Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سبب إعفاء الألماس الروسي من العقوبات الأوروبية؟

"نعم للاستيراد لا للتصدير" موقف أوروبي متناقض وموسكو تستحوذ على ثلث الإنتاج العالمي

عندما يتعلق الأمر بالألماس فالعقوبات تؤثر فقط على تصديره وليس على الواردات الأكثر أهمية من روسيا (أ ف ب)

تصدر روسيا ما قيمته 4 مليارات دولار من الألماس الخام سنوياً، وهو ما يمثل ثلث الإنتاج العالمي، بحسب الشبكة الإعلامية الأوروبية المتخصصة في سياسات الاتحاد الأوروبي "يوراكتيف".

قد يتساءل البعض لماذا لم تتعرض الواردات الأوروبية من الألماس الروسي لأي من العقوبات التجارية، التي فرضها الاتحاد الأوروبي منذ بداية الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط)؟

أربع حزم من العقوبات فرضها الغرب حتى الآن لمعاقبة موسكو على اجتياحها أوكرانيا. وتغطي هذه الإجراءات عديداً من القطاعات وأجزاء كبيرة من الاقتصاد الروسي. ولإلحاق الأذى بالأوليغارشية (سلطة سياسية محصورة بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بالمال أو النسب أو السلطة العسكرية وتسيطر عليها عائلات نافذة توارثت النفوذ والقوة).

تلك العقوبات منعت أيضاً بيع السلع الكمالية، مثل الكافيار وبعض أنواع النبيذ والسيجار إلى روسيا منذ تاريخ 15 مارس (آذار). لكن عندما يتعلق الأمر بالألماس، فإن العقوبات تؤثر فقط على تصديره من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا، وليس على الواردات الأكثر أهمية من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي. وهو أمر متناقض، لأن روسيا هي أكبر دولة منتجة للألماس في العالم.

مناجم الألماس الروسية

تتربع المناجم الروسية في قلب صناعة الألماس، خصوصاً "ألروسا"، وهي مجموعة من شركات متخصصة في التنقيب عن الألماس وتعدينه وتصنيعه وبيعه. وهي أكبر شركة في هذا المجال على مستوى العالم، ومسؤولة عن أكثر من 90 في المئة من إنتاج الألماس الروسي، بحسب شبكة "يوراكتيف".

الدولة الروسية تمتلك ثلث حصة "ألروسا"، والثلث الآخر يذهب لـ"ياقوتيا"، إحدى الجمهوريات الروسية، حيث يوجد عديد من المناجم هناك، بينما يذهب الثلث الثالث إلى مساهمي الأقلية.

في عام 2021، أنتجت الشركة ما قيمته 4.2 مليار دولار من الألماس. في حين تمتلك "ألروسا" حالياً 27 عملية تعدين في روسيا، تتركز بشكل رئيس في ياقوتيا، وهي مساهم بنسبة 41 في المئة بمنجم كاتوكا في أنغولا، وهي رابع أكبر شركة على وجه الأرض، وتشارك في أنشطة الاستكشاف الأخرى في أنغولا وزيمبابوي وجمهورية الكونغو.

وتمتلك روسيا أيضاً مخزوناً من الألماس بحوزة جخران، وهو مستودع مملوك للدولة للأحجار الكريمة والمعادن يعمل تحت إشراف وزارة المالية الروسية بهدف حماية موارد البلاد، حيث تشتريه لدعم الصناعة ومنع انخفاض أسعارها. ويعد حجم المخزونات من أسرار الدولة. لذلك من المستحيل تقدير الإيرادات التي يمكن أن يحققها الاتحاد الروسي من خلال طرح هذا الاحتياطي في السوق.

خارج قطاع الألماس، تمتلك "ألروسا" أيضاً أسهماً في تيمير، أكبر منجم للحديد في روسيا. وتشارك هذه الأسهم مع شركة أخرى هي "إيفراز" المملوكة حتى وقت قريب لرومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي لكرة القدم والصديق المقرب لفلاديمير بوتين، الذي باع أسهمه أخيراً تحت ضغط دولي.

الألماس ونخبة الكرملين

الرئيس التنفيذي لشركة "ألروسا" سيرجي إيفانوف، هو أحد الحكام الخمسة الذين استهدفتهم الجولة الأولى من العقوبات الأميركية، وأحد الشخصيات الرئيسة في الدائرة المقربة من بوتين. وهو نجل سيرجي بوريسوفيتش إيفانوف، وزير الدفاع الروسي السابق، وجنرال في الاستخبارات الروسية "كي جي بي" ورئيس أركان بوتين.

الرابط بين "ألروسا" والدولة واضح، فالشركة حكومية تضخ ملايين من الأرباح والضرائب إلى الخزانة العامة كل عام. على سبيل المثال، كسبت "ألروسا" 840 مليون دولار في عام 2021. وبصفتها مساهماً بنسبة 33 في المئة، يتلقى الاتحاد الروسي الدخل والوصول إلى العملة الأجنبية من إنتاج الألماس الروسي (والأنغولي)، الذي يمكن أن يمول بشكل مباشر أو غير مباشر العدوان الروسي غير القانوني على أوكرانيا.

