Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمد العدل: نيللي كريم كانت خائفة من "فاتن أمل حربي"

قال إن قانون الأحوال الشخصية حان وقت تغييره وهذا دور الفن في توصيل رسائل الناس إلى المسؤولين

قال العدل إنه تحمس للمسلسل لأن المجتمع يتعامل مع المرأة بشكل من التسطيح (صفحة العدل على إنستغرام)

"فاتن أمل حربي"، ليس مجرد مسلسل درامي جذب تعاطف الجمهور مع معاناة امرأة مطلقة، لكنه تخطى ذلك ليصبح المسلسل الأكثر نصيباً من الجدل والإثارة والهجوم من بعض رجال الدين والجمهور أيضاً، لأنه ناقش بجرأة بعض الأسانيد التي تعتمد عليها قوانين الأحوال الشخصية، في ما يخص المرأة والحضانة وما إلى ذلك.

وفي حواره مع "اندبندنت عربية"، تحدّث مخرج العمل محمد العدل عن بداية الفكرة، ورد على هجوم رجال الدين على المسلسل، وكيف تحصن المسلسل بآراء فقهية قبل عرضه، وعن خوف بطلته نيللي كريم من أداء الدور في البداية.

إصلاح المفاهيم الخاطئة

في البداية، ورداً على سؤال حول ما إذا صادفته نماذج حقيقية دفعته لتقديم هذا المشروع؟ قال، "الموضوع فكرتي من سنتين، وطرحتها على الكاتب إبراهيم عيسى، قابلت نماذج كثيرة من المجتمع من سيدات عانين من مشكلات بعد الطلاق والنفقة والحضانة والأحوال الشخصية، ووجدت ظلماً رهيباً واقعاً عليهنّ، وتحمست أكثر لأن المجتمع يتعامل مع المرأة بشكل فيه كثير من التسطيح والتقليل من دورها، ويعتبرها طرفاً أدنى أو أقل، ووجدت أن دورنا تقديم عمل نصلح به المفاهيم الخاطئة".

الدخول في قانون الأحوال الشخصية مهمة شديدة الصعوبة، وكان من المتوقع أن تثير الجدل، وعن هذا قال المخرج محمد العدل، "أعلم منذ البداية أن الموضوع صعب وشائك وخطير، وسيعرضنا لوابل من الاتهامات، لكن دور الفن أن يعبر عن مشكلات الناس، ويوصل صوت من لا يستطيع الوصول، ولا بدّ أن نحاول تغيير واقعهم ونساعدهم، وقانون الأحوال الشخصية وضع منذ نحو 100 سنة، وتم التعديل عليه مرتين فقط، وهناك أسر حياتها دمرت بسبب هذا القانون، وهو ليس كلاماً منزلاً من السماء بل هو قانون وضعه بشر ويمكن تعديله للرفق بملايين من المتضررين منه".

وهنا قاطعناه، لكن هذا القانون معتمد في بعض مواده على تشريعات وأحاديث، فقال، "نعم هو مستمد في بعض مواده من بعض التشريعات، لكن التشريعات نفسها عليها خلاف، فمثلاً، مادة أن الحضانة تسقط عن المطلقة إن تزوجت، مستمد من حديث عن الرسول (عليه الصلاة والسلام)، لكن الأئمة فسروه أكثر من تفسير، فالأحناف لهم رأي، ومذاهب أخرى تختلف على التفسير، وفي النهاية النص الواضح غير موجود في القرآن، والسؤال هنا: لماذا أخذنا في القانون التفسير الذي يحرم المرأة من أولادها؟ ولماذا لم نأخذ بتفسير ابن حزم أو الأحناف؟ إذا تأملنا الوضع سنجده يحرم المرأة من الزواج بعد الطلاق حتى تحتفظ بأولادها، وفي حال تزوجت تحرم منهم. وهذا يجبرها على أمور عدة مثل الزواج العرفي، أو علاقة بلا زواج، لأن الزواج الشرعي سيحرمها من أولادها وهذا لا يرضي الله". وأضاف العدل، "لا بدّ أن يعيد المسؤول عن القانون والتشريع النظر لأن ملايين الأسر تعاني، بخاصة أن الكلام غير مثبت في القرآن بما لا يدع مجالاً للشك، وكذلك لا يوجد حديث، لكن هناك تفسيرات دينية عليها خلاف، بالمنطق الإنساني والعقل: لماذا يوجد هذا القانون الذي يظلم السيدة بعد الطلاق ويحكم عليها بعدم الزواج أو أخذ أطفالها؟".

يجب كسرها

وشنّ كثيرون هجوماً على شخصية الشيخ يحيى أحد أبطال المسلسل الذي قام بدوره محمد الشرنوبي، ويدافع عن ذلك العدل قائلاً، "الشيخ يحيى نموذج لشيوخ وعلماء الدين في مصر منذ 50 عاماً، قبل سيطرة التيارات المتشددة، ومن يهاجمون يقصدون أن الشيخ لا بدّ أن تكون له قدسية، ولا أحد يستطيع الكلام معه أو عنه أو لمسه، وللأسف، هم صنعوا تابوهات ولا يقبلون بكسرها. وبمجرد أن قدمت رجل الدين شخصاً مستنيراً وإنساناً عادياً، يحب وله مشاعر، لم يرقهم هذا، على الرغم من أنه ليس ملاكاً، بل هو إنسان عادي له قلب ومشاعر. والحقيقة أن من يهاجم كل المسلسل بشخصياته التيارات المتشددة، لأنه يضربها في مقتل كما يقولون".

وعن مهاجمة المسلسل عدداً من الشيوخ ورجال الدين، أوضح محمد العدل، "قبل أن نبدأ كلمة في المسلسل كنا متفهمين فكرة أن الموضوع حساس وشائك، ولا بدّ أن تكون هناك مرجعية دينية، وبالفعل، لجأنا لسعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في الأزهر، الذي لا يوجد خلاف على علمه ومرجعيته، وقام الهلالي بمراجعة المسلسل كلمة كلمة، وعندما هوجمنا من بعض التيارات المتشددة قال أنا مسؤول عن العمل فقهياً وراجعته، وأحب التأكيد أننا بكل حسم لن نتكلم عن موضوع بهذه الحساسية، وشائك من دون مرجعية، فلن نؤلف في الدين أو نكتب على أهوائنا من دون مرجعية".

مباشرة مقصودة

وعن اتهام بعض الآراء النقدية المسلسل بأنه مباشر جداً وجريء في تقديم بعض الجمل الحوارية، رد العدل، "أعترف أن المسلسل مباشر، وهذا مقصود وطبيعي وليس عيباً، فعندما أكون بصدد الحديث في موضوع حساس بالطريقة التي تناولنا بها العمل، لا بد أن يكون أسلوب الطرح مباشراً ولا يمكن طرحه بطريقة مواربة، بالعكس، أنا أبذل مجهوداً حتى تصل الرسالة بشكل مباشر، ومع تلك المباشرة أخشى أيضاً ألا يفهمها المتلقي، وكان لا بدّ من أسلوب صريح وليس موارباً لنقول الرسالة المطلوبة بشكل واضح، ولنقول إنه قانون ظالم، ولا بدّ أن يتغير، وقد قالتها بطلة المسلسل 20 مرة تقريباً بشكل مباشر خلال الأحداث. الذين يتهموننا بالمباشرة على الرغم من أنها الأسلوب الوحيد في حال المسلسل، عليهم أن يعلموا أن هناك أعمالاً كثيرة حملت رسائل هامة واعتمدت على المباشرة مثل أفلام طيور الظلام، والإرهابي والإرهاب والكباب، وضد الحكومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وردد البعض أن مسلسل "أمل فاتن حربي" عانى هجوماً متوقعاً، بسبب أن كاتبه هو إبراهيم عيسى الذي يناقش قضايا شائكة، وعن تعاونه معه للمرة الثالثة بعد فيلم "صاحب المقام والملحد"، وهل دفع المسلسل فاتورة العداء مع عيسى، قال العدل، "أنا وعيسى لدينا مشروع واحد، ولهذا نتعاون بشكل كبير، لأننا نتكلم عن مشكلات الناس في المجتمع، والأمور المسكوت عنها في المجتمع التي يخاف الناس أن يعبروا عنها، وأعتقد أنه جاء الوقت الذي يستطيع فيه الناس أن يتحدثوا عن أي قضية بشكل حر، ونترك الرأي للجمهور، والآن هناك عشرات الآلاف من السيدات يقلن أنا فاتن حربي، وهذا يعني أننا أحدثنا صدى كبيراً، ولمسنا مشكلة حقيقية عندما تحدثنا بحرية ومن دون خوف".

خوف نيللي كريم

وعن إقناعه نيللي كريم لتلعب بطولة مسلسل بهذه الحساسية والخطورة، قال محمد العدل، "نيللي كانت خائفة، لأن المسلسل كئيب ويتكلم في مناطق شائكة في الدين والقانون، وهي بعد بطولتها لمسلسل "100 وش"، قالت إنها لن تقدم أعمالاً كئيبة أو تراجيديا، لكن عندما تحدثت معها في أهمية الموضوع وأنه يمس كل البيوت والسيدات، رحبت واقتنعت، وأعتقد أنها حالياً نجمة رمضان بلا منازع، فالجميع يتحدث عنها كقضية وكممثلة قوية أدت الدور ببراعة لا مثيل لها".

بعد كل الضجة التي أحدثها مسلسل "فاتن أمل حربي"، هل حدث تحرك على مستوى المسؤولين لتغيير القانون؟ أجاب العدل، "قام المسؤولون في المجلس القومي للمرأة بالتواصل معنا، وشكرونا، وبالنسبة لتغيير القانون، هذا ليس بيدنا، لكنه دور المسؤولين الذين طرحت أمامهم القضية وعليهم أن يبحثوا إن كانوا مهتمين بمصلحة الناس، لأن هذا القانون ظالم للرجل وللسيدة، ولكن للسيدة أكثر بوصفها الطرف الأضعف، ومصلحة السيدات تشير إلى ضرورة تغيير قانون الأحوال الشخصية".

وطالب العدل المسؤولين بأن ينزلوا إلى المحاكم، "قبل التصوير قمت بذلك لمدة ثلاثة أشهر كاملة، ورأيت وسمعت قهراً وألماً وحكايات شديدة الصعوبة تؤكد أنه من الضروري تغيير القانون من أجل كل المعذبات، وبكل أسف، الواقع أسوأ بكثير مما عرضناه، هناك سيدات لا يجدن مأوى ولا أكلاً أو شرباً ويتم ضربهنّ، ونساء ينحرفن، وسيدات مستقبلهنّ يضيع، كل ذلك بسبب  قانون لا يمكن تعديله لمجرد أنه مبنى على تشريعات دينية. إذاً، فلنجلس ونرى ونفند تلك التشريعات. المسلسل ليس مجرد مسلسل اجتماعي في رمضان بل هو عمل يقول للمسؤولين عن القرار، ابحثوا عن مصلحة الناس الذين يعانون من القوانين المؤسفة، فما زال قانون من 1922 يقرر مصير الناس في 2022، وهذا شيء غير منطقي مع تغير الوضع والظروف".

المزيد من فنون