Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنخفاض المقدرة الشرائية يؤثر في إقبال التونسيين على اللحوم الحمراء

ضرورة إصلاح منظومة الإنتاج التي تعاني ارتفاع أسعار العلف في ظل اضطرابات مرجحة لحلقات التزويد في الأسواق العالمية بسبب الحرب الأوكرانية

يتراوح إنتاج تونس من اللحوم الحمراء بين 120 و125 ألف طن سنوياً (أ ف ب)

تراجع معدل استهلاك التونسيين من اللحوم الحمراء في السنوات الأخيرة، وتعمق النقص المسجل في الإقبال على هذه النوعية من اللحوم في الفترة الأخيرة على الرغم من توفر العرض وتغطية السوق من قبل المنتوجات المحلية، وتقترب تونس من تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم بإنتاج ما يقارب 98 في المئة من حاجيات السوق المحلية، في المقابل، يسجل تنامي استهلاك اللحوم البيضاء بسبب انخفاض أسعارها مقارنة باللحوم الحمراء، وفسر مختصون تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" الأمر بتآكل المقدرة الشرائية للتونسيين تأثراً بارتفاع الأسعار وتراجع معدل مداخيل الأفراد، ومدخرات الأسر في بلد يشكو من تفاقم التضخم الذي وصل في شهر مارس (آذار) إلى 7.2 في المئة، وأجبر التونسيون على تغيير نمط الاستهلاك الفردي بسبب شطط الأسعار، كما نبهوا إلى ضرورة إصلاح منظومة إنتاج اللحوم التي تعاني ارتفاع أسعار العلف المورد وما يتهددها في ظل اضطرابات مرجحة لحلقات التزويد في الأسواق العالمية بسبب الحرب الأوكرانية، ما ينبئ بارتفاع منتظر في أسعار اللحوم.

نمو الأسعار والإنتاج

ويتراوح إنتاج تونس من اللحوم الحمراء بين 120 و125 ألف طن سنوياً، منها 58 ألف طن من لحوم البقر و50.2 ألف طن من لحوم الغنم، وتبلغ نسبة تغطية الحاجيات الوطنية 98 في المئة باعتبار أن معدل الاستهلاك السنوي يبلغ 127 ألف طن، وبالنسبة إلى إنتاج لحوم الدجاج فيبلغ المعدل السنوي 137 ألف طن، والديك الرومي 74 ألف طن، وسجلت تونس تطوراً مهماً في هذا المضمار مقابل 113 ألف طن للدجاج سنة 2012 و42 ألف طن من لحوم الديك الرومي سنة 2011، وبالتوازي، تطور سعر الكيلوغرام من لحم الخروف من 14.3 دينار (4.7 دولار) سنة 2010 إلى 22 ديناراً (7.33 دولار) سنة 2017 إلى 27 ديناراً (تسعة دولارات) سنة 2022، وارتفع سعر لحوم البقر من 14.1 دينار (4.7 دولار) للكيلوغرام سنة 2010 إلى 21 ديناراً (سبعة دولارات) سنة 2017 إلى 26 ديناراً (8.66 دولار) سنة 2022، كما زاد سعر لحوم الدجاج من 3.9 دينار (1.3 دولار) للكيلوغرام سنة 2010 إلى 5.9 دينار (1.96 دولار) سنة 2017 إلى 7.2 دينار (2.4 دولار) سنة 2022، وتطور سعر الكيلوغرام من الديك الرومي من 7.7 دينار (2.56 دولار) سنة 2010 إلى 10.9 دينار (3.63 دولار) سنة 2017 إلى 12 ديناراً (أربعة دولارات) سنة 2022.

وتأتي لحوم الدواجن على رأس قائمة اللحوم المستهلكة لدى التونسيين تليها الأسماك واللحوم الحمراء، ويرى 84 في المئة من التونسيين أن أسعار لحم الخروف باهظة مقارنة بـ55 في المئة يعتبرون أسعار الدواجن مقبولة، في حين اعتبر 39 في المئة أن أسعار الدواجن باهظة و69 في المئة اعتبروا أسعار السمك مرتفعة وفق المعهد الوطني للإحصاء (حكومي).

ومن أكثر المناطق استهلاكاً للحوم الدواجن، تونس العاصمة والجنوب الشرقي، بينما يقل استهلاك السمك بالجنوب الغربي، ويرتفع بمحافظات الوسط الشرقي، في حين يزاد استهلاك لحوم البقر بالشمال الشرقي، ويقل في الوسط الغربي وينخفض الإقبال على لحم الخروف بالشمال الشرقي ويرتفع في الوسط الغربي.

معدل ضعيف

وسجل تراجع في معدل استهلاك التونسيين من اللحوم الحمراء من معدل 11 كيلوغراماً سنوياً قبل سنة 2011 إلى تسعة كيلوغرامات سنوياً في الوقت الراهن، وفق تصريح طارق بن جازية الرئيس المدير العام لشركة اللحوم (حكومية)، وقد اعتبر أن هذا المعدل من استهلاك التونسيين للحوم الحمراء بين لحم الضأن والبقر يعدّ من أضعف المعدلات العالمية، ويعود ذلك إلى تراجع المقدرة الشرائية، لكنه ذكر أن معدل الاستهلاك يوفر نسبة مهمة من البروتينات. واعتبر بن جازية أن الأسعار المتداولة للحوم مرتفعة، ما دفع بالشركة إلى إحداث نقاط بيع خاصة بها بأسعار معقولة، أما رئيس الغرفة الوطنية للقصّابين (مستقلة) أحمد العميري فذكر أن أسعار اللحوم تصل إلى 30 ديناراً (عشرة دولارات)، واصفاً حال السوق بغير السوية، وفسر ارتفاع الأسعار إلى النقص الكبير في الإنتاج وتهريب العجول إلى بلدان مجاورة، كما أشار إلى تراجع إقبال التونسيين على اللحوم الحمراء نظراً إلى الارتفاع المشطّ للأسعار، وأن 30 في المئة فقط يستهلكون اللحوم الحمراء، كما توقع بأن 50 في المئة من التونسيين لن يكونوا  قادرين على اقتناء الأضحية في العيد في حال استمرار الوضعية الحالية.

الكلفة المشطة

وكشف منور الصغيري مدير الإنتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (نقابة الفلاحين) عن أن تونس تنتج بين 120 و125 ألف طن، وهو يساوي بين 96 و98 في المئة من حاجياتها من اللحوم الحمراء باحتساب العجول التي يتم توريدها للتسمين محلياً، وفي حال عدم احتسابها، توفر تونس 88 في المئة من استهلاكها المحلي، لكن ذلك لا يمنع تمكن تونس من تحقيق اكتفائها الذاتي بحكم ارتفاع مستوى العرض وضعف الطلب على اللحوم الحمراء بسبب تراجع المقدرة الشرائية، وتتراوح الأسعار بين 26 (8.66 دولار) و27 ديناراً (تسعة دولارات) للحوم الضأن والأبقار على حدّ سواء مع بعض التفاوت بين المحافظات، وهي أسعار غير مرتفعة، لكن ما يضعف الإقبال هو النقص المسجل في المداخيل المالية لدى الأسر التونسية، علماً أن معدلات استهلاك التونسيين للحوم هي 7.1 كيلوغرام للحم الخروف و3.9 كيلوغرام للحم البقر و19 كيلوغراماً للحوم البيضاء (الدواجن)، ويبلغ مستوى إنتاج لحم الدجاج 11.5 ألف طن في الشهر، وبالنسبة إلى البيض 150 مليون بيضة شهرياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتحدد الأسعار بالنظر إلى كلفة الإنتاج المرتفعة بسبب توريد الأعلاف وانخفاض الإنتاج المحلي منها، وتبلغ تكلفة الإنتاج لكيلوغرام العجول المحلية 21.5 دينار (7.1 دولار)، و20.5 دينار (6.83 دولار) للعجول الموردة، وتواجه منظومة الإنتاج معضلة الارتفاع المستمر لسعر الأعلاف في السوق العالمية، وهي مهددة في الوقت الراهن بسبب الحرب الأوكرانية واضطراب متوقع في حلقات التزويد، إلى جانب عوامل أخرى أهمها الرفع المستمر في أسعار المحروقات.

تراجع المقدرة الشرائية

وقال لطفي الرياحي رئيس "منظمة إرشاد المستهلك" (مستقلة) إن معدل استهلاك التونسيين للحوم الحمراء ضعيف جداً، وفسر انخفاض معدل الاستهلاك إلى عدم قدرة التونسي على مجابهة المصاريف وانخفاض قدرته الشرائية، وتطور استهلاك الفرد التونسي من اللحوم بمختلف أصنافها من دون اعتبار الأسماك ومنتجات البحر من 17.8 كيلوغرام سنة 1985 إلى 24.8 كيلوغرام عام 2000 ثم إلى 32 كيلوغراماً سنة 2015، ويبقى معدل استهلاك التونسي لهذه المواد دون المعدل العالمي الذي يبلغ، حسب منظمة الأغذية والزراعة 43 كيلوغراماً للفرد الواحد في السنة، وسجل تراجع استهلاك التونسيين للحم الخروف من تسعة كيلوغرامات سنة 2000 إلى 7.1 كيلوغرام سنة 2015 مقابل 6.4 سنة 1985، كما انخفض إقبال التونسيين على لحوم البقر من 5.2 سنة 1985 إلى 2.9 سنة 2000 إلى 3.9 سنة 2015، لينخفض استهلاك اللحوم الحمراء بين ضأن وبقر من 11 كيلوغراماً سنة 2011 إلى تسعة كيلوغرامات سنة 2022.

ودعا الرياحي إلى ضبط أسعار اللحوم الحمراء الحرة مثلما وقع مع لحوم الدواجن التي تم تسعيرها بضرورة السيطرة على هامش الربح وتحديده، إذ تختلف أسعار اللحوم من منطقة إلى أخرى في تونس، وبينما لا يتجاوز الكيلوغرام من اللحوم الحمراء 26 ديناراً (8.66 دولار) بمحافظات الوسط والشمال الشرقي والجنوب، تفوق 38 ديناراً (12.66 دولار) بضواحي تونس العاصمة الشمالية والمساحات الكبرى التي تستغل عدم تدخل وزارة التجارة بفرض هامش الربح الخلفي على مزوديها باللحوم والرفع في أسعارها، كما يتحتم وضع استراتيجية لإعادة تنظيم منظومة إنتاج اللحوم برمتها تتضمن إعادة تأهيل المسالخ بحكم أن معظمها غير مؤهل ثم تسعير اللحوم وفق أصنافها وجودتها الأمر غير المعتمد حالياً.