Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس الوزراء المجري يجدد ولايته ويشارك بوتين في عدائيته للنسويات

فيكتور أوربان يلتقي مع الرئيس الروسي في شأن وجود عدد مقلق من النساء في أوساط السياسيين الحاكمين

حزب "فيدز" الذي يقوده فيكتور أوربان، يفضل العائلة التقليدية المسيحية (غيتي)

"أنا لا أتعاطى مع شؤون النساء"، عبارة أعلنها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في 2017 خلال ولايته الثانية.

في ذلك الوقت أثارت ملاحظته موجة غضب عارمة وسخرية في أوساط المجتمع النسوي، ولم تدرك النسويات وقتها أنه في غضون عام واحد ستحاول حكومة أوربان إضعاف الحركة النسوية برمتها.

ومن الخطوات التي أقدمت عليها تلك الحكومة أنها حظرت درس الجندرية في الجامعات وبدأت تصور نظرية النسوية [المساواة بين الجنسين] على أنها حركة تهدف إلى زعزعة مفهوم العائلة التقليدية، وكذلك بدأت الحكومة تزعم بأن النسويات سيحاولن إسقاط الرجال أو إرسال "دراغ كوينز" Drag Queens [رجال يرتدون ثياب نسائية ويقلدون هيئة الإناث مع حرصهم على إبراز بعض مظاهر ذكورتهم] إلى حضانات الأطفال.

كذلك رفضت الحكومة المجرية المصادقة على "اتفاق إسطنبول" [مكافحة العنف ضد المرأة] على الرغم من عشرات النساء اللواتي يتعرضن للقتل سنوياً، كما أقدمت الحكومة أيضاً على حظر المناقشات المتعلقة بمرض "بطانة الرحم المهاجرة" ["إندوميرييوزس" endometriosis] في البرلمان، على الرغم من أنها حال مرضية تصيب امرأة واحدة من أصل 10 نساء، وتجاهلت الحكومة نفسها أيضاً كل محاولة لخفض الضريبة على السدادات القطنية أو ما يعرف بضريبة "فوطة الحيض القطنية" [ضريبة التامبون  tampon tax] التي تعد من بين الأعلى في أوروبا.

وحالياً فيما يدخل أوربان ولايته الرابعة على التوالي، تستمر النسويات في محاربة كراهية النساء المؤسساتية أو التي يجيزها الدستور، وكذلك يعرف عن رئيسة البلاد المنتخبة حديثاً كاتالين نوفاك، وهي أول امرأة تتبوأ هذا المنصب، أنها نسوية على قدر ما كانت فيليس شلافلي التي لقبت بـ "السيدة أميركا" Mrs America نسوية [عُرفت بمناهضتها للحركة النسوية التحررية].

وتتماشى رئيسة البلاد الجديدة مع أفكار أوربان في شأن مفهوم المرأة المناسبة، إذ أن نوفاك سيدة متزوجة وأم لثلاثة أولاد وتستسيغ مناهضة ردم الفجوة بين الجنسين ومغادرة المرأة للمطبخ.

ترتدي بكل سرور قرطاً حفرت عليه الأحرف الأولى من اسم أوربان، وتحرص تماماً على إظهار قيامها بالأعمال المنزلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ففي نهاية المطاف تحب حكومة أوربان النساء طالما هن مجريات ومن ذوات البشرة البيضاء ومحبات للجنس الآخر وطبيعيات جنسياً وتتسمن بالأنوثة وتتزوجن في سن الشباب وتلدن عدة أطفال، إضافة إلى امتلاكهن وظيفة شرط أن تضعن العائلة في أعلى سلم الأولويات.

ويناصر حزبه الذي يحمل اسم "الاتحاد المدني المجري" أو "فيدز" Fidesz العائلة، النواة التقليدية المسيحية، ويشكل هذا الاتحاد حجر الزاوية في عدد من الحملات الحديثة على الرغم من أن 42 في المئة من الزيجات في المجر تنتهي بالطلاق. ويزعم الحزب أنه من الضروري حماية الأسرة المسيحية التقليدية في وجه الهجرة (2015) وضد النسوية (2018) وضد بروكسيل (2019) [إشارة إلى مناهضة قوانين الاتحاد الأوروبي الذي تعتبر بروكسيل عاصمته] وضد "التحرر الجندري" [حرية التحول الجنسي]، وضد مجتمع المثليين وغيرهم أثناء حملة العام 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقلب الآخر لم تحظ المجر أبداً بحركة نسوية مناسبة منذ أن تمكنت النساء اللواتي حاربن من أجل حقوق التصويت من الحصول على حق الاقتراع الكامل في العام 1945. وخلال الحرب العالمية الثانية حُظرت "الرابطة النسوية" Feminist Association فيما جرى إرسال رئيستها أوجينيا ميلر ميسكولكزي إلى معسكر اعتقال حيث توفيت العام 1944.

