Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا تعلن الحرب على حرفي "Z" و"V" الروسيين

البرلمان في كييف يصدر مرسوماً بحظر استخدامه وموسكو تتوسع في الترويج لهما

استنبط حرف "Z" من الشعار الذي يستخدمه الأوكرانيون الذين تنسبهم موسكو إلى النازية (رويترز)

اكتنف الغموض طويلاً الحرفين اللاتينين "Z" و"V"، منذ ظهورهما ضمن الرموز التي ربط الأوكرانيون بينهما وبين القوات الروسية التي دهمت أراضيهم اعتباراً من 24 فبراير (شباط) الماضي. وحار كثيرون من المراقبين والمعلقين في روسيا وخارجها أمام استفحال مشاعر الكراهية التي أصابت الأوكرانيين من جراء ظهور هذين الحرفين، على الرغم من أنهما ليسا من الأبجدية الروسية، ولا ينتميان لا من قريب ولا من بعيد إلى الأبجدبية الكيريلية، أي السلافية القديمة التي تربط بين لغات الأسرة السلافية ومنها اللغتان الروسية والأوكرانية.

وقد ظل الأمر مثار جدل احتدم طويلاً بين ممثلي الأوساط السياسية والاجتماعية والعسكرية الأوكرانية، وحتى انتقاله خلال الأيام القليلة الماضية إلى أروقة البرلمان الأوكراني (الرادا). وقال ياروسلاف زيليزنياك، عضو البرلمان الأوكراني، إنه يعزو طرحه إلى مبررات ضرورة استصدار البرلمان مشروع قانون يحظر ظهور هذين الحرفين "Z" و"V"، إلى أنهما "يندرجان ضمن مفردات الدعاية للقوات المسلحة الروسية". وطالب بألا يقتصر القانون على استخدام هذين الحرفين، وأن يشمل أحرف الأبجدية الكيريلية  "З"و"С" و" В" و"Ф"  على اعتبار أنها ضمن الرموز التي يجري الاعتداد بها لدى التعامل مع القوات المسلحة الروسية في حال وضعها على الملابس، واستخدامها في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أماكن التجمعات الجماهيرية، وفي الإعلانات والملصقات والتلفزيون والإنترنت، وكذلك في الأفلام والبرامج ومدونات الفيديو وغيرها من المواد الإعلامية التي تم إنشاؤها أو تداولها بعد 24 فبراير (شباط) من العام الجاري، وهو تاريخ بداية الحرب أو "العملية العسكرية الروسية الخاصة"، بحسب التسمية الرسمية التي يعتمدها الجانب الروسي لما يجري من معارك قتالية في أوكرانيا.

"شريط القديس جيورجي"

وسبق أن تحسست الأوساط الأوكرانية، عند اندلاع الثورات الملونة في مطلع القرن الجاري، وخصوصاً "الثورة البرتقالية" في موجتها الثانية عام 2014، لدى ظهور "شريط القديس جيورجي" بلونيه الأسود والبرتقالي، الذي يعلقه مواطنو روسيا على ستراتهم في الأعياد والمناسبات الوطنية. ويذكر المراقبون أن السلطات الأوكرانية كانت لاحقت ظهور مثل هذا الشريط على سترات أو سيارات المواطنين سواء كانوا من الناطقين بالروسية، أو بغيرها في أوكرانيا ممن كانوا يستخدمونه على نطاق واسع في ذكرى الانتصار على الفاشية وألمانيا الهتلرية في التاسع من مايو (أيار) من كل عام. ويرتبط هذا الشريط بذكرى الانتصارات التي لطالما حققتها روسيا منذ القرن الثامن عشر تحت راية القديس جيورجي "المقاتل المسيحي المظفر".

هكذا، تأتي الحروف اللاتينية بعد الكيريلية، ومعها اللغة الروسية التي قررت السلطات الأوكرانية حظر استخدامها في أوكرانيا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في 2014، لتكون إضافة "غريبة الأطياف" إلى مسلسل العداء بين الشعبين "الشقيقين" اللذين يشتركان في المنبت العرقي.

استنباط

وفي ما يتعلق بالحاضر وما يثيره الحرفان "Z" و"V"، من حساسية، فإن هناك من الدلائل ما يشير إلى أن المواطنين الروس نجحوا في استنباط حرف "Z" من الشعار الذي يستخدمه القوميون المتطرفون ممن ينسبونهم في موسكو إلى النازية والفاشية وفي مقدمهم "كتيبة آزوف" و"القطاع الأيمن". ويبدو قريباً من شكل الصليب المعقوف الذي أضافت إليه الفصائل اليمينية المتطرفة ما هو أقرب إلى حرف "ألف" في العربية. ومن منظور الابتكار، نجح الروس في استخدام الحرف اللاتيني "Z" الذي يبدو بعد إسقاط الألف العربية، على النحو ذاته الذي يتفق في النطق مع مثيله في الأبجدية الكيريلية "Z"، ويعنى "من أجل" أو "في سبيل"، مرتبطاً بكلمتي "النصر" و"الوطن". وذلك ما يبدو أن وزارة الدفاع الروسية اعتمدته حين أشارت إليه ضمن منشوراتها على مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي. وكانت القنوات التلفزيونية الرسمية قد اعتمدت الحرف "Z" لاستخدامه على سترات مذيعيها والحضور من المشاركين في برامجها الحوارية، فضلاً عن تحوله إلى أحد الرموز التي تشير إلى الدعم الشعبي للعملية العسكرية الروسية.

ولعل التوسع في استخدام هذه الأحرف وانتشارها مرسومة على الدبابات والمدرعات الروسية أو المباني الواقعة في المناطق التي وصلت إليها القوات الروسية، هو ما أثار الغضب والحساسية لدى الجانب الأوكراني، وما كان في مقدمة الأسباب التي سردها عضو البرلمان الأوكراني لدى تقديمه مشروع القانون الذي اعتمده مجلس "الرادا" خلال الأيام القليلة الماضية.

تفسيرات

وعلى الرغم من التفسيرات التي تناولنا بعضها، فإن هناك من الشطط الذي ذهب إليه البعض لدى تفسير ظهور مثل هذين الحرفين "Z" و"V"، إذ نسبتهما صحف غربية، منها "الغارديان" البريطانية، إلى لقب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهناك من نسب حرف "Z" إلى كلمة "زاباد" وتعني الغرب، في إشارة إلى أوكرانيا الواقعة جنوب غربي روسيا. وذلك ما توقعه العقيد المتقاعد فيكتور بارانيتس، الذي قال إن "العلامة Z تعني الغربي، على الأرجح". ونقل الموقع الإلكتروني  Lente.ru عن إيغور كوروتشينكو، رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني"، تفسيره الذي أوجزه بأنه "ربما يكون لهذه العلامة مدلول تكتيكي وليس ضرورياً، للتعرف على المعدات في المعركة".

وفي الوقت الذي استبعد فيه كثيرون صدور أي تفسيرات رسمية بشأن ما يمكن أن تعنيه هذه الرموز، على الأقل حتى نهاية المعارك، نظراً لاحتمالات أن تكون هذه الرموز المطبقة ذات أهمية تكتيكية لتحديد المعدات، حرصت وزارة الدفاع الروسية على تجنب الخوض في مثل هذه التفسيرات أو التعليق عليها مكتفية بالإشارة في قناتها على منصة "إنستغرام" إلى أن رمز Z يعني عبارة زا بوبيدو(Za pobedu) الروسية، التي تعني "من أجل النصر".

"قوة الحقيقة"

أما حرف "V" فيرمز إلى عبارة "قوة الحقيقة". وذلك ما تأكد رسمياً في ما كشفت عنه المراسلات الرسمية التي تداولتها مصادر بلدية سان بطرسبورغ، ومنها رسالة يفغيني غريغورييف رئيس لجنة العلاقات الخارجية إلى ألكسندر بيغلوف عمدة المدينة، وأشار فيها إلى الحاجة إلى التعبير عن دعم المدينة للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولمزيد من الإيضاح أشار غريغورييف إلى أن الحرف Z يرمز إلى عبارة "من أجل النصر"، والحرف V يعني "القوة V (في) الحقيقة"، مؤكداً ضرورة "ستكتمل المهمة". ولفت إلى الحاجة إلى وضع هذين الحرفين ضمن رموز المدينة.

وأشار الموقع الإلكتروني  Fontanka.ru إلى أن الرسالة كانت في تاريخ 5 مارس (آذار)، وهو ما أعقبه عمدة المدينة بتغيير صورة ملفه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع الحرف Z على خلفية صورته. من هنا، يمكن تفسير ما راح البعض يروج له في مختلف المناطق والأقاليم للتوسع في انتشار حرف "Z" من خلال رسمه على القمصان التي يجري بيعها في المواقع والتجمعات السياحية، إلى جانب استخدامه في تشكيل التجمعات المؤيدة والداعمة للحرب.

مولدوفيا

وفي الوقت الذي تقترب فيه المعارك التي تدور على مقربة في مقاطعتي خيرسون وأوديسا من أراضي جمهورية مولدوفيا المجاورة، كشفت سلطات هذه الجمهورية عن حقيقة مخاوفها من احتمال أن تطال الحرب أراضيها، وهي التي لم تحسم بعد مصير المناطق التي جرى اقتطاعها في منطقة ما وراء الدنيتسر التي أعلنت انفصالها عن مولدوفيا من جانب واحد منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وذلك ما قد يفسره الجدل الذي احتدم خلال الأسابيع الماضية بشأن مشروع قانون يحظر على غرار ما فعل مجلس "الرادا" الأوكراني، استخدام "شريط القديس جيورجي".

وكان برلمان مولدوفيا وافق في القراءة النهائية على الحظر المفروض على "شريط القديس جيورجي". ولم تقتصر المناقشات في البرلمان المولدوفي على "شريط القديس جيورجي"، حيث سرعان ما خلص البرلمان إلى إقرار أن يشمل حظر الحرفين "Z" و"V" على غرار ما سبق وأقره مجلس "الرادا" الأوكراني. وذلك ما أعلنه إيغور غروسو، رئيس البرلمان المولدوفي في بيانه الذي قال فيه إن "برلمان مولدوفيا أقر أن ينسحب الحظر المفروض على شريط القديس جيورجي على الرمزين V وZ".

وفي معرض استعراض المبررات القانونية لمثل هذا الحظ، قالت أوليسيا ستامات رئيسة اللجنة البرلمانية القانونية، إن ذلك يستند إلى أن هذه الرموز تستخدم "للترويج للحرب في أوكرانيا".

المزيد من تقارير