Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحفظ شعبي مقابل دعم لافت لأوكرانيا في اليونان

الرد الحكومي على الحرب الروسية لا سابقة له في سياسة أثينا الخارجية لكنه يواجه عدم قناعة من قبل المعارضة السياسية والعديد من المواطنين

أوكرانيون وأنصارهم يتجمعون خلال تظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا ضد الحرب الروسية الأوكرانية (أ ف ب/غيتي)

حين ألقى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، كلمة عبر الفيديو أمام البرلمان اليوناني الأسبوع الماضي، قوبلت كلمته التي ضمنها إشارات إلى الروابط السياسية والثقافية والدينية بين البلدين، بتصفيق حار.

غير أن الحالة المزاجية تغيرت حالما أعطى زيلينسكي، الكلمة إلى مقاتلَين أوكرانيَين من أصول يونانية.

وحين ذكر أحد الجنديين أنه عضو في منظمة "كتيبة آزوف"، وهي مليشيا يمينية متطرفة لها جذور نيو-نازية، انسحب ثلاثة نواب معارضين للخارج. ولعدة أيام تناولت وسائل الإعلام اليونانية هذا الحادث بدرجات متفاوتة من الغضب، والأسف، والإدانة وأيضاً التفهم.
 

 

وتعكس ردود الفعل المتباينة على الكلمة أمام البرلمان، المواقف المختلفة في المجتمع اليوناني في أعقاب حرب فلاديمير بوتين.

من الناحية الأولى، لم يحدث أن انخرطت اليونان في حرب خارجية بالمستوى الذي تنخرط به في الحرب في أوكرانيا. فهي أرسلت [إلى أوكرانيا] أسلحة، ومعدات عسكرية، وإمدادات، وتوجه وزير خارجيتها في مهمة إنسانية إلى أوديسا، كما صرحت الحكومة بأنها ستطالب بفتح تحقيق دولي حول جرائم حرب مزعومة ارتكبت في مدينة ماريوبول المحاصرة.

لكن من الناحية الأخرى، فإن موقف سيريزا، وهو أكبر أحزاب المعارضة اليسارية في اليونان، ومعه الرأي العام، يكشف منظوراً مختلفاً: هناك معارضة لانخراط البلاد في النزاع، بل وهناك أيضاً مشاعر مؤيدة للروس في بعض الأوساط.

وأعلنت أثينا بعد أيام قليلة فقط من بدء الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) أنها سترسل إلى كييف معونات إنسانية، ومعدات، عبارة عن طائرتين مليئتين بالذخيرة، وبنادق كلاشينكوف، وصواريخ مضادة للدبابات. وشكل هذا خروجاً كبيراً عن استجابة اليونان [المعتادة] لصراعات عالمية أخرى، التزمت فيها موقف المتفرج على الهامش.

وقال كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، في مناقشة بالبرلمان في 1 مارس (آذار) "لأننا كنا على الدوام في الجانب الصحيح من التاريخ، فإننا نفعل الأمر نفسه الآن". وأضاف "إننا ننتمي إلى الغرب".

وكانت الحكومة قد أعلنت في اليوم السابق مقتل عشرة مواطنين يونانيين في مدينة ماريوبول، التي تحملت بعض أعنف موجات القصف وأسوأ حالات المعاناة في الحرب.
 

 

ويقطن أنحاء أوكرانيا حوالى 150 ألف شخص من الأصول اليونانية، وتحديداً توجد مجتمعات كبيرة لهم في أوديسا وماريوبول، وهي حقيقة تجلت بقوة في تصرف اليونان وخطابها خلال الحرب.

وفيما احتدم القصف على ماريوبول، بقي القنصل اليوناني العام فيها من 28 فبراير وحتى أواسط مارس، وكان آخر دبلوماسي من دول الاتحاد الأوروبي يغادر المدينة المحاصرة.