وخلال سنوات الحكم الشيوعي ظهرت مجموعة نسوية واحدة عرفت باسم "الجمعية الديمقراطية للمرأة المجرية" Democratic Association of Hungarian Women، لكنها كانت أقرب إلى ناد للنساء الأعضاء في الحزب الحاكم، وكان الرأي السائد أنه بفضل الشيوعية تكون النساء متساويات مع الرجال، وبالتالي فما من هدف وراء الحركة النسوية، وبالفعل ارتفع عدد حضانات الأطفال خلال تلك الفترة وفتحت كل جامعة ومؤسسة ووظيفة أبوابها للنساء، ولكن لم تقبل النساء إلا في مراكز دنيا مقارنة بالرجال، وحصلن على رواتب أقل، وتوجب عليهن في نهاية المطاف العمل في وظيفتين، الأولى في مكان العمل والثانية في المنزل.

واستطراداً، لم تحصل الصحوة الجنسية التي تعتبر الموجة الثانية من الحركة النسوية، في المجر إطلاقاً، وكذلك لم تشهد البلاد أبداً الموجة الثالثة من الحركة النسوية، بيد أنه سمح للنساء، بل لم يتلقين إشادة في مقابل ذلك، بالعمل كسائقات للجرارات الزراعية منذ منتصف القرن الـ 20. أليست تلك هي المساواة فعلاً؟

ليست المجر البلاد الشيوعية السابقة الوحيدة التي لم تزدهر فيها الحركات النسوية ولنأخذ ليتوانيا مثلاً، حيث يجري تسخيف تلك الحركة، أو بولندا حيث تواجه الناشطات عن حقوق المرأة تهديدات كثيرة، وبطبيعة الحال أيضاً تعد روسيا من بين هذه المجموعة، فليس من المستغرب أن يتشارك أوربان وبوتين الأيديولوجيات نفسها، بما في ذلك سوء معاملة النسويات باسم الدين والقيم الأسرية، وكذلك من غير المستغرب أن يكون للبلدان عدد ضئيل بشكل مثير للقلق من النساء في أوساط السياسيين الحاكمين.

ومن أوجه التشابه أيضاً أن أوربان وبوتين يحبان تصوير نفسيهما كشخصيات ذكورية أبوية لبلديهما، إذ يصوران نفسيهما على أنهما يحميان النساء في رعيتيهما في وجه الهجمات الآتية من كافة الجهات، بما في ذلك الحركات النسوية التي بوسعها أن تفسد النساء الجميلات والناجحات اللواتي يعملن بجهد ويلدن عدداً من الأطفال في آن معاً.

وفي روسيا، وفي وقت كشف الشغب الأنثوي وحده أو ما عرف بــPussy Riot [حرفياً شغب المهبل] عن التعايش غير المتوازن بين السلطوية والدستور الليبرالي المزعوم، يشيد الرئيس فلاديمير بوتين بالنساء على عملهن ونهوضهن بجمع العائلة بواسطة الحب الذي يقدمنه وبقائهن في كامل قوامهن (يوم المرأة 2019)، وبالتالي تمثل روسيا البلاد التي جرى فيها تخفيف عقوبة العنف المنزلي في القانون عام 2018، وتموت فيها على الأقل 12 ألف امرأة على أيدي المسيئين لهن سنوياً. إنها أيضاً بلاد أفيد عن ارتكاب جنودها اعتداءات جنسية مرعبة خلال الحرب المستمرة في أوكرانيا.

وإذا أخذت تلك المعطيات بعين الاعتبار، فأين يكون موقع النسويات في أوروبا الوسطى والشرقية؟ في هذا السياق، وفق ريتا بيرينتفالفي، وهي ناشطة نسوية وكاتبة مجرية في منشور انتقادي مرير عقب فوز أوربان برئاسة الحكومة، "تتمثل مهمتنا في خلق مساحات لبعضنا مما يساعد اللواتي يخترن البقاء هنا في النجاة والبقاء على قيد الحياة خلال السنوات الأربع المقبلة"، لأنه بحسب كلماتها، "كل ديكتاتور يفشل مرة واحدة".

© The Independent

المزيد من آراء