علاوة على ذلك، مع جخران، يمكن لروسيا بيع مخزونها من الألماس لتوليد إيرادات عامة. قد يصبح مصدر العملة الأجنبية هذا ذا أهمية متزايدة بالنسبة إلى موسكو، حيث أصبحت تجارة الألماس أحد القطاعات القليلة التي لم تتأثر كثيراً بالعقوبات. حتى الآن، اتخذت الولايات المتحدة فقط إجراءات لتقييد استيراد الألماس الروسي، التي لم تؤثر على تجارة الألماس، نظراً للطبيعة المجزأة والمعقدة لسلسلة توريد الألماس العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دور عملية كيمبرلي

عملية كيمبرلي (كي بي) هي مخطط لإصدار الشهادات تم إنشاؤه في عام 2003 تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف "تقليل تدفق الألماس المُمول للصراعات".

هانز ميركيت، الباحث في مركز الأبحاث البلجيكي "آي بي آي أس"، والعضو في تحالف المجتمع المدني "سي أس سي"، قال "تم استدعاء عملية كيمبرلي إلى حيز الوجود في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لمنع المتمردين الذين يمولهم الألماس من شن الحروب في جميع أنحاء أفريقيا".

وأوضح "تتمثل مُهمتها المُعلنة في قطع الصلة بين الألماس والصراع. ومع ذلك، لا يزال ينظر إلى الصراع من خلال عدسة كيمبرلي، التي عمرها اليوم 20 عاماً، وتدخل فقط في سياقات الحرب الأهلية، حيث يسيطر المتمردون على مناطق التعدين". وهذا يفسر سبب عدم مناقشة الدول الـ85 المشاركة في اتفاقية كيمبرلي حتى الآن، ناهيك عن اتخاذ إجراءات بشأن الجدل الروسي بشأن الألماس.

وكان تحالف المجتمع المدني لعملية كيمبرلي (كي بي سي أس سي)، قد دعا في بيان صحافي في 14 مارس (آذار) الماضي، إلى عقد اجتماع عام لعملية كيمبرلي "للتأكد من أن الألماس المنتج في روسيا أو من قبل شركة تعدين الألماس الروسية "ألروسا" المملوكة للدولة لا تسهم في تمويل الصراع". لكن مثل هذا الاجتماع لم يتم عقده أو التخطيط له حتى الآن.

الألماس الروسي وحرب أوكرانيا

أما بالنسبة لمجلس الألماس العالمي (دبيو دي سي)، وهو ممثل الصناعة في عملية كيمبرلي، ففي الثامن من مارس أطلق المجلس بياناً نشر على موقعه قال فيه، "نشعر في مجلس الألماس العالمي بقلق عميق على سلامة المتضررين من النزاع في أوكرانيا ونراقب بعناية التطورات المرتبطة بالأزمة المستمرة".

وأضاف المجلس "لا يزال الوضع معقداً وديناميكياً، مع احتمال حدوث تغييرات في أي وقت، لذلك لا يمكن في هذه المرحلة تقديم أي تنبؤات ذات مغزى حول التأثير المحتمل على قطاع الألماس". وتابع "حتى الآن، فرضت الولايات المتحدة فقط عقوبات محدودة على شركة ألروسا المنتجة للألماس غير الممنوحة بشكل خاص، مما يقيدها من زيادة الديون أو حقوق الملكية من خلال النظام المالي الأميركي".

وأشار المجلس إلى أنه "بشكل منفصل، فرضت الولايات المتحدة عقوبات شخصية على الرئيس التنفيذي للشركة، سيرجي إيفانوف، لكنها نوهت بأنها لا توجد أي قيود مباشرة على أعمال ألروسا نفسها".

لا توجد عقوبات مفروضة حتى الآن من قبل الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة أو أي حكومة أخرى، لا على "ألروسا"، ولا على تجارة الألماس العالمية أو شركات الألماس أو الأفراد المرتبطين بصناعته.

وقال المجلس العالمي للألماس إنه "كمنظمة مكرسة للقضاء على الصراع والسعي إلى حقوق الإنسان وكرامته، يشعر بالفزع بسبب الخسائر في الأرواح وإصابة الناس وتشريد الأفراد والمجتمعات الأبرياء في أوكرانيا والمنطقة". وأعرب عن أمله بشدة أن تتم استعادة السلام في أسرع وقت ممكن.

المجلس شدد على أنه "سيبذل كل ما في وسعه لتقديم الدعم لأعضاء الصناعة"، كما طلب من جميع الأعضاء "الالتزام الصارم بجميع العقوبات السارية الصادرة في ولاياتهم القضائية ذات الصلة".

اقرأ المزيد