وحين تم قصف مستشفى التوليد في المدينة، عرض ميتسوتاكيس تقديم الدعم، وكتب في تغريدة على "تويتر": "اليونان مستعدة لإعادة بناء مستشفى التوليد في ماريوبول، مركز الأقلية اليونانية في أوكرانيا، وهي مدينة عزيزة على قلوبنا كما أنها رمز لبربرية الحرب".

وقام وزير خارجية اليونان، نيكوس ديندياس، في أوائل شهر أبريل بزيارة أوديسا، من أجل تقديم مساعدات إنسانية، ولقاء أعضاء من الجالية اليونانية، ولإعادة افتتاح قنصلية بلاده في المدينة. ومع أنه خطط بشكل أولي للتوجه إلى ماريوبول، إلا أن القتال العنيف الذي كانت تشهده المدينة نسف الفكرة من أساسها.

ولم تمر سوى بضعة أيام على ذلك، حتى صرحت أثينا بأنها ستطالب بإجراء تحقيق من قبل محكمة العدل الدولية في جرائم حرب محتملة في ماريوبول، وأمرت 12 دبلوماسياً روسياً بمغادرة اليونان، معلنة أنهم "أشخاص غير مرغوب بهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال دكتور ايمانويل كاراغيانيس، وهو خبير في الأمن العالمي في معهد كينغز بلندن، لـ"اندبندنت" إن "مقتل عديد من ذوي الأصول اليونانية جراء القصف الروسي في ماريوبول ومدن أخرى، قد سمم العلاقات بين أثينا وموسكو، وربما لسنوات عديدة".

إلا أن دعم اليونان لأوكرانيا، يلامس أيضاً مخاوف اليونان الدفاعية نفسها. وقد عقد سياسيون روس ويونانييون مقارنات بين حرب روسيا في أوكرانيا وغزو تركيا لقبرص في عام 1974.

وكانت القوات التركية قد غزت قبرص رداً على إنقلاب فيها تم تنفيذه بدعم من أثينا. واحتلت تركيا شطراً كبيراً من شمال الجزيرة وأعلنتها دولةً جديدة هي جمهورية قبرص الشمالية التي لا تعترف بها اليونان ومعظم دول العالم.

ولا تزال الجزيرة مقسمة بواسطة منطقة منزوعة السلاح تسيّر فيها الأمم المتحدة دوريات، كما أنها نقطة توتر كبيرة بين تركيا واليونان.

وفي أواخر فبراير، اقترح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، معاملة الروس في إقليم دونباس الأوكراني على غرار معاملة أبناء العرق التركي في شمال قبرص.

وبدوره، أجرى ميتسوتاكيس مقارنات مشابهة. إذ قال "بأي حق أخلاقي سنطالب بمساعدة من هذا النوع لو كنّ في وضع مماثل [لأوكرانيا]؟" وذلك في إشارة إلى الأسلحة التي أُرسلت إلى أوكرانيا.

ومن جانبه، اعتبر كاراجيانيس أن الحرب الروسية تنطوي على عدد من أوجه التشابه مع الغزو التركي لقبرص. ولفت إلى أن "كلاً من موسكو وأنقرة ادعتا أنهما كانتا تسعيان لحماية مواطنيهم الذين يفترض أنهم عانوا التمييز أو حتى "الإبادة الجماعية". وأضاف "في الواقع، قامت كل من روسيا وتركيا باستعمال الأقليات كسلاح لتقويض سيادة دول مستقلة لأسباب جيوسياسية وأيديولوجية. واليونان في هذا الصدد تدعم أوكرانيا مثلما تدعم قبرص".

بيد أن معظم اليونانيين ليسوا راضين للغاية بتورط البلاد في الحرب.

وفي استطلاع للرأي أجراه في مارس معهد "قضية عامة" لبحوث الرأي العام، ذكر 68 في المئة من أصل ألف مشارك أنهم كانوا غير راضين عموماً على موقف الحكومة اليونانية بما يتعلق بالوضع في أوكرانيا. وأعرب 54 في المئة آخرون عن معارضتهم التامة لتقديم المساعدة العسكرية إلى كييف.

وأظهر استطلاع الرأي، أنه على الرغم من أن غالبية اليونانيين يعارضون الحرب، فإن كثيرين منهم يعتقدون أن البلاد يجب أن تبقى محايدة خلال الصراع.

وفي الوقت الذي نُظمت فيه عشرات التظاهرات المؤيدة لأوكرانيا في أثينا، فقد كانت هناك مسيرة واحدة في الأقل داعمة لروسيا.

وأعرب سيريزا، حزب المعارضة الرئيس في اليونان، عن معارضته لتزويد أوكرانيا بالسلاح. وسأل زعيمه أليكسيس تسيبراس، رئيس الوزراء السابق، في البرلمان في 1 مارس "ما الفائدة من تحويل اليونان، وهي دولة تشارك على الدوام في مبادرات السلام، إلى بلاد متورطة في الحرب؟"

وبدلاً من ذلك، فقد ضغط تسيبراس من أجل فرض عقوبات على روسيا، وتقديم مساعدات إنسانية، والترحيب باللاجئين، محذراً من أن أي تورط عسكري يمكن أن تكون له عواقب خطيرة بالنسبة إلى اليونان.

واستقبلت اليونان حتى الآن ما يزيد على 19200 لاجئ أوكراني ممن وصلوا إليها عبر المعابر الحدودية المتعددة. وعمدت اليونان على الفور إلى تفعيل نظام حماية مؤقت للنازحين الأوكرانيين، كما بدأت في تسجيل الطلبات.

وغالباً ما يلقى طالبو اللجوء من دول أخرى، الإبعاد غير القانوني عن حدود اليونان. وإذا استطاعوا أن يدخلوا إليها، يواجه عديد منهم فترات انتظار طويلة تصل لسنوات، من أجل القيام بإجراءات مماثلة [التي ينجزها اللاجئون الأوكرانيون]، وهم غالباً ما يجبرون على البقاء في مخيمات أو مراكز احتجاز أثناء دراسة الطلب.

ونظمت في أواخر أبريل حفلة تحت عنوان "لا للحرب، لا للغزو الروسي، الخيار الوحيد هو السلام"، شارك في إحيائها عشرات من كبار النجوم في اليونان أمام جمهور ضم آلاف الأشخاص.

 

وحضر الحفلة ممثلون عن حزب "سيريزا"، ثم استشهدوا بخطوتهم هذه كدليل على الدعم الذي يحظى به موقفهم، ودعوا حكومة حزب الديمقراطية الجديدة الحالية إلى "الاعتراف بالخطأ الذي ترتكبه بجعل اليونان طرفاً في الحرب من خلال إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا بدلاً من المساعدات الإنسانية".

وعندما تحدث زيلينسكي أمام البرلمان اليوناني الأسبوع الماضي، رحب به كوستاس تاسولاس، رئيس البرلمان، الذي تناول في كلمته أهمية المجتمع اليوناني في ماريوبول ووجوه الشبه بغزو قبرص.

وأدرك الرئيس الأوكراني أهمية هذه الخيوط، مستهلاً كلمته بتوصيف حزين لماريوبول، وواصفاً أوديسا بـ"مركز عظيم للهيلينية". وقال "نحن، اليونانيين والاوكرانيين معاً، يجب ألا نسمح لهم بتدمير تراثنا الثقافي المشترك".

ولكن في وسائل الإعلام المحلية، كاد أن يخطف الخطاب الذي ألقاه المقاتل من كتيبة آزوف الأضواء عن خطاب زيلينسكي، وقدم للمعارضة اليونانية فرصة جديدة لانتقاد موقف الحكومة حيال الصراع، إذ قال زعيم المعارضة تسيبراس إن "التضامن مع الشعب الأوكراني أمر مفروغ منه. بيد أن النازيين لا يمكن أن يكون لهم رأي بالبرلمان".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات