Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة آبي إلى طهران.. رسائل أميركا عبر الوسيط الياباني

تستمر 3 أيام ويلتقي خلالها خامنئي وروحاني... ومراقبون يقللون من نجاحها في تحقيق اختراق سريع للتصعيد

من أقصى الشرق، يصل يوم الأربعاء رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة نادرة تستغرق ثلاثة أيام، محملا برسائل تهدف من خلالها طوكيو لتخفيف التوتر بين طهران وواشنطن بعد أسابيع من التوتر بين البلدين انعكست تداعياته في تجييش عسكري متبادل في مياه الخليج العربي.

ويلتقي آبي خلال زيارته الرئيس الإيراني حسن روحاني ثم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وفق إعلان رسمي صدر عن رئاسة الحكومة اليابانية اليوم، دون مزيد من التفاصيل، كما تترقب أنظار المراقبين نتائج زيارته وسط تباين الرؤي حول قدرتها في تحقيق اختراق "سريع" للعلاقات المتوترة منذ عقود بين طهران وواشنطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

زيارة نادرة

تأتي زيارة شينزو آبي إلى إيران، الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس وزراء ياباني لإيران منذ 41 عاما (آخر زيارة مماثلة كانت عام 1978)، رغم علاقات الصداقة التي تربط البلدين، بعد أسابيع من زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترمب طوكيو، والتي سبقتها زيارة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العاصمة ذاتها.

وبحسب كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا، الذي أعلن عن الزيارة اليوم الثلاثاء، "فإنه وسط التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط نعتزم تشجيع إيران، وهي قوة إقليمية، على المضي قدما لتخفيف التوترات في اجتماعات كبار الزعماء".

وقال سوغا، الذي يشغل أيضا منصب أمين مجلس الوزراء الياباني، "إن آبي أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس ترمب قبيل الزيارة، تبادلا خلالها الآراء حول عدد من الملفات الإقليمية ومنها الوضع في إيران، دون الإفصاح عن تفاصيل المكالمة التي استمرت 20 دقيقة"، حسبما نقلت وكالة أنباء "كيودو" اليابانية.

والخميس الماضي، أعلن سوغا "أن آبي سيزور إيران بهدف تخفيف التوتر بين طهران وواشنطن"، مضيفاً "نعتقد أنه من المهم جدا، وعلى مستوى القيادة، أن ندعو إيران كقوة إقليمية كبرى إلى تخفيف التوتر والالتزام بالاتفاق النووي ولعب دور بنّاء في استقرار المنطقة". وذلك بالتزامن مع تصريحات مصادر في الخارجية اليابانية قالت "إن طوكيو هي العاصمة الوحيدة التي يمكن للجانبين أنّ يتحدثا معها بصراحة".

 

 

وكان ترمب زار اليابان أواخر مايو (أيار) الماضي لمدة أربعة أيام، وقال خلال الزيارة "إنه منفتح على إجراء محادثات مع طهران، فيما بدا أنه ضوء أخضر لليابانيين كي يتحركوا كوسطاء مع الإيرانيين"، بحسب مصادر يابانية.

وقال آبي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ترمب: "عبر التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة واليابان، أود أنّ أسهم في تخفيف التوتر الحالي بشأن إيران". من جانبه رحب ترمب بمساعدة آبي في التعامل مع إيران بعد أن قالت هيئة الإذاعة اليابانية "إن الزعيم الياباني يفكر في زيارة طهران".

وقبل زيارة ترمب، زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طوكيو منتصف الشهر ذاته، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية حينها "أن ظريف بحث حينها الإجراءات الأميركية والتوتر الذي أثارته"، على حد وصفها.

شروط التفاوض

وفيما تترقب الأنظار زيارة آبي إلى طهران، ذكر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية اليابانية ردا على سؤال لـ"اندبندنت عربية" عبر البريد الإلكتروني، "أن لا جدول محدداً للزيارة قُرر بعد حتى هذه اللحظة"، في إشارة للملفات المطروحة على جدول اجتماعات رئيس الوزراء الياباني أو عدد اللقاءات التي سيعقدها، في وقت أكدت فيه إيران والولايات المتحدة إعلان موقفهما من الزيارة.

من جانبها، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتيغوس، "أن الحل الوحيد مع إيران هو اتفاق جديد يشمل وقف كل التهديدات التي تشكلها، معتبرة أن الشروط الـ12 التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تشكّل أساسا لهذا الاتفاق".

ومن بين المطالب الأميركية الـ12 التي أعلنها بومبيو "كشف إيران لكل تفاصيل برنامجها النووي والسماح بالتفتيش المستمر، والعمل على الحد من انتشار الصواريخ الباليستية، وتلك التي قد تحمل رؤوسا نووية، وأن توقف طهران دعمها للمجموعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط".

وأكدت أورتيغوس، مساء أمس، "حملة الضغط الأميركية القصوى على إيران ستستمر". مشددة "أنه لا تهاون من قبل واشنطن أو حلفائها بشأن إمكانية حصول طهران على سلاح نووي، وأن هناك توافقا مع الحلفاء على التهديد الذي يمثله برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية وأنشطتها الإرهابية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. وكررت الدبلوماسية الأميركية "أن لدى إيران خيارا بسيطا، فإما أن تتصرف كأمة طبيعية أو تشاهد اقتصادها ينهار".

في المقابل، نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، "إنّ إيران لا تتخوف أبدا من الحوار مع الدول الصديقة". وأوضح ظريف في شرح تقييمه للمستقبل السياسي للبلاد في ظل الوضع الإقليمي والدولي الحالي وزيارة رئيس الوزراء الياباني إلى طهران، "لا نشعر بالقلق أبدا بشأن الحوار مع الدول الصديقة والدول التي تربطنا علاقات معها، وعلى هذا الأساس سنتحدث مع المسؤولين في اليابان".

 

 

أي رسائل يحملها آبي؟

مع تأكيد طوكيو الدائم حرصها على استقرار الشرق الأوسط، باعتباره أحد المصادر الرئيسية لنفطها، تباينت آراء الخبراء والمراقبين بشأن نتائج الزيارة المرتقبة.

وفيما اعتبر الباحث المصري هاني سليمان، "زيارة آبي خطوة مهمة لتهدئة التوتر في الخليج لما تمتلكه اليابان من علاقات جيدة بكلا الطرفين (الولايات المتحدة وإيران)، فإن إيجابية الزيارة تكمن في كونها خطوة دبلوماسية قادمة من خارج كتلة دول الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما يجعل آبي وسيطاً مقبولاً في مواجهة مبادرات دولية أخرى قادمة من فرنسا وألمانيا، وهي ضمن الاتفاق ولا تحظى بنفس القدر من التوافق عليها".

في المقابل قلل آخرون من أهمية نتائج الزيارة، وطالب ساتوتشي إكيوتشي، أستاذ الأمن الدولي بجامعة طوكيو، "بخفض التوقعات بشأن نتائج الزيارة"، معتبراً "أن النجاح الوحيد المرتقب منها هو تخفيف حدة التوتر ومخاطر اندلاع حرب وصراعات غير مرغوبة في منطقة الخليج".

وبحسب إكيوتشي، في مقالة كتبها، في معهد الشؤون الأمنية والدفاعية العالمية الياباني، فإن "زيارة واحدة من الوساطة لا يمكن أن تحقق سلاماً ولا نهاية لتاريخ طويل من التوتر والصراع، ومن ثمّ علينا ألا نتوقع حصول آبي على جائرة نوبل للسلام من تلك الزيارة". لكن في الوقت ذاته، ذكر إكيوتشي بأنه "يتوجب على آبي أن يتحدث بصراحة ووضوح للقادة الإيرانيين خلال زيارته".

وبين التفاؤل والتقليل من التوقعات رأى محمد كمال، الخبير في الشؤون الأميركية، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، "أن زيارة آبي لا تتجاوز حدود كونها استكشافية". وهو ما توافق بشأنه دبلوماسي أميركي، قائلاً، "آبي لا يزور طهران محملا بلائحة مطالب أو رسالة مباشرة من الإدارة الأميركية، بل لبحث جدية الحكومة الإيرانية في الحوار". دون مزيد من التفاصيل.

وبحسب كمال، "بعد زيارة ترمب الأخيرة لطوكيو والتصريحات المتبادلة بينه وبين آبي بشأن دور ياباني في التوسط مع طهران، يمكن اعتبار آبي في إيران كوسيط للولايات المتحدة لاستكشاف إمكانية أو جدية الحوار مع إيران، في وقت ترتبط فيه طوكيو بمصالح مباشرة في القضية، متمثلة في استيرادها أغلب نفطها من منطقة الشرق الأوسط، حيث يتجاوز نحو 5% من إجمالي صادراتها من طهران".

وعن مدى التفاؤل بشأن انطلاق حوار سريع بين البلدين، أعرب كمال عن اعتقاده "باحتمالية الأمر"، لكنه في الوقت ذاته حذر "من احتمالية لجوء طهران للنموذج الكوري الشمالي في التفاوض مع واشنطن"، وقال "هناك إمكانية أن ينطلق حوار بين البلدين تسعى من خلاله إيران لتجاوز تحدي العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها، لكن في هذه الحالة قد تلجأ إيران للمماطلة وإطالة مدة التفاوض مراهنة في ذلك على احتمالية عدم فوز الرئيس ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة والمقررة في 2020".

وفي إيران وفيما يستبعد البعض عدم نجاح "وساطة آبي أو غيره"، يرى آخرون "أنه من الممكن أن يتولى آبي نقل رسائل بين الطرفين".

ووفقما نقلت صحيفة "شرق" الإيرانية، عن إبراهيم رحيم بور، مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق،  "فإن زيارة آبي تأتي بعد زيارة ترمب إلى اليابان وبالتالي لدى الأميركيين مصلحة في استخدام هذه القناة". وأضاف "أن إيران ستوضح حقوقنا وموقفنا ويمكن أن ينقل الطرف الآخر الرسائل التي ستكون رسائل الرئيس الأميركي".

لكن إذا كانت اليابان تفاخر بعلاقاتها القديمة مع طهران وروابطها المتينة مع واشنطن، فإن هامش المناورة لدى آبي يبقى محدودا لدى الطرفين كما يرى خبراء.

عقبات أمام آبي

وفق سليمان، "فإنه ورغم ما يشمل زيارة آبي من مؤشرات إيجابية، غير أن هناك عددا من التحديات تفرض نفسها عليها وتُصعّب من إمكانيات نجاحها"، مشيرا إلى "إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، رفع إيران نسبة تخصيب اليورانيوم لديها، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً وحاجزاً نحو تفاهم بين واشنطن وطهران". فضلا عن "تمسك الولايات المتحدة بالشروط الـ12 التي أعلنها بومبيو كأساس لأي اتفاق".

وبحسب آخرين، "فإن أقصى ما يمكن لآبي تحقيقه هو إقناع إيران والولايات المتحدة باستئناف المحادثات المباشرة"، مشيرين إلى "أن الجانبين ربما يسعيان للخروج من المواجهة بطريقة تحفظ ماء الوجه".

دور دولي

من جانب آخر تقدم زيارة رئيس الوزراء الياباني لطهران فرصة نادرة بأن يلعب دور رجل دولة على الساحة الدولية وخصوصا بعد خيبات اليابان الأخيرة في هذا المجال. فقد فشلت الجهود التي بذلها آبي لحل الخلاف مع روسيا حول جزر متنازع عليها بين البلدين، كما بقيت اليابان بعيدة عن مناورات دبلوماسية متعلقة بكوريا الشمالية.

وقال تيتسورو كاتو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة واسيدا في طوكيو "إن آبي بحاجة إلى نجاح دبلوماسي في وقت وصلت فيه جهوده لطريق مسدود بشأن روسيا وكوريا الشمالية". وأوضح "لكن اليابان لم تلعب أبدا دورا فاعلا في قضايا الشرق الأوسط لذلك لا أتوقع الكثير في مجال النتائج".

وأضاف كاتو "سيكون من غير الواقعي توقع نتائج سريعة". وقال "الأمر المُلِح في الوقت الراهن هو خفض مخاطر اندلاع نزاع عسكري، ما يعني أن آبي يمكن أن يستخدم الدبلوماسية المكوكية لإبقاء الاتصالات قائمة". وأضاف "هذه الدبلوماسية المكوكية قد تكون كافية لخفض حدة التوتر".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة