Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكنافة والقطايف "تحلاية" سهرات رمضان الشهية في سوريا

يعجّ المطبخان الدمشقي والحلبي بأشهى الحلويات ويتنافسان لتقديم الأفضل

تحلّ أطباق الحلوى كضيف لذيذ النكهة على الموائد الرمضانية عقب يوم طويل من الصيام، إذ لطالما مثّلت "التحلاية"، كما يحلو للعامة في سورية أن يسمونها، طقساً محبباً في ليالي شهر رمضان. ولا تخلو بيوت السوريين من استحضارها والتلذذ بها، نظراً لارتباط بعض أنواعها بتقاليد الشهر الفضيل.

"الحلونجي" وشغف المذاق

ويعجّ المطبخ الدمشقي، جنوب سوريا، والمطبخ الحلبي شمالاً، على حد سواء، بأشهى الحلويات، ويتنافسان لتقديم الأفضل، في حين تزدحم في شهر رمضان هذه الأطباق كوجبة لا بد منها إلى جانب مشروبات باردة تروي ظمأ الصائمين. وتتصدر أطباق كـ "المعروك" و"القطايف" و"الكنافة" و"الناعم" و"المهلبية" وغيرها من أصناف الحلوى، مائدة أوقات السهر الرمضاني منذ وقت الإفطار وحتى السحور، والإمساك عن الطعام.
ويزداد الطلب على الحلوى بشكل لافت بحسب ما يروي مَن قابلناه من "الحلونجية"، وهي التسمية التي يطلقها العامة على صانعي الحلويات، إذ لا تنطفئ نار الأفران بعد أن توقَد في تلك الأيام، فيصلون الليل بالنهار بغية إمداد الأسواق بما لذ وطاب.
ويكاد أحد الصنّاع يجزم بأن "التحلاية" ركن أساسي للسهرات ولا تحلو الجلسة من دونها. ويقول "الكنافة والقطايف لا بد منها في ليالي رمضان، وعلى الرغم من الطلب، يزداد الإقبال على القطايف في فصل الشتاء أكثر، لكن الكنافة ركن أساسي في التحلاية في كل الأوقات".


موائد العائلة الرمضانية

في غضون ذلك، تحدث الباحث في التراث الشعبي، صفوان دوماني عن "مأكولات تراثية ارتبطت بجلسات أفراد العائلة على سفرة الإفطار وبشكل يومي، مع إقبال الأسر والعائلات على تبادل الزيارات من قبيل صلة الرحم، حيث تتجلى تلك المأكولات بأبهى صورها". وقال دوماني "لقد درجت العادة على أن تتناول الأسرة طعام الإفطار سوية، وهذا الأمر الذي يميز أيام الصوم عن بقية الأيام العادية بأن الجميع يأكلون في وقت واحد، ويسهرون سوياً بعد الإفطار وصلاة التراويح، حتى الفجر إلى حين وقت الإمساك، وفي هذه السهرات المخصصة للسمر وتبادل الأحاديث الشيقة، للترويح عن النفس، تحضر الكنافة الدمشقية، أو النابلسية والحلويات الأخرى لتعطي نكهةً مميزة لهذه الأوقات".
ورأى الباحث في التراث الشعبي أن "الجيل الحالي ومع دخول عصر الميديا لا يعرف جلسات وسهرات رمضان جيداً، ففي الزمن الجميل كنا نجتمع بعد صلاة التراويح، إما عند كبير العائلة، أو كبير الحارة ويتكفل أحدهم بدعوة الجميع لتناول الكنافة التي تأتي بطبق كبير (صدر) دائري الشكل يكفي للجميع، أي للعشرات. وظلت الكنافة تحمل مذاقاً طيباً، يفضلها قسم كبير من الناس بالسمن العربي، ومنذ ذلك الوقت لا تخلو سهرات رمضان من هذا الطبق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الكنافة والطاقة الدفينة

وعُرفت الكنافة في دمشق كأساس انطلاقتها إلى أصقاع الأرض بحسب روايات تناقلتها الأجيال، تقول إحداها إن صناعتها جاءت إثر تقديمها للخليفة في العصر الأموي، معاوية بن أبي سفيان كوجبة للسحور ولتنتشر بعدها في بلدان الوطن العربي. وفي رواية أخرى يُقال إن الكنافة قُدمت إلى الملك معز الدين الفاطمي مع دخوله مصر في القرن الثالث الهجري، إذ استقبله الناس بالترحيب والاحتفال. ومهما كانت حقيقة الأمر، فإن الكنافة بدأت كوجبة فاخرة تُقدّم للملوك والسلاطين وخرجت من مطابخ القصور لتنتشر بين الناس.

ويعتقد الباحث في التراث الشعبي دوماني أن "سبب إقبال الناس على تناول الحلويات بشكل عام والكنافة بشكل خاص في أوقات ما بعد الصوم، يعود إلى كونها مليئة بالسكريات، التي تمد الجسم بالسعرات والطاقة الضرورية خلال فترة الصوم".

من جانبه، يتحدث الحلونجي، جمال الصفدي، المختص بصناعة الحلويات الشرقية، عن شغفه الدائم بصناعة أطباق ذات المذاق الطيب، وسعيه لتطوير حرفته في هذا المجال. وأردف "يمكن صناعة الكنافة بالبيوت وهي سهلة التحضير. وبعد تقطيع الكنافة إلى قطع صغيرة الحجم، يمكن وضعها بأي طبق مناسب لدرجات حرارة الفرن الذي يعمل على نار هادئة بعد إضافة السمنة، أو الزبدة. ويمكن أن تُحشى الكنافة بالفستق الحلبي أو بالقشطة، ولها أنواع، الخشنة والناعمة والنابلسية وأم النارين والمبرومة، حيث تتعدد وتتشعب أشكالها بحسب الطلب".
ويعزو الصفدي سر تميز السوريين بصناعة طبق الكنافة إلى "الخبرة المتراكمة لدى الطباخين"، وما يحمله من مكونات كالفستق الحلبي والسمن العربي الجيد، وعدم تحلية الوجبة بشكل زائد، إذ يضاف القليل من القَطْر الحلو إلى الطبق بشكل محدود ومناسب مع استخدام طرق للشيّ والتبريد بمعاير دقيقة".

المزيد من منوعات