وتشويهاً لصورة الممرضة المصرية.

ورفعت كوثر محمود، النقيبة العامة للتمريض المصري، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالبت فيها بإيقاف عرض المسلسل لما بدر منه من إساءة، وأوضحت أن هذا المسلسل "أساء لفظاً وفعلاً، وأسقط عبارات من شأنها التشهير بسمعة الممرضة المصرية، إذ إن مشهد ليلة الزفاف، وأثناء تغيير ملابس البطلة، ارتدت زي الممرضة المصرية بصورة ساخرة، وهو أمر غير مقبول مهنياً، لأنه أظهر الزوجة ترتدي زي الممرضة كي تثير غريزة زوجها وهو إسقاط وإيحاء شنيع من شأنه الإضرار بالممرضة المصرية".

وأكدت النقيبة العامة للتمريض المصري أن النقابة تدافع عن أعضاء الهيئة العامة للتمريض من أي جرم أو تشهير أو إساءة للصغير قبل الكبير من أعضاء هيئه التمريض ومجمل أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العامة.

منطقة اشتباك

وأكد الناقد جمال عبد القادر أن هناك دائماً "منطقة اشتباك تحدث بين الفن وبعض النقابات والمهن، ومنها نقابات الممرضين والأطباء والمحامين وغيرها من النقابات، وهذا شيء طبيعي، ودائماً ما يكون شهر رمضان تحديداً موسماً لتلك النوعية من الدعاوى القضائية ومطالبات الإيقاف، على الرغم من أن الفن حرّ بشكل كامل في التعبير عن النماذج الإنسانية بشكل درامي، ففي مسلسل "الكبير" تم تقديم أكثر من نموذج بشكل كوميدي، وكانوا على وشك تقديم نموذج طالبة المدرسة، فهل هذا يعني أن الطالبات يمكن أن يرفعن قضية بحجة التشويه؟

وأشار عبد القادر إلى أنه "لا بدّ من التفريق بين التناول الدرامي والمهني، من حق الفن الذي يعكس مشكلات المجتمع ويناقشها، ومنها أي مهنة مهما كانت، وليس معنى ظهور نموذج غير محبب بالنسبة للمهنة أنه النموذج الوحيد، بل تقتضي الضرورة الدرامية وجود هذا العنصر بهذه المهنة والشكل والتطور الدرامي، وعموماً من الطبيعي وجود جدل واشتباك، فهذا أمر صحي ويتم تقبله في كل الأحوال".

ومنذ فترة، ظهرت مشكلة كبيرة بعد عرض فيلم "يوم وليلة"، بطولة خالد النبوي، ودرة، وحنان مطاوع، وأحمد الفيشاوي، وإخراج أكرم مكرم، بين أسرة العمل وبين نقابة الممرضين في مصر، التي اتهمت الفيلم بالإساءة لمهنة التمريض، وظهرت الفنانة درة بدور ممرضة تدعى ميرفت تضطر تحت ضغوط مادية وإنسانية إلى أن تقوم بأعمال غير مشروعة، مثل إقامة علاقات مع أطباء وسرقة أدوية المرضى وبيعها بالاتفاق مع زميلاتها، وقالت كوثر محمود إن "الدراما المصرية لا ترحم الممرضين ولا تحترمهم، وإن العالم يعامل هذه الفئة بطريقة مميزة، بينما في مصر الوضع في واد آخر تماماً". وأضافت، "الفيلم يسيء لحوالى 600 ألف ممرض وممرضة يعملون في المنظومة الصحية".

تعنت واضح

وقال الناقد أحمد الروبي، "هناك تعنت واضح من نقابات بعينها ضد الفن ولا أعرف سبب ذلك، ولا بدّ أن يكون هناك ترحاب بتقديم نماذج سلبية ومعالجة القضايا، هذا في حال التعرض المباشر لمهنة بعينها، لكن التعرض لملابس أو نموذج درامي يعمل في مهنة معينة ومعالجته أمر لا يستحق الضجة، لأنه لا يهاجم أي مهنة بعينها، وكل مهنة بها الجيد والسيء، وحتى الفن نفسه والتمثيل يعرض نماذج من المهنة سلبية وإيجابية، والدليل على ذلك أعمال كثيرة ظهر فيها ممثلون بدور مؤلفين ومخرجين وممثلين أيضاً، وكانت تقدم نماذج فيها كثير من المشكلات، فهل معنى ذلك أن يقوم نقيب الممثلين برفع دعوى بتهمة التشويه والإساءة ضد العمل الفني، والممثل الذي قدم نموذجاً سلبياً للممثل على الشاشة".

وتابع الروبي، أنه حتى فيلم "يوم وليلة" الذي نشبت بسببه مشكلة منذ فترة تعرض لأكثر من نموذج سلبي وفاسد بخلاف الممرضة مثل دور أمين الشرطة منصور الذهبي، الذي قام بدوره الفنان خالد النبوي، ودور الموظفة التي تقبل الرشوة والتربح من عملها، الذي قامت به الممثلة حنان مطاوع، لم يتم الاعتراض من قبل هذه المهن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مؤلف الفيلم، يحيى فكري، "لا يمكن أن يكون هناك أي تعمد للإساءة بالفيلم لأي مهنة أو شخص، ولكننا عرضنا شخصيات من لحم ودم لها دوافعها ومشكلاتها، وبها جوانب فاسدة وجوانب جيدة، وهذا ما تقوم عليه الدراما وليس الشخص الذي لا يمكن أن يخرج مشاعر وجدلاً يصلح للعرض على الشاشة".

ومن المشكلات التي نشبت بين نقابة الممرضين والأعمال الفنية ما حدث عقب عرض مسلسلي "وضع أمني" و"شاش وقطن"، وقدمت نقيبة الممرضين دعوى ضدهما، ووصفت السبب بقولها، "لما فيهما من إساءة لمهنة التمريض". وأضافت أن هذين المسلسلين صورا التمريض في أسوأ الصور التي لا تليق بالمهنة وأضرا بسمعة المرأة المصرية.

تاريخ من الأزمات

وفي أزمة سابقة، هاجمت نقابة التمريض الفنانة روبي واتهمتها بالإساءة إلى الممرضات في فيلم "الحرامي والعبيط"، إذ جسدت شخصية ممرضة سيئة السمعة بحسب وصف النقابة، وقالت روبي في تصريحات وقتها إن ليست لديها علاقة بهذا الأمر، فهي مجرد ممثلة تؤدي دورها، وليست مسؤولة عن أي مشكلة، ويمكن الرجوع إلى منتج العمل.

وكانت نقابة التمريض في مصر قد أقامت دعوى قضائية لوقف عرض الفيلم وقت عرضه، وطالبت بسحبه من دور العرض، لإساءته إلى المهنة وإظهار الممرضة بصورة غير لائقة، ولعب بطولة الفيلم خالد صالح وخالد الصاوي وروبي.

وفي عام 2001 عرض مسلسل بعنوان "أوبرا عايدة" بطولة يحيى الفخراني وصفية العمري وحنان ترك، وأخرجه أحمد صقر، وكتب قصته المؤلف أسامة غازي، وتناول قضية الممرضة الشهيرة عايدة التي حكم عليها القضاء المصري بتهمة قتل عدد من المرضى، وأثارت قضيتها الرأي العام في نهاية التسعينيات، واسمها الحقيقي عايدة نور الدين، وعملت ممرضة بقسم العناية الفائقة بمستشفى الإسكندرية الجامعي لمدة سبع سنوات، حصلت خلالها على شهادة الموظفة المثالية من محل عملها، وانتهت مسيرتها المهنية في 1997، بعد اتهامها بقتل أحد المرضى عمداً والشروع في قتل نحو 30 آخرين بحقنهم بمادة مرخية للعضلات.

واستمرت القضية في النقض والاستئناف ثلاث سنوات، وصدر أول حكم ضدها بالإعدام شنقاً، ثم ألغته الإجراءات القضائية وخففته إلى السجن لمدة 10 سنوات، وأقام وقتها عادل خليل شحاتة، المحامي بالمستشفيات الجامعية بالمدينة، دعوى قضائية طالب فيها بوقف عرض المسلسل، نظراً لأن الأحداث تسيء إلى مهنتي الطب والمحاماة، وتضمنت الدعوى أيضاً أن مشاهد المسلسل تحرض على فقد الثقة بين المرضى والأطباء والممرضات، وأن الممثلين الذين جسدوا أدوار المحامين في العمل أساؤوا كذلك إلى مهنة المحاماة .

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة