Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر "طالبان" زراعة المخدرات فأل سيئ للمملكة المتحدة وأوروبا

من المرجح أن يخلف الحظر الذي فرضته الحركة تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية هائلة ومتعددة

يُرجح أن يستمر بعض المزارعين الأفغان بزراعة الحشيش على الرغم من الحظر (غيتي)

في وقت سابق من الشهر الحالي، أعلن القائد الأعلى لحركة طالبان هبة الله أخوند زاده فرض حظر رسمي على زراعة الحشيش، وعلى إنتاج وتوزيع واستخدام أي مواد مخدرة غير مشروعة أخرى. وحذر "من يخالف هذا المرسوم، سيتلف زرعه ويُعامل وفق أحكام الشرع".

ويُنظر إلى هذه الخطوة بشكل عام على أنها محاولة من حركة طالبان، لتحسين صورتها المتدهورة حول العالم، والحصول على اعتراف دولي بها، وتخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وتدور بعض التساؤلات حول استعداد "طالبان" وقدرتها على فرض هذا الحظر الجديد. لكن لو استرشدنا بالتاريخ، فعلينا تصديق كلام الحركة تماماً: في المرة الأخيرة التي حظرت فيها حركة طالبان المخدرات غير المشروعة في عام 2000، تراجعت زراعة الحشيش بأكثر من 90 في المئة خلال سنة واحدة فقط.

ومن المرجح أن يخلف الحظر الجديد الذي فرضته "طالبان" عدداً من التبعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة. توجد مخاوف مثلاً، بالنسبة إلى أثره الاقتصادي في مزارعي الحشيش الأفغان وسلسلة الإمداد غير الشرعية الموسعة.

وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة، تراوح المردود المادي من وراء اقتصاد الهيروين في أفغانستان ما بين 1.8 و2.7 مليار دولار في عام 2021، وهو مبلغ ليس بالقليل بالنسبة إلى دولة فقيرة.

ويُرجح أن يستمر بعض المزارعين بزراعة هذه النبتة على الرغم من الحظر، إذ لا يزال الأفيون أحد مصادر الدخل القليلة التي يمكن الاعتماد عليها في دولة أهلكتها عقود من الحرب، فيما يُعتقد بأن بعضهم الآخر سيخزن الأفيون بانتظار ارتفاع سعره مستقبلاً. لكنه سيكون من الصعب على حركة طالبان التعامل مع خسارة قطاع متجذر في الاقتصاد المحلي، لدرجة أن حصته من إجمالي الناتج المحلي للبلاد بلغت 32 في المئة في إحدى المراحل.

وعلى نطاق أوسع من الأثر المحلي الذي قد يكون مدمراً، يُحتمل أن يفتح انهيار تجارة الهيروين في أفغانستان الباب أمام مرحلة جديدة من تهريب المخدرات في أوروبا والمملكة المتحدة، وهي المنطقة التي تستهلك معظم كمية الهيروين القادمة من أفغانستان. وليومنا هذا، تمكّنت الدول الأوروبية من تجنب إلى حد كبير الدمار الذي عرفته الولايات المتحدة، بسبب انتشار مخدر الفنتانيل وغيره من المخدرات المصنعة.

يقول المركز الأوروبي لرصد المخدرات وإدمانها إن أوروبا والمملكة المتحدة سجلتا بالمعدل عدة مئات من الوفيات بجرعات زائدة ارتبطت بمخدر فنتانيل خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من أن الرقم بحد ذاته ليس قليلاً فإنه بعيد كل البعد من عشرات الآلاف الذين يلقون حتفهم كل عام في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا أحد يعلم علم اليقين سبب عدم تجذر [تعاطي] فنتانيل في أوروبا والمملكة المتحدة. البعض يشير إلى أن وجود كميات كبيرة من الهيروين النقي الأفغاني المصدر قد قلص الحاجة إلى إنتاج هيروين مغشوش بإضافة مواد أفيونية اصطناعية قوية.

ولفت آخرون إلى [دور] الممارسة الأكثر تشدداً في إعطاء [تحرير] وصفات الأدوية المسكنة للألم في أوروبا والمملكة المتحدة. مهما كان السبب، قد يؤدي حظر إنتاج الهيروين في أفغانستان إلى تدفق المواد الأفيونية الاصطناعية الذي يخشاه المسؤولون في أوروبا والمملكة المتحدة منذ زمن بعيد.

لا شيء يؤكد بأن الفنتانيل سوف يهيمن على تجارة المخدرات في أوروبا والمملكة المتحدة كما فعل في الولايات المتحدة. فأسواق المخدرات الإقليمية معزولة بعضها عن بعض بشكل ملفت، وانتشار أي مادة في مكان معين لا يعني بالضرورة أنها ستلقى الرواج نفسه في مكان آخر. لم تنتشر آفة كراك الكوكايين في أوروبا كما انتشرت في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، مثلاً، كما أن أوروبا لم تشهد وصول الميثامفيتامين الذي طال انتظاره.

ومن الممكن أيضاً أن تملأ منظمات تهريب المخدرات من دول أخرى مصدرة للهيروين مثل كولومبيا والمكسيك أو ميانمار الفراغ الذي سيخلفه النقص في الهيروين الأفغاني. وربما تجد السلطات الأوروبية والبريطانية طريقة ناجحة لمنع انتشار الفنتانيل في المنطقة.

لا شك في أن هذه الاحتمالات ممكنة [واردة]. غير أن السمات [الخصائص] التي تميز فنتانيل عن غيره- إذ إنه أسهل في التصنيع والإخفاء [التستر عليه] وأقل سعراً وأقوى من المخدرات التقليدية- تخوله إلى حد كبير عرقلة وتغيير بنية سوق الهيروين في أوروبا والمملكة المتحدة. والفرصة سانحة أمامه اليوم.

من الصعب في هذه المرحلة المبكرة التنبؤ بالمسار الذي ستأخذه الأمور، لكن نظراً إلى الدمار الذي قد يخلفه انتشار مادة فنتانيل، من الضروري جداً أن يبادر المسؤولون في أوروبا والمملكة المتحدة الآن إلى رصد مؤشرات ظهور فنتانيل في إمدادات المخدرات واتخاذ خطوات مسبقة للتخفيف من آثاره.

وتشمل هذه الخطوات تحليل مياه الصرف الصحي على نطاق البلديات، وتعزيز أنظمة الكشف المبكر وتحسين [تطوير] رصد المخدرات في أنسجة الجسم وسوائله، كما يجب اتخاذ عدد من إجراءات التثقيف والوقاية وإنفاذ القوانين وتقليص درجة الأذى والعلاج. إإضافة إلى ذلك طبعاً، عليهم التحدث مع نظرائهم في الولايات المتحدة الذين لديهم للأسف تجربة واسعة في التعامل مع المواد الأفيونية الاصطناعية، ويمكنهم مشاركتهم الكثير من الدروس القاسية التي تعلموها.

جيم كروتي شغل سابقاً منصب نائب رئيس الإدارة في وكالة إدارة مكافحة المخدرات الأميركية. وهو حالياً مساعد نائب رئيس شركة ذي كوهين غروب للاستشارات الاستراتيجية التي تتخذ من العاصمة واشنطن مقراً لها. 

نشرت اندبندنت هذا المقال في 14 أبريل (نيسان) 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل